امرأة في العشرين تسكر؟
أشرقت شمس ذلك اليوم لتعلن عن ميلاد يوم جديد
حمل مع شعاع شمسه نهاية مأساوية وقصة دموية
تمادى أبطالها بالتمثيل حتى أسدل عليهم الستار وخلفه آلاف وآلاف من الآلام.
في صباح ذلك اليوم وصل بلاغ إلى قسم الحوادث في المرور
عن وجود حادث مروري أدى إلى وفاة رجل وزوجته،
وعلى الفور انتقل الضابط ومعه الجنود إلى مكان الحادث
وعندما وصلوا إلى الموقع وجدوا الحادث في سفح أحد الجسور
المرتفع عن مستوى الأرض ويصعب النزول إليه.
ولكن الضابط والفرقة تمكنوا من الوصول ولكن هالهم المفاجأة ،
وجدوا امرأة في العشرين من عمرها وقد فارقت الحياة وهي على صورة شبه عارية.
تردي بنطالا ضيقا إلى نصف ساقها يسمونه (استرتش)
يعني من هذه الملابس الضيقة التي تتمدد وتصف الجسد،
وتلبس قميصا ضيقا يغطي نصف بطنها.
أما وجهها فقد اختلط جمالها مع الأصباغ التي وضعتها على وجهها،
أختلط مع تراب سفح ذلك الجسر،
وقد أخذت وضع القرفصاء وهي جامعة يديها إلى نحرها مبرزة أظافرها الحمراء
وكأنها تصارع ملك الموت، فاغرة فاها.
وكانت الفاجعة أعظم عندما انبعث من ذلك الثغر رائحة الخمر، يا للهول! امرأة في العشرين تسكر؟
أجل والله.
وقد اختلط شعرها الطويل وقصتها الغريبة اختلط بدمها.
غطاها رجال الأمن وذهبوا إلى الرجل الذي كانوا يظنون أنه زوجها.
وإذا بالمصيبة أدهى وأمر!
رجل في الخمسين من عمره قد خط الشيب في عارضه وقد فارق الحياة أيضا ورائحة المسكر تفوح
من فمه، ووجه مشوه من هول الصدمة.
عاد رجال الأمن إلى سيارته وإذا بقارورة الخمر وبعض الأطعمة التي تعد للجلسات الحمراء،
وإذا بجهاز التسجيل وهو يعطي شريطا غنائيا لأغنية ماجنة.
وإذ الحقيقة المرة الماثلة وهي أن الرجل أجنبيا عن هذه المرأة، ولا تمت له بصلة.
وبالرجوع إلى خلفيات القصة، اتضح أن هذا الذئب الذي بلغ من العمر عتيا
قد أصطاد فريسته التي ظن الكثير من شبابنا وشيبنا أنها غنيمة.
لقد أخذ فريسته وذهب بها وفي إحدى الاستراحات ودارت رحى السهرة الحمراء،
رقص وغناء وسكر وعربدة وما خفي كان أعظم،
فما ظنكم باثنين الشيطان ثالثهما والخمر رابعهما والموسيقى والرقص خامسهما.
استمرا على ذلك جزء من الليل، وفي ساعة متأخرة قضى كل نهمه
وعاد الذئب بفريسته ليوصلها إلى منزلها ولكنه أخطئ الطريق
متأثرا بالسكر فسلك طريق آخر.
وفي الطريق ولأنه فاقدا لوعيه انحرفت سيارته بكل سرعتها
لتصطدم بالسياج الحديدي من الجسر ويخترق السيارة
من مقدمتها إلى مؤخرتها وتسقط في سفح ذلك الجبل ليلقى الله وهو سكران،
ولتلقى الله وهي سكرانة في خلوة فاضحة وفي فضيحة مشينة
ومن مات على شيء بعث عليه فنعوذ بالله من سوء الخاتمة.
هذه قصة ذكرها الشيخ الدكتور سعيد بن مسفر في شريط عندما ينتحر العفاف