لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 60 من 97

الموضوع: يوميات من كتاب ؟

  1. #41
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل وسابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه على الأقدام وصارع
    ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

    وخصف نعله بيده ورقع ثوبه بيده ورقع دلوه وحلب شاته وفلى ثوبه وخدم أهله ونفسه وحمل معهم اللبن في بناء المسجد وربط على بطنه الحجر من الجوع تارة وشبع تارة وأضاف وأضيف واحتجم في وسط رأسه وعلى ظهر قدمه واحتجم في الأخدعين والكاهل وهو ما بين الكتفين وتداوى وكوى ولم يكتو ورقى ولم يسترق وحمى المريض مما يؤذيه .

    [ جمع القرآن لأصول الطب ]

    وأصول الطب ثلاثة : الحمية وحفظ الصحة واستفراغ المادة المضرة وقد جمعها الله تعالى له ولأمته في ثلاثة مواضع من كتابه فحمى المريض من استعمال الماء خشية من الضرر فقال تعالى : وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا [ النساء 43 والمائدة 6 ] فأباح التيمم للمريض حمية له كما أباحه للعادم وقال في حفظ الصحة فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر [ البقرة 184 ] فأباح للمسافر الفطر في رمضان حفظا لصحته لئلا يجتمع على قوته الصوم ومشقة السفر فيضعف القوة والصحة .

    وقال في الاستفراغ في حلق الرأس للمحرم فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك [ البقرة 196 ] فأباح للمريض ومن به أذى من رأسه وهو محرم أن يحلق رأسه ويستفرغ المواد الفاسدة والأبخرة الرديئة التي تولد عليه القمل كما حصل لكعب بن عجرة أو تولد عليه المرض وهذه الثلاثة هي قواعد الطب وأصوله فذكر من كل جنس منها شيئا وصورة تنبيها بها على نعمته على عباده في أمثالها من حميتهم وحفظ صحتهم واستفراغ مواد أذاهم رحمة لعباده ولطفا بهم ورأفة بهم . وهو الرءوف الرحيم .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #42
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في خطبته
    .................................................. ................
    خطب صلى الله عليه وسلم على الأرض وعلى المنبر وعلى البعير وعلى الناقة . وكان إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة

    وكان لا يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله . وأما قول كثير من الفقهاء إنه يفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار وخطبة العيدين بالتكبير فليس معهم فيه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم البتة وسنته تقتضي خلافه وهو افتتاح جميع الخطب ب الحمد لله وهو أحد الوجوه الثلاثة لأصحاب أحمد وهو اختيار شيخنا قدس الله سره .

    وكان يخطب قائما وفي مراسيل عطاء وغيره أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر أقبل بوجهه على الناس ثم قال السلام عليكم قال الشعبي : وكان أبو بكر وعمر يفعلان ذلك . وكان يختم خطبته بالاستغفار وكان كثيرا يخطب بالقرآن . وفي صحيح مسلم عن أم هشام بنت حارثة قالت : ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس وذكر أبو داود عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهد قال : الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئا وقال أبو داود عن يونس أنه سأل ابن شهاب عن تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فذكر نحو هذا إلا أنه قال : ومن يعصهما فقد غوى

    قال ابن شهاب : وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خطب : كل ما هو آت قريب لا بعد لما هو آت ولا يعجل الله لعجلة أحد ولا يخف لأمر الناس ما شاء الله لا ما شاء الناس يريد الله شيئا ويريد الناس شيئا ما شاء الله كان ولو كره الناس ولا مبعد لما قرب الله ولا مقرب لما بعد الله ولا يكون شيء إلا بإذن الله

    وكان مدار خطبه على حمد الله والثناء عليه بآلائه وأوصاف كماله ومحامده وتعليم قواعد الإسلام وذكر الجنة والنار والمعاد والأمر بتقوى الله وتبيين موارد غضبه ومواقع رضاه فعلى هذا كان مدار خطبه .

    وكان يقول في خطبه : أيها الناس إنكم لن تطيقوا - أو لن تفعلوا - كل ما أمرتم به ولكن سددوا وأبشروا

    وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين ومصلحتهم ولم يكن يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله ويتشهد فيها بكلمتي الشهادة ويذكر فيها نفسه باسمه العلم .

    وثبت عنه أنه قال كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء

    ولم يكن له شاويش يخرج بين يديه إذا خرج من حجرته ولم يكن يلبس لباس الخطباء اليوم لا طرحة ولا زيقا واسعا .

    [صفة منبره ] صلى الله عليه وسلم

    وكان منبره ثلاث درجات فإذا استوى عليه واستقبل الناس أخذ المؤذن في الأذان فقط ولم يقل شيئا قبله ولا بعده فإذا أخذ في الخطبة لم يرفع أحد صوته بشيء البتة لا مؤذن ولا غيره .

    [التوكؤ على العصا ]

    وكان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها وهو على المنبر كذا ذكره عنه أبو داود عن ابن شهاب . وكان الخلفاء الثلاثة بعده يفعلون ذلك وكان أحيانا يتوكأ على قوس ولم يحفظ عنه أنه توكأ على سيف وكثير من الجهلة يظن أنه كان يمسك السيف على المنبر إشارة إلى أن الدين إنما قام بالسيف وهذا جهل قبيح من وجهين أحدهما : أن المحفوظ أنه صلى الله عليه وسلم توكأ على العصا وعلى القوس . الثاني : أن الدين إنما قام بالوحي وأما السيف فلمحق أهل الضلال والشرك ومدينة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يخطب فيها إنما فتحت بالقرآن ولم تفتح بالسيف .

    وكان إذا عرض له في خطبته عارض اشتغل به ثم رجع إلى خطبته وكان يخطب فجاء الحسن والحسين يعثران في قميصين أحمرين فقطع كلامه فنزل فحملهما ثم عاد إلى منبره ثم قال صدق الله العظيم إنما أموالكم وأولادكم فتنة [ الأنفال 28 ] رأيت هذين يعثران في قميصيهما فلم أصبر حتى قطعت كلامي فحملتهما

    وجاء سليك الغطفاني وهو يخطب فجلس فقال له : قم يا سليك فاركع ركعتين وتجوز فيهما ثم قال وهو على المنبر إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما

    وكان يقصر خطبته أحيانا ويطيلها أحيانا بحسب حاجة الناس . وكانت خطبته العارضة أطول من خطبته الراتبة . وكان يخطب النساء على حدة في الأعياد ويحرضهن على الصدقة والله أعلم .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #43
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصول في هديه صلى الله عليه وسلم في العبادات





    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الوضوء




    كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة في غالب أحيانه وربما صلى الصلوات بوضوء واحد . وكان يتوضأ بالمد تارة وبثلثيه تارة وبأزيد منه تارة وذلك نحو أربع أواق بالدمشقي إلى أوقيتين وثلاث . وكان من أيسر الناس صبا لماء الوضوء وكان يحذر أمته من الإسراف فيه وأخبر أنه يكون في أمته من يعتدي في الطهور وقال إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان فاتقوا وسواس الماء .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #44
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    إكمالاً لما سبق




    ومر على سعد وهو يتوضأ فقال له لا تسرف في الماء فقال وهل في الماء من إسراف ؟ قال نعم وإن كنت على نهر جار .

    وصح عنه أنه توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا وفي بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثا .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #45
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين







    صح عنه أنه مسح في الحضر والسفر ولم ينسخ ذلك حتى توفي ووقت للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن في عدة أحاديث حسان وصحاح وكان يمسح ظاهر الخفين ولم يصح عنه مسح أسفلهما إلا في حديث منقطع . والأحاديث الصحيحة على خلافه ومسح على الجوربين والنعلين ومسح على العمامة مقتصرا عليها ومع الناصية وثبت عنه ذلك فعلا وأمرا في عدة أحاديث لكن في قضايا أعيان يحتمل أن تكون خاصة بحال الحاجة والضرورة ويحتمل العموم كالخفين وهو أظهر والله أعلم .

    ولم يكن يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه بل إن كانتا في الخف مسح عليهما ولم ينزعهما وإن كانتا مكشوفتين غسل القدمين ولم يلبس الخف ليمسح عليه وهذا أعدل الأقوال في مسألة الأفضل من المسح والغسل قاله شيخنا ، والله أعلم .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #46
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في التيمم





    كان صلى الله عليه وسلم يتيمم بضربة واحدة للوجه والكفين ولم يصح عنه أنه تيمم بضربتين ولا إلى المرفقين .

    قال الإمام أحمد من قال إن التيمم إلى المرفقين فإنما هو شيء زاده من عنده . وكذلك كان يتيمم بالأرض التي يصلي عليها ترابا كانت أو سبخة أو رملا . وصح عنه أنه قال حيثما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده وطهوره وهذا نص صريح في أن من أدركته الصلاة في الرمل فالرمل له طهور . ولما سافر هو وأصحابه في غزوة تبوك قطعوا تلك الرمال في طريقهم وماؤهم في غاية القلة ولم يرو عنه أنه حمل معه التراب ولا أمر به ولا فعله أحد من أصحابه مع القطع بأن في المفاوز الرمال أكثر من التراب وكذلك أرض الحجاز وغيره ومن تدبر هذا قطع بأنه كان يتيمم بالرمل والله أعلم وهذا قول الجمهور .

