حسين الحوثي و الخميني والمهدي
نشر مركز الجزيرة العربية للدراسات ملفاً مكتوباً كان يوزعه الحوثي هو وأتباعه على الناس تحت مسمى (لا عذر للجميع أمام الله) حيث يقول الحوثي في ص3: ( كانت إيران بلداً مليئة بالحوزات العلمية ومليئة بالعلماء تحرك واحد منهم) يقصد الخميني عندما ثار وقال في الفتنة في الحرم ص14 (الإمام الخميني الذي عرف الحج بمعناه.. فوجه الإيرانيين إلى أن يرفعوا شعار البراءة من أمريكا، البراءة من المشركين، البراءة من إسرائيل.... فالإمام الخميني عندما أمرهم أن يرفعوا البراءة من المشركين في الحج.. بداية تحول الحج أن يصبح بالصبغة الإسلامية).
وقال في ملزمة: الصرخة في وجه المستكبرين ص2 (الكيان الصهيوني المعتدي المحتل الغدة السرطانية التي شبهها الإمام الخميني -رحمة الله عليه- بأنها غدة سرطانية في جسم الأمة يجب أن تُستأصل).
ويقول في ص12 (مع أن الإمام الخميني قال قبل عشرين سنة أن أمريكا وإسرائيل تخططان للإستيلاء على الحرمين). الشاهد كثرة إعجابه بالخميني واستشهاده بمواقفه وأقواله.
وتذكر وكالة قدس برس أن التقرير الأمني يتهم الحوثي بتوزيع كتاب بعنوان "عصر الظهور" وهو كتاب شيعي لمؤلفه علي الكوراني العاملي الذي أشار في مقدمة طبعته السابعة مطلع العام الهجري 1424هـ إلى أنه بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران؛ ارتفع مؤشر الاهتمام بعقيدة المهدي المنتظر في شعوب العالم الإسلامي بالسؤال عنه، والحديث حوله، والقراءة والتأليف، بل وفي غير المسلمين أيضاً.
ويخصص الكتاب محوراً خاصاً عن اليمن تحت عنوان اليمن ودورها في عصر الظهور يؤكد فيه ورود أحاديث متعددة عن أهل البيت تؤكد حتمية حدوث ما يصفه الكتاب بثورة اليمن الإسلامية الممهدة للمهدي -عليه السلام- وأنها أهدى الرايات في عصر الظهور على الإطلاق. أما قائدها المعروف في الروايات التي أوردها الكتاب باسم اليماني، فتذكر رواية أن اسمه حسن أو حسين من ذرية زيد بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
ويستشهد الكتاب ببعض الروايات التي تؤكد أن اليماني يخرج من قرية يُقال لها كرعة وهي قرية في منطقة بني خَوْلان قرب صعدة. ثم يثير الكاتب تساؤلاً عن السبب في أن ثورة اليماني ورايته أهدى من ثورة الإيرانيين ورايتهم فيقول: المرجح أن يكون السبب الأساسي في أن ثورة اليماني أهدى أنها تحظى بشرف التوجيه المباشر من الإمام المهدي عليه السلام، وتكون جزءاً مباشراً من خطة حركته، وأنّ اليماني يتشرف بلقائه ويأخذ توجيهه منه.
ويؤيد ذلك -بحسب الكتاب- أن أحاديث ثورة اليمانيين تركز على مدح شخص اليماني قائد الثورة، وأنه يهدي إلى الحق، ويدعو إلى صاحبكم، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو إلى النار.
ويؤكد التقرير الأمني أن الأجهزة قد ضبطت مع أحد أنصار الحوثي ويُدعى فارس مسفر سالم من أهالي ساقين بصعدة وثيقة مبايعة للحوثي باعتباره الإمام والمهدي المنتظر جاء فيها: أُشهد الله على أن سيدي حسين بدر الدين هو حجة الله في أرضه في هذا الزمان، وأُشهد الله على أن أبايعه على السمع والطاعة والتسليم، وأنا مقر بولايته وإني سلم لمن سالمه، وحرب لمن حاربه، وهو المهدي المنتظر القائم الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، أبان لنا طريق النجاة، وأوضح كتاب الله على أوضح بيان، فنسأل الله أن يحشرنا في زمرته.
