في إحدى سفراتي إلى مدينة الرياض وكا العادة لابد من إحضار الهدايا
للأبناء حتى وإن كانت هذه السفرية لحضور مصيبة فالأمر لا يعفيني من
التوجه لأحد المراكز الضخمة وهذا ماحدث ، وعند خروجي من محل
الألعاب محملاً بأكياس أثقلت يديّ وإذا بطابور من المتسوقين يزُفون فتىً
كان يتقدمهم وكأنه العروس ليلة عرسها ، كلمات السخرية والسب والشتم
تنهال عليه وهو يمشي الهوينا ، لا يفكر فيما يسمع ولا يعلم من هؤلاء.
تركتُ ما جئتُ من أجله وانضممت معهم في الطابور بل زدتُ عليهم أنني
تقدمتُ الموكب أوالزفة محاذياً للفتى وعلى يمينه فنظرتُ إليه وأمعنتُ
النظر ..وإذا به فتىً فتنه ، شعره يتدلى على ظهره وقد لفه بربطه بيضاء
زادت الشعر جمالاً على جمال ، الكعب عالي ومن أفخم وأثمن الكعوب ،
ثوب ضيق ولشدة ضيقه أشفقتُ على جسمه وهو يئنُ ويصرخ ، على شفتيه حمرة هادئة ،
وعلى و جهه مكياج خفيف بارد وناعم ورقيق ومثير وافق لون بشرته البيضاء ،
ولامكياج جويل ، أما العطور التي قد اغتسل بها فهي عطور لأول مرة
أشم رائحتها فهي تُصنع خصيصاً له ولمن على شاكلته من باريس قاليري.
وبِحنيةٍ ورقةٍ وإشفاق يلوكُ لبانة في فمه(علكة).. بمنتهى اللطف والإنسانية كان
يُعامل تلك اللبانة بين أسنانه الناصعة البياض ، ومع هذا المنظر تذكرتُ
كيف الحريم أو النسوان أو فتياتنا يعاملن اللبان حين يمشغنه .. معاملة
في منتهى الوحشية والقساوة .. أعطي النسوة ربع كيلو لبان حصى
عفواً (حصم) وهات يا طحن تحت أسنان وضروس وأنياب لا ترحم ،
لاتسمع إلاَ أنين اللبان واستغاثته حتى يتحول إلى مفرقعات وطراطيع
وطق طق طق طق وكأنه يقول الرحمة الرحمة .!
أمعنتُ وأمعنتُ النظر في ذلك الشاب حتى أنني نسيت نفسي والهدايا.
وتسآلت ألِهذه الدرجة قبِلَ هذا الشاب الميوعة على نفسه والسخرية منه
والإستهزاء به .؟ أليسَ هذا الشاب خلقه الله ذكراً .؟ إذاً فلماذا يضع نفسه
في مكان ليس مكانه .؟.. أسئلة كثيرة وكثيرة طرحتُها على نفسي ولم أجد
لها إجابة ، وفجأة نظرتُ إلى خلفي فلم أجد أحداً غيري يرافق هذا المايع
وكأنني البودي قارد له ، انسحبتُ على استحياء وجلست على أريكة أنظرُ
إليه وإذا بشخص يبدو أنه شخص مهم أقبل إليه مسرعاً فرحاً كمن وجد
شيئاً بعد افتقاده .. أخذه ممسكاً بيده وانصرفا نحو باب الخروج .
ومن باب الفضول تابعتُ خروجهما .. وعند الباب سيارة أنيقة تنتظرهما،
سيارة .. تمنيتُ .. أقولُ تمنيتُ أن تؤخذ لي صورة وأنا بجانبها .
وصورة أخرى :
كاكا ، ميسي ، كرست يانو ، جيرارد ، روني .. وغيرهم الكثير
أسماء لأشهر اللاعبين الأجانب نراهم وللأسف الشديد معنا حتى في
بيوت الله وفي أوقات الصلاة .. منتهى الإشمئزاز أن ترى شاباً
وعلى فنيلته كُتبَ إسم لاعب من هؤلاء يدخل المسجد ليؤدي الصلاة
يركعُ وعلى ظهره كاكا أو كرست يانو .!
أو ترى آخر يؤدي الصلاة بشورت برمودا.! مهزلة أن نرى مثل تلك
المناظر.. أهذه هي الزينة التي ذكرها الله في القرآن الكريم .؟ قال تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا خذوا زينتكم عند كل مسجد) أي عند كل صلاة .
اللهم نسألك الهداية لأبنائنا وبناتنا ، اللهم احفظهم من كل شر وسوء
ومكروه ، اللهم أعنهم على طاعتك وعبادتك .