بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدرس الخامس :
فضائل شهر رمضان
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من المسلمين ، وفقني الله وإياهم لاغتنام الخيرات ، وجعلني وإياهم من المسارعين إلى الأعمال الصالحات آمين .
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :
أيها المسلمون :
إنكم في شهر عظيم مبارك ألا وهو شهر رمضان ، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن ، شهر العتق والغفران ، شهر الصدقات والإحسان ، شهر تفتح فيه أبواب الجنات ، وتضاعف فيه الحسنات ، وتقال فيه العثرات ، شهر تجاب فيه الدعوات ، وترفع فيه الدرجات ، وتغفر فيه السيئات ، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات ، ويجزل فيه لأوليائه العطايات ، شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام ، فصامه المصطفى صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بصيامه ، وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من صامه إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، ومن قامه إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم ، فعظموه رحمكم الله بالنية الصالحة والاجتهاد في حفظ صيامه وقيامه والمسابقة فيه إلى الخيرات ، والمبادرة فيه إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب والسيئات ، واجتهدوا في التناصح بينكم ، والتعاون على البر والتقوى ، والتواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى كل خير لتفوزوا بالكرامة والأجر العظيم .
وفي الصيام فوائد كثيرة وحكم عظيمة منها :
تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الخلاق السيئة والصفات الذميمة ، كالأشر والبطر والبخل ، وتعويدها الأخلاق الكريمة كالصبر والحلم والجود والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ويقرب لديه .
ومن فوائد الصوم:
أنه يعرف العبد نفسه وحاجته وضعفه وفقره لربه ، ويذكره بعظيم نعم الله عليه ، ويذكره أيضاً بحاجة إخوانه الفقراء فيوجب له ذلك شكر الله سبحانه ، والاستعانة بنعمه على طاعته ، ومواساة إخوانه الفقراء والإحسان إليهم ، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه الفوائد في قوله عز وجل :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [1]
فأوضح سبحانه أنه كتب علينا الصيام لنتقيه سبحانه ، فدل ذلك على أن الصيام وسيلة للتقوى
والتقوى هي :
طاعة الله ورسوله بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه عن إخلاص لله عز وجل ، ومحبة ورغبة ورهبة ، وبذلك يتقي العبد عذاب الله وغضبه ، فالصيام شعبة عظيمة من شعب التقوى ، وقربى إلى المولى عز وجل ، ووسيلة قوية إلى التقوى في بقية شئون الدين والدنيا .
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض فوائد الصوم :
في قوله صلى الله عليه وسلم :
( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )[2] .
فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن الصوم وجاء للصائم ، ووسيلة لطهارته وعفافه ، وما ذاك إلا لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، والصوم يضيق تلك المجاري ويذكر بالله وعظمته ، فيضعف سلطان الشيطان ويقوى سلطان الإيمان وتكثر بسببه الطاعات من المؤمنين ، وتقل به المعاصي .
ومن فوائد الصوم أيضاً :
أنه يطهر البدن من الأخلاط الرديئة ويكسبه صحة وقوة اعترف بذلك الكثير من الأطباء وعالجوا به كثيراً من الأمراض ، وقد أخبر الله سبحانه في كتابه العزيز أنه كتب علينا الصيام كما كتبه على من قبلنا ، وأوضح سبحانه أن المفروض علينا هو صيام شهر رمضان ، وأخبر نبينا عليه الصلاة والسلام أن صيامه هو أحد أركان الإسلام الخمسة ، قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ) [3]
إلى أن قال عز وجل :
( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )[4] .
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان وحج البيت )[5] .
أيها المسلمون :
إن الصوم عمل صالح عظيم ، وثوابه جزيل ولاسيما صوم رمضان ،فإنه الصوم الذي فرضه الله على عباده ، وجعله من أسباب الفوز لديه ، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
يقول الله تعالى :
( كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ، للصائم فرحتان ، فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك )[6] .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلقت أبواب النار ، وسلسلت الشياطين )[7] .
وأخرج الترمذي وابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة )[8] .
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه ، فينزل الرحمة ، ويحط الخطايا ، ويستجيب فيه الدعاء ، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله )[9]
رواه الطبراني .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إن الله فرض عليكم صيام رمضان ، وسننت لكم قيامه ، من صامه وقامه إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه )[10] .
رواه النسائي .