الخروج المسلح
وهي مرحلة التنظيم المسلّح العلني للشباب المؤمن، أو ما بات يُعرف بجماعة الحوثي، و تبدأ منذ الشهر السادس من عام 2004م، حيث تحوّل التنظيم إلى الميلشيات العسكرية ذات البُعد الأيديولوجي كما يقول الدكتور الدغشي. وقد خاض خمسة حروب مع الجيش اليمني، على مدى يزيد قليلاً عن أربعة أعوام، بدءاً من 18\6\2004م وحتى 17\7\2008م، وإن تخللت كل حرب وأختها استراحة محارب، على الرغم من الإعلان الرسمي من الجانبين الالتزام بإيقاف الحرب، مع ملاحظة أن المبادرة عادة ما تبدأ من قيادة الجيش اليمني، حيناً، أو من الرئيس اليمني شخصياً حيناً آخر.
وحتى بعد أن قُتل حسين الحوثي المؤسس للجماعة إلاّ أنها لا تزال قوية بقيادة أخيه الأصغر عبد الملك الحوثي وقادة ميدانيين آخرين.
ويلفت النظر أن الحرب الخامسة قد توسّع نطاق عملياتها، إذ لم تنحصر في مناطق صعدة، كما حدث في الحروب الأربع السابقة، بل تفجّرت في بعض المناطق ذات الولاء التقليدي للزيدية الهادوية، ومن عُمق تلك المراكز العلمية التي أنشئت في سنوات سابقة، في إطار نشاط جماعة الشباب المؤمن، ومنها مديرية بني حشيش إحدى أقرب مديريات محافظة صنعاء، حيث قامت بعض عناصر الحوثي بفتح جبهة جديدة هنالك، استنزفت الجيش اليمني كثيراً.
ومع ما أعلنه الجيش لاحقاً من القضاء التام عليها. تلك التي لا تجد لها مُناخاً أفضل من مُناخ الأزمات وصناعة الفتن، حيث يثري فيها تجّار الحروب، وتعلو أسهم ذوي المزايدات.
ويتضح من صمود الحوثيين إلى الآن أنهم تسلحوا سرًّا بشكل جيد, واستعدوا لأسوأ الاحتمالات والمواجهات, وتدربوا على استخدام كل أنواع الأسلحة المتطورة, التي جعلتهم يصمدون طيلة هذه السنوات الماضية، خاصة واليمن بلد مفتوح يتم بيع الأسلحة فيه كبيع أية سلعة أخرى.
وأيضاً كما ذكر الدكتور الدغشي مدى التمكّن التربوي الأيديولوجي الذي استطاع حسين الحوثي أن يزرعه في نفوس أتباعه، حتى إن الأخبار التي كانت ترد من أرض المعارك لتفيد بأنهم كانوا في البداية- على وجه التحديد- لايفرّون من المعركة، ويستقبلون الموت بصدر رحب، اعتقاداً منهم بالوعد (المقدّس) والنصر الأكيد.
كما أنهم كانوا يرفضون الموافقة على أيّة رؤية أو فكرة تطرح من بعض المرجعيات الزيدية العليا التي سعت عبر ما عُرف بلجنة الحوار التي قادها القاضي حمود الهتار مع المعتقلين في السجون الأمنية، لثني أولئك الشباب عن أفكارهم (الحوثية)؛ إذ كانت الأيديولوجيا الحوثية قد تغلغلت في أعماقهم، بحيث كان لسان المقال– بحسب بعض رواية أعضاء لجنة الحوار - يردّ على كل تلك المرجعيات بالقولنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي لانتراجع حتى يأذن لنا سِيدي حسين) أو نحو ذلك!
