اخونا المواطن
( المعتصم
)
يستيقظ كل يوم ليتذمر من كل ما له صلة بحياته وما ليس له صلة,
ابتدائا من طعام الافطار الذي لا يتناوله في البيت بحجة ان زوجته متاخرة عن اعداده,او انه لا يملك الوقت لتناوله لانه مستعجل,او بحجة ان الاكل بعد الاحداث التي تمر بالبلد وهزائم ونكبات الامة العربية اصبح بلا طعم.
ليصل الى عمله متذمرا من عيشته الغير هنيئة
(حسب وجهة نظره)
فيقابل المراجعين بوجه عصبي واحيانا عنيف
حتى ان بعض زملائه اصبحوا يخشون ان يسالوه في شيء ليتجنبوا ملاحظاته القاسية بان العمل لا يسير الا بتدخله العظيم,وبانهم انصاف موظفين,وبشكواه لله تعالى ان يزيح عن قلبه هذا الهم.
ويستمر مسلسل التذمر الذي اصبح لدى زملائه اطول من المسلسلات المكسيكية خالدة الذكر,ويبتهلون الى الله ان يصبح يوما ما شبيها بالمسلسلات التركية التي تمر احداثها الغريبة العجيبة بتنوع غريب!
بعدها يذهب اخونا( المعتصم
) الى كشك الجرائد ليشتري جريدته اليومية بعد ان يسمع البائع كلمات قد تصل احيانا الى اعتباره مسؤولا عن الترويج لبعض الاحزاب والجهات السياسية كونه يبيع جرائد تذكر هذه الجهات,مما دفع بالبائع المسكين ان يخفي بعضها عند اقتراب موعد قدومه,
كما ويشتري بعض السجائر وهو يلعنها ويلعن الاسباب التي جعلته يدخن,وفي احد المرات حاول البائع ان يلاطفه بالكلام قائلا:لماذا لا تقلع عن التدخين؟فاذا بصاحبنا قد واتته الفرصة ليتحدث عن همومه وخيباته ومشاكل العصر والعولمة التي تجعل السجائر المنفذ الوحيد ليفرغ بها همه وغضبه.
ليعود اخونا( المعتصم
)الى البيت,شاكيا حال دخوله من المواصلات وتعبها وازمة الشوارع وحواجز التفتيش,
لتهرع الزوجة الخائفة وتجنبا لاي انتقاد بتقديم الغداء,ليبدأ مسلسل اخر من التذمر والشكوى,لماذا الملح كثير,فتجيبه يا عزيزي الملح معتدل كما انك لا تشكو من ارتفاع في الضغط لا سامح الله وليجيبها وهل تنتظرين ان اصاب به!
فتعتذر وتعده بانها ستطهو المرة القادمة بملح اقل,ليجيبها ماذا اصنع اذا كان كل من حولي ينتظرني ان اعلمه عمل كل شيء
ويستمر مسلسل التذمر,ليجلس اخونا (المعتـصـم
)في المساء وبعد تناول العشاء وشرب الشاي,ونراه لاول مرة في اليوم وقد صمت محدقا في دخان سيجارته,وهو 
اوووووووووووووووف لماذا حياتي انا هكذا,لماذا لم يهبني الله حالا افضل من حالي,لم يهبني مالا كثيرا لاعيش به حياة استغني بها عن الوظيفة,واسافر حول العالم لاتعرف على اناس افضل,
لماذا رضيت بهذه الزوجة عديمة الشخصية التي لا هم لها سوى اعداد الطعام والعناية بالمنزل,لماذا لم يصبح لي اصدقاء وانا انسان مثقف و واعي واعطي الاخرين حقوقهم واراعي مشاعرهم,ولماذا ,ولماذا,
ويستمر مسلسل التذمرات والتساؤلات لدى الاخ
(المعتصـــــم
)
,ولم يخطر بباله يوما ان الله منحه ما يحلم به اغلب الناس,الا انه بتذمره وعدم رضاه قد فقد نعمة الرضا بها,وانه يعيش حياة مليئة بالشكوى والتذمر والوحدة ,حياة صنعها لنفسه.
كلمة:الحياة مليئة باشياء كثيرة جميلة,الحياة هبة عظيمة من الله عز وجل,لنتعلم الرضا والقناعة كي نحب ما نحن عليه,ولنصبح ما نتمنى بالعمل والجهد وحسن الاخلاق والكلمة الطيبة.
ملاحظة:الموضوع مبني على قصة حقيقية لكن اقتضى اخفاء الاسماء والاماكن لاسباب امنية(لاني لا اقوى على احتمال كلمات اللوم والتقريع من قبل الاخ (المـعتصـــم
)
تقبلوا تحياتي
المــــــــعـ
ـتــــــــصـــم
م/ن