قبل الفجر ...
قبل أن ينادي المنادي { الصلاة خير من النوم }
في الليل ...
استيقضت الأم على صوت موسيقى منبه السيارة { الهادئ }..
نظرت من نافذة المنزل ...
تأملت ...
وتألمت ...
والصوت حزن ...
والحال ألم ..
نعم ...
إنها سيارة نقل المعلمات ..
إنها الخطر ...
إنها أصعب الأمر ..
وبعد أن جهزت الأم ملابسها و أدواتها ..
اتجهت لطفلها الصغير ..
حملته على صدرها وضمته ضمة وداع ..
وهمست في أذنه وقالت .... أحبك
ووضعته بجوار والده وهي تقول وداعاً فأنا أحبك ..
ثم اتجهت الى حجرة أبنائها الآخرين ..
تقبّل هذا على جبينه وهذا ودموعها تسيل على وجهها ..
تقبل ابنتها على وجنتها بكل شفقه ..
وتبتعد عنهم قليلاً
وتقول .... || أنا أحبكم || ...
وتنظر إليهم نظرة الوداع ..
وبكل صعوبة تتجه لباب المنزل خارجة الى سيارة النقل ...
ثم تتردد وتعود مسرعة الى فلذات كبدها وتقبلهم بقوه وتقول وداعاً أحباب قلبي وداعاً ...
وتخرج بعدها إلى سيارة الموت ..
إلى طريق الهلاك ..
إلى درب الخوف ..
نعم هو درب الموت فسالكه مفقود والعائد منه مولودٌ مولود ..
السائق بشر ..
لجسده عليه حق والنوم من أعظم حقوق الجسد ..
والطريق رعب ..
طريق حفر و منعطفات و مطبات ومنحنيات خطرة و مسار ضيّق ..
والوقت ليل ..
ظلام داكن ..
رهبة وخوف ..
والمسافة ثلاثمائة كيلو متر والوقت المتبقي ساعتان ...
والوظيفة مسؤولية ..
والحياة صعبة لابد لها من كد وكدح ..
انطلقت رحلة الموت..
وبعد ساعة وفي ظلمة الليل حصل ما كان على الحسبان ..
حااااااادث ...
اجساد طاهرة تتمزق ...
ورود تناثرت على الازفلت ..
امهات رحلن عن الحياة ..
رحلت الام
وهي في الخامسة والعشرين من عمرها ..
رحلت قبل ان تشرح ما دونته بالامس
في دفتر تحضير دروسها ..
رحلت والحبر في مذكراتها
يختلط بدم الحنان المسكوب ..
رحلت وفراخها في عشها
لازالوا يبحثون عن دفئها وحنانها ..
رحلت وفي مخيلتها افكار و طموح و مقاصد و اهداف لم ترى النور ..
رحلت وخلفها ام عجوز تبكي فراق ابنة يافعه ...
رحلت وورائها زوج غيور ذهب دم عرضه تحت وطأت عجلات السيارات ..
رحلت ....
عاد الابناء من المدرسة ليحدثوا امهم بما فعلوا وما وجدوا في المدرسه ..
ليرونها دفاترهم وماذا كان نصيبهم
من اشادة معلميهم ..
ليقولوا لها نحبك ...
ليقبلوا يديها الطاهرتين حباً واحتراماً وطاعة ..
لكن للأسف ..
امهم ذهبت لبيت اخر ..
امهم في الصباح الباكر وهم نائمون سال دمها على ازفلت العناء ...
ووظيفة امهم اهدتهم اليتم منذ نعومة اظافرهم ..
وما اقساها من لحظة اتدرون ماهي ...
انها لحظة الوداع ...
المصاب عظيم ...
والقلوب بريئة لا تستحمل ..
والشعور قهر ...
من المسؤول ..
من الجاني ..
اين الثأر ..
ممن يؤخذ ثمن اراقة دمها ...
نعم انها المأساة العظمى ..
اخواتنا وامهاتنا وزوجاتنا وبناتنا
ذهبن ضحايا على الطرقات ..
اصبح الموت هاجساً يطاردهن ليل نهار ..
واين السبب !!
اتعلمون من هو السبب !!
هذا هو السبب ...
هذا هو الجاني الظالم :
نعم انها لعبة البليـــــــــــــــــــــــــاردو
هي السبب الاكبر وهي الظالم الذي انهك صبرنا ..
دمّر مشاعرنا ....
وقهر احاسيسنا ..
واسآل دموعنا !!
كرات بليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاردو/
هن المعلمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات ..
والطاولـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــة/
هي (ارض) المملكة العربية السعودية
بمختلف انحائهـــــــــــــــــــــــــــــــــــا ..
والحفــــــــــــــــــــــــــــــــر على الطاولة/
هي المناطق النائيــــــــــــــــــــــــــــة ...
والعصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــي/
طريقة تعيين المعلمات ونقلهـــــــــــــــن ..
والمصيبة هي (يد) من يحرك العصى ..
عشوائية وتجنٍ وظلـــــــــــــــــــــــــــــم ..
فلا توجد منهجية معينة لتعيين المعلمات
او وسيلة منظمة لطريقة نقلهن ..
بل هي في الغالب تعتمد على حرف ( الواو ) اللعين هنا بإستخدامه ..
فنسائنا لسن رخيصات
يا من تعبث بأرواحهن ..
والدم عندنا غالٍ يا هذا ..
لا اعلم من اخاطب ..
من المسؤول ...
من يلعب بالعصى ..
من هو عاشق اللعب
بأرواح اخواتنا وامهاتنا
وبناتنا وبنات المسلمين ..
اسئلة كثيرة تبحث عن اجابة ...
وشلالات من الدماء
أغرقت شوارع مدننا ومناطقنا ...
و أجساد مُزقت ...
وقلوب تقتلها الحسرة كل لحظة ..
و أطفال سيعيشون عمراً كاملاً
بلا حنان أم ولا دفئ أمومه ..
فـإلى متى ستلعبون بنا وبورودنا البريئة ..
إلى متـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى !!!!