(النحل:66) وفعلاً فإن الفرث (الكرش) و الدم وحدات من مصنع اللبن عند الأنعام وليس الضرع فقط فالفرث عملياً عبارة عن السليلوز و مركبات غذائية مختلفة و مختلطة بالقلوراMicroflora(البكتيريا والطلائعيات النافعة المسوؤلة عن التخمير داخل الكرش) داخل الكرش. حيث يحدث بها تخمر وتغيير في تركيبها من جراء تكسير قلورا الكرش لهذا السليلوز ، والمواد السكرية ، مما يؤدي إلى إنتاج ثلاثة أحماض دهنية ، وهي حامض الخليك و حامض البيوتريك ، وحامض البروبيونيك ، فتمتص الشعيرات الدموية المنتشرة حول الكرش هذه الأحماض ، و ذلك دون مرورها في القناة الهضمية إلى الأمعاء (المسؤولة بالأصل عن الامتصاص) كما هو متبع مع باقي الغذاء ، فتصل إلى الغدد اللبنية و يحدث الآتي: يزيد حمض الخليك من دهن اللبن . و يزيد حمض البيوترك من بروتين اللبن ، و يزيد حمض البروبيونيك من سكر اللبن . و وجود الدهن في اللبن هو السبب في وجود الطعم المستساغ له . و كلما قلت نسبة الدهن قل إستساغة طعم اللبن عند الشرب. كما وجد أيضاً أنه كلما زادت نسبة السليلوز في الغذاء زادت نسبة حامض الخليك ، وبذلك تزيد كيمة الدهن في اللبن و بالتالي ندى استساغته. ثم إن إشارة القرآن الكريم إلى خروج اللبن سائغاً طيب الطعم. و خالصاً نقياً من اللون والطعم والرائحة غير المرغوبة، هذه الإشارة تدل على نعمة الخالق جل جلاله و قدرته، فأنظر كيف تقوم الغدد اللبنية في الضرع بعلمية التصفية و التميز و الاختيار ، و انتخاب المواد النافعة و المغذية من الدم و الابتعاد عن المواد الضارة كالسموم ، و حامض البوليك(Uric Acid) مع كونهم مختلطين بالدم، و يسيرون في الجسم مع مجاري الدم، فيجتمع اللبن في الضرع انتظاراً لحلبه ، و تقديمه لبناً خالصاً سائغاً للشاربين ، بينما تقوم غدد أخرى في الجسم و هما الكليتان بعكس هذا العمل فتقومان بامتصاص سموم الدم و حامض البوليك من الدم لطرحه خارج الجسم عن طريق الجهاز البولي . فسبحان الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى . وأين العبرة في الأنعام يقول العلم الحديث: هذه الأنعام هي وحدها من بين جميع الحيوانات اللبونة تنتج اللبن باستمرار، وبكثرة عظيمة، وهي وحدها التي تجمع بين هذه الخصائص، وبين القدرة على الحرث و الحمل و الجر ، إنها قدرة ربانية عظيمة جمعت في الأنعام بين أن تكون آكلة عشب ميسوراً غذاؤها، يسيراً تذليلها، وبين أن تكون مخزناً دائماً ومصنعاً دائباً للحليب والسمن واللحم، وكلها من المواد البروتينية.وقد كان من المتوقع عقلاً أن تنتج هذه الأنعام التي كل غذائها العشب مادة نشوية سكرية، ولا تنتج لحماً ولا سمناً ولا شحماً فسبحان الخلاق العظيم. وأيضاً العبرة فيها كثرة منتجاتها التي لا غنى عنها قال تعالىنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ) (النحل:80) و ظعنكم: أي سفركم وقال تعالىنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) (النحل:81) وهذه السرابيل كلها من منتجات الأنعام فسبحان الله.