    وأما ما ذكر في صفة التيمم من وضع بطون أصابع يده اليسرى على ظهور اليمنى ثم إمرارها إلى المرفق ثم إدارة بطن كفه على بطن الذراع وإقامة إبهامه اليسرى كالمؤذن إلى أن يصل إلى إبهامه اليمنى فيطبقها عليها فهذا مما يعلم قطعا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولا علمه أحدا من أصحابه ولا أمر به ولا استحسنه وهذا هديه إليه التحاكم وكذلك لم يصح عنه التيمم لكل صلاة ولا أمر به بل أطلق التيمم وجعله قائما مقام الوضوء وهذا يقتضي أن يكون حكمه حكمه إلا فيما اقتضى الدليل خلافه .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #47
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الصلاة


    [ لم يتلفظ بالنية ]



    كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال " الله أكبر " ولم يقل شيئا قبلها ولا تلفظ بالنية البتة ولا قال أصلي لله صلاة كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماما أو مأموما ولا قال أداء ولا قضاء ولا فرض الوقت وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسند ولا مرسل لفظة واحدة منها البتة بل ولا عن أحد من أصحابه ولا استحسنه أحد من التابعين ولا الأئمة الأربعة وإنما غر بعض المتأخرين قول الشافعي رضي الله عنه في الصلاة إنها ليست كالصيام ولا يدخل فيها أحد إلا بذكر فظن أن الذكر تلفظ المصلي بالنية وإنما أراد الشافعي رحمه الله بالذكر تكبيرة الإحرام ليس إلا وكيف يستحب الشافعي أمرا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة واحدة ولا أحد من خلفائه وأصحابه وهذا هديهم وسيرتهم فإن أوجدنا أحد حرفا واحدا عنهم في ذلك قبلناه وقابلناه بالتسليم والقبول ولا هدي أكمل من هديهم ولا سنة إلا ما تلقوه عن صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم .

    [ الإحرام ]

    وكان دأبه في إحرامه لفظة الله أكبر لا غيرها ولم ينقل أحد عنه سواها .

    [ رفع اليدين عند الإحرام ]
    وكان يرفع يديه معها ممدودة الأصابع مستقبلا بها القبلة إلى فروع أذنيه وروي إلى منكبيه فأبو حميد الساعدي ومن معه قالوا : حتى يحاذي بهما المنكبين وكذلك قال ابن عمر . وقال وائل بن حجر : إلى حيال أذنيه . وقال البراء : قريبا من أذنيه . وقيل هو من العمل المخير فيه وقيل كان أعلاها إلى فروع أذنيه وكفاه إلى منكبيه فلا يكون اختلافا ولم يختلف عنه في محل هذا الرفع . ثم يضع اليمنى على ظهر اليسرى .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #48
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل [ الركعتان بعد الوتر ]


    وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعد الوتر ركعتين جالسا تارة وتارة يقرأ فيهما جالسا فإذا أراد أن يركع قام فركع وفي " صحيح مسلم عن أبي سلمة قال سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان يصلي ثلاث عشرة ركعة يصلي ثمان ركعات ثم يوتر ثم يصلي ركعتين وهو جالس فإذا أراد أن يركع قام فركع ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح وفي " المسند " عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الوتر ركعتين خفيفتين وهو جالس

    وقال الترمذي : روي نحو هذا عن عائشة وأبي أمامة وغير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم . وفي " المسند " عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس يقرأ فيهما ب إذا زلزلت و قل يا أيها الكافرون

    وروى الدارقطني نحوه من حديث أنس رضي الله عنه . وقد أشكل هذا على كثير من الناس فظنوه معارضا لقوله صلى الله عليه وسلم اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا وأنكر مالك رحمه الله هاتين الركعتين وقال أحمد لا أفعله ولا أمنع من فعله قال وأنكره مالك وقالت طائفة إنما فعل هاتين الركعتين ليبين جواز الصلاة بعد الوتر وأن فعله لا يقطع التنفل وحملوا قوله اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا على الاستحباب وصلاة الركعتين بعده على الجواز .

    والصواب أن يقال إن هاتين الركعتين تجريان مجرى السنة وتكميل الوتر فإن الوتر عبادة مستقلة ولا سيما إن قيل بوجوبه فتجري الركعتان بعده مجرى سنة المغرب من المغرب فإنها وتر النهار والركعتان بعدها تكميل لها ، فكذلك الركعتان بعد وتر الليل والله أعلم .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #49
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل [ قنوت الوتر ]



    ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت في الوتر إلا في حديث رواه ابن ماجه عن علي بن ميمون الرقي حدثنا مخلد بن يزيد عن سفيان عن زبيد اليامي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع

    وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله أختار القنوت بعد الركوع إن كل شيء ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت إنما هو في الفجر لما رفع رأسه من الركوع وقنوت الوتر أختاره بعد الركوع ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت الوتر قبل أو بعد شيء . وقال الخلال أخبرني محمد بن يحيى الكحال أنه قال لأبي عبد الله في القنوت في الوتر ؟ فقال ليس يروى فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء ولكن كان عمر يقنت من السنة إلى السنة .

    أحمد وأهل " السنن " من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت

    زاد البيهقي والنسائي : ولا يعز من عاديت . وزاد النسائي في روايته " وصلى الله على النبي " .

    وزاد الحاكم في " المستدرك " وقال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود ورواه ابن حبان في " صحيحه " ولفظه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو

    قال الترمذي : وفي الباب عن علي رضي الله عنه وهذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي الحوراء السعدي واسمه ربيعة بن شيبان ولا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر شيئا أحسن من هذا انتهى .

    والقنوت في الوتر محفوظ عن عمر وابن مسعود والرواية عنهم أصح من القنوت في الفجر والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت الفجر أصح من الرواية في قنوت الوتر . والله أعلم .

    [ الدعاء في آخر الوتر وبعده ]

    وقد روى أبو داود والترمذي والنسائي من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك وهذا يحتمل أنه قبل فراغه منه وبعده وفي إحدى الروايات عن النسائي : كان يقول إذا فرغ من صلاته وتبوأ مضجعه وفي هذه الرواية لا أحصي ثناء عليك ولو حرصت وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك في السجود فلعله قاله في الصلاة وبعدها .

    وذكر الحاكم في " المستدرك " من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ووتره ثم أوتر فلما قضى صلاته سمعته يقول اللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا وعن يميني نورا وعن شمالي نورا وفوقي نورا وتحتي نورا وأمامي نورا وخلفي نورا واجعل لي يوم لقائك نورا

    قال كريب : وسبع في القنوت فلقيت رجلا من ولد العباس فحدثني بهن فذكر " لحمي ودمي وعصبي وشعري وبشري " وذكر خصلتين وفي رواية النسائي في هذا الحديث وكان يقول في سجوده .

    لمسلم في هذا الحديث فخرج إلى الصلاة يعني صلاة الصبح وهو يقول . .. فذكر هذا الدعاء وفي رواية له أيضا وفي لساني نورا واجعل في نفسي نورا وأعظم لي نورا " وفي رواية له " واجعلني نورا

    وذكر أبو داود والنسائي من حديث أبي بن كعب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر ب سبح اسم ربك الأعلى و قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد فإذا سلم قال سبحان الملك القدوس ثلاث مرات يمد بها صوته في الثالثة ويرفع وهذا لفظ النسائي . زاد الدارقطني رب الملائكة والروح
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #50
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    [ كيفية قراءته للقرآن ]




    وكان صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته ويقف عند كل آية فيقول الحمد لله رب العالمين ويقف الرحمن الرحيم ويقف مالك يوم الدين

    وذكر الزهري أن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت آية آية وهذا هو الأفضل الوقوف على رءوس الآيات وإن تعلقت بما بعدها وذهب بعض القراء إلى تتبع الأغراض والمقاصد والوقوف عند انتهائها واتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته أولى . وممن ذكر ذلك البيهقي في " شعب الإيمان " وغيره ورجح الوقوف على رءوس الآي وإن تعلقت بما بعدها .

    وكان صلى الله عليه وسلم يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها وقام بآية يرددها حتى الصباح

    [هل الأفضل الترتيل مع قلة القراءة أو السرعة مع كثرتها ؟ ]

    وقد اختلف الناس في الأفضل من الترتيل وقلة القراءة أو السرعة مع كثرة القراءة أيهما أفضل ؟ على قولين . فذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما إلى أن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها . واحتج أرباب هذا القول بأن المقصود من القراءة فهمه وتدبره والفقه فيه والعمل به وتلاوته وحفظه وسيلة إلى معانيه كما قال بعض السلف نزل القرآن ليعمل به فاتخذوا تلاوته عملا ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به والعاملون بما فيه وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب .

    وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم . قالوا : ولأن الإيمان أفضل الأعمال وفهم القرآن وتدبره هو الذي يثمر الإيمان وأما مجرد التلاوة من غير فهم ولا تدبر فيفعلها البر والفاجر والمؤمن والمنافق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر

    والناس في هذا أربع طبقات أهل القرآن والإيمان وهم أفضل الناس . والثانية من عدم القرآن والإيمان . الثالثة من أوتي قرآنا ولم يؤت إيمانا الرابعة من أوتي إيمانا ولم يؤت قرآنا .

    قالوا : فكما أن من أوتي إيمانا بلا قرآن أفضل ممن أوتي قرآنا بلا إيمان فكذلك من أوتي تدبرا وفهما في التلاوة أفضل ممن أوتي كثرة قراءة وسرعتها بلا تدبر . قالوا : وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها وقام بآية حتى الصباح .

    وقال أصحاب الشافعي رحمه الله كثرة القراءة أفضل واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف رواه الترمذي وصححه .