وليس في قيام رمضان حد محدود ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت لأمته في ذلك شيئاً وإنما حثهم على قيام رمضان ولم يحدد ذلك بركعات معدودة ، ولما سئل عليه الصلاة والسلام عن قيام الليل قال :
( مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى )[11]
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين
فدل ذلك على التوسعة في هذا الأمر ، فمن أحب أن يصلي عشرين ركعة ويوتر بثلاث فلا بأس ، ومن أحب أن يصلي عشر ركعات ويوتر بثلاث فلا بأس ، ومن أحب أن يصلي ثمان ركعات ويوتر بثلاث فلا بأس ، ومن زاد على ذلك أو نقص عنه فلا حرج عليه ، والأفضل ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله غالباً وهو أن يقوم ثمان ركعات يسلم من كل ركعتين ويوتر بثلاث ، مع الخشوع والطمأنينة وترتيل القراءة ، لما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت :
( ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشر ركعة ، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي ثلاثاً )[12]
وفي الصحيحين عنها رضي الله عنها :
( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل عشر ركعات يسلم من كل اثنتين ويوتر بواحدة )[13]
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى أنه كان يتهجد في بعض الليالي بأقل من ذلك ، وثبت عنه أيضاً صلى الله عليه وسلم أنه في بعض الليالي يصلي ثلاث عشرة ركعة يسلم من كل اثنتين ، فدلت هذه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الأمر في صلاة الليل موسع فيه بحمد الله ، وليس فيه حد محدود لا يجوز غيره ، وهو من فضل الله ورحمته وتيسيره على عباده حتى يفعل كل مسلم ما يستطيع من ذلك ، وهذا يعم رمضان وغيره ، وينبغي أن يعلم أن المشروع للمسلم في قيام رمضان وفي سائر الصلوات هو الإقبال على صلاته ، والخشوع فيها ، والطمأنينة في القيام والقعود والركوع والسجود ، وترتيل التلاوة وعدم العجلة ؛ لأن روح الصلاة هو الإقبال عليها بالقلب والقالب والخشوع فيها ، وأداؤها كما شرع الله بإخلاص وصدق ورغبة ورهبة وحضور قلب .
كما قال سبحانه :
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ )[14] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( وجعلت قرة عيني في الصلاة )[15]
وقال للذي أساء في صلاته :
( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها )[16] .
وكثير من الناس يصلي في قيام رمضان صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقراً وذلك لا يجوز بل هو منكر لا تصح معه الصلاة ، لأن الطمأنينة ركن في الصلاة لابد منه كما دل عليه الحديث المذكور آنفاً ، فالواجب الحذر من ذلك
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته )
قالوا يا رسول الله : كيف يسرق صلاته ؟ ، قال :
( لا يتم ركوعها ولا سجودها )[17]
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر الذي نقر صلاته أن يعيدها ، فيا معشر المسلمين عظموا الصلاة وأدوها كما شرع الله واغتنموا هذا الشهر العظيم وعظموه رحمكم الله بأنواع العبادات والقربات وسارعوا فيه إلى الطاعات ، فهو شهر عظيم جعله الله ميداناً لعباده يتسابقون إليه فيه بالطاعات ويتنافسون فيه بأنواع الخيرات .
فأكثروا فيه – رحمكم الله – من الصلاة والصدقات وقراءة القرآن الكريم ، بالتدبر والتعقل والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار ، والإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، فاقتدوا به رحمكم الله في مضاعفة الجود والإحسان في شهر رمضان ، وأعينوا إخوانكم الفقراء على الصيام والقيام ، واحتسبوا أجر ذلك عند الملك العلام ، واحفظوا صيامكم عما حرمه الله عليكم من الأوزار والآثام فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )[18] .
وقال عليه الصلاة والسلام :
( الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن امرؤ سابه أحد فليقل : إني امرؤ صائم )
[19] .
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(ليس الصيام عن الطعام والشراب وإنما الصيام من اللغو والرفث )[20] .
وخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من صام رمضان وعرف حدوده وتحفظ مما ينبغي أن يتحفظ منه كفَّر ما قبله )[21] .
وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما :
( إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء )[22] .
يتبع..
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 25 -08- 2009 الساعة 12:54 AM
ومن أهم الأمور التي يجب على المسلم العناية بها والمحافظة عليها في رمضان وفي غيره:
الصلوات الخمس في أوقاتها ، فإنها عمود الإسلام واعظم الفرائض بعد الشهادتين ، وقد عظم الله شانها وأكثر من ذكرها في كتابه العظيم
فقال تعالى:
(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِين)
[23]
وقال تعالى:
(أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )
[24] .
والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
(العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) [25] .
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :
( من حافظ على الصلاة كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة ، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف )[26] .
ومن أهم واجباتها في حق الرجال أداؤها في الجماعة كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر ) [27]
وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال يا رسول الله إني رجل شاسع الدار عن المسجد وليس لي قائد يلائمني فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
( هل تسمع النداء بالصلاة )
قال : نعم . قال :
( فأجب )[28]
أخرجه مسلم في صحيحه .
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
( لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق )[29] .
فاتقوا الله – عباد الله – في صلاتكم وحافظوا عليها في الجماعة وتواصوا بذلك في رمضان وغيره تفوزوا بالمغفرة ومضاعفة الأجر وتسلموا من غضب الله وعقابه ومشابهة أعدائه من المنافقين .
وأهم الأمور بعد الصلاة الزكاة : فهي الركن الثالث من أركان الإسلام ، وهي قرينة الصلاة في كتاب الله عز وجل ، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعظموها كما عظمها الله ، وسارعوا على إخراجها وقت وجوبها وصرفها على مستحقيها عن إخلاص لله عز وجل وطيب نفس وشكر للمنعم سبحانه ، واعلموا أنها زكاة وطهرة لكم ولموالكم وشكر للذي أنعم عليكم بالمال ومواساة لإخوانكم الفقراء .
كما قال الله عز وجل :
( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)[30] .
وقال سبحانه :
(اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [31] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن :
( إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ، فإن هم أطاعوك لذلك ، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب )[32]
متفق على صحته .
