لأي كتلة(جسم) أبعاد ثلاثة معروفة: طول وعرض وإرتفاع. ولقد أضاف النابغة انشتاين بُعداً رابعاً في بداية القرن المنصرم ألا وهو الزمن. كما تمكنَ العالم الفيزيائي إسحاق نيوتن (بعد إكتشافه وقياسه الجاذبية الأرضية) ان يقيس زمن وبُعد وتسارع أي جسم مهما بعُد أو صغُر. وأثبت ان الأجسام تتجاذب مع بعضها البعض حول مركزها بغض النظر عن حجمها. فالقمر يدور حول الأرض في مدار لا يَحيد عنه بفعل هذا التجاذب وكذلك الأرض تدور حول الشمس التي تدور بدورها في غياهب عالم المجرات الأخرى في هذا الكون.
الزمن هو البُعد الأكثر تعقيداً في الوصف. فقد نجد وصفا ملموساً للمسافة والسرعة والإرتفاع لطفلٍ كفيف مثلاً أن نستخدم خطواته وقامته وعرض جسمه بينما يصعُب او يستُحال تجسيد الزمن. والزمن هو البُعد الوحيد الذي لا يستطيع الإنسان تغييره بعكس الأبعاد الأخرى. فنحن نسير دائما بإتجاه المستقبل وليس الماضي...........
لكن تسارع (سرعة) هذا الزمن هل هي متساوية دائما؟ بمعنى آخر هل يمضي الزمن بسرعة واحدة باستمرار ام انه يقل تسارعه حيناً او يقف؟
أحيانا لا بد من اطلاق عنان الخيال لأفكارنا. ويجب ايضا فتح باب ما وراء المعقول وما فوق الامكانات العقليه إن سنحت الفرص. الفرد انشتاين عندما فجر نظريته النسبية قبل قُرابة المائة عام كانتْ صرخة خارج نطاق المعقول وحُوربت لعدم تصورها وفهمها اوإستيعابها. كانت نظريته تنُص على ان الزمن يمضي بسرعة أقل او قد يقف إذا وصلتْ سرعة هذا الجسم الواقع تحت تأثير الزمن الى عتبات سرعة الضوء. أي ان ثمة علاقة عكسية بين الزمن وسرعة الكُتل الهائلة. المعوقات كانت في عدم توفر الامكانات العملية في التحقق من صحة النظرية مثل توفر ساعات تحسب الزمن في اقل من عشر او جزء أعشار الثانية أو توفر مركبة تتسارع بسرعه خيالية وتحمل انسانا في تلك الحقبة لأنه لربما كان هنالك فارقاً ولكنه بسيط جداً ولا يُمكن حسابه إلا بتوفر اجهزة متقدمة.
بمرورالوقت وتقدم البشرية تكنولوجياً تمكن العلماء الآن من التأكد ان نظرية انشتاين كانت صحيحة. وقد كان ذلك بُعيد أن تمكن العلماء من ارسال مركبة فضائية تسيير بسرعة 46 الف ميل في الساعة وتم تزويد الرواد بداخلها بساعات لها من الدقة قياس أجزاء الثانية. ووجِد أن الزمن فعلاً تتقهقر سرعته مما هو عليه للأجسام الساكنة او البطيئة. لذا كان عُمر الرواد هو بالطبع أقل مما هو عليه لأقرانهم على سطح الارض وهذا الفرق تزداد هوته طبعاً بإزدياد فترة بقائهم تحت تأثير تلك السرعة وأعني كلتا المجموعتان (على الارض وفي الفضاء). لذا تحقق العالم ان الزمن هو مخلوق نسبي كما نعته انشتاين. أي أن الضوء هو توأم وأداة الزمن الباطشة بسكون فإذا تسارعنا بسرعة الضوء فإننا نمشي جنباً الى جنب مع الزمن فينعدم أثره..... فسبحان بالج النور هذا المخلوق الذي يسكن أنسجتنا فيشع لنشيخ.......
عندما اضاف انشتاين البعد الزمني لأي جسم اصبحنا الأن نعي اكثر مفهوم الزمن وان كُنا لا ندرك كُل معانيه. واصبحنا نستخدمه في حياتنا اليومية. فمثلا الآن نرى البرامج المتلفزة كما يقال حية على الهواء او يزعُم على الهواء مباشرة من شتى بقاع المعمورة. واصبحنا كأطباء نشاهد مع الأباء ركلات وإبتسامات الأجنة داخل احشاء أمهاتهم.
ولكن عندي تحفظ على مصطلح الزمن الحقيقي (Real time) الذي يطلقه العامة وحتى بعض المتخصصون على الأمثلة آنفة الذكر والذي يعني أننا نشاهد الحدث او حركة او نبض الجنين في الوقت الحقيقي لحدوث تلك الحركة....... وسؤالي هل فعلاً نحن نشاهد الأحداث في زمنها الحقيقي فعلا؟
انا أعتقد انه مصطلح تصوير الأجسام في الزمن الحقيقي لحركتها ليس دقيقاً. بشكل علمي ومنطقي لكي نشاهده صورة "ما" فانها تتطلب اجزاء من الثانيه لإلتقاطها من قبل أعيننا ثم ارسالها الى الخلايا البصرية على الشبكية (مقلوبة) ومن ثم إرسالها الى العصب البصري والذي بدوره يرسلها على شكل نبضات عصبية الى جزء في المخ والقابع في مؤخرة الجمجمة لقرائتها والتعرف على هويتها وكل ذلك ياخذ جزء من الثانيه. أي اننا نشاهد الاشياء في الواقع متأخراً عن حركتها الطبيعية الحقيقية. لذا لا يُؤخذ مصطلح الوقت الحقيقي لحركة الصورة بانه صحيح بالشكل المُطلق. وهذا ايضا ينطبق على حواس اخرى كالسمع واللمس وخلافه.