    قالوا : ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في ركعة وذكروا آثارا عن كثير من السلف في كثرة القراءة .

    والصواب في المسألة أن يقال إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرا وثواب كثرة القراءة أكثر عددا فالأول كمن تصدق بجوهرة عظيمة أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا والثاني : كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة .

    وفي " صحيح البخاري " عن قتادة قال سألت أنسا عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال كان يمد مدا

    وقال شعبة : حدثنا أبو جمرة قال قلت لابن عباس إني رجل سريع القراءة وربما قرأت القرآن في ليلة مرة أو مرتين فقال ابن عباس : لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إلي من أن أفعل ذلك الذي تفعل فإن كنت فاعلا ولا بد فاقرأ قراءة تسمع أذنيك ويعيها قلبك

    وقال إبراهيم قرأ علقمة على ابن مسعود وكان حسن الصوت فقال رتل فداك أبي وأمي فإنه زين القرآن .

    وقال ابن مسعود : لا تهذوا القرآن هذ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل وقفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة

    وقال عبد الله أيضا : إذا سمعت الله يقول يا أيها الذين آمنوا فأصغ لها سمعك فإنه خير تؤمر به أو شر تصرف عنه وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى : دخلت علي امرأة وأنا أقرأ ( سورة هود فقالت يا عبد الرحمن هكذا تقرأ سورة هود ؟ والله إني فيها منذ ستة أشهر وما فرغت من قراءتها .

    وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسر بالقراءة في صلاة الليل تارة ويجهر بها تارة ويطيل القيام تارة ويخففه تارة ويوتر آخر الليل - وهو الأكثر - وأوله تارة وأوسطه تارة .

    [ صلاة التطوع على الراحلة ]
    وكان يصلي التطوع بالليل والنهار على راحلته في السفر قبل أي جهة توجهت به فيركع ويسجد عليها إيماء ويجعل سجوده أخفض من ركوعه وقد روى أحمد وأبو داود عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يصلي على راحلته تطوعا استقبل القبلة فكبر للصلاة ثم خلى عن راحلته ثم صلى أينما توجهت به فاختلف الرواة عن أحمد هل يلزمه أن يفعل ذلك إذا قدر عليه ؟ على روايتين فإن أمكنه الاستدارة إلى القبلة في صلاته كلها مثل أن يكون في محمل أو عمارية ونحوها فهل يلزمه أو يجوز له أن يصلي حيث توجهت به الراحلة ؟ فروى محمد بن الحكم عن أحمد فيمن صلى في محمل أنه لا يجزئه إلا أن يستقبل القبلة لأنه يمكنه أن يدور وصاحب الراحلة والدابة لا يمكنه . وروى عنه أبو طالب أنه قال الاستدارة في المحمل شديدة يصلي حيث كان وجهه .

    واختلفت الرواية عنه في السجود في المحمل فروى عنه ابنه عبد الله أنه قال وإن كان محملا فقدر أن يسجد في المحمل فيسجد . وروى عنه الميموني إذا صلى في المحمل أحب إلي أن يسجد لأنه يمكنه . وروى عنه الفضل بن زياد : يسجد في المحمل إذا أمكنه . وروى عنه جعفر بن محمد : السجود على المرفقة إذا كان في المحمل وربما أسند على البعير ولكن يومئ ويجعل السجود أخفض من الركوع وكذا روى عنه أبو داود .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  11. #51
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة الضحى





    [ من روى ترك النبي صلى الله عليه وسلم فعلها ]




    روى البخاري في " صحيحه " عن عائشة رضي الله عنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى وإني لأسبحها وروى أيضا من حديث مورق العجلي قلت لابن عمر أتصلي الضحى ؟ قال لا قلت فعمر ؟ قال لا قلت فأبو بكر ؟ قال لا . قلت : فالنبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال لا . إخاله

    وذكر عن ابن أبي ليلى قال ما حدثنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى غير أم هانئ فإنها قالت إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى ثمان ركعات فلم أر صلاة قط أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود

    وفي " صحيح مسلم " عن عبد الله بن شقيق قال سألت عائشة هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى ؟ قالت لا إلا أن يجيء من مغيبه . قلت هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بين السور ؟ قالت من المفصل

    [ من روى صلاة النبي لها وعدد ركعاتها ]

    وفي " صحيح مسلم " عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله وفي " الصحيحين " عن أم هانئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح ثمان ركعات وذلك ضحى وقال الحاكم في " المستدرك " : حدثنا الأصم حدثنا الصغاني حدثنا ابن أبي مريم حدثنا بكر بن مضر حدثنا عمرو بن الحارث عن بكر بن الأشج عن الضحاك بن عبد الله عن أنس رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في سفر سبحة الضحى صلى ثمان ركعات فلما انصرف قال إني صليت صلاة رغبة ورهبة فسألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألته ألا يقتل أمتي بالسنين ففعل وسألته ألا يظهر عليهم عدوا ففعل وسألته أن لا يلبسهم شيعا فأبى علي قال الحاكم صحيح . قلت : الضحاك بن عبد الله هذا ينظر من هو وما حاله ؟ وقال الحاكم : في كتاب " فضل الضحى " : حدثنا أبو بكر الفقيه أخبرنا بشر بن يحيى حدثنا محمد بن صالح الدولابي حدثنا خالد بن عبد الله بن الحصين عن هلال بن يساف عن زاذان عن عائشة رضي الله عنها قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى ثم قال اللهم اغفر لي وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الرحيم الغفور حتى قالها مائة مرة

    حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا أسد بن عاصم حدثنا الحصين بن حفص عن سفيان عن عمر بن ذر عن مجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ركعتين وأربعا وستا وثمانيا

    وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا عثمان بن عبد الملك العمري حدثتنا عائشة بنت سعد عن أم ذرة قالت رأيت عائشة رضي الله عنها تصلي الضحى وتقول ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلا أربع ركعات .

    وقال الحاكم أيضا : أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد المروزي حدثنا أبو قلابة حدثنا أبو الوليد حدثنا أبو عوانة عن حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن مرة عن عمارة بن عمير عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى . قال الحاكم أيضا : حدثنا إسماعيل بن محمد حدثنا محمد بن عدي بن كامل حدثنا وهب بن بقية الواسطي حدثنا خالد بن عبد الله عن محمد بن قيس عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ست ركعات ثم روى الحاكم عن إسحاق بن بشير المحاملي حدثنا عيسى بن موسى عن جابر عن عمر بن صبح عن مقاتل بن حيان عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما قالتا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى ثنتي عشرة ركعة وذكر حديثا طويلا .

    وقال الحاكم : أخبرنا أبو أحمد بن محمد الصيرفي حدثنا أبو قلابة الرقاشي حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى وبه إلى أبي الوليد . حدثنا أبو عوانة عن حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن مرة عن عمارة بن عمير العبدي عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى

    قال الحاكم : وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وأبي ذر الغفاري وزيد بن أرقم وأبي هريرة وبريدة الأسلمي وأبي الدرداء وعبد الله بن أبي أوفى وعتبان بن مالك وأنس بن مالك وعتبة بن عبد الله السلمي ونعيم بن همار الغطفاني وأبي أمامة الباهلي رضي الله عنهم ومن النساء عائشة بنت أبي بكر وأم هانئ وأم سلمة رضي الله عنهن كلهم شهدوا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها .

    وذكر الطبراني من حديث علي وأنس وعائشة وجابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى ست ركعات

    [ بيان أدلة من رجح الفعل على الترك مع بيان العدد ]

    فاختلف الناس في هذه الأحاديث على طرق منهم من رجح رواية الفعل على الترك بأنها مثبتة تتضمن زيادة علم خفيت على النافي . قالوا : وقد يجوز أن يذهب علم مثل هذا على كثير من الناس ويوجد عند الأقل . قالوا : وقد أخبرت عائشة وأنس وجابر وأم هانئ وعلي بن أبي طالب أنه صلاها . قالوا : ويؤيد هذا الأحاديث الصحيحة المتضمنة للوصية بها والمحافظة عليها ومدح فاعلها والثناء عليه ففي " الصحيحين " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أوصاني خليلي محمد صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام

    وفي " صحيح مسلم " نحوه عن أبي الدرداء . وفي " صحيح مسلم " عن أبي ذر يرفعه قال يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى

    وفي " مسند الإمام أحمد " عن معاذ بن أنس الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يسبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرا غفر الله له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر

    وفي الترمذي و " سنن ابن ماجه " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حافظ على سبحة الضحى غفر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر

    وفي " المسند " والسنن عن نعيم بن همار قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله عز وجل يا ابن آدم لا تعجزن عن أربع ركعات في أول النهار أكفك آخره ورواه الترمذي من حديث أبي الدرداء وأبي ذر .

