
هل تفكرت يوماً في حقيقة وجودك، كيف حملتك أمك ثم ولدتك، فجئت الى هذا العالمولم تكن من قبل شيئاً؟
هل تأملت يوماً كيف تنبت تلك الأزهار المزروعة في أحواض غرفة الجلوس من قلب تراب أسود فاحم موحل بألوان زاهية وشذىً عطر؟
هل شغلك انزعاجك من طيران البعوض حولك عن التفكر كيف انها تحرك أجنحتها بسرعةفائقة تجعلك غير قادر على رؤيتها؟
هل تفكّرت يوماً بأن قشور الفاكهة المهملة هي في حقيقتها أغلفة حافظة عاليةالجودة، وبأن هذه الفاكهة - كالموز والبطيخ والبرتقال مثلاً- منسقة في داخلهابطريقة تحفظ طعمها وشذاها؟
هل تدبّرت يوماً كيف يمضي العمر حثيثاً، فتذكرت أنك سوف تشيخ وتصبح ضعيفاً وتفقدجمالك وصحتك وقوتك؟
هل فكرت في ذلك اليوم الذي سوف يرسل الله فيه ملائكة الموت لترحل معهم عن هذاالعالم؟
هل تساءلت يوماً لماذا يتعلق الناس بدنيا فانية فيما هم بحاجة ماسة الى المجاهدةمن أجل الفوز بالآخرة؟
ان الانسان هو المخلوق الذي أنعم الله عليه بملكة التفكير، ومع ذلك فإن معظمالناس لا يستخدمون هذه الملكة المهمة كما يجب، حتى أن بعض الناس يكاد لا يتفكرأبداً!..
في الحقيقة كل انسان يمتلك قدرة على التفكر هو نفسه ليس على دراية بمداها، وماان يبدأ الانسان باستكشاف قدرته هذه واستخدامها، حتى يتبدى له الكثير من الحقائقالتي لم يستطع أن يسبر أغوارها من قبل. وهذا الأمر في متناول أي شخص، وكلما استغرقالانسان في تأمل الحقائق، كلما تعززت قدرته على التفكر. ولا يحتاج الانسان في حياتهسوى هذا التفكر الملي والمجاهدة الدؤوبة من بعده..
إن الهدف من هذا البحث هو دعوة الناس الى" التفكير كما ينبغي"، وإبراز الوسائلالتي تساعدهم على ذلك. فالانسان الذي لا يتفكر يبقى بعيداً كليّاً عن إدراك الحقائقويعيش حياةً قوامها الإثم وخداع الذات، وبالتالي فإنه لن يتوصل الى مراد الله منخلق الكون، ولن يدرك سبب وجوده على الأرض.. فالله سبحانه وتعالى خلق كل شيء لسبب،وهذه حقيقة ذكرها عز وجل في القرآن الكريم بقوله: ?وما خلقنا السماوات والأرض ومابينهما لاعبين. ما خلقناهما الا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون? الدخان: ]38-39[. وقوله:?أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم الينا لا ترجعون?] المؤمنون: 115[
اذاً على كل انسان أن يتفكر في الغاية من خلقه لأن ذلك له علاقة مباشرة بهأولاً، وبكل ما يراه حوله في الكون وكل ما يعرض له في حياته تالياً. ان الانسانالذي لا يتفكر،