هذا المساء..
لا أريد التكلم بالعقل لا أريد التحليل والتنظير، لا أريد أن أغوص في من الأحاديث الجدية والعميقة ، في السياسة والأدب والفن.
من السياسة لن أجول إلا في الطرائف ، ومن الأدب لن أركز إلا على قصص الحب ، ومن الفن لن أختار إلا الجنون وحدود اللا معقول..
لا أريد أن أكون جدية هذا المساء..
فالمطر ينقر على زجاج غرفتي وأضواء المدينة تتلألأ من حولي وتأخذني إلي القرون الماضية ، يوم لم تكن المرأة موجودة سوى لتكون جميلة ، أنيقة ، سوى لتلفت نطر الآخرين ..
الأضواء تتلألأ وتأخذني إلى الجمال والأناقة والسهرات والوشوشات ، وقصص الحب المسموح وغير المسموح بها .
هذا المساء سأسافر في خيالي إلي أيام الحفلات الكبيرة ، حفلات الأوبرا مثلآ أو حفلات استقبال الملوك ، حيث كانت السيدات الحاضرات يتبرجن بأحلى المجوهرات ، ويتمخترن بأحلى الفساتين ، حيث كانت العيون تنطق بالكثير ، حيث كان الهمس سيد الموقف ، حيث كان الضحكات ابتسامات تختصر كل مايدور في الداخل.
سأعود هذا المساء إلى صالات القصور الواسعة حيث كان العطر يفوح ويحمل معه كل الأسرار وكل الأخبار ، وحيث كانت الاقوال مكبوتة لا يسمع منها سوى القليل .. هناك سأعيش هذا المساء ، في عيون من احب ومن أكره ، في شكل امرأة ولدت لتكون جميله ، خلقت فقط لتحب وتحب ، غير آبهة بما يجري من حولها .. لاتهتم بالأحداث إلا إذا كانت تدور في فلكها ، في عالمها الحميم .. سطحية قد أكون ، ساذجة ممكن ، ولكني بحاجة إلي أن أعود إلي هناك ، إلى عالم كانت فيه المرأة ، امرأة بحق.^_*