    وفي " جامع الترمذي " و " سنن ابن ماجه " عن أنس مرفوعا من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصرا من ذهب في الجنة

    وفي " صحيح مسلم " عن زيد بن أرقم أنه رأى قوما يصلون من الضحى في مسجد قباء فقال أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " صلاة الأوابين حين ترمض الفصال " . وقوله ترمض الفصال أي يشتد حر النهار فتجد الفصال حرارة الرمضاء . وفي " الصحيح " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى في بيت عتبان بن مالك ركعتين
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  12. #52
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل سجود الشكر




    وكان من هديه صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه سجود الشكر عند تجدد نعمة تسر أو اندفاع نقمة كما في " المسند " عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسره خر لله ساجدا شكرا لله تعالى وذكر ابن ماجه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر بحاجة فخر لله ساجدا

    وذكر البيهقي بإسناد على شرط البخاري أن عليا رضي الله عنه لما كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام همدان خر ساجدا ثم رفع رأسه فقال السلام على همدان السلام على همدان وصدر الحديث في صحيح البخاري وهذا تمامه بإسناده عند البيهقي . وفي " المسند " من حديث عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد شكرا لما جاءته البشرى من ربه أنه من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه

    وفي سنن أبي داود من حديث سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه فسأل الله ساعة ثم خر ساجدا ثلاث مرات ثم قال إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي فخررت ساجدا شكرا لربي ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الثاني فخررت ساجدا شكرا لربي ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الآخر فخررت ساجدا لربي

    وسجد كعب بن مالك لما جاءته البشرى بتوبة الله عليه ذكره البخاري .

    وذكر أحمد عن علي رضي الله عنه أنه سجد حين وجد ذا الثدية في قتلى الخوارج .

    وذكر سعيد بن منصور أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه سجد حين جاءه قتل مسيلمة
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  13. #53
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في سجود القرآن




    كان صلى الله عليه وسلم إذا مر بسجدة كبر وسجد وربما قال في سجوده سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته

    وربما قال اللهم احطط عني بها وزرا واكتب لي بها أجرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود ذكرهما أهل السنن .

    ولم يذكر عنه أنه كان يكبر للرفع من هذا السجود ولذلك لم يذكره الخرقي ومتقدمو الأصحاب ولا نقل فيه عنه تشهد ولا سلام البتة . وأنكر أحمد والشافعي السلام فيه فالمنصوص عن الشافعي : إنه لا تشهد فيه ولا تسليم وقال أحمد : أما التسليم فلا أدري ما هو وهذا هو الصواب الذي لا ينبغي غيره .

    وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سجد في ( الم تنزيل ) وفي ( ص ) وفي ( النجم ) وفي إذا السماء انشقت وفي اقرأ باسم ربك الذي خلق

    وذكر أبو داود عن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة منها ثلاث في المفصل وفي سورة الحج سجدتان

    وأما حديث أبي الدرداء سجدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة ليس فيها من المفصل شيء ( الأعراف) و ( الرعد) و ( النحل) و ( بني إسرائيل و ( مريم ) و ( الحج ) و ( سجدة الفرقان ) و ( النمل ) و ( السجدة ) و ( ص و ( سجدة الحواميم ) فقال أبو داود : روى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة وإسناده واه .

    وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد في المفصل منذ تحول إلى المدينة رواه أبو داود فهو حديث ضعيف في إسناده أبو قدامة الحارث بن عبيد لا يحتج بحديثه . قال الإمام أحمد : أبو قدامة مضطرب الحديث . وقال يحيى بن معين : ضعيف وقال النسائي : صدوق عنده مناكير وقال أبو حاتم البستي : كان شيخا صالحا ممن كثر وهمه . وعلله ابن القطان بمطر الوراق وقال كان يشبهه في سوء الحفظ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وعيب على مسلم إخراج حديثه . انتهى كلامه .

    ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضرب ما يعلم أنه حفظه كما يطرح من أحاديث الثقة ما يعلم أنه غلط فيه فغلط في هذا المقام من استدرك عليه إخراج جميع حديث الثقة ومن ضعف جميع حديث سيئ الحفظ فالأولى : طريقة الحاكم وأمثاله والثانية طريقة أبي محمد بن حزم وأشكاله وطريقة مسلم هي طريقة أئمة هذا الشأن والله المستعان .

    وقد صح عن أبي هريرة أنه سجد مع النبي صلى الله عليه وسلم في اقرأ باسم ربك الذي خلق وفي إذا السماء انشقت وهو إنما أسلم بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بست سنين أو سبع فلو تعارض الحديثان من كل وجه وتقاوما في الصحة لتعين تقديم حديث أبي هريرة لأنه مثبت معه زيادة علم خفيت على ابن عباس فكيف وحديث أبي هريرة في غاية الصحة متفق على صحته وحديث ابن عباس فيه من الضعف ما فيه والله أعلم.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  14. #54
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الجمعة وذكر خصائص يومها


    [هدي الله هذه الأمة له ]



    ثبت في " الصحيحين " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
    نحن الآخرون الأولون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له والناس لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد

    وفي " صحيح مسلم " عن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت وكان للنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة فجعل الجمعة والسبت والأحد وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق

    وفي " المسند " والسنن من حديث أوس بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق الله آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي قالوا : يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ ( يعني : قد بليت قال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ورواه الحاكم في " المستدرك " وابن حبان في " صحيحه " .

    وفي " جامع الترمذي " من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق الله آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة قال حديث حسن صحيح وصححه الحاكم .

    وفي " المستدرك " أيضا عن أبي هريرة مرفوعا سيد الأيام يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة

    وروى مالك في " الموطأ " عن أبي هريرة مرفوعا خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أهبط وفيه تيب عليه وفيه مات وفيه تقوم الساعة وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه

    قال كعب : ذلك في كل سنة يوم فقلت بل في كل جمعة فقرأ كعب التوراة فقال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . قال أبو هريرة ثم لقيت عبد الله بن سلام فحدثته بمجلسي مع كعب قال قد علمت أية ساعة هي قلت فأخبرني بها قال هي آخر ساعة في يوم الجمعة فقلت كيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي " وتلك الساعة لا يصلى فيها ؟ فقال ابن سلام : ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم " من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي " ؟

    وفي " صحيح ابن حبان " مرفوعا لا تطلع الشمس على يوم خير من يوم الجمعة

    وفي " مسند الشافعي " من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال أتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرآة بيضاء فيها نكتة فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه ؟ فقال " هذه يوم الجمعة فضلت بها أنت وأمتك والناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى ولكم فيها خير وفيها ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له وهو عندنا يوم المزيد فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل ما يوم المزيد ؟ قال إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح فيه كثب من مسك فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله سبحانه ما شاء من ملائكته وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الشهداء والصديقون فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب " فيقول الله عز وجل " أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فسلوني أعطكم فيقولون ربنا نسألك رضوانك فيقول قد رضيت عنكم ولكم ما تمنيتم ولدي مزيد فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير وهو اليوم الذي استوى فيه ربك تبارك وتعالى على العرش وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة .

    رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد حدثني موسى بن عبيدة قال حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عبد الله بن عبيد عن عمير بن أنس .

    ثم قال وأخبرنا إبراهيم قال حدثني أبو عمران إبراهيم بن الجعد عن أنس شبيها به .

    وكان الشافعي حسن الرأي في شيخه إبراهيم هذا لكن قال فيه الإمام أحمد رحمه الله معتزلي جهمي قدري كل بلاء فيه .

    ورواه أبو اليمان الحكم بن نافع حدثنا صفوان قال قال أنس : قال النبي صلى الله عليه وسلم " أتاني جبريل فذكره " ورواه محمد بن شعيب عن عمر مولى غفرة عن أنس . ورواه أبو ظبية عن عثمان بن عمير عن أنس . وجمع أبو بكر بن أبي داود طرقه .

    وفي " مسند أحمد " من حديث علي بن أبي طلحة عن أبي هريرة قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم لأي شيء سمي يوم الجمعة ؟ قال لأن فيه طبعت طينة أبيك آدم وفيه الصعقة والبعثة وفيه البطشة وفي آخره ثلاث ساعات منها ساعة من دعا الله فيها استجيب له

    وقال الحسن بن سفيان النسوي في " مسنده " حدثنا أبو مروان هشام بن خالد الأزرق حدثنا الحسن بن يحيى الخشني حدثنا عمر بن عبد الله مولى غفرة حدثني أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتاني جبريل وفي يده كهيئة المرآة البيضاء فيها نكتة سوداء فقلت : ما هذه يا جبريل ؟ فقال هذه الجمعة بعثت بها إليك تكون عيدا لك ولأمتك من بعدك . فقلت : وما لنا فيها يا جبريل ؟ قال لكم فيها خير كثير أنتم الآخرون السابقون يوم القيامة وفيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه . قلت فما هذه النكتة السوداء يا جبريل ؟ قال هذه الساعة تكون في يوم الجمعة وهو سيد الأيام ونحن نسميه عندنا يوم المزيد . قلت وما يوم المزيد يا جبريل ؟ قال ذلك بأن ربك اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض فإذا كان يوم الجمعة من أيام الآخرة هبط الرب عز وجل من عرشه إلى كرسيه ويحف الكرسي بمنابر من النور فيجلس عليها النبيون وتحف المنابر بكراسي من ذهب فيجلس عليها الصديقون والشهداء ويهبط أهل الغرف من غرفهم فيجلسون على كثبان المسك لا يرون لأهل المنابر والكراسي فضلا في المجلس ثم يتبدى لهم ذو الجلال والإكرام تبارك وتعالى فيقول سلوني فيقولون بأجمعهم نسألك الرضى يا رب فيشهد لهم على الرضى ثم يقول سلوني فيسألونه حتى تنتهي نهمة كل عبد منهم قال ثم يسعى عليهم بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم يرتفع الجبار من كرسيه إلى عرشه ويرتفع أهل الغرف إلى غرفهم وهي غرفة من لؤلؤة بيضاء أو ياقوتة حمراء أو زمردة خضراء ليس فيها فصم ولا وصم منورة فيها أنهارها أو قال مطردة متدلية فيها ثمارها فيها أزواجها وخدمها ومساكنها قال فأهل الجنة يتباشرون في الجنة بيوم الجمعة كما يتباشر أهل الدنيا في الدنيا بالمطر