وينبغي للمسلم في هذا الشهر الكريم الوسع في النفقة والعناية بالفقراء والمتعففين ، وإعانتهم على الصيام والقيام تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطلباً لمرضاة الله سبحانه ، وشكراً لإنعامه ، وقد وعد الله سبحانه عباده المنفقين بالأجر العظيم ، والخلف الجزيل .
فقال سبحانه :
(وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً )[33] .
وقال تعالى:
( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [34] .
واحذروا – رحمكم الله – :
كل ما يجرح الصوم ، وينقص الأجر ، ويغضب الرب عز وجل ، من سائر المعاصي ، كالربا ، والزنا ، والسرقة ، وقتل النفس بغير حق ، وأكل أموال اليتامى ، وأنواع الظلم في النفس والمال والعرض ، والغش في المعاملات ، والخيانة للأمانات ، وعقوق الوالدين ، وقطيعة الرحم ، والشحناء ، والتهاجر في غير حق الله سبحانه ، وشرب المسكرات ، وأنواع المخدرات كالقات ، والدخان ، والغيبة والنميمة ، والكذب ، وشهادة الزور ، والدعاوى الباطلة ، والأيمان الكاذبة ، وحلق اللحى ، وتقصيرها ، وإطالة الشوارب ، والتكبر ، وإسبال الملابس ، واستماع الأغاني وآلات الملاهي ، وتبرج النساء ، وعدم تسترهن من الرجال ، والتشبه بنساء الكفرة في لبس الثياب القصيرة ، وغير ذلك مما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وهذه المعاصي التي ذكرنا محرمة في كل زمان ومكان ، ولكنها في رمضان أشد تحريماً ، وأعظم إثماً لفضل الزمان وحرمته .
فاتقوا الله – أيها المسلمون - ، واحذروا ما نهاكم الله عنه ورسوله:
واستقيموا على طاعته في رمضان وغيره ، وتواصوا بذلك ، وتعاونوا عليه ، وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر ، لتفوزوا بالكرامة والسعادة والعزة والنجاة في الدنيا والآخرة ، والله المسئول أن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من أسباب غضبه وأن يتقبل منا جميعاً صيامنا وقيامنا ، وأن يصلح ولاة أمر المسلمين ، وأن ينصر بهم دينه ، ويخذل بهم أعداه ، وأن يوفق الجميع للفقه في الدين والثبات عليه ، والحكم به والتحاكم إليه في كل شيء ، إنه على كل شيء قدير . وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 25 -08- 2009 الساعة 12:58 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقــفــة
أخي الصائم.. أضع بين يديك كنوزاً عظيمة في الصيام.. فسارع إلى الخيرات.
* هل تحب أن تقرأ حديثاً جامعاً في فضل الصيام؟ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل عمل ابن آدم له, الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف, يقول الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به,ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي,للصائم فرحتان, فرحة عند فطره, وفرحة عند لقاء ربه, ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» [رواه البخاري ومسلم].
* هل تحب أن يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك؟ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه, ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [ رواه البخاري ومسلم].
* هل تحب أن يباعد الله وجهك عن النار سبعين خريفاً؟ عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام يوم في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً» [رواه البخاري ومسلم].
* هل تحب أن تدعو في وقت لا ترد فيه الدعوة؟ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل, والصائم حين يفطر, ودعوة المظلوم» [رواه الترمذي].
* هل تحب أن يكون لك شفيعاً يشع لك يوم القيامة؟ عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه...» [رواه مسلم].
* هل تحب أن يكتب لك قيام ليلة كاملة؟ عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» [رواه الألباني].
* هل تحب أن يكون لك مثل أجر الصائم؟ عن زيد بن خالد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً» [رواه أحمد والترمذي وصححه النسائي].
* هل تحب أن يكون لك كأجر من حج إلى بيت الله الحرام مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار: «فإذا جاء رمضان فاعتمري, فإن عمرة في رمضان تعدل حجة أو قال حجة معي» [متفق عليه].
* هل تحب أن تقوم ليلة هي خير من ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر؟ قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [سورة القدر: 3]. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فيه ليلة خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حرم» [رواه أحمد والنسائي].
* هل تحب أن تتصدق في وقت كان يكثر فيه النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة؟ جاء في الصحيحين: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس, وكان أجود ما يكون في رمضان.. كان أجود بالخير من الريح المرسلة» .
* هل تحب أن تحافظ على سنة مهجورة فيها كثير من الطاعات (صيام, صلاة, تلاوة, ذكر, دعاء)؟ عن ابن عمر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان» [رواه البخاري ومسلم].
* هل تحب أن تنال أجر من صام الدهر؟ عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر» [رواه مسلم].
وصلى الله على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد الله حمود الفريح
دار اين خزيمة
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 25 -08- 2009 الساعة 01:00 AM
جزاك الله خيرا ونفع بك
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عشر وقفات للنساء في رمضان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه كلمات وجيرة ونداءات غالية نهديها إلى المرأة المسلمة والفتاة المؤمنة بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك نسأل الله أن ينفع بها كل من قرأتها من أخواتنا المؤمنات وأن تكون عونا لهن على طاعة الله تعالى والفوز برضوانه ومغفرته في هذا الشهر العظيم.
