سادتي الكرام/
أشكر المشرف المتألق الحلم على طرحه المتجدد والجدير بالمناقشة
كما أوجه الشكر إلى من أدلى برأيه في
هذه القضية : فراس وإسماعيل مهجري ويحيى الشعبي ومن سيأتي
وأحب أن أدلي بدلوي في هذه البئر المهجورة
قصيدة النثر التي انتشرت منذ بداية الخمسينات ابنة غير شرعية للأدب العربي ولدت سفاحا على يد غربيين من
أمثال بودلير وإليوت وهذا الأخير لم يكتب من قصائد النثر سوى مايقارب أربع قصائد فقط ثم ثار ثورة عارمة
على هذا الجنس الأدبي الذي أصبح يراه نشازا عن الشعر وأن هناك حدا فاصلا بين الشعر والنثر ...
وسلاح أنصار هذا الجنس اللقيط إنما هو الأسلوب الاستفزازي الذي يركنون إليه كلما هبت عاصفة نقد عليهم
وعلى ادعائهم شرعية هذا النوع المتناقض حتى مع الفطرة....
(قصيدة + نثر) معادلة يصعب حلها ياسادة ياكرام
لأن هناك أمرا مهما جدا في القصيدة وهو التوازن والتناغم الداخلي والخارجي والنثر وإن كان فيه تناغما
داخليا إلا أنه يفتقر إلى مقومات القصيدة ...
ياأحبة إن في الاعتراف بقصيدة النثر مصادرة للذوق والجرس الشعري والنغم الذي نطرب معه ونحس بالسحر
الذي أشار إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال : إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا.....
ليس هذا انتقاصا للنثر بل إن النثر في مواطنه أبلغ بكثير من الشعر ولكل منهما فرسانه وقادته والمهم أن
تنتصر الكلمة الإبداعية في النهاية...
وليس شرطا أن أتهم بالحداثة كل من كتب ما يزعمونه من مسمى قصيدة النثر لأن هذا الجنس الأدبي ماهو إلا
شكل من الأشكال ووعاء من الأوعية والحداثة محتوى يصب في أي شكل من الأشكال قد أكتب لك كلاما
موزونا ومقفى ويكون في الوقت ذاته نصا حداثيا حينما أملؤه بما يخالف الدين أو التاريخ أو اللغة أو ما يمس ثوابتنا ....
كان الشاعر يستحي أن يقول عن نفسه شاعرا وهو على حافة قبره رغم سطوع الموهبة وفرط المعاناة.
وكانت القبيلة تقيم الليالي الملاح وتفخر على العرب بميلاد شاعر فيها.. وكان الشاعر محط تعظيم وتكريم
كوزير دفاع وإعلام يخشاه الأمراء والملوك ويحسبون له ألف حساب كانت للشاعر قيمة وكيان وللشعر سمو
ومعنى..
أما اليوم.. فحدث ولاحرج.. فكما المطربون بلا عدد والسامعون لا يفرقون بين صوت البنت من صوت الولد فإن
عدد المتشاعرين يفوق عدد المتلقين وسعرهم في السوق كما سعر الفجل وباتت القصيدة .. كالأغنية..
كالفيلم.. لا روح.. لا طعم .. لا ملامح.
أحبتي الكرام هذه وجهة نظر لا أفرضها على أحد وإنما اقتناع شخصي فرض علي أن أشارك بها ...