وقد يجادل آخرون ان هذه الجزء الزمني لا يؤثر متى أُهمل . قد يكون هذا صحيحاً ولكن يجب ان نحسب عوامل اخرى الا وهي مثلا سرعة تلك الكتله او الجسم. لذا اذا كان ذلك الجسم الذي نشاهده يتسارع او يتحرك بشكل سريع جدا فاننا لا نستطيع التقاط صوره له. فالعين البشريه مثلا غير قادره على مشاهدة حركة جسم اذا كانت حركته اكثر من ثلاث حركات في الثانيه الواحده. أي حركة واحدة كل ثُلث الثانيه تقريبا لذا نرى ذلك الجسم وكأنه ثابت بلا حراك. فمثلا في بعض المرضى تصل دقات قلب الانسان الى 250 نبضة في الدقيقة. أي أربع نبضات تقريبا في الثانية لذلك لايمكن تصويرها باجهزة الأشعة الطبية الدقيقة القادرة على التقاط الحركة الحقيقيه كما يُزعم. فيظهر لنا القلب وكأن السكون قد إعتراه او يصعب تصويره علما ان هذه الاجهزه ادق من العين البشرية في تصوير أجسام ذات أحجام صغيرة قد تصل الى أقل من نصف ملمتر. وكذلك الحال عندما نشاهد حركة أجنحة بعض الحشرات السريعة فإننا نشاهدها وكانها اقرب لثبات رغم تحليقها.
اجزاء الثانية هذه قد تكون مهمة اذا ما نظرنا للحياه بشكل أشمل. وأعني هنا حركة الكواكب وسرعتها التي تصل الى ملاين السنين الضوئية لذلك يعني هنا اضمحلال او تلاشي الزمن. لذا توصل العلماء حديثاً أن زمن الكواكب الكبيره يظهر على شكل منحنى أي زمن منحني. لذا علماء الفلك الآن يعتقدون ان النقاط السوداء الكبيره في المجرات والناتجه عن انفجارات نجوم يصل حجمها اضعاف الشمس بملايين المرات.........هذه النقطة السوداء تبتلع كل الاجسام في طريقها سواء نجوم او غيرها وتجذبها الى مركزها حيث يُمزق الزمن وينعدم اثره وتظهر اللا نهايات فالزمن يكون في تلك النقطه لا نهاية له بمعنى يتوقف الزمن لذا العلم الحديث برياضياته وفيزيائه عاجز عن قياس ما يسمى بالإنفنتي أي اللانهاية ويُرمز لها بالرمز α.
لذا من خلفياتنا ومعتقاداتنا الدينية الإسلامية التي نؤمن بها ايماناً راسخاً هي قصة الإسراء والمعراج التي حدثت لأطيب الخلق رسول الله محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاه والتسليم قبل اكثر من الف واربعمائة سنه قال تعالى (سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى). وقد اجمع اغلبية علماء اهل السنة والجماعة أن الإسراء( للقدس) والمعراج( للسماء) كانتا بروح وجسد الرسول عليه السلام. فهذه المعجزه الإلاهيه مُزق فيه الزمن أي ممزق.
حقيقه يثير قريحتي الفكرية الزمن بشكل كبير. فالزمن كما اُثبت نسبي واثبت ان هذه النسبية سببها السرعة. ولكن سؤالي الأن هل هنالك عوامل اخرى غير سرعة الاجسام الفائقه؟
ماسر تداول الناس جملة ( لحظات بالعمر كله)؟
بسبب تطورالعلم في مجال الصحة ومكافحة الامراض ازداد معدل عمر البشر بشكل مُلفت وان كان لا يمكننا التعليق على جودة تلك الزياده الزمنية. ومما لا يدعو للشك ايضا ان العامل النفسي له دور في اطالت العمر او تقصير الحياة وجودتها طبعا بعد مشيئه الخالق.
لذا انا اومن بشكل عميق ان الزمن او ما يسمى بالعمر ماهو الا اجزاء تتبخر في الفراغ الرحب عندما تلتقي روحان تحبان بصدق و تتلاشى الثواني خجلا تجر اذيال الهزيمة وتتمرد أنسجتنا مؤقتاً على سياط الشيخوخة ......... وهذا ما اعتقده و احسه واكاد اجزم اني اعيشه. قد يُقال مجنون او حالم ولكني اشعر لدي القدرة على اثبات نظريتي الزمنية معها ذات مره. فدهاليزي العقلية مازلت تملك الكثير لها
فهي اثبات كل جنوني
ودليل كل مشاعري
وقاتلة كل ازمنتي
المحتوى والفكرة نُشرتْ في مجلة طلاب جامعة ليدز- قسم الأشعة/بريطانيا 2003 باللغة الإنجليزية بإسم الدكتور عبدالإله حسين مذكور