خيآلات آشبة بالعدم’,
نلتقي بهآ مع الكآتبة:
وفآء العمير’,
فهلموآ’,
:
:
تنثر أحزاني أمامك وتحدق بي واجماً كأنما تحثو على لومك لم أقلب بعد تلك الكلمات المشتعلة
بالألم، لم أنفض عن عينيك الستارة المسدلة على خطأ تقع فيه كل يوم وتكتبه في قلبي دون مواربة..
تدخل إلى أفواه تتحرك باستمرار داخل جدران بيتنا الذي يضيق بازدحام أصواتهم ونظراتهم وأنا أتعثّر بها
في حركتي الدؤوبة داخل ما كنت أظنه مملكتي الصغيرة، وكلّما فجّر المكان صوت طفل آتياً من وراء
شاشة التلفاز، كانت الأعين كلُّها تلتفّت حولي وتتسلّق وجهي وعيني وصوت بكاء مكتوم مقيد في أعماق
فيما كنت تتكوم إلى جانب والدتك كطفل رحلت عنه سنوات العمر وبقي متشبثاً بأعواد طفولة يابسة.
كف عن لومي حتى وأنت بعيد حتى وأنت تكسر ألعابك في حضن والدتك،
حتى وأنت تمشي إلى جانب أخيك الأكبر ويدك في يده كمن يخاف عبور الشارع وحيداً ..
لم أزل أتفرغ في أحلامي، لم تزل المرأة في داخلي تغني ..
هل تسمع صوتها يا زوجي الصغير؟
تجمع الأطفال كلهم في عيني وراحوا يغنون لتكبر الأزهار على ضفاف قلبي.
جئتني تتلو علي أحاديثهم قلت لي بعصبية: هذا الوضع لا يمكن ان يحتمل!!
أطالعك في استغراب وأشعر بك بعيداً، صوتك يخفت وعيناك تغوران وجسدك يتلاشى ..
وقفت أختك فوق رأسي وقالت بازدراء: أنت لا فائدة منك بقاؤك معنا عالة علينا عليك
ان تفكري جدياً بالرحيل .. من يدي تأخذ فنجان القهوة وتشكو هموماً جديدة تدخل إليك من بوابة العمل.
كان صوتي ذابلاً والعصافير تحزم أجنحتها وتغادر كنت سأقول لك إني أعيش مرارة تثقل على أحلامي
واعتادها كنت سأقول لك عليك أن تعترف لأهلك ليكفوا عن صف الحجر الثقيل فوق قلبي لكن عينيك
حازمتان في خوفهما وفي إحساسهما بخجل متزايد!
ذلك المساء قلت لك: سأخبرهم.
كانت صوتك مرهقاً وموجوعاً وأنت تقول: هل جننت؟
سقطت نظراتي في عينيك متعبة: لم أعد قادرة على الاستمرار هكذا،
لا أستطيع احتمال المزيد من إهاناتهم المتكررة لست شيئاً لا قيمة له في هذا البيت، على أهلك
أن يفهموا الأمر .. صارت كلماتي تصطدم بالجدار وتعود خائبة.
قلت اصبري .. كانت الكلمة تركض على لسانك دون ان تتعثر بوجعها.
كيف بدوت قاسياً وأنت تراني أتهدم وأسقط؟
هل كان حزنك كئيباً إلى الحد الذي كنت فيه تمسك بيدي لتصل بي إلى قاع الألم وتتركني وحيدة.
عندما اقتربت أمك مني وكنت أعد وجبة الغداء قالت لي ببرود غريب:
سنذهب هذا المساء لنخطب لزوجك!
نظرت في عينيها طويلاً دون أن أتكلم .. كانت عيناها حارقتان كانتا جمرتين
تلتهبان وتكادان أن تشعلا في ثيابي وجسدي حريقاً مهولاً .. سكت وواصلت عملي.
قلت لك وأنا أراك ترتدي ثوبك الجديد وتقف أمام المرآة تتهندم هل ستفعل ذلك حقاً!
كنت تبتسم وأنت ترد قائلاً: ولم لا؟
قلت لك: لكنك تعرف
أجبتني: هم لا يعرفون!
قلت: هل ستخدع الآخرين؟
فتحت باب الغرفة وأنت تهم بالخروج قلت: لن أخدع أحداً هذا زواج على سنة الله ورسوله.
عندما عادوا ذلك المساء وكانت رائحة البخور تسبقهم إلى .. كانت الابتسامة كطائر يتنقل على أغصان
شفاههم .. كانوا يضحكون كأنما يتعرّفون على الضحكة للمرة الأولى! ويختلسون النظر إلى ..
لم يكونوا ليتجرؤوا وينظروا باتجاهي مباشرة..
رأيتك كنت سعيداً في بلاهة غريبة
وكأنما لم تزرع منذ وقت قصير شجرة صبار أخرى في هذا المنزل المكتظ بأشجار الشوك العتيقة!!
:
:
مودتي لكم