إلزمْ المسار الأيمن، ممنوع الدوران، لاتتجاوز، السرعة القصوى
100، الطريق مراقب بالرادار، لاتتصل حتى تصل، لاتكن رقماً
جديداً للحوادث.... الخ....
لوحاتٌ إرشادية تملأ الطرق العامة والشوارع وداخل المدن،
كلفت الكثير من الجهد والمال، الهدف منها توعيتنا بمخاطر
السرعة للحفاظ على الأنفس والممتلكات، وأن التقيد بها
من الذوق والأخلاق وا لسلوك ا لحضاري والوطنية الصادقة.
وبالرغم من وجود هذه اللوحات الإرشادية إلاّ أن حوادث
السيارات لا تنتهي.
أسرة كانت تنعم بحياة سعيدة، وفي لحظة من اللحظات فقدت
عميدها.! صديق عزيز كان آخر عهد لك بلقائه قبل قليل.!
أطفالٌ أبرياء في عمر الزهور تيتموا.! ونساءٌ ترملن.!
أمهاتٌ ثكلن أبناءهن.! شابٌ فقد ذاكرته وآخر بُتِر ساقه.!
مناظر محزنة تتقطع منها القلوب أسىً وحسرة تمرُ بنا كل
يوم وليلة، فهل نحن البشر من يتسبب في ألوان ذلك العذاب
لأنفسنا ولغيرنا.؟ أم أنه القضاء والقدر كما نقول عند نهاية
كل مشهد درامي.؟
لا اعترض على أقدار الله.. ولكن عدم التقيد بتلك الإرشادات
التوعوية، وافتقادنا للفن والذوق والأخلاق أثناء القيادة،
وعدم استشعارنا بالوطنية الصادقة أسبابٌ كفيلة في إلقاء
أنفسنا للمهالك.
هل تشجيع فلذات أكبادنا على القيادة مبكراً من الذوق والشعور
بالوطنية.؟ وهل مداعبتهم أثناء القيادة أيضاً من الذوق
والشعور بالوطنية الصادقة.؟
إنه متى افتقدنا ذوقنا وشعورنا الوطني في التعامل أصبحت
تصرفاتنا عشوائية نتائجها ضدنا وبلا أدنى شك.
ما جعلني أكتبُ هذه الأسطر هو ما أشاهده كل يوم من ازدحام
على مستشفيا تنا، وإقبالٍ شديد على مقابرنا نتيجة تلك الحوادث
.. وما من موقفٍ لحادثٍ(ما) إلاّ وتذكرتُ بدمعة تذرفها العين
ذلك الصديق الحبيب الذي جاء لزيارتي بعد سفرٍ ولم يجدني
فكتبَ على بوابة بيتي(جئتُ ولم أجدك.. غداً لنا لقاء)، وقبلَ
أن أقرأ ما كتبَ.. وقبلَ أن أنتظرَ ذلك الغد الذي سيجمعني به
كُنتُ من المشيعين في جنازته.! فتأملتُه وعانقته ميتاً.
لقد مات ذلك الصديق الحبيب دهساً على يد شخص افتقد الذوق
والأخلاق والوطنية. رحم الله صديقي الحبيب وأسكنه فسيح
جناته.