
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زمهرير الصيف
بن ثابت
عودة محمّلة بالتبر، حين قرأت حروفك اجتاحتني موجة فرح كبيرة، ووجدت نفسي أردد كلمتك (ماعلينا).
حين جاء ردّك صدقني بهذا المستوى من الفهم والعمق والإدراك، جعلني أنسى كل النقاط الغير جيدة في الحوار، وأردد مادام هناك شخص بهذا المستوى فـ (ماعلينا).
أراك غرست قلمك يا (ثابت) في خاصرة الفكرة، واختصرت الكلام الطويل، وجئت بالأصل (الحرية)، ألا ترى يا صديقي أن مفهوم الحرية لدينا ارتبط بالتحلل الأخلاقي، ونسينا أنها قيمة انسانية عظمى، وقيمة اسلامية عالية.
في جو الحرية تستقيم كل الأمور، حين تكون حرية التفكير، حرية التعبير، حرية الإنتماء، حرية الكلمة، يأت الإبداع، ويزدهر العلم لأن العلم وقتها يعمل لصالح ذاته، ويتحرر من أي سلطة، سواء سياسية أو دينية مسيسة.
أشكرك كثيرا، وانتظر عودتك أخرى.
حياك الله أخي زمهرير الصيف بيننا واسمح لي بهذه المداخلة :
لقد كفل الإسلام للإنسان حرية التفكير, وحرر العقل الإنساني من الأوهام والخرافات والوقوع في أسر التقليد الأعمى.
ومن حق الإنسان أن يتمتع بهذا النوع من الحرية:
فقد خلقه الله من مادة "الطين" , ونفخ فيه من "روحه" , وكرمه "بالعقل" الذي وعى حقيقة الأشياء اسمًا ومسمى..
والعقل هو الذي كفل له أن يكون خليفة الله في أرضه :
" وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " [سورة البقرة].
ولقد كرم الله الإنسان ـ بالحواس ـ لا لذاتها ـ ولكن بقدر ما توصل صاحبها إلى طريق الفهم والاهتداء والتقوى والصلاح:
" ألم نجعل له عينين ولسانًا وشفتين وهديناه النجدين " [سورة البلد].
وإذا لم تستطع الحواس أن ترتفع بالحقيقة الإنسانية في نفس الإنسان، وتكون وسائل لتحصيل العلم والوصول إلى اليقين والهدى، والتحرر من ربقة الظلم
فإن وجودها كعدمها سواء، بل إن الإنسان في هذه الحالة يكون أحط مكانة من البهائم؛ لأن البهائم تستخدم حواسها بأقصى طاقاتها حفاظًا على بقائها، أما هو فقد عطل حواسه التي أنعم الله بها عليه لاستعمالها كصاحب رسالة كرمه الله باستخلافه عنه في الأرض
وما قيمة العقل إذا ما عطلت طاقته عن الخير؟
وما قيمة العين إذا لم تبصر طريق الهدى؟
وما قيمة الأذن إذا لم تصغ لصوت الحق واليقين؟
" وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ " [سورة الأعراف].