إن من أعظم الأوقات وأشرفها ومن أجلِّ اللحظات وأكملها , وقت ولحظة السَّحَر ...
السَّحَر وما أدراك مالسَّحَر ...
السَّحَر هو آخر الليل قبيل الفجر وقبيل انفجار الصبح ...
ورد في الصحيحين وفي السنن وغيرهما عن أبي هريرة (رضي الله عنه وأرضاه) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له ...
الله أكبر , ربنا سبحانه وتعالى الكبير المتعالي بعظمته وسلطانه وكبريائه ينادي كل ليلة وقد فتح أبوابه لنا سبحانه ونحن نائمون غافلون عنه
لاهون ضائعون مضيعون ...(نسأل الله الكريم من فضله) ...
وفي رواية لمسلم (رحمه الله) : أن الله عز وجل يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول نزل إلى السماء الدنيا فيقول :
هل من مستغفر ؟ هل من تائب ؟ هل من سائل ؟ هل من داع ؟ حتى ينفجر الفجر ...
وفي رواية أخرى : حتى إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ، ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا فيقول : هل من سائل فيُعطى ؟ هل من داع فيستجاب له ؟ هل من مستغفر يُغفر له ؟ حتى ينفجر الصبح ...
فهذا الوقت الذي هو (الثلث الأخير من الليل) هو وقت صلاة ودعاء وتلاوة قرآن واستغفار لله سبحانه ...
فهو وقت يخلو به المؤمنون بربهم يناجونه وينادونه ...
ووقت يعرفه أصحاب الهمم العالية وأرباب العزائم القوية ...
وقت مناجاة وانكسار وخضوع لله وتضرع بين يديه ...
فهو دأب الصالحين وتجارة عباد الله المؤمنين ...
يقول الله سبحانه وتعالى : تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ...السجدة .
ويقول سبحانه : كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ , وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ... الذاريات .
والآيات كثيرة في فضل ذلك الوقت وشرفه ...
وقت السَّحَر وقت يسكن فيه الليل , وتهدأ فيه الأصوات والحركات , ويصفو فيه الفكر والبال ويجتمع فيه القلب ...
فهو وقت مشهود , ينزل فيه الرب سبحانه وتعالى نزولاً يليق بجلاله وعظمته , وتحضره الملائكة الكرام وتتنزل فيه الرحمة ...
وقت عظيم شريف وزمن فاضل خفيف ...
ومع الأسف ورغم هذه الفضائل وتلك البركات فنحن غافلون عنه نائمون فيه , إلا من رحم الله وهداه إليه ...
إتخذناه وقت راحة ونوم وغفلة بالسهر أيام العُطل (نسأل الله السلامة والعافية) ...
والأدهى والأمر من ذلك أن ذنوب الخَلَوَات وارتكاب المعاصي المهلكات مع الأسف تكون في هذا الوقت الشريف حين ينادي ربنا تبارك وتعالى
هل من سائل فأُعْطيَه ؟
هل من مستغفر فأغفر له ؟
هل من تائب فأتوب عليه ؟ ...
ولقد سمعت كلاماً من ذهب للإمام الفقيه والأديب الفصيح فضيلة الشيخ علي الطنطاوي (عليه رحائم الله تترى إلى يوم الدين)
عن هذا الوقت الذي هو أفضل مراحل العمر كما قال (رحمه الله)
وأحببت أن أنقله لكم ...فجزى الله خيراً صاحبه الذي حمله في اليوتيوب ...