فيفا قديمة قدم الزمن ذاته ، إلا أن الراجع لكتب التاريخ القديمة التي اهتمت بتاريخ المنطقة لا يجد فيها سوى لمحات بسيطة ولعل السبب هو العزلة من ناحية وصعوبة المواصلات منها وإليها من ناحية اخرى .
حيث إن جبال فيفاء لم تلق الاهتمام من المؤرخين القدامى ، وربما يعود السبـب في ذلك إلى عزلتها قديماٌ عن العالم المحيط بها .
وكذلك لأنها كانت عبارة عن بلد صغير منعزل في سلسلة جبال السراة ولم يكن له أي مشاركة في المعتركات السياسية ، والعناية التاريخية مقصورة في الغالب على التقلبات والحوادث السياسية 0
إضافة إلى وعورة وصعوبة الطريق المؤدي إليها ، والذي ربما سبب عزوفا لبعض المؤرخين 0 الذين أرخوا للمناطق المجاورة لجبال فيفاء 0
أضف إلى ذلك جهل أبناء فيفاء قديماٌ ، وانتشار الأمية مما نتج عنه عدم تدوين أي معلومات أو تاريخ عن هذا الجبل ، ولكن من المعروف أن الحكم الفعلي المباشر في جبال فيفاء كان لمشايخ قبائلها وربما انه كان يطلق على بعضهم قديما اسم سلطان ، حيث يوجد بعض الأماكن في فيفاء والتي يطـلق عليها اسم سلطان كحيفة السلطان وغيرها ، ويتناقل كبار السن في فيـفاء وجيلنا في الوقت الحاضر حكايات عن سلاطين ظلمة كانوا يحكمون جبال فيفاء بشيء من الظلم والتعـسف .
وأقدم تاريخ من وجهة نظري ، ومن وجهة نظر أبناء فيفا يعود إلى ما قبل البعثة ، يؤكد ذلك قصة هند بنت عتبة المشهورة والتي جرت بعض من أحداثها في وادي ضمد (شط الصبايا) وهو من ضمن اودية فيفا .
وشط الصبايا هذا قريب جداٌ من قبيلة المدري ، ويؤكد كبار السن في فيفـا بأن الكاهن الذي حكم ببراءة هند بنت عتبة ، كان من أهل نافية بقبيـلة المدري بفيفا 0
وقد ذكرها الهمداني المتوفى في سنة 334 هـ ، في صفة جزيرة العرب في اكثر من موضع وذلك عند تحدثه عن سراة خولان قضاعة وعن مواطن خولان وقبائل فيفا ينتمون إلى خولان هذه ولكن ذكره لها لم يأتي بأسم فيفا ، ولكن بذكر اسم جزء منها وهو ( أنافية ) من باب إطلاق اسم البعض على الكل 0
وانافية المذكورة اسم لجزء من جبال فيفاء تعرف بنافية تحتوي على مجموعة قرى دامرة من أهمها ( خيران - المصينعه - الحلفة ) وغيرها من القرى ، 0 ولعل هذه القرى المذكورة جزء منها هي المعمورة من فيفاء زمن الهمداني ، ولعله عزف عن الصعود إلى الأماكن الأكثر ارتفاعاً في فيفا ولذا لم يذكر إلا هذا الجزء من فيفاء فقط .
كذلك ورد ذكرها في معجم البلدان لياقوت الحموي 0 في مادة ( صماد ) عندما انشد أبياتاً لأبي عمرو الشيباني المتوفى سنة 340 هـ 0 يقول فيها :
والله لو كنتم بأعلى تلعــة من روس فيفا أو رؤوس صماد
لسمعتم من ثـم قرع سيوفنا ضربـا بــكل مهــند جمــاد
والله لا يرعى قبـــيل بعدنا خضر الرمادة آمنا برشــاد
وجبل صماد المقرون ذكره بفيفاء جـبل لازال يحمل هذا الاسم إلى يومنا هذا من جبال بالغازي ويحد فيفا من جهة الـشمال .
وفيفاء ليست قبيلة واحدة كما يظهر للبعض ، بل هم عدد كبير من القـبائل ولكن نظراً لاستقرارهم في هذا الجبل ، فقد نسبوا إليه حيـث أن كل جبل من جبال فيفاء تستوطنه قبيلة وبعض هذه القبائل لها أسماء مشهورة ، ومطابقة لأسماء قبائل مشهورة أخرى . والغالب على الرأي أن هذه القبائل هي أصلاُ جزءاً من تلك القبائل وأن السبب في استيطانها لجبال فيفا يعود إلى تلك الحروب والمجاعات والأهوال والعواصف والاضطرابات التي كانت في المخلاف السليماني 0ونظراً لأن جبال فيفاء كانت في عزلة تامة عمن حولها ، وكذلك فإنها جبال آمنة وبها الكثير من الخيرات فان هذه القبائل قد لجئوا واستـوطنوا في هذه الجبال . 0 ومن المتفق عليه أن كل قبائل فيفا ماعدا قبيلة الأشراف يعودون في النسب إلى خولان بن عمرو ألحاف قضاعة .
جازان أون لاين