الاساءه اللفظيه للاطفال
يقف وراء شيوع ظاهرة الاساءة اللفظية للاطفال من قبل الوالدين او من يتولى رعايتهم والتي تعد من اشكال العنف الاسري ، عوامل اجتماعية واقتصادية وفهم خاطىء لحدود وضوابط حق التأديب المسموح به شرعا وقانونا للاباء بالاضافة لضعف الحماية الجزائية للاطفال من تعسف الاباء والامهات في استعمالهم لحق التأديب.
وتتجاوز اثار الاساءة اللفظية للاطفال التأثير على سلوكياتهم وتصرفاتهم الاجتماعية والاخلاقية في محيطهم الاسري والاجتماعي التي تبدو مظاهرها بالعدوانية ولغة الرفض والسباب وفقدان الثقة بالنفس وغيرها من اثار الى النيل من حقهم بالمعاملة الانسانية والحفاظ على كرامتهم البشرية الامر الذي يفرض وسط الاهتمام بقضايا العنف الاسري في الاردن سن التشريعات التي من شأنها الموازنة بين حق التأديب المباح للوالدين وحقوق الطفل بالمعاملة الانسانية والنمو الطبيعي وتكثيف حملات التوعية والارشاد نحو اساليب التربية الحديثة خصوصا اذا ما علمنا ان ما يؤثر في التكوين العقلي والنفسي للانسان ، المكان والبئية اللذان يعيش فيهما.
ويعمد المواطن ''ابو احمد'' عند لومه لابنه الاصغر سالم - 10 سنوات - الى اطلاق اوصاف وعبارات نابية حسبما ذكرت والدة احمد التي شخصت اساليب التأديب في الوسط العائلي بالقول بانها تضر بالاطفال - من حيث يقدر والدهم بانها نافعة - بالنظر الى حالة الاستياء التي تتضح معالمها على قسمات وجوههم واحيانا في فلتات لسانهم كردة فعل على عبارات التوبيخ الفجة خصوصا حينما يكون اللوم والتقريع بحضور اشخاص من خارج افراد العائلة.
ولا تجد والدة احمد طريقة للاعتراض على تلك الاوصاف والعبارات التي يطلقها الوالد امام اصراره على ان هذه الاساليب تأخذ طريقها في تأديب الاطفال ومنعهم من تكرار الاخطاء التي يقدر من وجهة نظره وحده انها اخطاء رغم ان تلك السلوكيات لا تخرج احيانا عن حدودها. ولا يخفي الطفل رشاد - 8 اعوام - استياءه من ان والديه يستخدمان عند تأديبه الفاظا غريبة واحيانا تصل الى حدود التشبيه بالحيوانات بالاضافة الى ضربه الامر الذي جعله في حالة رهبة وقلل من اختلاطه بزملائه اضافة الى حالة التردد الدائم عند قيامه بابسط الاعمال اليومية خوفا من والديه. ويعلل المواطن خالد استعمال الالفاظ في تأديبه لابنائه بالقول انها اخف ضررا عليهم من الضرب والتأديب البدني بالاضافة الى انها وسيلة انجع للتوجيه والارشاد. وقال ان ''تلك الاساليب كان الاهل يستعملونها عندما كنا اطفالا ''.
** دراسة : الذكور اكثر عرضة الى تكرار الاساءة اللفظية والاناث اكثر تأثرا
وتؤكد دراسة متخصصة حول الاساءة اللفظية للاطفال من قبل الوالدين في محافظة الكرك اعدها الباحث عامر المصري نال عليها درجة الماجستير من جامعة مؤتة عام 2000 ان شيوع استعمال الاساءة اللفظية والتأثر بها يشير الى عدم الاستقرار النفسي للاسرة التي يجب ان يسودها الدفء والحنان والتعامل بالاحترام الضروري من اجل تنشئة اجتماعية سليمة وصحية للاطفال وان الاساءة اللفظية بشكل عام تعني احباط لحاجة الطفل للتقبل والدفء والحنان وغالبا ما يؤدي ذلك الى سلوكيات عدوانية ومشاكل نفسية . واظهرت الدراسة نتائج عدة ليس اقلها اهمية انعدام العلاقة بين استخدام الاساءة اللفظية والمستوى التعليمي للوالدين مفسرة هذه النتيجة بوجود ثقافة عامة تعتبر الاساءة شيئا عاديا وان تزايد استعمال الاساءة يرتبط بتزايد اعداد الاسرة على اعتبار ان الاباء والامهات لا يجدون متسعا من الوقت لتلبية احتياجات الطفل والاستماع اليه ولهذا يتم استخدام الاساءة والحال كذلك عندما يكون دخل الاسرة متدنيا في حين اظهرت الدراسة ان الذكور اكثر عرضة الى تكرار الاساءة اللفظية من الاناث الا ان تاثير الاساءة على الاناث اكثر منه على الذكور.
واوضحت الدراسة ان التأثيرات النفسية للاساءة اللفظية يختلف باختلاف الالفاظ التي توجه للاطفال فالالفاظ التي تمس الذات الالهية تهدد النمو الديني للطفل وتشوه مفهوم الايمان الحقيقي بالاضافة الى تشجيعها للخروج على الانظمة والقوانين في حين ان الفاظ الشتم والمساس بالكرامة المعنوية ورفض الطفل والتمني له بالموت تؤدي الى تقليل الدافعية والطموح عند الاطفال وانحرافه عن الاعراف الاجتماعية.
واوصت الدراسة بضرورة اجراء المزيد من الدراسات لفهم ظاهرة الاساءة اللفظية واسبابها وتاثيرها وعلاقة هذه الظاهرة بالسلوك العدواني لدى الطفل وبعض المشاكل النفسية وانشاء مراكز لحماية حقوق الطفل وعقد الندوات التوعوية للاباء حول اثار الاساءة.
** جهل بضوابط وحدود التأديب ويقول رئيس قسم الفقه واصوله في جامعة مؤتة الدكتور علي الزقيلي ان الاصل في كل مسلم ومسلمة انه ليس طعانا ولا لعانا ولا سبابا ولا فاحشا ولا بذيئا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء) وقوله ايضا ( اياكم والفحش فان الله تعالى لا يحب الفاحش ولا التفحش) فيحرم على كل مسلم ان يتلفظ بهذه الالفاظ لاي شخص بعينه سواء كان هذا الشخص مسلما او غير مسلم بل ان الاسلام امر بالرفق واللين مع الاخرين وتعليمهم فقد قال صلى الله عليه وسلم ( يسرا ولا تعسرا وعلما ولاتنفرا) وجاء في الحديث ( عليك بالرفق واياك والعنف والفحش) . وبين الدكتور الزقيلي ان هذه الاحكام للمسلمين عامة فانه من باب اولى ان تكون للاباء خاصة في معاملتهم مع ابنائهم فيحرم على الاب ان يلجأ الى شتم ولعن ابنائه بحجة التربية والتعليم فالتربية والتعليم ليس بالحرام والأخلاق البذيئة وإنما تكون بالتوجيه الصحيح الذي ارشد اليه الدين فعلى الأب ان يكون كالطبيب لا يلجأ الى العلاج الأشد إلا بعد ان يفقد الأمل في العلاج الأخف إذ نجد ان القرآن الكريم يضع للزوج طرق معالجة زوجته إذا نشزت وهذا لقمان عليه السلام يرشد ولده ويعظه بقوله تعالى (( يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم)) وها هو سيدنا محمد يرشد غلاما ويعلمه آداب الأكل ويقول له(يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك) ويوبخ ابا ذر الغفاري ويقول له( انك امرؤ فيك جاهلية)