كَفى بِكَ أنْ يَمُرَّ عَليْكَ طَيْفي
لِتَلْمَحَ في مَرايا الرّيحِ نَزْفي
أعيشُكَ ما انْثَنَيْتُ..وَكُلُّ لَحْظٍ
يُطِلُّ عَلَيَّ مِنْ عَيْنَيْكَ حَتْفي
فَقَدْ كُنّا الٌتَقَيْنا ذاتَ حَظٍّ
على جَسَدَيْنِ مِنْ مَنْفىً وَمَنْفي
تُلَوِّحُ فَوْقَ كِتْفيَ ألْفَ عُمْرٍ
كَأنَّ المَوْتَ مُلْقىً فوْقَ كِتْفي
أَتَحْتُ لَهُ العُبورَ إلى عُيوني
مَخافَةَ أنْ أقولَ لَها اسْتَعِفّي
فَدارَ حَديثَنا فازْدَادَ خَوْفاً
وَخَيَّمَ صَمْتُنا فازْدادَ خَوْفي
بِقَوْلٍ لا يُفَكُّ بِأُذْنِ مُصْغٍ
وَسِرٍّ لا يُباحُ لِمُسْتَشِفِّ
وَللأشياءِ في الأشْياءِ مَعنىً
وَمَعْنى اللّهِ في الأشْياءِ يَكْفي
فلا بِيَ ما يَشُدُّ لِجَذْبِ عَيْنٍ
وَلا بِكَ ما يَرُدُّ لِغَضِ طَرْفِ
ولا اصْطَلَحَ الوُجودُ مَدىً لِحُزْني
وَلا اخْتَلقَ الْجُنونُ فَماً لأُفّي
وَها أنا والرّحيلُ على رَحيلٍ
أعيش بِما أُسِرُّ بِهِ وَتُخْفي
وَأنْتَ هُنا وَلَيْسَ هُناكَ مِنّي
وَجِلْديَ في مَنافي الرّوحِ كَهْفي
أُفَتّشُ عَنْ أَكُفِّكَ تَحْتَ جِلْدي
وَتَبْحَثُ تَحتَ جِلْدِكَ عَنْ أَكُفّي
فَأَيَّ العاشِقَيْنِ "نَزَعْتَ مِنّي"
وَأَيَّ الْمَيِّتَيْنِ "تَرَكْتَ خَلْفي"
كَأنَّ العُمْرَ في كَفّي دُخانٌ
قَبَضْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ فَتَحْتُ كَفّي
تركي عبدالغني
.