أعظم الأسباب لدفع الغم والقلق الناتج عن ارتكاب المعاصي هو الإيمان بالله حق والعمل الصالح قال تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}بسم الله الرحمن الرحيم
فأخبر تعالى ووعد من جمع بين الإيمان والعمل الصالح بالحياة الطيبة في هذه الدار الحياة الدنيا والجزاء الحسن في الدار الآخرة وسبب ذلك واضح فإن المؤمنين بالله إيمانا صحيحا مثمراً بالعمل الصالح مصلحاً لقلوب والأخلاق معهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج وأسباب القلق والهم والأحزان فالمؤمن يتلقى الخير والمسار بقبول لها وشكر عليها ويتلقى المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة ما يمكنه مقاومة وتخفيف ما يمكنه تخفيفه والصبر الجميل لما ليس له عنه بد كما عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم فقال : ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن )
والمؤمن إذا ابتلي بمرض أو فقر أو نحوه فإنه بإيمانه وبما عنده من القناعة والرضاء بما قسم الله له تجده قرير العين لا يتطلب بقلبه أمراً لم يقدر له ينظر إلى ما هو دونه ولا ينظر إلى من هو فوقه وربما زادة بهجته وسروره وراحته على سرور من هو متحصل جميع المطالب الدنيوية إذا لم يؤتى القناعة .
إذا ألم بك خوف وليس عندك علم بمقتضى الإيمان فإن أعصابك تتوتر وأفكارك تتشتت ويداخل قلبك الرعب ويجتمع عليك الخوف الخارجي والقلق الباطني , ولكن المؤمن يتميز بقوة إيمانه وصبره وتوكله على الله واعتماده عليه واحتسبه لثوابه أمور تزداد به شجاعته وتخفف عنه وطأت الخوف وتهون عليه المصاعب ,أحسن إلى الخلق بالقول والفعل وأنواع المعروف وكلها خيراً وإحسان .
ومن أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب واشتغال القلب ببعض المكدرات الاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة ومما يدفع به الهم والقلق اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل وعن الحزنِ على الوقت الماضي .
التسبيح والدعاء سر من أسرار السعادة ومن أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينته الإكثار من ذكر الله فإن لذلك تأثيراً عجيباً في انشراح الصدر وطمأنينته وزوال همه وغمه قال تعالى{الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}{الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} سورة الرعد
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب: ( لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم )
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا حزبه أمر قال: ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)
قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس رضي الله عنها ألا أعلمك كلمات تقولينها عند الكرب( الله الله ربي لا أشرك به شيئا )
قال الرسول صلى الله عليه وسلم دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) لم يدعو به رجل مسلم في شي قط إلا ستجاب الله له .
التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة فإن معرفتها والتحدث بها يدفع الله بها الهم والغم ويحث العبد على الشكر الذي هو أقطع المراتب وأعلاها فمن حرم نعمة أبدله الله بنعم أخرى لا تعد ولا تحصى حتى ولو كان العبد في حالة فقر أو مرض أو غيرهما من أنواع البلايا فإنه إذا قابل بين نعم الله عليه التي لا يحصى له عد وبين ما أصابه من مكروه لم يكون المكروه إلى النعم نسبة بل المكروه والمصائب إذا ابتلى الله به العبد فأداء فيها وظيفة الصبر والرضاء والتسليم هانت وطئاتها وخفت مؤنتها وكان العبد لآجرها وثوابها والتعبد لله بالقيام بوظيفة الصبر والرضاء يعتبر الأشياء المرة حلوه فتنسيه حلوة آجرها مرارة صبره .
كيف تواجه النقد الآثم ؟
ومن الأمور التي تكون فيها سعيداً أن تعرف أن أذية الناس لك وخصوصا في الأقوال السيئة لا تضرك بل تضرهم إلا أن أشغلت نفسك بالاهتمام بها وصوغت لها أن تملك مشاعرك فعند ذلك تضرك كما ضرتهم.