قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}.
ذكر هنا {الَّذِينَ كَفَرُوا} ثم جاءت {مِنْ} وجاء بعدها {أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} مما يشعر بأن وصف الكفر يشمل كلا من أهل الكتاب والمشركين كما يشعر مرة أخرى أن المشركين ليسوا من أهل الكتاب لوجود العطف وأن أهل الكتاب ليسوا من المشركين.
وأهل الكتاب مختص باليهود والنصارى ولكن الخلاف هل الشرك يجمعهما أيضا أم لا؟
فبين الفريقين عموم وخصوص عموم في الكفر وخصوص في أهل الكتاب لليهود والنصارى وخصوص في المشركين لعبدة الأوثان.
ولكن جاءت آيات تدل على أن مسمى الشرك يشمل أهل الكتاب أيضا كما في قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة:30-31].
فجعل مقالة كل من اليهود والنصارى إشراكا.