    وقال ابن أبي الدنيا في كتاب " صفة الجنة " : حدثني أزهر بن مروان الرقاشي حدثني عبد الله بن عرادة الشيباني حدثنا القاسم بن مطيب عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جب ريل وفي كفه مرآة كأحسن المرائي وأضوئها وإذا في وسطها لمعة سوداء فقلت : ما هذه اللمعة التي أرى فيها ؟ قال هذه الجمعة قلت : وما الجمعة ؟ قال يوم من أيام ربك عظيم وسأخبرك بشرفه وفضله في الدنيا وما يرجى فيه لأهله وأخبرك باسمه في الآخرة فأما شرفه وفضله في الدنيا فإن الله عز وجل جمع فيه أمر الخلق وأما ما يرجى فيه لأهله فإن فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم أو أمة مسلمة يسألان الله تعالى فيها خيرا إلا أعطاهما إياه وأما شرفه وفضله في الآخرة واسمه فإن الله تبارك وتعالى إذا صير أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جرت عليهم هذه الأيام وهذه الليالي ليس فيها ليل ولا نهار إلا قد علم الله عز وجل مقدار ذلك وساعاته فإذا كان يوم الجمعة حين يخرج أهل الجمعة إلى جمعتهم نادى أهل الجنة مناد يا أهل الجنة اخرجوا إلى وادي المزيد ووادي المزيد لا يعلم سعة طوله وعرضه إلا الله فيه كثبان المسك رءوسها في السماء قال فيخرج غلمان الأنبياء بمنابر من نور ويخرج غلمان المؤمنين بكراسي من ياقوت فإذا وضعت لهم وأخذ القوم مجالسهم بعث الله عليهم ريحا تدعى المثيرة تثير ذلك المسك وتدخله من تحت ثيابهم وتخرجه في وجوههم وأشعارهم تلك الريح أعلم كيف تصنع بذلك المسك من امرأة أحدكم لو دفع إليها كل طيب على وجه الأرض . قال ثم يوحي الله تبارك وتعالى إلى حملة عرشه ضعوه بين أظهرهم فيكون أول ما يسمعونه منه إلي يا عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني وصدقوا رسلي واتبعوا أمري سلوني فهذا يوم المزيد فيجتمعون على كلمة واحدة رضينا عنك فارض عنا فيرجع الله إليهم أن يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم داري فسلوني فهذا يوم المزيد فيجتمعون على كلمة واحدة يا ربنا وجهك ننظر إليه فيكشف تلك الحجب فيتجلى لهم عز وجل فيغشاهم من نوره شيء لولا أنه قضى ألا يحترقوا لاحترقوا لما يغشاهم من نوره ثم يقال لهم ارجعوا إلى منازلكم فيرجعون إلى منازلهم وقد أعطى كل واحد منهم الضعف على ما كانوا فيه فيرجعون إلى أزواجهم وقد خفوا عليهن وخفين عليهم مما غشيهم من نوره فإذا رجعوا تراد النور حتى يرجعوا إلى صورهم التي كانوا عليها فتقول لهم أزواجهم لقد خرجتم من عندنا على صورة ورجعتم على غيرها فيقولون ذلك لأن الله عز وجل تجلى لنا فنظرنا منه قال وإنه والله ما أحاط به خلق ولكنه قد أراهم من عظمته وجلاله ما شاء أن يريهم قال فذلك قولهم فنظرنا منه قال فهم يتقلبون في مسك الجنة ونعيمها في كل سبعة أيام الضعف على ما كانوا فيه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك قوله تعالى فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون [ السجدة 17 ] .

    ورواه أبو نعيم في " صفة الجنة " من حديث عصمة بن محمد حدثنا موسى بن عقبة عن أبي صالح عن أنس شبيها به .

    وذكر أبو نعيم في " صفة الجنة " من حديث المسعودي عن المنهال عن أبي عبيدة عن عبد الله قال سارعوا إلى الجمعة في الدنيا فإن الله تبارك وتعالى يبرز لأهل الجنة في كل جمعة على كثيب من كافور أبيض فيكونون منه سبحانه بالقرب على قدر سرعتهم إلى الجمعة ويحدث لهم من الكرامة شيئا لم يكونوا رأوه قبل ذلك فيرجعون إلى أهليهم وقد أحدث لهم
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  15. #55
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في مبدإ الجمعة




    قال ابن إسحاق : حدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال حدثني عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال كنت قائد أبي حين كف بصره فإذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان بها استغفر لأبي أمامة أسعد بن زرارة فمكث حينا على ذلك فقلت : إن هذا لعجز ألا أسأله عن هذا فخرجت به كما كنت أخرج فلما سمع الأذان للجمعة استغفر له فقلت : يا أبتاه أرأيت استغفارك لأسعد بن زرارة كلما سمعت الأذان يوم الجمعة ؟ قال أي بني كان أسعد أول من جمع بنا بالمدينة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له : نقيع الخضمات . قلت فكم كنتم يومئذ ؟ قال أربعون رجلا .

    قال البيهقي ومحمد بن إسحاق إذا ذكر سماعه من الراوي وكان الراوي ثقة استقام الإسناد وهذا حديث حسن صحيح الإسناد انتهى .

    قلت : وهذا كان مبدأ الجمعة . ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأقام بقباء في بني عمرو بن عوف كما قاله ابن إسحاق يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجدهم ثم خرج يوم الجمعة فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي وكانت أول جمعة صلاها بالمدينة وذلك قبل تأسيس مسجده .

    قال ابن إسحاق : وكانت أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن - ونعوذ بالله أن نقول على رسول الله ما لم يقل - أنه قام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد أيها الناس فقدموا لأنفسكم تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس لها راع ثم ليقولن له ربه وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه ألم يأتك رسولي فبلغك وآتيتك مالا وأفضلت عليك فما قدمت لنفسك فلينظرن يمينا وشمالا فلا يرى شيئا ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق من تمرة فليفعل ومن لم يجد فبكلمة طيبة فإن بها تجزى الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    قال ابن إسحاق : ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أخرى فقال إن الحمد لله أحمده وأستعينه نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إن أحسن الحديث كتاب الله قد أفلح من زينه الله في قلبه وأدخله في الإسلام بعد الكفر فاختاره على ما سواه من أحاديث الناس إنه أحسن الحديث وأبلغه أحبوا ما أحب الله أحبوا الله من كل قلوبكم ولا تملوا كلام الله وذكره ولا تقس عنه قلوبكم فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي قد سماه الله خيرته من الأعمال ومصطفاه من العباد والصالح من الحديث ومن كل ما أوتي الناس من الحلال والحرام فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتقوه حق تقاته واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم وتحابوا بروح الله بينكم إن الله يغضب أن ينكث عهده والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    وقد تقدم طرف من خطبته عليه السلام عند ذكر هديه في الخطب .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  16. #56
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل [خواص يوم الجمعة وهي ثلاث وثلاثون ]




    وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعظيم هذا اليوم وتشريفه وتخصيصه بعبادات يختص بها عن غيره .وقد اختلف العلماء هل هو أفضل أم يوم عرفة ؟ على قولين هما وجهان لأصحاب الشافعي .
    وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في فجره بسورتي ( الم تنزيل ) و ( هل أتى على الإنسان ) . ويظن كثير ممن لا علم عنده أن المراد تخصيص هذه الصلاة بسجدة زائدة ويسمونها سجدة الجمعة وإذا لم يقرأ أحدهم هذه السورة استحب قراءة سورة أخرى فيها سجدة ولهذا كره من كره من الأئمة المداومة على قراءة هذه السورة في فجر الجمعة دفعا لتوهم الجاهلين وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هاتين السورتين في فجر الجمعة لأنهما تضمنتا ما كان ويكون في يومها فإنهما اشتملتا على خلق آدم وعلى ذكر المعاد وحشر العباد وذلك يكون يوم الجمعة وكان في قراءتهما في هذا اليوم تذكير للأمة بما كان فيه ويكون والسجدة جاءت تبعا ليست مقصودة حتى يقصد المصلي قراءتها حيث اتفقت . فهذه خاصة من خواص يوم الجمعة .
    الخاصة الثانية استحباب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه وفي ليلته لقوله صلى الله عليه وسلم أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأنام ويوم الجمعة سيد الأيام فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره مع حكمة أخرى وهي أن كل خير نالته أمته في الدنيا والآخرة فإنما نالته على يده فجمع الله لأمته به بين خيري الدنيا والآخرة فأعظم كرامة تحصل لهم فإنما تحصل يوم الجمعة فإن فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة وهو يوم عيد لهم في الدنيا ويوم فيه يسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم ولا يرد سائلهم وهذا كله إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده فمن شكره وحمده وأداء القليل من حقه صلى الله عليه وسلم أن نكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته .
    الخاصة الثالثة صلاة الجمعة التي هي من آكد فروض الإسلام ومن أعظم مجامع المسلمين وهي أعظم من كل مجمع يجتمعون فيه وأفرضه سوى مجمع عرفة ومن تركها تهاونا بها طبع الله على قلبه وقرب أهل الجنة يوم القيامة وسبقهم إلى الزيارة يوم المزيد بحسب قربهم من الإمام يوم الجمعة وتبكيرهم .
    الخاصة الرابعة الأمر بالاغتسال في يومها وهو أمر مؤكد جدا ووجوبه أقوى من وجوب الوتر وقراءة البسملة في الصلاة ووجوب الوضوء من مس النساء ووجوب الوضوء من مس الذكر ووجوب الوضوء من القهقهة في الصلاة ووجوب الوضوء من الرعاف والحجامة والقيء ووجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ووجوب القراءة على المأموم .
    وللناس في وجوبه ثلاثة أقوال النفي والإثبات والتفصيل بين من به رائحة يحتاج إلى إزالتها فيجب عليه ومن هو مستغن عنه فيستحب له والثلاثة لأصحاب أحمد .
    الخاصة الخامسة التطيب فيه وهو أفضل من التطيب في غيره من أيام الأسبوع .
    الخاصة السادسة السواك فيه وله مزية على السواك في غيره .
    الخاصة السابعة التبكير للصلاة .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  17. #57
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في خطبه





    كان إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى

    ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة

    ثم يقول أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي رواه مسلم . وفي لفظ كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه ثم يقول على أثر ذلك وقد علا صوته فذكره .

