وأخيراً غردت شدووونة ، فأنشدت ألحان معزوفة ، وتغنت بكلمات عذبة ملحونة
ونثرت لألئ منثورة ، ودرر مكنونة ، كتبت جمل وعبارات مزجتها بمداد من ذهب ، فأسرت القلوب ، وأنارت العقول ، وملكت النفوس .
ما أجملها من كلمات ، وما أعذبها وأروعها من عبارات .
فعلاً نحن في حاجة ماسة لمثل هذه الحكم التي تنير دروب الحياة في زمن لم يعد فيه للجمال مكانا ، ولا إلى السكينة سبيلاً .
استوقفتني تلك العبارة الجميلة (
فتذكرت هذه الكلمات الجميلة للمنفلوطي (السعادة )
إن السعادة ينبوع يتفجر من القلب ، لا غيث يهطل من السماء ، وإن النفس الكريمة الراضية البريئة من أدران الرذائل وأقذارها ، ومطامع الحياة وشهواتها
سعيدة حيثما حلت ، وأنى وجدت : في القصر وفي الكوخ ، في المدينة وفي القرية
في الأنس وفي الوحشة ، في المجتمع وفي العزلة ، بين القصور والدور ، وبين الآكام والصخور ، فمن أراد السعادة فلا يسأل عنها المال والنسب ، أو الفضة والذهب ، والقصور والبساتين ، والأرواح والرياحين ، بل يسال عنها نفسه التي بين جنبيه ، فهي أن شاء ينبوع سعادته وهنائه ، وأن أراد كانت مصدر شقائه وبلائه ، وما هذه الابتسامات التي نراها تتلألاء في أفواه الفقراء والمساكين ، والمحزونين والمتألمين ، لأنهم سعداء في عيشهم ، بل لأنهم سعداء في أنفسهم ،
وما هذه الزفرات التي نسمعها تتصاعد من صدور الأغنياء والأثرياء ، وأصحاب العظمة والجاه ، لأنهم أشقياء في حياتهم ، بل لأنهم أشقياء في أنفسهم ، وما كدر صفاء هذه النفوس وأزعج سكونها وقرارها ، وسلبها راحتها وهناها ، مثل عاطفة البغض ، ولا أنار صفحتها وجلى ظلمتها مثل عاطفة الحب ،

شدووونة ألف شكر لك