قال ابن قيم الجوزية رحمه الله
ولا تحسب أيها المنعم عليه باتباع صراط الله المستقيم صراط أهل
نعمته ورحمته وكرامته أن النهي عن اتخاذ القبور أوثانا وأعيادا وأنصابا والنهي عن اتخاذها مساجد أو بناء المساجد عليها وإيقاد السرج عليها والسفر إليها والنذر لها واستلامها وتقبيلها وتعفير الجباه في عرصاتها : غض من أصحابها ولا تنقيص لهم ولا تنقص كما يحسبه أهل الإشراك والضلال بل ذلك من إكرامهم وتعظيمهم واحترامهم ومتابعتهم فيما يحبونه وتجنب ما يكرهونه فأنت والله وليهم ومحبهم وناصر طريقتهم وسنتهم وعلى هديهم ومنهاجهم وهؤلاء المشركون أعصى الناس لهم وأبعدهم من هديهم ومتابعتهم كالنصارى مع المسيح واليهود مع موسى عليهما السلام والرافضة مع علي رضي الله عنه فأهل الحق أولى بأهل الحق من أهل الباطل فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض
فاعلم أن القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن فتجد أكثر هؤلاء العاكفين على القبور معرضين عن طريقة من فيها وهديه وسنته مشتغلين بقبره عما أمر به ودعا إليه وتعظيم الأنبياء والصالحين ومحبتهم إنما هي باتباع ما دعوا إليه من العلم النافع والعمل الصالح واقتفاء آثارهم وسلوك طريقتهم دون عبادة قبورهم والعكوف عليها واتخاذها أعيادا
إغاثة اللهفان - (ج 1 / ص 213)