كل من يتذكرني في بداياتي في مدارس ( قريتنا الصغيرة ) ومن ثمّ الذهاب
إلى الرياض والعيش قرابة السبع سنين بين دراسة وعمل ثمّ العودة إلى مدينتي صامطة
يعتقد أن كثيراً مما كان بي قد تغيّر وهذا للأسف لم يحدث ( سبحان من لا يتغيّر ) ..
ربما إلى يومنا هذا أحس أنني أعيش عالماً آخر ربما ليس
بعالمي ( ليس اعتراضاً على ماكتبه الله ) ..
إلى الآن وأنا لا أعرف سبباً لطبيعتي التي ظلت على
ماكانت عليه حينما رسمها كبار السن رُغم عيشي
ومروري على مُدن تعدّ مرتعاً خصباً للهو والعبث
دون أن تكون هُناك عيون مسلطة عليك من أقاربك ..
هل كان للكتب التاريخية التي كنا نقرأها والقصص الحميدة التي كانت تحكى لنا أثر
في أن تشيم النفس وتأبى أن تسير في درب يسير به الغالبية هذا اليوم ..
كلما انتقدت أو اعترضت على فعل أو قول أجدني مذنباً والأعين تنظرني نظرة إزدراء
نظرة لم ولن تكون مخيفة فقد عهدت هذه النظرات كثيراً ..
أن يطيل الصغير لسانه على الكبير ، أن يتحدث الشباب في مجلس امتلأ بكبار السن
أن يجلس من هم في عمري في الأماكن العامة بينما الكبير يظل واقفاً ، أن تسمع
الضحكات تتعالى من مجموعة بنات في مكان عام ، أن ترى البنت اليافعة في المقدمة
في سوق وخلفها أمها وهي تحمل الكثير من الحاجيات وتقول لها ( اسرعي يا أمي ) ..!
لا أعلم حقيقة هل هو تطور ..؟ هل هو نظام تربية جديد ..؟
أم أنه قصر فهمٍ مني لحياة مليئة بـ " الصخب " وَ " الضجيج " وأنه حان عصر
السرعة وَ " الإيتكيت " الذي لازال ( البعض ) يطبقه حينما يرى الجنس الآخر
وحينما يتعلق الأمر بالبيت والعلاقات العائلية يغيب هذا المدعو إيتكيـت ..!
حينما أكون على معرفة ببعض الصحفيين وأجدهم يكتبون عن مثاليات يطالبون بأن
تطبّق في جلّ حياتنا ولا أجدهم يطبقونها في ( بعض ) حياتنا أقول أين الخلل ..؟
هل هو قصور فهمٍ مني ..؟
أم هو لزوم هذا الوقت سواء اقتنعت أم لم تقتنع ..!
حينما تحنّ لشخصٍ كنت تعرفه في زمن أغبر ذلك الزمن الذي عرفه بك وتحلّ
ضيفاً على مجلسه الذي يملأ جنباته ( أشباهـ ) رجال يقوم أحدهم فيبدأ الجميع
بنهش لحمه وليته لحمه بذاته بل بـ " عرضه " فتبدأ الحرب الكلامية بينك
وبينهم وتتفاجأ بأن زميلك في الزمن الأغبر يقول لك :
إلى الآن لم تترك طبعك ( الخايس ) ؟
/ /
ما المشكلة حينما لا أهتم بآخر الجوالات التي تنزل في الأسواق ؟
ما المشكلة حينما أبقي على لحيتي في زمن يُضحك فيه على
أهل الذقون ؟
ما المشكلة أنني أجالس كبار السن ويُضحك عليَ ويقال
يا ( شايب ) ؟
نقطة نظام
هل هذه المشاكل مني أم من الناس أم من الزمن وتغيراته
هل من المعقول أنني وصلت إلى حد الجنون
وأن العقل وقمته في مشاركة الآخرين قناعاتهم حتى
لو لم تكن هي قناعة لديك ..؟
( كل الود )