يقول الإمام / ابن قيِّم الجوزيَّة :
وأمََّا اللذَّةٌ الوهميَّة الخياليِّة : فلذةُ الرِّئاسة والتعاظُم على الخَلْقِ والفخرُ والاستطالَةُ عليهِم .
وهذه اللذَّة وإنْ كان طُلّابها أشرف نفوساً مِنْ طُلَّاب اللذَّة الأولى فإنَّ آلامها وما تُوجبه مِن مفاسِد أعظمُ مِن التذاذِ النَّفسِ بِها , فإنَّ صاحبهَا مُنتصِبٌ لمعادةِ كلَّ مَنْ تَعاظَمَ وترأس عليهِ...
فليست هذه في الحقيقةِ بلذَّةٍ وإنْ فرحِت بها النفسُ وسُرَّت بحصولِها . وقَدْ قِيل : إنَّه لا حقيقَة للذِّةِ في الدُّنيا وإنَّما غايتُها دفعُ آلامٍ كما يُدفع ألمُ الجوع والعطش وألمُ الشهوة بالأكلِ والشُربِ والجِماع . ولذلِك يُدفَع ألم الخُمول وسُقوطِ القَدْرِ عِندَ النَّاس بالرِّئاسَة والجاه .
والتحقيق : أنَّ اللذَّة أمرٌ وجوديٌّ يستلزِمُ دفعَ الألمِ بما بينهما مِنْ التضادّ.
/ اللذَّةُ العقليَّة الرُّوحانيَّة : فهي كلذَّة المعرفَة والعِلم والاتصاف بصفات الكمال مِن الكرم والجُود والعِفّة والشجاعَة والصبر والحِلْم والمروءة وغيرها , فإنَّ الالتذاذ بذلك مِنْ أعظم اللذَّات , وهو لذَّةُ النفسِ الفاضلة العُلويَّة الشريفة , فإذا انضمَّت اللذَّة بذلِك إلى لذَّةِ معرفةِ الله تعالى ومحبَّتهُ وعِبادته وحده لا شريك لَهُ والرِّضا بِهِ عوضاً عنْ كلِّ شيء ولا يُتَعوَّض بِغيرهِ عنه , فصاحبُ هذه اللذَّة في جنَّةٍ عاجلةٍ نِسبتُها إلى لذَّاتِ الدُّنيا , كنسبَة لذَّة الجنَّةِ إلى لذَّةِ الدُّنيا .
صاحبُ هذه اللذَّة في جنَّةٍ عاجلةٍ نِسبتُها إلى لذَّاتِ الدُّنيا , كنسبَة لذَّة الجنَّةِ إلى لذَّةِ الدُّنيا .
أما اللذة العقلية الروحانية فهي كلذة المعرفة والعلم والاتصاف بصفات الكمال من الكرم والجود والعفة والشجاعة والصبر والحلم والمروءة وغيرها فإن الالتذاذ بذلك من أعظم اللذات وهو لذة النفس الفاضلة العلوية الشريفة فإذا انضمت اللذة بذلك إلى لذة معرفة الله تعالى ومحبته وعبادته وحده لا شريك له والرضا به عوضا عن كل شيء ولا يتعوض بغيره عنه فصاحب هذه اللذة في جنة عاجلة نسبتها إلى لذات الدنيا كنسبة لذة الجنة إلى لذة الدنيا فإنه ليس للقلب والروح ألذ ولا أطيب ولا أحلى ولا أنعم من محبة الله والإقبال عليه وعبادته وحده وقرة العين به والأنس بقربه والشوق إلى لقائه ورؤيته وإن مثقال ذرة من هذه اللذة لا يعدل بأمثال الجبال من لذات الدنيا ولذلك كان مثقال ذرة من إيمان بالله ورسوله يخلص من الخلود في دار الآلام



رد مع اقتباس