الباب الثاني /العواصف الأولى
(5) أستسلم لعينيك
أهرب من عينيك تطاردانني حتى وحدتي،
أهرب من عينيك تلاحقاني حتى أخر الدنيا ، بلا رحمة ولا راحة ولا شفقة .
نظراتك تتسمر عليّ ، تحرجني ،تربكني ، وتعريني حتى الخجل،
فأذوب وأتضاءل لأختفي عنها ، لأهرب منها ، فلا أستطيع .
وكأنك تعرف أن في عينيك ما يقلقني،
وفي نظراتك ما يرضي أنوثتي .
فلا تتراجع ، ولا ترحمني .
تصبها عليّ كزلزال يحطم كل ما يعترض طريقه .
كعاصفة لا ترحم .. كسيف مسلط عليّ .. كأشعة تخترق كل الحجب ، فلا أستطيع منك هربا .
كم مرة أختفيت عن عينيك ، وفي أماكن ظننت أنني لن ألتقيك فيها .
ووجدت نظراتك تنتظرني ، تستقبلني ، فأفقد مقاومتي ، وأستسلم لعينيك كأنهما قدري .
كنتَ بالأمس غريباً عني، لا أعرفك ، لا أعرف حتى اسمك.
وحدهما عيناك كانتا رفيقتي ، وكاتمتي أسراري .
لم أحاول السؤال عنك ، لم أكن أريد أن أعرف عنك أكثر،
ولم أكن أريد أن أفهم ما يجول في خاطرك ، وماتعني نظراتك وما تحمل .
لكنني كنت في لحظات استسلامي لها ، أعجز عن اللامبالاة ،
أفسر نظراتك كما أشاء ، أحلم بها ، أضخم معانيها .
أحيانا كنت أرى فيك فضولاً ، أودهشة .
وأحياناً كنت أرى فيها كل الحب والحنان والرغبة في لقاء أكبر ،
تنطق فيه الكلمات ما عجزت عنه لقاءات العيون طويلا .
وأحيانا كنت أصاب بخيبة أمل،عندما أفسر نظراتك على أنها مجرد التطلع إلى اللاشيء،
وأؤكد لنفسي بأنك لا تراني،وإنما تنظر من خلالي إلى أشياء أخرى.
ويحزنني تفسيري ، فأنا رغم هروبي منك ، ومن عينيك ،
تبقى في داخلي تلك الأنثى التي تسعدها ملاحقة رجل لها ، واهتمام العيون بها ، ولهفة النظرات عليها .
لن أطلب منك تفسيرا ، فأنا لا أريد أن أعرفك أكثر،ولا أن أعرف حتى اسمك أو عنوانك ،
لأنك بالنسبة اليّ ذلك الذي لا يملك إلا نظرات
تلاحقني وتطاردني حتى اللانهاية .


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي