بسم الله الرحمن الرحيم
قصة لها ارتباط بعواء الذئب ؟؟؟!!!
هذه القصة حقيقية ووقعت بالفعل حسبما تناقله كبار السن ورووه لنا.
في الزمان الماضي الذي يطلق عليه اليوم (زمن الجاهلية)كانت تنشب حروب طاحنة بين القبائل لبعض الأسباب مثل:المراعي وموارد المياه والثأر أو للسيطرة على بقعة من الأرض......الخ.
وبالطبع أغلب الحروب تكون نتيجتها منتصر ومهزوم.
وكانت تنتشر بين الناس في ذلك الزمن أمور السحر والشعوذة والتنجيم والاحتساب المحرمة شرعا .
وفي تلك الحقبة المظلمة بالجهل والقَبْيَلَة دارت حروب طاحنة بين قبيلتين كبيرتين متجاورتين بمنطقتنا وتغلبت إحداهما على الأخرى بجولات متتالية من تلك الحرب.
فلجأت القبيلة المهزومة للسحر والتنجيم وذهب كبار القبيلة المهزومة إلى عدد من المنجمين ليدلوهم على طريقة تمكنهم من النصر على القبيلة التي تعاديهم.
وأجمع المنجمون على أن القبيلة المهزومة لا يمكن أن تنتصر على القبيلة المعادية لها إلا أن يشتركا معها ويعاوناها في القتال اثنان أخوان من قبيلة ثالثة تجاور القبيلتين المتحاربتين.
فذهب كبار القوم من القبيلة المهزومة إلى شيخ القبيلة الثالثة التي ينتميا إليها الأخوين وشرحوا له الوضع وطلبوا منه مشاركة الأخوين في الحرب مع قبيلتهم لأن المنجمين أكدوا لهم أن النصر على عدوهم مرتبط باشتراك هذين الأخوين في القتال معهم حيث كانت القبائل أحيانا تشارك وتبارك مثل هذا الاشتراك المبني على أقوال وخرافات المنجمين والمحتسبين.
ومع وجود الشهامة والنخوة العربية بالشيخ ورجاله ولكن الشيخ في البداية تردد في اشتراك الأخوين في الحرب مع هذه القبيلة.
ومع إلحاح هذه القبيلة في طلب مشاركة الأخوين في الحرب طلب الشيخ مهلة لعرض الموضوع على رجال القبيلة وعلى الأخوين ووالدهما للتشاور في الأمر.
وعند اجتماع شيخ قبيلة الأخوين مع كبار رجال قبيلته انقسموا بين مؤيد ومعارض لاشتراك الأخوين في الحرب مع تلك القبيلة.
ثم قرر الشيخ ترجيح الكفة بعرض الموضوع على الأخوين ووالدهما فإذا وافقوا رجحت كفة المؤيدين لاشتراك الأخوين في الحرب ويتم اشتراك الأخوين في الحرب.
وإن عارضا الأخوين ووالدهما رجحت كفة المعارضين لاشتراك الأخوين في الحرب ولن يشتركا في الحرب.
ماذا تتوقعون؟؟؟؟؟؟ :
طبعا تعلمون أن الشهامة والنخوة والنجدة وإغاثة الملهوف من الصفات العربية الضاربة بجذورها في الإنسان العربي منذ قديم الزمان والعربي لا يقبل على نفسه أن يوصف بالجبن والخوف وعدم الإقدام.
فتعقل الأب وعارض مشاركة ولديه بهذه الحرب بحكم حنان الأب وتحاشيا لحدوث ما لا تحمد عقباه لاسيما أن ليس له أو لولديه أو لقبيلته لا ناقة ولا جمل في هذه الحرب.
لكن موقف الأخوين كان مغايرا لموقف الأب لتأصل الشهامة والنخوة وإغاثة الملهوف بهما ولأنهما خشيا أن يذاع خبر رفضهما بين القبائل المجاورة ويلحق بهما الخزي والعار والقيل والقال.
فوافقا بل أصرا الأخوان على مشاركة هذه القبيلة في الحرب ضد القبيلة المعادية لها.
وعند ورود موافقة الأخوين على الاشتراك في الحرب ذهبت القبيلة للمنجم وأخبرته بذلك فقال المنجم للقبيلة المحتسبة على أعدائها:
الوقت المحدد لانتصاركم على عدوكم في اليوم الفلاني من الشهر الفلاني ومن طلوع نخلة الفجر(ظهور أول نور الفجر) إلى شروق الشمس فقط أي في حدود ساعة من الزمن أو أكثر قليلا.
وفيما عدا ذلك الوقت لا نصر لكم على عدوكم.
فجمعت القبيلة رجالها بعددها وعتادها وانضم الأخوان للقبيلة الغازية في الزمن المناسب وسارت القبيلة الغازية ليلا تحت جنح الظلام حتى حدود القبيلة المعادية وكمنت إلى بزوغ الفجر الأول وباغتت أعدائها بالهجوم وهجمت هجمت رجل واحد وتمكنت في البداية من النيل من أعدائها وقتلت منهم الكثير وسلبت ونهبت وسبت.
واغترت القبيلة الغازية بما حققته من نصر وتمادت في العدوان والسلب والنهب لما بعد شروق الشمس أي تجاوزت الوقت الذي حددوه المنجمون فانقلب السحر على الساحر.
وتمكنت القبيلة التي وقع عليها الغزو من امتصاص الصدمة الأولى وجمعت رجالها الباقين على قيد الحياة وقامت بهجوم مضاد (كما يسمونه اليوم)وتمكنت من كسر شوكة الغزاة وقتل من قتل من الغزاة ودحرت من بقي منهم حيا ومطاردتهم إلى السفوح الغربية للجبل المعروف بمنطقتنا باسم(جبل أبو النار أبو النار) .
وفي سفوح جبل أبو النار الغربية أصيب أحد الأخوين برصاصة نبوت بأحد فخذيه وكسرت العظم وعندها فر من تبقى من الغزاة يمن(جنوبا) وتركوا الأخوين اللذين تقع قبيلتهم غربا وانفصل الأخوان عن الغزاة.
وتمكن الأخ الثاني من حمل أخيه إلى مسافة لا بأس بها بين أحراش وادي تعشر الذي ينزل بمحاذاة جبل أبو النار من الشمال متجها غربا وعند اقتراب الذين يطاردونهم منهما وكادوا اللحاق بهما والإجهاز عليهما وقتلهما.
قال الأخ المصاب لأخيه الثاني: يقتل واحد منا وينجو الآخر خير من مقتلنا نحن الاثنين معا.
فرد الأخ الثاني لن أتركك للأعداء ولو قتلوني عشر قتلات.
قال الأخ الجريح لن تستطيع حمايتي لوحدك بعد هروب من كانوا معنا ولكن دسني(خبئني) بين هذه الأشجار المتشابكة فلن يجدوني الأعداء وإذا وجدوني سأدافع عن نفسي حسب استطاعتي ونج بنفسك الآن وفي الليل وبعد ذهاب الأعداء عد إلي واحملني إلى القبيلة.
واتفقا الأخوان على ذلك وأدخل الخ الثاني أخاه الجريح وسط غابة كثيفة متشابكة الأغصان وذهب لقبيلته وعند وصوله القبيلة أخبرهم بما جرى وأن أخاه أصيب إصابة كسرت أحد فخذيه وأنه دسه بالجاضع الفلاني بوادي تعشر غرب جبل أبو النار وأن من كانوا معهما تخلوا عنهما وهربوا يمن(جنوبا) لبلادهم وتركاهما أمام الأعداء.
فجمع شيخ القبيلة رجاله وتشاوروا في الأمر وتفقوا على الذهاب للمكان الذي خُِبئ فيه المصاب ولكنهم حسبوا الأمور بحكمة حيث توقعوا أن الأعداء عثروا على الأخ المصاب وتوقعوا أهل المصاب أن يكمن الأعداء لأهل المصاب في مكانه وتداولوا الأمر فاستقر رأيهم على أن تذهب معهم امرأة لأنه كان من العيب قتل المرأة وعند اقترابهم من موقع المصاب تذهب المرأة إلى المكان الذي فيه المصاب وتنظر هل حوله أحد من الأعداء أم لا.
وذهبوا رجال قبيلة الجريح وذهبت معهم أم الجريح وعند وصولهم لمسافة مناسبة بدءوا يفكرون ويتبادلون الرأي في كيف تهتدي الأم إلى مكان ابنها الجريح في الغابة وفي ليل مظلم؟؟؟.
فقالت الأم: دعوا الأمر لي فإن قلب الأم دليلها وقلبي سوف يدلني على مكان ابني.
بعيدا عن الغابة التي بها المصاب وذهبت الأم إلى الغابة في ليل ظلامه دامس ومكان يعج بالوحوش الضارية ولا تستطيع المناداة على ابنها خوفا على ابنها من الأعداء.
وبحثت الأم عن ابنها بين الأشجار الكثيفة في تلك الليلة المظلمة ولم تهتدي ونظرا لكثرة الذئاب بتلك المنطقة اهتدت الأم إلى فكرة وهي:
العواء كعواء الذئب لعل ابنها يفطن لذلك ويرد عليها بعواء مماثل.
فعوت الأم مقلدة عواء الذئب عدة مرات وسمع الابن المصاب العواء وفطن لذلك ورد الابن على عواء الأم بعواء مماثل مقلدا عواء الذئب وتبادلا الأم والابن العواء حتى وصلت الأم على ابنها الجريح.
وحملت الأم الابن الجريح لمسافة طويلة حتى وصلت به إلى رجال القبيلة الذين كانوا ينتظرونهما وبعدما أوصلت الأم ابنها إلى رجال القبيلة انهارت الأم وهوت على الأرض فاقدة الوعي حيث أصيبت بفتاق في البطن بسبب حمل ابنها لمسافة طويلة.
وحمل رجال القبيلة الأم والابن وعادوا بهما إلى مقر القبيلة.
وعانت الأم آلام الفتاق الشديدة لمدة ثلاثة أيام وماتت رحمها الله تعالى.
أما الابن فتمت معالجته وتجبير الكسر الذي أصيب به وبرء وعاش طويلا.