الوقفة الأولى: رمضان نعمة يجب أن تشكر:
أختاه، إن شهر رمضان من أعظم نعم الله تعالى على عباده المؤمنين فهو شهر تتنزل فيه الأجور والدرجات ويعتق الله فيه عباده من النيران قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنهم وسلست الشياطين». وقال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه».
وقال تعالى في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام وأنا أجزي به» وقال صلى الله عليه وسلم: «إن لله في كل يوم وليلة عتقاء من النار في شهر رمضان وإن لكل مسلم دعوة يدعو بها يستجاب له وفيه ليلة القدر» قال تعالى : {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3].
فيا أختي المسلمة هذه بعض فضائل هذا الشهر الكريم وهي تبين عظم نعمة الله تعالى عليك بأن آثرك على غيرك وهيأك لصيامه وقيامه فكم من الناس صاموا معنا رمضان الغابر وهم الآن بين أطباق الثرى مجندلين في قبورهم فاشكري الله – أختي المسلمة – على هذه النعمة ولا تقابليها بالمعاصي والسيئات فتزول وتنمحي ولقد أحسن القائل :
إذا كنت في نعمة فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم
وحطها بطاعة رب العباد *** فرب العباد سريع النقم
الوقفة الثانية: كيف تستقبلين رمضان؟!
1- بالمبادرة إلى التوبة الصادقة كما قال سبحانه وتعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].
2- بالتخلص من جميع المنكرات من كذب وغيبة ونميمة وفحش وغناء وتبرج واختلاط وغير ذلك.
3- بعقد العزم الصادق والهمة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصالحة وعدم تضييع أوقاته الشريفة فيما لايفيد.
4- بكثرة الذكر والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن.
5- بالمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها وتأديتها بتؤدة وطمأنينة وخشوع.
6- بالمحافظة على النوافل بعد إتيان الفرائض.
الوقفة الثالثة: تعلمي أحكام الصيام:
يجب على المسلمة أن تتعلم أحكام الصيام فرائضه وسننه وآدابه حتى يصح صومها ويكون مقبولا عند الله تعالى وهذه نبذة يسيرة في أحكام صيام المرأة:
1- يجب الصيام على كل مسلمة بالغة عاقلة مقيمة (غير مسافرة) قادرة (غير مريضة) سالمة من الموانع كالحيض والنفاس.
2- إذا بلغت الفتاة أثناء النهار لزمها الإمساك بقية اليوم لأنها صارت من أهل الوجوب ولا يلزمها قضاء ما فات من الشهر لأنها لم تكن من أهل الوجوب.
3- تشترط النية في صوم الفرائض وكذا كل صوم واجب كالقضاء والكفارة لحديث : «لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل» . فإذا نويت الصيام في أي جزء من أجزاء الليل ولو قبل الفجر بلحظة صح الصيام.
4- مفسدات الصوم سبعة:
أ- الجماع.
ب- إنزال المني بمباشرة أو ضم أو تقبيل.
جـ - الأكل والشرب.
د- ما كان بمعنى الأكل والشرب كالإبر المغذية.
هـ - إخراج الدم بالحجامة والفصد.
و- التقيوء عمدا.
ز- خروج دم الحيض والنفاس.
5- الحائض إذا رأت القصة البيضاء وهو سائل أبيض يدفعه الرحم بعد انتهاء الحيض التي تعرف بها المرأة أنها قد طهرت تنوي الصيام من الليل وتصوم وإن لم يكن لها طهر تعرفه احتشت بقطن ونحوه فإن خرج نظيفا صامت وإن رجع دم الحيض أفطرت.
6- الأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها وترضى بما كتبه الله عليها ولا تتعاطى ما تمنع به الحيض فإنه شيء كتبه الله على بنات آدم.
7- إذا طهرت النفساء بعد الأربعين صامت واغتسلت وتعتبر ما استمر استحاضة إلّا إذا وافق وقت حيضها المعتاد فهو حيض .
8- دم الاستحاضة لا يؤثر في صحة الصيام.
9- الراجح قياس الحامل والمرضع على المريض فيجوز لهما الإفطار وليس عليهما إلّا القضاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصوم»
10- لا بأس للصائمة بتذوق الطعام للحاجة ولكن لاتبتلع شيئا منه بل تمجه وتخرجه من فيها ولا يفسد بذلك صومها.
11- يستحب تعجيل الفطر قبل صلاة المغرب وتأخير السحور قال صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»
الوقفة الرابعة: شهر رمضان شهر الصيام لاشهر الطعام:
أختي المسلمة: فرض الله صيام رمضان ليتعود المسلم على الصبر وقوة التحمل حتى يكون ضابطا لنفسه متقيا لربه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]
وقد سئل بعض السلف: لم شرع الصيام ؟ فقال: "ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسى الفقير!!!".
وإن مما يبعث علي الأسف ما نراه من إسراف كثير من الناس في الطعام والشراب في هذا الشهر حيث إن كميات الأطعمة التي تستخدمها كل أسرة في رمضان أكثر منها في أي شهر من الشهور؟؟!، إلّا من رحم الله وكذلك فإن المرأة تقضي معظم ساعات النهار داخل المطبخ لإعداد ألوان الأطعمة وأصناف المشروبات!!
