كأنه قبضة من الشام عُجنت بنهري النيل والفرات،
لوحتها شمس صحراء العرب، فانطلقت بإذن ربها نفساً عزيزةأبية،
تنافح عن الدعوة وتذود عن حياض الدين.

ذلكم هو العلامة الكبير،الفقيه النجيب، والأديب الأريب
الشيخ علي الطنطاوي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

الذي فقدته الأمة قبل فترة،لتنثلم بذلك ثلمة كبيرة، ضاعفت آلامنا وأدمت قلوبنا.
كان الشيخ الطنطاوي قوة فكرية من قوى الأمة الإسلامية، ونبعا نهل منه طالبو العلم،
والأدب في كل مكان، كان قلمه مسلطا كالسيف سيالاً كأعذب الأنهار وأصفاها،
رائعة صورته، مشرقا بيانه،

وفي ذلك يقول عن نفسه :
(أنا من "جمعية المحاربين القدماء" هل سمعتم بها؟ كان لي سلاح أخوض به المعامع،
وأطاعن به الفرسان، وسلاحي قلمي، حملته سنين طوالاً، أقابل بهالرجال،
وأقاتل به الأبطال، فأعود مرة ومعي غار النصر وأرجع مرة أمسح عن وجهي غبار الفشل.
قلم إن أردته هدية نبت من شقه الزهر، وقطر منه العطر وإن أردته رزية حطمت بهاالصخر،
وأحرقت به الحجر، قلم كان عذبا عند قوم، وعذاباً لقوم آخرين )
مولده

ولد الشيخ علي الطنطاوي في مدينة دمشق في 23 جمادى الأولى 1327 ه ((12 يونيو 1909م)
من أسرةعلم ودين، فأبوه الشيخ مصطفى الطنطاوي من أهل العلم، وجده الشيخ محمد الطنطاوي عالم كبير،
وخاله الأستاذ محب الدين الخطيب الكاتب الإسلامي الكبير والصحافي الشهير.

تفتح وعيه على قنابل الحلفاءتدك عاصمة الأمويين وفلول الأتراك تغادر المدينة وديار
الشام مقفرة بعد أن عزالطعام وصارت أوقية السكر (200 غرام)
بريال مجيدي كان يكفي قبل الحرب لوليمة كبيرة.

وكان أول درس قاس تعلمه وعاشه تفكك الدولة العثمانية وتحول ولاياتها السابقة إلى دويلات.
فسوريا أصبحت أربع دول: واحدة للدروز والثانية للعلويين، والثالثة في دمشق والرابعة في حلب.

كان الفتى علي الطنطاوي وقتها مازال تلميذا في المدرسة لكن وعيه كان يسبق سنه،
فعندما أعلن في مدرسته عن المشاركة في مسيرة لاستقبال المفوض السامي الجديد الجنرال ويفان
الذي حل محل الجنرال غورو، رفض ذلك وألقى خطبة حماسية، قال فيها:
( إن الفرنسيين أعداء ديننا ووطننا ولا يجوز أن نخرج لاستقبال زعيمهم )

لله درك يا فتى أدركت ما لم يدركه الكبار، فكيف تستقبل أمة عدوها الذي سلبها حريتها
وكيف تنسى ما قاله قائد هذاالعدو بعد معركة ميسلون ودخول الشام
عندما زار الجنرال غورو قبر صلاح الدين وقال له:
ها نحن عدنا يا صلاح الدين.. الآن انتهت الحروب الصليبية.
تلك المعركة التي كانت نقطة تحول في وعي الفتى علي الطنطاوي،
فقد خرج منها بدرس ممهور بدماء الشهداء واستقلالاً لأمة..

درس يقول إن الجماهير التي ليس عندها من أدوات الحرب
إلا الحماسة لا تستطيع أن ترد جيشا غازيا.
أصبح الاحتلال الفرنسي واقعا جديدا في سوريا،
وغدا حلم الدولة المستقلة أثراً بعد عين، وكما حدث في كل بقاع العالم الإسلامي
كان العلماء رأس الحربة في مواجهة المحتل
وتولى الشيخ بدر الدين الحسيني شيخ العلماء في مدن سوريا
قيادة ثورة العلماء الذين جابوا البلاد يحرضون ضد المستعمر؛

فخرجت الثورة من غوطة دمشق وكانت المظاهرات تخرج من الجامع الأموي
عقب صلاة الجمعة فيتصدى لها جنودالاحتلال بخراطيم المياه ثم بالرصاص،
والشاب علي الطنطاوي في قلب من تلك الأحداث في أحد الأيام كان على موعد لصلاة الجمعة
في مسجد القصب في دمشق فقال له أصحابه:
إن المسجد قد احتشد فيه جمهورمن الموالين للفرنسيين واستعدوا له من أيام
وأعدوا خطباءهم فرأينا أنهم لا يقوى لهم غيرك،
فحاول الاعتذار فقطعوا عليه طريقه حين قالوا له إن هذا قرار الكتلة
(كان مقاومو الاحتلال ينضوون تحت لواء تنظيم يسمى الكتلة الوطنية وكان الطنطاوي عضوافيها)
فذهب معهم وكان له صوت جهور، فقام على السّدة مما يلي (باب العمارة)
ونادى: إليّ إليّ عباد الله، وكان نداء غير مألوف وقتها،
ثم صار ذلك شعاراً له كلما خطب، فلما التفوا حوله بدأ ببيت شوقي:

وإذا أتونا بالصفوف كثيرة *** جئنا بصف واحد لن يكسرا


وأشار إلى صفوفهم المرصوصة وسط المسجد، وإلى صف إخوانه القليل،

ثم راح يتحدث على وترين لهما صدى في الناس هما الدين والاستقلال،
فلاقت كلماته استحساناً في نفوس الحاضرين،
وأفسدت على الآخرين أمرهم، وصرفت الناس عنهم.
ولما خرج تبعه الجمهور وراءه، وكانت مظاهرة للوطن لاعليه.


الموضوع رائع ولكنه طويل
فأحببتُ تقسيمه لكم
مع خالص تحياتي لكم