    وفي لفظ يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وخير الحديث كتاب الله وفي لفظ للنسائي وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار

    وكان يقول في خطبته بعد التحميد والثناء والتشهد " أما بعد " . وكان يقصر الخطبة ويطيل الصلاة ويكثر الذكر ويقصد الكلمات الجوامع

    وكان يقول إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه

    وكان يعلم أصحابه في خطبته قواعد الإسلام وشرائعه ويأمرهم وينهاهم في خطبته إذا عرض له أمر أو نهي كما أمر الداخل وهو يخطب أن يصلي ركعتين . ونهى المتخطي رقاب الناس عن ذلك وأمره بالجلوس .

    وكان يقطع خطبته للحاجة تعرض أو السؤال من أحد من أصحابه فيجيبه ثم يعود إلى خطبته فيتمها . وكان ربما نزل عن المنبر للحاجة ثم يعود فيتمها كما نزل لأخذ الحسن والحسين رضي الله عنهما فأخذهما ثم رقي بهما المنبر فأتم خطبته

    وكان يدعو الرجل في خطبته تعال يا فلان اجلس يا فلان صل يا فلان . وكان يأمرهم بمقتضى الحال في خطبته فإذا رأى منهم ذا فاقة وحاجة أمرهم بالصدقة وحضهم عليها .

    وكان يشير بأصبعه السبابة في خطبته عند ذكر الله تعالى ودعائه.

    وكان يستسقي بهم إذا قحط المطر في خطبته

    وكان يمهل يوم الجمعة حتى يجتمع الناس فإذا اجتمعوا خرج إليهم وحده من غير شاويش يصيح بين يديه ولا لبس طيلسانا ولا طرحة ولا سوادا فإذا دخل المسجد سلم عليهم فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه وسلم عليهم ولم يدع مستقبل القبلة ثم يجلس ويأخذ بلال في الأذان فإذا فرغ منه قام النبي صلى الله عليه وسلم فخطب من غير فصل بين الأذان والخطبة لا بإيراد خبر ولا غيره .

    ولم يكن يأخذ بيده سيفا ولا غيره وإنما كان يعتمد على قوس أو عصا قبل أن يتخذ المنبر وكان في الحرب يعتمد على قوس وفي الجمعة يعتمد على عصا . ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائما وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف فمن فرط جهله فإنه لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس ولا غيره ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفا البتة وإنما كان يعتمد على عصا أو قوس .

    وكان منبره ثلاث درجات وكان قبل اتخاذه يخطب إلى جذع يستند إليه فلما تحول إلى المنبر حن الجذع حنينا سمعه أهل المسجد فنزل إليه صلى الله عليه وسلم وضمه قال أنس : حن لما فقد ما كان يسمع من الوحي وفقده التصاق النبي صلى الله عليه وسلم . ولم يوضع المنبر في وسط المسجد وإنما وضع في جانبه الغربي قريبا من الحائط وكان بينه وبين الحائط قدر ممر الشاة .

    وكان إذا جلس عليه النبي صلى الله عليه وسلم في غير الجمعة أو خطب قائما في الجمعة استدار أصحابه إليه بوجوههم وكان وجهه صلى الله عليه وسلم قبلهم في وقت الخطبة .

    [ الأمر بالإنصات للخطبة ]

    وكان يقوم فيخطب ثم يجلس جلسة خفيفة ثم يقوم فيخطب الثانية فإذا فرغ منها أخذ بلال في الإقامة . وكان يأمر الناس بالدنو منه ويأمرهم بالإنصات ويخبرهم أن الرجل إذا قال لصاحبه أنصت فقد لغا . ويقول من لغا فلا جمعة له

    وكان يقول من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا والذي يقول له أنصت ليست له جمعة رواه الإمام أحمد .

    وقال أبي بن كعب : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ( تبارك وهو قائم فذكرنا بأيام الله وأبو الدرداء أو أبو ذر يغمزني فقال متى أنزلت هذه السورة ؟ فإني لم أسمعها إلى الآن فأشار إليه أن اسكت فلما انصرفوا قال سألتك متى أنزلت هذه السورة فلم تخبرني فقال إنه ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك وأخبره بالذي قال له أبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدق أبي " . ذكره ابن ماجه وسعيد بن منصور وأصله في " مسند أحمد " .

    وقال صلى الله عليه وسلم يحضر الجمعة ثلاثة نفر : رجل حضرها يلغو وهو حظه منها ورجل حضرها يدعو فهو رجل دعا الله عز وجل إن شاء أعطاه وإن شاء منعه ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدا فهي كفارة له إلى يوم الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام وذلك أن الله عز وجل يقول من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها

    ذكره أحمد وأبو داود .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  18. #58
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في العيدين




    كان صلى الله عليه وسلم يصلي العيدين في المصلى وهو المصلى الذي على باب المدينة الشرقي وهو المصلى الذي يوضع فيه محمل الحاج ولم يصل العيد بمسجده إلا مرة واحدة أصابهم مطر فصلى بهم العيد في المسجد إن ثبت الحديث وهو في سنن أبي داود وابن ماجه وهديه كان فعلهما في المصلى دائما .

    وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه فكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة ومرة كان يلبس بردين أخضرين ومرة بردا أحمر وليس هو أحمر مصمتا كما يظنه بعض الناس فإنه لو كان كذلك لم يكن بردا وإنما فيه خطوط حمر كالبرود اليمنية فسمي أحمر باعتبار ما فيه من ذلك .

    وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من غير معارض النهي عن لبس المعصفر والأحمر وأمر عبد الله بن عمرو لما رأى عليه ثوبين أحمرين أن يحرقهما فلم يكن ليكره الأحمر هذه الكراهة الشديدة ثم يلبسه والذي يقوم عليه الدليل تحريم لباس الأحمر أو كراهيته كراهية شديدة .

    وكان صلى الله عليه وسلم يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمرات ويأكلهن وترا وأما في عيد الأضحى فكان لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته . وكان يغتسل للعيدين صح الحديث فيه وفيه حديثان ضعيفان حديث ابن عباس من رواية جبارة بن مغلس وحديث الفاكه بن سعد من رواية يوسف بن خالد السمتي .

    ولكن ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه وكان صلى الله عليه وسلم يخرج ماشيا والعنزة تحمل بين يديه فإذا وصل إلى المصلى نصبت بين يديه ليصلي إليها فإن المصلى كان إذ ذاك فضاء لم يكن فيه بناء ولا حائط وكانت الحربة سترته .

    وكان يؤخر صلاة عيد الفطر ويعجل الأضحى وكان ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة لا يخرج حتى تطلع الشمس ويكبر من بيته إلى المصلى .

    وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول الصلاة جامعة والسنة أنه لا يفعل شيء من ذلك . ولم يكن هو ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئا قبل الصلاة ولا بعدها .

    وكان يبدأ بالصلاة قبل الخطبة فيصلي ركعتين يكبر في الأولى سبع تكبيرات متوالية بتكبيرة الافتتاح يسكت بين كل تكبيرتين سكتة يسيرة ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات ولكن ذكر عن ابن مسعود أنه قال يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ذكره الخلال . وكان ابن عمر مع تحريه للاتباع يرفع يديه مع كل تكبيرة .

    وكان صلى الله عليه وسلم إذا أتم التكبير أخذ في القراءة فقرأ فاتحة الكتاب ثم قرأ بعدها ق والقرآن المجيد في إحدى الركعتين وفي الأخرى اقتربت الساعة وانشق القمر وربما قرأ فيهما سبح اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية صح عنه هذا وهذا ولم يصح عنه غير ذلك . فإذا فرغ من القراءة كبر وركع ثم إذا أكمل الركعة وقام من السجود كبر خمسا متوالية فإذا أكمل التكبير أخذ في القراءة فيكون التكبير أول ما يبدأ به في الركعتين والقراءة يليها الركوع وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه والى بين القراءتين فكبر أولا ثم قرأ وركع فلما قام في الثانية قرأ وجعل التكبير بعد القراءة ولكن لم يثبت هذا عنه فإنه من رواية محمد بن معاوية النيسابوري . قال البيهقي : رماه غير واحد بالكذب .

    وقد روى الترمذي من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة وفي الآخرة خمسا قبل القراءة قال الترمذي : سألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث قال ليس في الباب شيء أصح من هذا وبه أقول وقال وحديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في هذا الباب هو صحيح أيضا .

