كانت ليلة شتائيّة ممطرة في الرياض , في الشتاء تبدأ الأجساد في التّداعي , ونبدأ معها في التماس حاجاتنا , أو البحث عن الدفء حتى لو كان مصدرهُ " كتاب " .
كان ومازال الكتاب بالنسبة لي , ليس مجرّد صديق , بل رحلة مع فكر .. وعقل .. وذاكرة ..الكاتب ,
في تلك الليلة فتحت الحقيبة المدرسيّة , وبدأت في " القرآءة " لم أجد مايثري نهم الطفل داخلي , أو يصنع إجابات للتساؤلات التي تتكاثر في مخيّلتي , عن كلّ شيء
الكتاب , من الأشياء النادرة التي حينما تتعامل معها , فأنت تحتضنها أو تمسكها بيديك ,
والكتاب , هو عصارة تجربة المؤلف , حتى أن أحدهم قال حينما أقرأ كتاب , فإنني أضيفُ عمراً إلى عُمري .
ولطالما شعرتُ باحساس مختلف جداً حينما أفرغ من كتابٍ ما ,
فكيف لو كان هذا الكتاب هو " كتابُ الله "
لن أدّعي المثاليّة , أو أرسم هالةً دينيّة حولي , لكّنني نشأت في بيئة محافظة , ومع ذلك لم تخلو حياتي من التمرد .
علاقتي بالكتاب , بدأت في مرحلة مبكرة , ففي الصفّ الرابع الإبتدائي , اشتريت أوّل كتاب , من مكتبة الأهالي بالرياض , من حسن حظي أن المكتبة بجوار البيت ,
كنتُ مولعا بالغيبيّات , لذا كان الكتاب بعنون " نهاية العالم قريبا " , بعدها بدأت الكُتب تهطلُ على عقل الطفل الصغير وتشكل عقليّتي وتعاملي مع الآخر .
ولكن بحقّ الكتاب " الذي جعلني مختلفاً " , كان " كتاب الله " ,
كنتُ في مخيّم صيفي في الصفّ الأوّل متوسط , وكانت المرّة الأولى التي يتسنّى لي أن أختم قرآءة كتاب الله ,
في ذلك الصيف , تعرفت على " كتاب الله " بطريقة مختلفة , كنت أقرأه بتأنّي , كان يحمل لي تلك الأيام رسالة خاصّة ,
كنتُ أقرأ الآيات وكأنها كتاب تاريخي , وحيناً آخر كتاب نحو , أو كتاب يتحدث عن المستقبل ,
كنت أجد به متعة بهذه الطريقة , لدرجة أنّني أمر على الآيات أكثر من مرّة وبأكثر من طريقة ,
وأعود لأرتّله بكونه كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ,
ثقافتي , وفصاحة لساني , ولباقتي في الحوار واحترام الأديان والآخرين وكلّ شيء ايجابي بشخصيتي ,
كان افراز طبيعي لما تلقيته من كتاب الله ,
أمدّ سجادتي بكلّ خشوع ,
وأمسك " كتاب الله " بكلّ احترام وأدب وخضوع ,
وأقول " أنت جعلتني مختلفاً "