فمتى تقرأ القرآن؟؟
ومتى تذكر الله وتتوجه إليه بالدعاء والاستغفار؟
ومتى تتعلم أحكام الصيام وآداب القيام؟
ومتى تتفرغ لطاعة الله عز وجل؟
فاحذري أختاه من تضييع أوقات هذا الشهر في غير طاعة الله وعبادته فقد خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ آدم وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محاله فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» .
الوقفة الخامسة: رمضان شهر القرآن:
لشهر رمضان خصوصية بالقرآن ليست لباقي الشهور قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]. فرمضان والقرآن متلازمان إذا ذكر رمضان ذكر القرآن في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل يلقاه في كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة». في هذا الحديث دليل على استحباب تلاوة القرآن ودراسته في رمضان واستحباب ذلك ليلا فإن الليل تنقطع فيه الشواغل وتجتمع فيه الهمم ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6]. وكان السلف يكثرون من تلاوة القرآن في رمضتن وكان بعضهم يختم القرآن في قيام رمضان في كل ثلاث ليال وبعضهم في كل سبع دائما وفي رمضان وفي رمضان في كل ثلاث وفي العشر الأواخر كل ليلة.
وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: "فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام".
وقال ابن عبد الحكم: "كان مالك إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالسه أهل العلم وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف".
وقال عبد الرزاق: "كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن".
وأنت – أختي المسلمة – ينبغي أن يكون لك ورد من تلاوة القرآن يحبا به قلبك وتزكو به نفسك وتخشع له جوارحك وبذلك تستحقين شفاعة القرآن يوم القيامة قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال : فيشفعان»
الوقفة السادسة: رمضان شهر الجود والإحسان
أختي المسلمة: حث النبي صلى الله عليه وسلم النساء على الصدقة فقال عليه الصلاة والسلام : «يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار» قال صلى الله عليه وسلم : «تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن .... ».
ويروى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها تصدقت في يوم واحد بمائة ألف وكانت صائمة في ذلك اليوم فقالت لها خادمتها: "أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحما تفطرين عليه؟". فقالت: لو ذكرتني لفعلت؟!
أما الجود في رمضان فإنه أفضل الجود في غيره ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان أجود بالخير من الريح المرسلة وكان جوده صلى الله عليه وسلم شاملا جميع أنواع الجود من بذل العلم والمال وبذل النفس لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده وإيصال النفع إليهم بكل طريق من إطعام جائعهم ووعظ جاهلهم وقضاء حوائجهم وتحمل أثقالهم.
ومن الجود في رمضان: إطعام الصائمين:
فاحرصي أختي المسلمة على أن تفطري صائما فإن في ذلك الأجر العظيم والخير العميم قال النبي صلى اله عليه وسلم : «من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا» واحرص كذلك على الصدقة الجارية فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»
الوقفة السابعة: رمضان شهر القيام:
أختي المسلمة : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقالوا له : يارسول الله ! تفعل ذلك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال: «أفلا أكون عبدا شكورا» ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه».
وللمرأة أن تذهب إلى المسجد لتؤدي فيه الصلوات ومنها صلاة التراويح غير أن صلاتها في بيتها أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيتوهن خير لهن».
قال الحافظ الدمياطي: "كان النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرجن من بيوتهن إلى الصلاة يخرجن متبذلات متلفعات بالأكسية لا يعرفهن من الغلس – أي الظلمة- وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقال للرجال: مكانكم حتى ينصرف النساء ومع هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صلاتهن في بيوتهن أفضل لهن فما ظنك فيمن تخرج متزينة متبخره لابسة أحسن ثيابها وقد قالت عائشة رضي الله عنها: لو علم النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن الخروج إلى المسجد هذا قولها في حق الصحابيات ونساء الصدر فما ظنك لو رأت نساء زماننا هذا؟!".
فعلى المرأة الرشيدة إذا أرادت الخروج إلى المسجد أن تخرج على الهيئة التي كانت عليها نساء السلف إذا خرجن إلى المساجد وعليها كذلك استحضار النية الصالحة في ذلك وأنها ذاهبة لأداء الصلاة وسماع آيات الله عز وجل وهذا يدعوها إلى السكينة والوقار وعدم لفت الأنظار إليها.
بعض النساء يذهبن إلى المساجد مع السائق بمفردهن فيكم بذلك مرتكبات لمحرم سعيا في طلب نافلة وهذا من أعظم الجهل وأشد الحمق ولا يجوز للمرأة أن تتعطر أو تتطيب وهي خارجة من منزلها كما أنه لا يجوز لها أن تتبخر بالمجامر لقوله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء» .
وعلى المرأة ألا تصطحب معها الأطفال الذين لا يصبرون على انشغالها عنهم بالصلاة فيؤذون بقية المصلين بالبكاء والصراخ أو بالعبث في المصاحف وأمتعة المسجد وغيرها.
