عَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ:"أَيْنَ بَعْلُكِ؟"، فَقَالَتْ وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَلامٌ، فَخَرَجَ مُغاضَبًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ:"أَبْصِرْ لِي عَلِيًّا"، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ ذَا فِي الْمَسْجِدِ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالرِّيحُ يَسْفِي عَلَيْهِ التُّرَابَ، قَالَ:"قُمْ يَا أَبَا تُرَابٍ"، قَالَ سَهْلٌ: فَوَاللَّهِ إِنْ كَانَ لأَحَبَّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ.
هذا الحديث الشريف يرشد إلى ما يحسن بالأب أن يفعله, وبالزوجة أن تفعله, وبالزوج أن يفعله إذا حدث خلاف بين الزوج وزوجته.
فالنبي يسأل ابنته فاطمة, وقد زارها في بيتها عن زوجها علي, فتخبره رضي الله عنها أنه غاضبها في شيء, دون أن تذكر له هذا الشيء, وهذا كتمان جميل يحسن بكل زوجة أن تحرص عليه, فلا تخبر أهلها بتفاصيل الخلافات التي تحدث بينها وبين زوجها.
ثم نتأمل حكمة تصرف علي رضي الله عنه حين انسحب من ساحة الخلاف الذي ثار بينه وبين السيدة فاطمة رضي الله عنها " وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَلامٌ، فَخَرَجَ مُغاضَبًا“, وهذا خير من مواصلة المغاضبة التي قد تتطور إلى شجار حاد.
وإلى أين ينسحب رضي الله عنه ؟ لم ينسحب إلى أصحابه , ولم ينسحب إلى أمكنة أخرى يذهب إليها الأزواج إثر نشوب خلافات مع زوجاتهم , بل انسحب – رضي الله عنه – إلى المسجد , حيث تهدأ أعصابه الثائرة , وتطمئن النفس الغاضبة .
ونتعلم من النبي صلى الله عليه وسلم عدم تأجيله التوفيق بين صهره وابنته, بل بادر يسأل عنه, فلما أخبروه أنه في المسجد, جاءه وهو يقول " قم يا أبا تراب " بعد أن رأى التراب الذي أصاب جسمه .
ولم يعاتبه النبي عليه الصلاة والسلام, مما يشير إلى أن المصالحة التي تقوم على تطييب الخاطر خير من المصالحة التي تقوم على المحاسبة والمعاتبة.
ومما يؤكد أن نفس علي قد طابت قول سهل في نهاية الحديث: " فَوَاللَّهِ إِنْ كَانَ لأَحَبَّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ“.
إنه قبس من بيت النبوة يضيء لنا الإضاءات التالية:
1- لتحرص الزوجة على عدم نقل كل خلاف يحدث بينها وبين زوجها.
2 - ليكن الآباء رفقاء ببناتهم وأصهارهم معا, وليكونوا حريصين على تطييب الخواطر أكثر من حرصهم على المعاتبة واللوم والمحاسبة.
3 - لا بأس أن ينسحب الأزواج من مكان الخلاف إلى غرفة أخرى, أو إلى المسجد, إذا وجدوا أن خلافهم مع زوجاتهم يشتد ويحتد.
4- يحسن بالأزواج أن يستجيبوا إذا دعوا إلى المصالحة, فلا يمتنعوا, ولا تضيق نفوسهم بهذه الدعوة –الدعوة إلى المصالحة – كما استجاب علي رضي الله عنه حين قام من اضطجاعه وقد أحب الاسم الذي ناداه به صلى الله عليه وسلم " قم يا أبا تراب “.
5 - ليحرص الآباء والأمهات على عدم استقصاء التفاصيل التي تكون بين بناتهم وأزواجهن, وبين أبنائهم وزوجاتهم
وفقنا الله وإياكم إلى كل خير