    قلت : يريد حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة سبعا في الأولى وخمسا في الآخرة ولم يصل قبلها ولا بعدها . قال أحمد : وأنا أذهب إلى هذا . قلت : وكثير بن عبد الله بن عمرو هذا ضرب أحمد على حديثه في " المسند " وقال لا يساوي حديثه شيئا والترمذي تارة يصحح حديثه وتارة يحسنه وقد صرح البخاري بأنه أصح شيء في الباب مع حكمه بصحة حديث عمرو بن شعيب وأخبر أنه يذهب إليه . والله أعلم

    [ كان يخطبهم في العيد قائما على الأرض ]

    وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكمل الصلاة انصرف فقام مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم وينهاهم وإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه أو يأمر بشيء أمر به . ولم يكن هنالك منبر يرقى عليه ولم يكن يخرج منبر المدينة وإنما كان يخطبهم قائما على الأرض قال جابر : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن متفق عليه . وقال أبو سعيد الخدري : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول ما يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم . . . الحديث . رواه مسلم .

    وذكر أبو سعيد الخدري : أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم العيد فيصلي بالناس ركعتين ثم يسلم فيقف على راحلته مستقبل الناس وهم صفوف جلوس فيقول " تصدقوا " فأكثر من يتصدق النساء بالقرط والخاتم والشيء . فإن كانت له حاجة يريد أن يبعث بعثا يذكره لهم وإلا انصرف . وقد كان يقع لي أن هذا وهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يخرج إلى العيد ماشيا والعنزة بين يديه وإنما خطب على راحلته يوم النحر بمنى إلى أن رأيت بقي بن مخلد الحافظ قد ذكر هذا الحديث في " مسنده " عن أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا داود بن قيس حدثنا عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم العيد من يوم الفطر فيصلي بالناس تينك الركعتين ثم يسلم فيستقبل الناس فيقول تصدقوا وكان أكثر من يتصدق النساء وذكر الحديث .

    ثم قال حدثنا أبو بكر بن خلاد حدثنا أبو عامر حدثنا داود عن عياض عن أبي سعيد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في يوم الفطر فيصلي بالناس فيبدأ بالركعتين ثم يستقبلهم وهم جلوس فيقول تصدقوا فذكر مثله وهذا إسناد ابن ماجه إلا أنه رواه عن أبي كريب عن أبي أسامة عن داود . ولعله ثم يقوم على رجليه كما قال جابر قام متوكئا على بلال فتصحف على الكاتب براحلته . والله أعلم .

    فإن قيل فقد أخرجا في " الصحيحين " عن ابن عباس قال شهدت صلاة الفطر مع نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكلهم يصليها قبل الخطبة ثم يخطب قال فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده ثم أقبل يشقهم حتى جاء إلى النساء ومعه بلال فقال يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا [ الممتحنة 12 ] . فتلا الآية حتى فرغ منها الحديث .

    وفي " الصحيحين " أيضا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فبدأ بالصلاة ثم خطب الناس بعد فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل فأتى النساء فذكرهن الحديث . وهو يدل على أنه كان يخطب على منبر أو على راحلته ولعله كان قد بني له منبر من لبن أو طين أو نحوه ؟ قيل لا ريب في صحة هذين الحديثين ولا ريب أن المنبر لم يكن يخرج من المسجد وأول من أخرجه مروان بن الحكم فأنكر عليه وأما منبر اللبن والطين فأول من بناه كثير بن الصلت في إمارة مروان على المدينة كما هو في " الصحيحين " فلعله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في المصلى على مكان مرتفع أو دكان وهي التي تسمى مصطبة ثم ينحدر منه إلى النساء فيقف عليهن فيخطبهن فيعظهن ويذكرهن . والله أعلم .

    [ كان يفتتح خطبه بالحمدلة ]

    وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير وإنما روى ابن ماجه في " سننه " عن سعد القرظ مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر التكبير بين أضعاف الخطبة ويكثر التكبير في خطبتي العيدين . وهذا لا يدل على أنه كان يفتتحها به .

    وقد اختلف الناس في افتتاح خطبة العيدين والاستسقاء فقيل يفتتحان بالتكبير وقيل تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار وقيل يفتتحان بالحمد . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وهو الصواب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم

    وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله . ورخص صلى الله عليه وسلم لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة وأن يذهب ورخص لهم إذا وقع العيد يوم الجمعة أن يجتزئوا بصلاة العيد عن حضور الجمعة .

    وكان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد فيذهب في طريق ويرجع في آخر فقيل ليسلم على أهل الطريقين وقيل لينال بركته الفريقان وقيل ليقضي حاجة من له حاجة منهما وقيل ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق وقيل ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله وقيام شعائره وقيل لتكثر شهادة البقاع فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجة والأخرى تحط خطيئة حتى يرجع إلى منزله وقيل وهو الأصح : إنه لذلك كله ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها .

    [ التكبير من فجر يوم عرفة ]

    وروي عنه أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  19. #59
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف



    لما كسفت الشمس خرج صلى الله عليه وسلم إلى المسجد مسرعا فزعا يجر رداءه وكان كسوفها في أول النهار على مقدار رمحين أو ثلاثة من طلوعها فتقدم فصلى ركعتين قرأ في الأولى بفاتحة الكتاب وسورة طويلة جهر بالقراءة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه من الركوع فأطال القيام وهو دون القيام الأول وقال لما رفع رأسه سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ثم أخذ في القراءة ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم رفع رأسه من الركوع ثم سجد سجدة طويلة فأطال السجود ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الأولى فكان في كل ركعة ركوعان وسجودان فاستكمل في الركعتين أربع ركعات وأربع سجدات ورأى في صلاته تلك الجنة والنار وهم أن يأخذ عنقودا من الجنة فيريهم إياه ورأى أهل العذاب في النار فرأى امرأة تخدشها هرة ربطتها حتى ماتت جوعا وعطشا ورأى عمرو بن مالك يجر أمعاءه في النار وكان أول من غير دين إبراهيم ورأى فيها سارق الحاج يعذب ثم انصرف فخطب بهم خطبة بليغة حفظ منها قوله إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا يا أمة محمد والله ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا

    وقال لقد رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدتم به حتى لقد رأيتني أريد أن آخذ قطفا من الجنة حين رأيتموني أتقدم ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا حين رأيتموني تأخرت

    وفي لفظ ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط أفظع منها ورأيت أكثر أهل النار النساء . قالوا : وبم يا رسول الله ؟ قال بكفرهن . قيل أيكفرن بالله ؟ قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط

    ومنها : ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريبا من فتنة الدجال يؤتى أحدكم فيقال له ما علمك بهذا الرجل ؟ فأما المؤمن أو قال الموقن فيقول محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وآمنا واتبعنا فيقال له نم صالحا فقد علمنا إن كنت لمؤمنا وأما المنافق أو قال المرتاب فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته

    وفي طريق أخرى لأحمد بن حنبل رحمه الله أنه صلى الله عليه وسلم لما سلم حمد الله وأثنى عليه وشهد أن لا إله إلا الله وأنه عبده ورسوله ثم قال أيها الناس أنشدكم بالله هل تعلمون أني قصرت في شيء من تبليغ رسالات ربي لما أخبرتموني بذلك ؟ فقام رجل فقال نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لأمتك وقضيت الذي عليك . ثم قال أما بعد فإن رجالا يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر وزوال هذه النجوم عن مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض وإنهم قد كذبوا ولكنها آيات من آيات الله تبارك وتعالى يعتبر بها عباده فينظر من يحدث منهم توبة وايم الله لقد رأيت منذ قمت أصلي ما أنتم لاقوه من أمر دنياكم وآخرتكم وإنه - والله أعلم - لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليسرى كأنها عين أبي يحيى لشيخ حينئذ من الأنصار بينه وبين حجرة عائشة وإنه متى يخرج فسوف يزعم أنه الله فمن آمن به وصدقه واتبعه لم ينفعه صالح من عمله سلف ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشيء من عمله سلف وإنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس فيزلزلون زلزالا شديدا ثم يهلكه الله عز وجل وجنوده حتى إن جذم الحائط أو قال أصل الحائط وأصل الشجرة لينادي : يا مسلم يا مؤمن هذا يهودي أو قال هذا كافر فتعال فاقتله قال ولن يكون ذلك حتى تروا أمورا يتفاقم بينكم شأنها في أنفسكم وتساءلون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرا : وحتى تزول جبال عن مراتبها ثم على أثر ذلك القبض .

    [ بيان الاختلاف في صفة صلاة الكسوف ]

    فهذا الذي صح عنه صلى الله عليه وسلم من صفة صلاة الكسوف وخطبتها . وقد روي عنه أنه صلاها على صفات أخر . منها : كل ركعة بثلاث ركوعات ومنها: كل ركعة بأربع ركوعات ومنها : إنها كإحدى صلاة صليت كل ركعة بركوع واحد ولكن كبار الأئمة لا يصححون ذلك كالإمام أحمد والبخاري والشافعي ويرونه غلطا .

    قال الشافعي وقد سأله سائل فقال روى بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بثلاث ركعات في كل ركعة قال الشافعي : فقلت له أتقول به أنت ؟ قال لا ولكن لم لم تقل به أنت وهو زيادة على حديثكم ؟ يعني حديث الركوعين في الركعة فقلت هو من وجه منقطع ونحن لا نثبت المنقطع على الانفراد ووجه نراه - والله أعلم - غلطا قال البيهقي : أراد بالمنقطع قول عبيد بن عمير : حدثني من أصدق قال عطاء : حسبته يريد عائشة . . . الحديث وفيه فركع في كل ركعة ثلاث ركوعات وأربع سجدات .

