قصة مؤثرة ينقلها لنا صاحبها فيقول :
وجدته في سوق الغلال المسمى عندهم سوق ( الغلة )
في العاصمة إنجامينا لدولة تشاد .
طفل صغير بين أقدام المارة في وسط السوق ..
جالسًا على قدميه ، منكسًا رأسه إلى ألأرض ،
ثاني فخذيه نحو صدره ..
رأيته يلتقط أشياءً من الأرض ...!!
استأذنت مرافقي بأن يتوقف قليلاً هنا في هذا المكان ..
فنزلنا معًا من السيارة التي كان هو يقودها ،
وتوجهت فورًا نحوه ...
وعيون الرجال السمر - في السوق - ترمقني ..!!
دنوت منه .. شعرت بعاطفة كبيرة تجذبني نحوه ..
اقتربت من الأرض ، لأنظر ماذا يلتقط بيديه الصغيرتين ...
شعر بي .. نظر إلي مستغربًا من اهتمامي به ...!!
ألقيت عليه السلام ، ليطمأن .
لا يعرف التحدث بالعربية !
ينظر إلي وأنظر إليه ... لغة العيون ..!
أتأمل ما بيده .. أتأمل ملابسه الرثة البالية والممزقة الأكمام ..
والمختلطة بتراب الأرض ومطر السماء ..
توجس مني ، ظانًا أني نصراني ..!
أبلغت مرافقي أن يترجم له حديثي .
فتبسم ...!
قربته مني ... مسكت يده ...
مسحت على رأسه ...
والناس تنظر إلي بدهشة !
- دار حوار بيننا بواسطة مرافقي -
سألته بني ، ماذا تلتقط ؟
فقال لي :
ألتقط بقايا الحبوب المتساقطة على الأرض ، كي آكل !!!
- سألته ، أين بيتك ؟
فقال : ليس لي بيت ، أنام في الشارع .
كررت سؤالي ..
- ماذا ...!! يا بني ، أين تسكن ؟!
فقال لي : أسكن في الشارع - يا عم -
أين أبوك يا بني ، أين أمك ، أين إخوتك ..؟
فأجاب :
ليس لي بيت واللهِ ، لم أكذب يومًا بل أصدِق ..
فأسرتي هناك في قرية ( ...... ) .
سألت مرافقي : أين هي هذه القرية ؟
فقال لي : هي على بعد أربع مائة كيلو متر - تقريبًا -
كجدة والمدينة !!
تحدث صوصل :
هاجرت أنا وبعض أطفال القرية من قريتي إلى العاصمة ( إنجمينا )
منذ سنتين تقريبًا مشيًا على الأقدام ...!!
سألته عن سبب الهجرة ..
فأجاب :
- ولكم أن تتخيلوا السبب -
السبب
:
:
السبب هو لتعلم القرآن .!!
يرحل طفل صغير في السابعة من عمره بإذن أهله
- وهذه هي عادة أهل القرى البعيدة والنائية -
لمنطقة تبعده عن أهله صحاري وقفار وحيوانات ووحوش ...
ويعود إليهم بعد أن يحفظ كتاب الله ، ومعه بعض الأحاديث الصحاح ...
ولكن ..
قد يعود فلا يجد حضن أمه ، أو عطف والده ، أو حب إخوته
.. فقد يسبقه الموت ، ويختطف بعضهم أو جميعهم ..
أو يختطفه هو ..!!
صوصل .. حالة واحدة من حالات كثيرة هناك ...
هذه الصورة التقطتها له بعد شراء حذاء جميل له ..
وإعطائه بعضًا من المال ، ليأكل به ويشتري حلة جديدة .
:
:
:
فلنتخيل جميعا :
كيف يترك أهله وأسرته ويخرج مهاجرا الى الله ليحفظ كتاب الله
ويحمله في صدره ..
ونحن في بيوتنا ولا نخرج قدر شبر من أبوابنا
ولا نتعرض لمثل ما يتعرضون له ... فأيــــن نحن منهم ؟؟
:
:
:
غفر الله لنا تقصيرنا و أعنا برحمته على طاعته و حسن عبادته
اللهم آآمين .. اللهم آآمين .