* ليس ثمة موتى غير أولئك الذين نواريهم في مقبرة الذاكرة .إذن يمكننا بالنسيان
أن نشيّع موتاً مَن شئنا من الأحياء ، فنستيقظ ذات صباح ونقرر أنهم ما عادوا هنا.
بإمكاننا أن نلفّق لهم ميتة في كتاب ، أن نخترع لهم وفاة داهمة بسكتة قلبية,
مباغتة كحادثة سير مفجعة كجثة غرق ، ولا يعنينا إن هم بقوا أحياء . فنحن لا
نريد موتهم ، نريد جثث ذكراهم لنبكيهم كما نبكي الموتى . نحتاج أن نتخلص من
أشيائهم ، من هداياهم ، من رسائلهم ، من تشابك ذاكراتنا بهم .
* نحتاج على وجه السرعة أن نلبس حدادهم بعض الوقت ثم ننسى.
* أذكر تلك الأجوبة الطريفة لكتّاب سئلوا لماذا يكتبون
أجاب أحدهم " ليجاور الأحياء الموتى "
وأجاب آخر " كي أسخر من المقابر "
ورد ثالث" لكي أضرب موعداً ".
* أليس في هذه المفارقة سخرية من المقابر التي تضم تحت رخامها الأحياء
وتترك الموتى يمشون ويجيئون في شوارع حياتنا .
* تعلم إذن أن تقضي سنوات في إنجاز حفنة من رماد الكلمات
لمتعة رمي كتاب إلى البحر كما تُرمى الورود لجثث الغرقى .
* إن حباً نكتب عنه ، هو حب لم يعد موجوداً
وكتاباً نوزع آلاف النسخ منه ليس سوى
رماد عشق ننثره في المكتبات .
* ليس البكاء شأناً نسائياً .
* لا بد للرجال أن يستعيدوا حقهم في البكاء
أو على الحزن إذن أن يستعيد حقه في التهكم .
* وعليك أن تحسم خيارك :
أتبكي بحرقة الرجولة
أم ككاتب كبير تكتب نصاً
بقدر كبير من الاستخفاف والسخرية
فالموت كما الحب أكثر عبثية
من أن تأخذه مأخذ الجد.
عابر سرير
أحلام مستغمائي