    وقال قتادة : عن عطاء عن عبيد بن عمير عنها : ست ركعات في أربع سجدات . فعطاء إنما أسنده عن عائشة بالظن والحسبان لا باليقين وكيف يكون ذلك محفوظا عن عائشة وقد ثبت عن عروة وعمرة عن عائشة خلافه وعروة وعمرة أخص بعائشة وألزم لها من عبيد بن عمير وهما اثنان فروايتهما أولى أن تكون هي المحفوظة .

    قال وأما الذي يراه الشافعي غلطا فأحسبه حديث عطاء عن جابر انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس إنما انكسفت الشمس لموت إبراهيم فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات في أربع سجدات الحديث .

    قال البيهقي : من نظر في قصة هذا الحديث وقصة حديث أبي الزبير علم أنهما قصة واحدة وأن الصلاة التي أخبر عنها إنما فعلها مرة واحدة وذلك في يوم توفي ابنه إبراهيم عليه السلام .

    قال ثم وقع الخلاف بين عبد الملك يعني ابن أبي سليمان عن عطاء عن جابر وبين هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر في عدد الركوع في كل ركعة فوجدنا رواية هشام أولى يعني أن في كل ركعة ركوعين فقط لكونه مع أبي الزبير أحفظ من عبد الملك ولموافقة روايته في عدد الركوع رواية عمرة وعروة عن عائشة ورواية كثير بن عباس وعطاء بن يسار عن ابن عباس ورواية أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو ثم رواية يحيى بن سليم وغيره وقد خولف عبد الملك في روايته عن عطاء فرواه ابن جريج وقتادة عن عطاء عن عبيد بن عمير : ست ركعات في أربع سجدات فرواية هشام عن أبي الزبير عن جابر التي لم يقع فيها الخلاف ويوافقها عدد كثير أولى من روايتي عطاء اللتين إنما إسناد أحدهما بالتوهم والأخرى يتفرد بها عنه عبد الملك بن أبي سليمان الذي قد أخذ عليه الغلط في غير حديث .

    قال وأما حديث حبيب بن أبي ثابت عن طاووس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في كسوف فقرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم سجد قال والأخرى مثلها فرواه مسلم في " صحيحه " وهو مما تفرد به حبيب بن أبي ثابت وحبيب وإن كان ثقة فكان يدلس ولم يبين فيه سماعه من طاووس فيشبه أن يكون حمله عن غير موثوق به وقد خالفه في رفعه ومتنه سليمان المكي الأحول فرواه عن طاووس عن ابن عباس من فعله ثلاث ركعات في ركعة .

    وقد خولف سليمان أيضا في عدد الركوع فرواه جماعة عن ابن عباس من فعله كما رواه عطاء بن يسار وغيره عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني في كل ركعة ركوعان .

    قال وقد أعرض محمد بن إسماعيل البخاري عن هذه الروايات الثلاث فلم يخرج شيئا منها في " الصحيح " لمخالفتهن ما هو أصح إسنادا وأكثر عددا وأوثق رجالا وقال البخاري في رواية أبي عيسى الترمذي عنه أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف أربع ركعات في أربع سجدات .

    قال البيهقي : وروي عن حذيفة مرفوعا أربع ركعات في كل ركعة وإسناده ضعيف . وروي عن أبي بن كعب مرفوعا خمس ركوعات في كل ركعة وصاحبا الصحيح لم يحتجا بمثل إسناد حديثه .

    قال وذهب جماعة من أهل الحديث إلى تصحيح الروايات في عدد الركعات وحملوها على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها مرارا وأن الجميع جائز فممن ذهب إليه إسحاق بن راهويه ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وأبو بكر بن إسحاق الضبعي وأبو سليمان الخطابي واستحسنه ابن المنذر .

    والذي ذهب إليه البخاري والشافعي من ترجيح الأخبار أولى لما ذكرنا من رجوع الأخبار إلى حكاية صلاته صلى الله عليه وسلم يوم توفي ابنه .

    قلت : والمنصوص عن أحمد أيضا أخذه بحديث عائشة وحده في كل ركعة ركوعان وسجودان .

    قال في رواية المروزي : وأذهب إلى أن صلاة الكسوف أربع ركعات وأربع سجدات في كل ركعة ركعتان وسجدتان وأذهب إلى حديث عائشة أكثر الأحاديث على هذا . وهذا اختيار أبي بكر وقدماء الأصحاب وهو اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية . وكان يضعف كل ما خالفه من الأحاديث ويقول هي غلط وإنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الكسوف مرة واحدة يوم مات ابنه إبراهيم . والله أعلم .

    وأمر صلى الله عليه وسلم في الكسوف بذكر الله والصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والعتاقة والله أعلم .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  20. #60
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء



    ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه استسقى على وجوه . أحدها : يوم الجمعة على المنبر في أثناء خطبته وقال اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا الوجه الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم وعد الناس يوما يخرجون فيه إلى المصلى فخرج لما طلعت الشمس متواضعا متبذلا متخشعا مترسلا متضرعا فلما وافى المصلى صعد المنبر - إن صح وإلا ففي القلب منه شيء - فحمد الله وأثنى عليه وكبره وكان مما حفظ من خطبته ودعائه الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لا إله إلا الله يفعل ما يريد اللهم أنت الله لا إله إلا أنت تفعل ما تريد اللهم لا إلا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته علينا قوة لنا وبلاغا إلى حين ثم رفع يديه وأخذ في التضرع والابتهال والدعاء وبالغ في الرفع حتى بدا بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة وحول إذ ذاك رداءه وهو مستقبل القبلة فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن وظهر الرداء لبطنه وبطنه لظهره وكان الرداء خميصة سوداء وأخذ في الدعاء مستقبل القبلة والناس كذلك ثم نزل فصلى بهم ركعتين كصلاة العيد من غير أذان ولا إقامة ولا نداء البتة جهر فيهما بالقراءة وقرأ في الأولى بعد فاتحة الكتاب سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية هل أتاك حديث الغاشية .

    الوجه الثالث أنه صلى الله عليه وسلم استسقى على منبر المدينة استسقاء مجردا في غير يوم جمعة ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الاستسقاء صلاة .

    الوجه الرابع أنه صلى الله عليه وسلم استسقى وهو جالس في المسجد فرفع يديه ودعا الله عز وجل فحفظ من دعائه حينئذ اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريعا طبقا عاجلا غير رائث نافعا غير ضار

    الوجه الخامس أنه صلى الله عليه وسلم استسقى عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء وهي خارج باب المسجد الذي يدعى اليوم باب السلام نحو قذفة حجر ينعطف عن يمين الخارج من المسجد .

    الوجه السادس أنه صلى الله عليه وسلم استسقى في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء فأصاب المسلمين العطش فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال بعض المنافقين لو كان نبيا لاستسقى لقومه كما استسقى موسى لقومه فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال أوقد قالوها ؟ عسى ربكم أن يسقيكم ثم بسط يديه ودعا فما رد يديه من دعائه حتى أظلهم السحاب وأمطروا فأفعم السيل الوادي فشرب الناس فارتووا .

    وحفظ من دعائه في الاستسقاء اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل . وأغيث صلى الله عليه وسلم في كل مرة استسقى فيها .

    واستسقى مرة فقام إليه أبو لبابة فقال يا رسول الله إن التمر في المرابد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانا فيسد ثعلب مربده بإزاره فأمطرت فاجتمعوا إلى أبي لبابة فقالوا : إنها لن تقلع حتى تقوم عريانا فتسد ثعلب مربدك بإزارك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل فاستهلت السماء

    ولما كثر المطر سألوه الاستصحاء فاستصحى لهم وقال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر

    وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى مطرا قال اللهم صيبا نافعا وكان يحسر ثوبه حتى يصيبه من المطر فسئل عن ذلك فقال لأنه حديث عهد بربه

    قال الشافعي رحمه الله أخبرني من لا أتهم عن يزيد بن الهاد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سال السيل قال اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر منه ونحمد الله عليه

    وأخبرني من لا أتهم عن إسحاق بن عبد الله أن عمر كان إذا سال السيل ذهب بأصحابه إليه وقال ما كان ليجيء من مجيئه أحد إلا تمسحنا وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى الغيم والريح عرف ذلك في وجهه فأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه وذهب عنه ذلك وكان يخشى أن يكون فيه العذاب .

    قال الشافعي : وروي عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعا أنه كان إذا استسقى قال اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا غدقا مجللا عاما طبقا سحا دائما اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم إن بالعباد والبلاد والبهائم والخلق من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعري واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا

    قال الشافعي رحمه الله وأحب أن يدعو الإمام بهذا قال وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا في الاستسقاء رفع يديه وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتمطر في أول مطرة حتى يصيب جسده .

    قال وبلغني أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أصبح وقد مطر الناس قال مطرنا بنوء الفتح ثم يقرأ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها [ فاطر 2 ] .

    [ طلب الإجابة عند نزول الغيث ]

    قال وأخبرني من لا أتهم عن عبد العزيز بن عمر عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث وقد حفظت عن غير واحد طلب الإجابة عند : نزول الغيث وإقامة الصلاة .

    قال البيهقي : وقد روينا في حديث موصول عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء لا يرد عند النداء وعند البأس وتحت المطر .

    وروينا عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن عند التقاء الصفوف وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلاة وعند رؤية الكعبة .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •