المنزل الجازاني بكامل تفاصيله في تحفة فنية لا تتجاوز مساحتها 20,000 سم
جسد أنواع المباني الجازانية والمواد المستخدمة في بنائها
المنزل الجازني ( التهامي )القديم لم يكن مجرد (عشة) كما هو التصور لدى الكثير من الناس بل هو مجموعة من المباني الجميلة التي يحمل كل واحد منها بتفاصيله الجميلة خصوصية تميزه عن المنزل الفرساني أو المنزل الجبلي في المنطقة . وحفاظاً على هذا التراث وهذه التقاصيل ومن شدة حبي لها حاولت جاهداً في تصميم تراثي جسدت خلاله تفاصيل المنزل الجازني التهامي بكل تفاصيله في مجسم جمالي لم تتجاوز مساحته الإجمالية 20,000سم بطول متر وعرض مترين فقط جُسّدت فيها جميع التفاصيل التي كانت في تلك الفترة التي تعد تفاصيل حياة ومعيشة اليومية . لتبقى هذه التفاصيل مرجعية تراثية للأجيال القادمة .
وكانت البداية مع بوابة المنزل وهي ما يسمى بـ ( المصراف ) الذي كان يصنع من الخشب المنجور من شجر الأثل والسدر ويتفنن فيه أهل المنزل على قدر وضعهم المعيشي وعلى يمين المتأمل لتفاصيل المنزل يأتي المنزل الأول وهو ما يسمى بـ ( العريش ) وهو بمثابة بناء مستطيل الشكل مثلث السطح في مبني من الخشب ونبات (المرخ) يتسع على الأقل 7-9 كراسي خشبية وملحق به ( المُطْهُر ) وهو ما يسمى في البناء الحديث بـ (دورة المياه / الحمّام ) والى جواره من الجهة اليمنى يأتي ( العَقَاب ) وهي ساحة الفناء الداخلية للمنزل الآخر المعروف بـ ( الخدروش ) وهو بيت يشبه في الشكل (العشة) المعروفة لدى الكثير ويتسع الى أربعة أسرة أو ( قُعُدْ ) جمع قعادة وهي كراسي خشبية .
ولا يخلو المنزل الجازاني من نباتات أصلية ثابتة مثل ( الحناية ، والرديمة ، والعرج ، والريحانه ، والوزاب ، والدوش ) هذه كأساسيات ويمكن وجود نباتات أخرى ولكن هذه تعد من الأساسيات لدى منزل المرأة الجازانية . ويكون في المقابل ثلاثة مباني أخرى وهي ( المدمك ) وهو بناء مربع الشكل يقرب للمستطيل في بعض الأحيان وهو من أمتنها وأقواها في البناء والتشييد حيث تكون جدرانه من الطين المبطن بالحجارة وسقفه من أشجار (الدوم) ويكون في واجهته في أعلى الباب بروز الى الخارج بمساحة عرضها مترين وارتفاعها ثلاثة أمتار وتكون لها فتحة من الداخل في أعلى الباب يستخدم هذا البروز كمستودع لحفظ الأشياء المهمة بالمنزل والى جوار المدمك تأتي ( العشه ) ذلك الرمز المعماري الذي يعبر عن منطقة جازان وتراثها القديم والأصيل بشكلها المخروطي المجوف من الأسفل ويعد بمثابة بيت العائلة الذي يتم في التواجد باستمرار واستقبال المقربين من الأهل والأصدقاء . ثم يأتي المنزل الجازاني التهامي الذي يبنيه سكان السهل بالمنطقة وهي (السهوة ) وتختلف من عائلة الى أخرى في بنائها فمنهم من يبنيها مربعة الجوانب وآخرون يجعلونها بشكل دائري ولكن الشيئ المشترك هو مادة البناء المستمدة من جذوع أشجار الأثل والسدر(العرج) وأحياناً الدوم .ويغطى سقفها بالقش ( المرخ ) وهي بمثابة المنزل الصيفي الذي تسكنه العائلة في فصل الصيف لبرودته ودخول الهواء له من كل جانب لعدو غلق نوافذه أو بابه .وتستخدمها الدجاجات للمبيت عليها كمكان آمن لها من الكلاب والقطط. على عكس المدمك والعريش التي تسكن من قبل العائلة في فضل الشتاء والإحتماء من الأمطار .
ربة المنزل لها قسمين في المنزل وهي من تدير شؤونها أولها ( البنايه ) وهي ما يسمى اليوم بالمطبخ وهي عبارة عن بناء مربع لاتتجاوز جدرانه طول 2-3 متر مكشوف السقف ويشتمل على تنانير ( جمع تنور أو ميفى باللهجة الدراجة في المنطقة ) يخبز فيه جميع أنواع العيش والدقيق والحنيذ والمغش والدباء والسمك وغيرها فهو بمثابة الفرن الحديث اليوم متعدد الإستعمالات يوجد بها أيضاً ( الملحة ) وهي مختصة بصنع اللحوح وهو خبز رقيق لذيذ الطعم تتفنن فيه المرأة الجازانية وبها أيضاً ( المركب / الثاثي ) ويأتي على هيئة حفرة مليئة بالفحم المستخرج من التنور يستخدم لإعداد القهوة والشاي وتحميص البن وتسخين الماء والى جانبه عمود تعلق عليه ربة البيت أدوات حفظ الذرة المطحونة وحفظ الحليب والسمن مثل ( المركن والدبية والقشبة والدبع ) وغيرها من الأواني الحجرية او الفخارية أو الخشبية أو النباتية
ويكون القسم الآخر الذي تختص به المرأة الجازانية قديماً هو مايفصله عن السكن جدار طيني ويكون خلفه ( ماوى الأغنام ) المعروف بالوجرة أو الزربه و( المَدْرَسْ ) وهو المكان الذي تربط فيه ( الركوبه ) الحمار الذي يقضي عليه رب الأسرة أعماله وتنقلاته ونقل أحماله من الحقل والمعروف بـ ( المعمال أو الزهب ) إضافة الى (دارة القصب) وهي مكان أكثر مساحة تجمع فيه عيدان قصب الذرة الحضراء أو اليابسة بعد أخذ السنابل منها المعروفة بـ (العذقة) جمع عذق والى جوارها يكون مأوى الجمال والنوق وفي أقصى الزاوية تبنى أربعة أعمدة مسقوفة لتقي الأبقار والثيران من الحر وهي بمتابة المكان المخصص لربة المنزل لحلب البقرة تحت ظلها والى جوار الجدار الفاصل عن السكن وضع ( الرَسْ ) وهو يشبه في الهيئة السرير ولكنه مثبت في الأرض توضع عليه أكياس الحب ( الذرة ) بجميع أنواعها وبجوارة ( العجرة ) وهي أيضاً مخصصة لحفظ الحب ولكن للإستخدام اليومي بدلاً من فتح الأكياس .
ويحيط بالمنزل الجازاني قديماً ويدخل في تقسيمات مبانيه ثلاثة أنواع من الحوئط وهي ( السجف ) وعوعبارة عن جدار مبني من عيدان نبات ( المض والقضب ) وغالباً ما يكون في التقسيمات الداخية للمنزل والواجهة الأمامية لفناء المنزل والنوع الآخر من الطين وهو (الجدار الطين ) ويستخدم لفصل نوع عن الأخر من المنازل داخل الفناء والنوع الثالث وهو ( الزرب ) وهو عبارة عن حاجز شوكي من أشواك نبات الطلح والسدر والسلام وغالباً ما يكون من الجانب الخلفي للمنزل ويحيط بالقسم المخصص للماشية بالمنزل لحمايتها من اللصوص لعدم مقدرتهم من الدخول لكثرة الأشواك بها.
ويجمع البيت الجازاني ليلاً ساحة المنزل وفناؤه وهي المنطقة الترابية التي تتوسط المباني ويعرف بـ ( القَبَل ) لأنه واجهة المنزل ومقتبله ويكون على نهايته أدوات الزراعة والحصاد وأدوات إستخراج المياه من الآبار والأواني الفخارية التي تجمع فيها المياه للشرب والاغتسال والطبخ والغسيل .
واتممت عملي بإنارة المنزل بأكماله بأنوار ولمبات خافتة بمثابة ( فوانيس وسُرُج قديمة تعمل بالكيروسين ـ القاز ) كما كان في السابق . لقد جسد ذلك المجسم بمواد طبيعية بسيطة تلامس وتحاكي المواد الأصلية كتحفة فنة تعود بالمتمعن في تفاصيلها بالوراء الى زمن ما قبل المائتين عام أو أكثر بحسب تعليقات كبار السن الذين روو ذكرياتهم وذكريات آبائهم مع أجدادهم في تلك الحقب أثناء مشاهدتهم للمجسم .
لقد إستغرق مني هذا العمل أكثر من ثلاثة أشهر لم تكن شاقة بقدر ما كانت ممتعة وقد تم تصويره بالفيديو إلا أن الحجم أكبر من ان يرفع في المنتدى ولايمكن اختصاره وإن شاء الله سأرفعة لاحقاً ونوافيكم بالرابط
مع أصدق تحياتي لمروركم .. أخوكم أبو عدولي