بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعد حمام الحرم أبرز مايطبع ذاكرة زائر مكة المكرمة ، فأسراب الحمام تهبط
وتسير في ثقة بين المصلين، وهذا لايحدث من الأنواع الأخرى التي تعيش خارج مكة،
ويحرص زوارالبيت الحرام على نثر الحب في ساحات الحرم ، فتأتي واثقة لتلتقط الحب
. وعادة مايبني حمام الحرم أعشاشه في فتحات «الروشن» العتيق ، ويمكن القول إن حمام
الحرم يشكل معلما أساسيا من معالم مكة المكرمة تستوقف أسرابه الزائر، وهي تحلق حول الكعبة المشرفة،
ومآذن الحرم، وساحات المسجد الحرام.
وحمام الحرم له لونه الخاص ومكانته الخاصة، تغنى به الشعراء وضربت فيه الأمثال،
ويندر أن تقرأ لرحالة أو أديب وصفا للبيت الحرام بدون أن يعرج في وصفه على حمام الحرم،
أو حمام الحمى، أو حمامالبيت، وهي كلها مسميات لذلك النوع من الحمام الذي استوطن مكة المكرمة،
وعاش فيرحاب حرمها آمنا مطمئنا، ولهذا الحمام لونه المميز. وقد وصفه أحدهم بأنه:
«شديد الزرقة من رأسه لرقبته وطرف جناحيه وذيله الأسود، أما الجزءالمتبقي من جسده فلونه أزرق
يميل إلى البياض، وفي جناحيه وذيله خطان أسودان لا يوجدمثلهما في غيره».
ووردت العديد من الأبيات الشعرية التي تغنى بها الشعراء في حمام الحرم
، فلشاعرالكبير بيرم التونسي قصيدة شهيرة جاء على ذكر حمام الحرم في بعض أبياتها :
فوقنا حمام الحمى
عدد نجومالسما
طاير علينا يطوف
ألوف تتابع ألوف
طاير يهني الضيوف
بالعفو والمرحمة
واللينظم سيره
واحد مفيش غيره
ومن هذه الأبيات مانظمه الشاعر عبدالله اللويحان يتغنى بالحمام الذي يتنقل بين أفياء مكة آمناًفيقول :
يا حمام الحرم يااللي بمكة تسير
بالمحارم واشوف الناس يرمونها
ولفتت حمامة فريدة قادمة من بعيد ترفرف عند باب السلام اهتمام الشاعر فقال :
يا حمامة غريبة عند باب السلام
شفت رسم الهوى باطراف جنحانها
كما شد منظر حمام الحرم انتباه الأديب عباس محمود العقاد،فكتب عنه،
ومثله فعل الأديب جمال الغيطاني، وغيرهما من الأدباءوالرحالة.
إنه حمام الحمى أو حمام الحرم أو كما يسميه المكيون (حمام ربالبيت) نعم إن لكل شيء في مكة المكرمة
ولكل موضع حدث بعينه حيث ارتبطت مشاهدة حمامالحمى في الحرم المكي الشريف بذاكرة المكيين.
جميل حين يطير، ورائع حين يقف، ورشيق حين يمشي، وهو الوحيد من دون كافة أصناف الحمام الذي
لا يفقد قيمته بتقدم عمره أوحتى عجزه عن التكاثر، كما هو الوحيد الذي لا يجرؤ أحد على صيده
أو حتى إخافته، رغم ضعفه وعجزه وقلة طيرانه عاليًا إلا أن هيبته كبيرة.
فتجده محلقًا بجناحيه حول صحن البيت العتيق وفي ساحات المسجد الحرام. وترددت قصص
كثيرة حول هذا النوع من الحمام حيث ذكر عدد من المصادر التاريخية أنه امتدادللحمامة التي جاءت وحطت
على باب غار ثور الذي اختبأ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه
ليتوهم المشركون بأن الغار لا يوجد به أحد،وإلا لما وجدت هذه الحمامة وهي ترقد على بيضها.
فتجد أسراب حمام رب البيت في كل مكان في مكة المكرمة سواء في ساحات المسجد الحرام أو في الأبراج الستة
التي خصصتهاأمانة العاصمة المقدسة للعناية به أسفل جسر الحجون في لمسة جمالية تهدف لإيجاد
سكنومأوى يحمي هذا الطائر ويحول دون أن يشوه بمخلفاته أرض المسجد الحرام.
فحمام الحرم لا تجد شخصًا يؤذيه أو ينفره بل يضعون له الحب والذرة والماء
في جو روحاني رائع وذلك من قبل أهالي مكة المكرمة أو الزوار والعمار.
وجاء في أمثال العرب (آمن من حمام الحرم وآلف من حمام مكة).
ويحرم صيد حمام الحرم، وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك يوم فتح مكة،
وأخبر أنه حرم آمن وأن الله حرمه يوم خلق السماوات والأرض ولم يحرمه الناس،
وقال: لا ينفر صيده ولا يعضد شجره ولا يختلى خلاه ولا يسفك فيه دم ولا تلتقط لقطته إلالمعرف
مع حبي واحترامي