هذا مع الإشارة إلى أن جانباً من تلك الحوارات وإجابات الحوثيين قد تمت بعد مقتل زعيمهم حسين الحوثي، غير أن بعضهم كان يشكّك بحقيقة ذلك، والأغرب إن أباه بدر الدين يشارك أولئك المشكّكين شكّكهم، وقد ذكر ذلك خلال مقابلة بجريدة الوسط اليمنية. كما رفض أيّ من المعتقلين الموافقة على الخروج من السجن بناء على تعهّد يضمن للجهات الأمنية، عدم قيامهم بترديد الشعار الحوثي الشهير(الله أكبر... الموت لأمريكا...).
ومن العقبات التي تطيل عمر المواجهات بين الجيش والحوثيين الطبيعة الجبلية لليمن, التي تعيق سيطرة الجيش, حيث وعورة المنطقة وافتقارها للطرق المعبدة, كما أن الجيش اليمني لا يمتلك طائرات حديثة مجهزة بأجهزة لتوجيه قنابلها وصواريخها من مسافات بعيدة, ولا يوجد لديها حلفاء يزودونها بتحركات للعصابات الحوثية عبر الأقمار الصناعية, التي ترصد الحركة بشكل دقيق.
ويضطر الطيارون الحربيون للانخفاض بطائراتهم حتى يشاهدوا الهدف الذي يودون قصفه, وهنا تتعرض الطائرات إما للإصابة بالمقاومات الأرضية أو الصاروخية التي لدى الحوثيين أو الارتطام بالجبال, كما حدث للمقاتلتين اللتين تعرضتا للسقوط.
دخلت الحكومة اليمنية الحرب السادسة مع الحركة في شهر أغسطس عام 2009م بسبب الخروقات و الاعتداءت التي قام بها أنصار الحوثي ضد قوات الجيش وأبناء صعدة.
وأعلن وزير الإعلام في الحكومة اليمنية حسن اللوزي يوم الثلاثاء 25 أغسطس/آب أن اتفاقية الدوحة المبرمة بين الحوثيين والحكومة اليمنية بشأن الوضع في صعدة انتهت، وذلك بسبب إرادة تخريبية لقادة العصابات الحوثية.
وخلال هذه الحرب الأخيرة التي تدور رحاها اليوم أعلن مسؤول أمني في الحكومة اليمنية أن الجيش اكتشف ستة مخازن للأسلحة المملوكة للحوثيين وبعض الأسلحة المصنوعة في إيران، وتشمل المدافع الرشاشة والصواريخ قصيرة المدى والذخائر.
كما أعلن في الفترة القريبة الماضية القبض على سفينة إيرانية في السواحل اليمنية محملة بالأسلحة والذخيرة كانت في طريقها إلى الحوثيين، ولا يزال التحقيق جارياً مع طاقمها لمعرفة الحقيقة.
والآن -ومنذ أشهر- لاتزال الحرب السادسة مستمرة، وأخذت بعداً آخر بعد الاعتداء على الحدود السعودية، والتمركز في أحد الجبال الذي يُسمى "جبل الدخان"، والذي يدخل جزء منه في الأراضي السعودية حسب اتفاقية الطائف.
وفي مؤشر قد يدل على خطورة ومدى جاهزية المتمردين عُثر على مخابئ سلاح قيل إنها خزنت منذ شهرين. في حينها أعلن الجيش السعودي أنه تم تطهير كامل حدود المملكة من المتمردين الحوثيين.
ويرى الكثير من المراقبين أن دخول السعودية بثقلها العربي والإقليمي في مواجهة المتمردين قد يؤدي إلى صراع طائفي في المنطقة.
ومن وجهة نظري -مع إيماننا بخطورة الفتنة ومسعّري الحرب فيها، وبحق المملكة في الدفاع عن أراضيها- إلاّ أن تدويل القضية، وتجاذب الاتهامات، وإذكاء النعرات الطائفية والعرقية قد يؤدي إلى كارثة في المنطقة وتخلخل في المجتمعات العربية التي تتواجد فيها تلك الطوائف، وخاصة الخليجية منها، وهذا ما يخدم العدو المتربص المشترك للمنطقة.

من تقرير للكاتب اليمني سلطان الذيب