الوقفة الثامنة: صيام الجوارح
أختي المسلمة: اعلمي أن الصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام فصامت عيناه عن النظر إلى المحرمات وصامت أذناه عن سماع المحرمات من كذب وغيبة ونميمة وغناء وكل أنواع الباطل وصامت يداه عن البطش المحرم وصامت رجلاه عن المشي إلى الحرام وصام لسانه عن الكذب والفحش وقول الزور وبطنه عن الطعام والشراب وفرجه عن الرفث فإن تكلم فبالكلام الطيب الذي لاحت فائدته وبانت ثمرته فلا يتكلم الفاحش البذيء الذي يجرح صيامه أو يفسده ولا يفري كذلك في أعراض المسلمين كذبا وغيبة ونميمة وحقدا وحسدا لأنه يعلم أن ذلك من أكبر الكبائر وأعظم المنكرات ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجه أن يدع طعامه وشرابه».
وقال صلى الله عليه وسلم: «... وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم».
وأما من يصوم عن الطعام والشراب فقط ويفطر على لحوم إخوانه المسلمين وأعراضهم فإنه المعني بقوله صلى الله عليه وسلم: «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش».
الوقفة التاسعة: خطوات عملية للمحتفظة على الأوقات في رمضان
ينبغي على المرأة أن تستثمر أوقات هذا الشهر العظيم فيما يجلب لها الفوز والسعادة يوم القيامة وأن تغتنم أيامه ولياليه فيما يقربها من الجنة ويباعدها عن النار وذلك بطاعة الله تعالى والبعد عن معاصيه وحتى تكون المرأة صائنة لأوقاتها في هذا الشهر الكريم فإن عليها ما يلي:
1- عدم الخروج من البيت إلا للضرورة أو لطاعة لله محققة أو لحاجة لا بد منها.
2- تجنب ارتياد الأسواق وبخاصة في العشر الأواخر من رمضان ويمكن شراء ملابس العيد قبل العشر الأواخر أو قبل رمضان.
3- تجنب الزيارات التي ليس لها سبب وإن كان لها سبب كزيارة مريض فينبغي عدم الإطالة في الجلوس.
4- تجنب مجالس السوء وهي مجالس الغيبة والنميمة والكذب والاستهزاء والطعن بالآخرين.
5- تجنب تضييع الأوقات في المسابقات وحل الفوازير ومشاهدة الأفلام والمسلسلات وتتبع القنوات الفضائية فإذا انشغلت المسلمة بذلك فعلى رمضان السلام !!
6- تجنب السهر إلى الفجر لأنه يؤدي إلى تضييع الصلوات والنوم أغلب النهار.
7- تجنب صحة الأشرار وبطانة السوء.
8- الحذر من تضييع أغلب الساعات في النوم فإن بعض الناس ينامون بعد الفجر ولا يستيقظون إلا قرب المغرب فأي صيام هذا؟!
9- الحذر من تضييع الأوقات في الزينة والانشغال بالملابس وكثرة الجلوس أمام المرآة.
10- الحذر من تضييع الأوقات في إعداد الطعام وتجهيزه وقد سبق التنبيه على ذلك.
11- الحذر من تضييع الأوقات في المكالمات الهاتفية فإنها وسيلة ضعفاء الإيمان في كسر حدة الجوع والعطش ولو أقبل هؤلاء على كتاب الله تلاوة ومدارسه لكان خيرا لهم.
12- الحذر من المشاحنات والخلافات التي لا طائل من ورائها إلا إهدار الأوقات والوقوع في المحرمات وإذا دعيتن – أختي المسلمة- إلى شئ من ذلك فقولي : إني امرأة صائمة!
الوقفة العاشرة: العشر الأواخر
أيتها الأخت في الله مضى من الشهر عشرون يوما ولو يبق إلا هؤلاء العشر فالفرصة ما زالت أمامك قائمة والأجور ما زالت معدة فإذا كنت د فرطت فيما مضى من الأيام فإنما الأعمال بخواتيمها
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله فهي والله أيام يسيرة وليال معدودة يفوز بها الفائزون ويخسر فيها الخاسرون.
كانت امرأة حبيب أبي محمد تقول له بالليل: "قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد وزادنا قليل قوافل الصالحين قد سارت قدامنا ونحن قد بقينا !!!".
ومن فضل اله تعالى أن جعل ليلة القدر إحدى ليالي العشر الأواخر وهي أوتار العشر الأواخر من رمضان فقد قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان».
وليلة القدر ليلة عظيمة وفرصة جليلة العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم».
فاجتهدي أختي المسلمة في تحري ليلة القدر ولا تحرمي نفسك من هذا الأجر العظيم واعلمي أنك إذا قمت ليالي العشر كلها وعمرتيها بالعبادة والطاعة فقد أدركت ليلة القدر لا محالة وفزت إن شاء الله بعظيم الأجر وجزيل المثوبة.
دعاء ليلة القدر:
قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فأعف عني».
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
دار الوطن
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 25 -08- 2009 الساعة 01:02 AM
موضوع رائع وقيم
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل
Still As years ,,,!
جزاك الله خيراً شيخنا الفاضل ونفعنا بما نقلت
وإن كان لم يمضي من الشهر سو يومان
وتكاد ان تكون اغلب النقاط هي مشتركه للرجال والنساء
إلا ماخصنا الله به
نقطه ..
كيف يجمع بين بأس قوم لايعرفون الله إلا في رمضان
وبين لاتجعلوا رمضان كسائر الشهور
وفقنا الله لرحمته ومغفرته والعتق من النار
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدرس السادس:
رمضان مدرسة التقوى
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
فنحن أمة الإسلام آخر الأمم مجيئاً، وأحدث الرسائل السماوية عمراً، إلا أن الله تعالى بمنه وكريم عطائه جعل نبينا عليه الصلاة والسلام سيد الأنبياء وأمتنا أكثر الأمم الواردة للجنة عدداً وأرفعها قدراً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا». الحديث متفق عليه
وقال عليه الصلاة والسلام:«والذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر». متفق عليه.
وفضلنا الله تعالى على جميع الأمم قال تعالى: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]
وجعلنا شهوداً على سائر الأمم: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]
إن مفهوم تفضيل أمة الإسلام لس لانتمائها لعرق معين، ولا لاستخدامها للغة بعينها، ولا لتميز أفرادها شكلاً ورئياً، لكنه اصطفاء الله تعالى لدين الإسلام، ليكون الدين عنده ولايقبل من أحد ديناً سواه، قال سبحانه: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ } [آل عمران: 19]
من تمسك بالإسلام وعمل بأوامر القرآن، واتبع سيد الأنام، نال الخيرية المذكورة، وفاز بالحسنة الموعودة، ومن شك في المنهج وغلبه هواه أو انساق وراء شهواته وحاد عن الطريق فهو أبعد ما يكون من أهل تلك الكرامة.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وهم يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم أصح الأمم عقولاً وفطراً وأعظمهم علماً، وأقربهم في كل شيء إلى الحق، لأنهم خيرة الله من الأمم، كما أن رسولهم خيرته من الرسل، والعلم الذي وهبهم إياه والحلم والحكمة أمر لا يدانيهم فيه غيرهم".
وقد روى الإمام أحمد في سنده من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إنكم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل».
فظهر أثر كرامتها على الله سبحانه في علومهم وعقولهم وهم الذين عرضت عليهم علوم الأمم قبلهم وعقولهم وأعمالهم ودرجاتهم فازدادوا بذلك علماً وحلماً وعقولاً إلى ما أفاض الله سبحانه وتعالى عليهم من علمه وحلمه.
ولأن لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من أقصر الأمم عمراً وأقلها أمداً يسر الله تعالى لها مواسم تضاعف فيها الأجور وترفع فيها الدرجات.وتقال فيها العثرات وشهر رمضان الذي تعيش الأمة نشوة استقباله من أعظم تلك الفرص، ومن أجل تلك المواسم يكثر فيه العتقاء، ويرتقي فيه الأصفياء ويقال فيه الأشقياء.
كم أعتقت فيه من الرقاب؟ وكم عوفيت نفوس بسببه من العقاب؟
قال الإمام مالك في الموطأ: "بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله، أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خيراً من ألف شهر.
فاللهم لك الحمد على نعماتك، ولك الشكر على كريم عطائك وأفضالك.
في استقبال رمضان..
روى الطبراني عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى ال له عليه وسلم صعد المنبر فقال: «آمين آمين آمين».
ثم قال: «أتاني جبريل فقال يا محمد من أدرك أحد أبويه في الكبر، فمات فلم يدخل الجنة، فدخل النار، فأبعده الله فقيل آمين، فقلت آمين».
أي من أدرك أحد أبويه في كبرهما فلم يوصله بره بهما وإحسانه إليهما إلى أن يغفر الله له فهو حقيق أن يبعده الله تعالى من رحمته ببركة دعاء جبريل وتأمين محمد صلى الله عليه وسلم
«ثم قال: يا محمد: من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فدخل النار، فأبعده الله قل: آمين، فقلت: آمين، ثم قال: يا محمد: من ذكرت عنده فلم يصل عليك، فمات فدخل النار فأبعده الله: قال آمين، فقلت: آمين».
وروى الترمذي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة».
الله أكبر... كأن المغفرة في رمضان ينالها كل أحد، ولا يحرم منها إلا من حرمه الله تعالى...
وهو والله كذالك.. قال سعيد عن قتادة كان يقال: "من لم يغفر له في رمضان فلن يغفر له فيما سواه.. تعظيماً لشأن المفرط وليس تقنيطاً من رحمة العظيم المقسط".
نعم... كيف لا يكون شهر رمضان شهر الرحمة والمغفرة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين». متفق عليه.
وروى الترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة».
وعند الطبراني: «إن الجنة لتزخرف وتنجد من الحول إلى الحول لدخول رمضان، فتقول الحور: يا رب اجعل لنا في هذا الشهر من عبادك أزواجاً تقر أعيننا بهم، وتقر أعينهم بنا».
نعم... كيف لا يكون هذا الشهر العظيم من أسباب المغفرة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر». رواه مسلم.
كيف لا يكون رمضان شهر الرحمة والمغفرة والحبيب صلى الله عليه وسلم يقول: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه». متفق عليه.
ويقول: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».متفق عليه.
ويقول: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه». متفق عليه.
وأخبر الصادق المصدوق عن الله تعالى أنه قال: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك». رواه أحمد وأصله في الصحيح.
قال ابن عمر رضي الله عنهما: "الصيام لله، لا يعلم ثواب عمله إلا الله عز وجل" رواه الطبراني
وقال سفيان بن عيينة: "إن ثواب الصيام لا يأخذه الغرماء في المظالم بل يدخره الله عنده للصائم، حتى يدخله به الجنة".
وقال بعض السلف: "طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد غيب لم يره".
ويعطى الصائم في الجنة ما شاء الله من الطعام والشراب والنكاح قال تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ } [الحاقة: 24]
قال مجاهد وغيره: "نزلت في الصائمين".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: «إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله تبارك وتعالى إلا أتاك الله خيراً منه». رواه أحمد.
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم..». وفي رواية: «من دخل منه شرب ومن شرب منه لم يظمأ أبداً». رواه أحمد.
روى الإمام أحمد في سنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطيت أمتي خمس خصال في رمضان، لم تعطها أمة قبلهم، خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزين الله تعالى كل يوم جنته، ثم يقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك، ويصفد فيه مردة الشياطين، فلا يخلصوا إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة».
قيل: يا رسول الله أهي ليلة القدر؟
قال: «لا ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله».
وشهر رمضان هو شهر القرآن، الذي تكرم الله به على البشرية ورفع به شأن الإنسانية، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْـزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [البقرة: 185]
قال ابن عباس ترجمان القرآن رضي الله عنهما: "أنزل القرآن في رمضان في ليلة القدر، وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل على مواقع النجوم ترتيلاً في الشهور والأيام".
أوليس من حرم كل هذا الفضل محروماً؟!
أوليس الذي انقضى عنه الشهر ولم ينل الحظ الوافر من المغفرة والرحمة مغبوناً؟!
أبشروا يا معاشر المسلمين، لهذه أبواب الجنة الثمانية في هذا الشهر لأجلكم قد فتحت، ونسماتها على قلوب المؤمنين قد نفحت، وأبواب الجحيم كلها لأجلكم مغلقة، وأقدام إبليس وذريته من أجلكم موثقة.. فأين المشمرون؟
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 25 -08- 2009 الساعة 08:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هـمـسـة
رمضان..مدرسة التقوى..
ها قد جاءكم رمضان.. شهر القرآن والتوبة والإنابة..
لنجعل منه منطلقاً لتوبة نصوح خالصة مع الله، علها تزيل ذنوبنا، وتمحو خطايانا، وسيئاتنا..
لما سلسل الشيطان في شهر رمضان وخمدت نيران الشهوات بالصيام، انعزل سلطان الهوى، وصارت الدولة
لحاكم العقل بالعدل، فلم يبق للعاصي عذر.
يا غيوم الغفلة عن القلوب تقشعي...
يا شموس التقوى والإيمان اطلعي...
يا صحائف أعمال الصالحين ارتفعي...
يا قلوب الصائمين اخشعي...
يا أقدام المجتهدين اسجدي لربك واركعي...
يا عيون المجتهدين لا تهجعي...
ويا سماء النفوس أقلعي...
يا بروق الأشواق للعشاق المعي...
يا خواطر العارفين ارتعي...
يا همم المحبين بغير الله لا تقنعي...
لو قام المذنبون في هذه الأسحار على أقدام الانكسار، ورفعوا قصص الاعتذار مضمونها:
{ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا}
[يوسف: 88]
لبرز لهم التوقيع عليها:
{قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [يوسف: 92]
إن من لم يتب في ر مضان، فمتى سيتوب؟!
من لم يعد إلى الله تعالى في رمضان، فمتى سيعود؟!
من لم يحافظ على الصلوات والواجبات في رمضان، فمتى؟!
من لم يقلع عن المعاصي والآثام في رمضان، فمتى إذاً؟!
إن الأعمار تفنى، والأيام تطوى، وبين غمضة عين وانتباهتها ينتقل الإنسان من ظهر الأرض إلى بطنها.
فالتوبة التوبة، والاستغفار الاستغفار..
فهذا شهر رمضان شهر التوبة والاستغفار..
قال بعض السلف:
"وأنفع الاستغفار ما قارنته التوبة، وهي حل عقدة الإصرار، فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول عنه مسدود.
قال كعب:
"من صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا أفطر بعد رمضان عصى ربه فصيامه عليه مردود".
من يرد ملــك الجـــــنان ... فليدع عنه التواني
وليقم في ظلمــة الليل ... إلى نور القرآن
وليصل صــــوماً بصــــوم ... إن هذا العيش فاني
كان مطوف يقول في دعائه:
"اللهم ارض عنا، فإن لم ترض عنا فاعف عنا".
وصدق والله..
فمن عظمت ذنوبه في نفسه لم يطمع في الرضا، وكان غاية أمله أن يطمع في العفو، ومن كملت معرفته لم ير نفسه إلا في هذه المنزلة.
إذا لم يكن في السمع مني تـــــصاون ... وفي بصري غض وفي منطقي صمت
فحظي إذاً من صومي الجوع والظــــمأ ... فإن قلت إني صمت يومي فما صمت
قال ابن رجب:
"وسر هذا، أن التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات.. ولهذا المعنى والله أعلم ورد في القرآن بعد ذكر تحريم الطعام والشراب على الصائم بالنهار، ذكر تحريم أكل أموال الناس بالباطل".
واعلم وفقك الله..
إنك بصبرك عما تقوم عليه حياتك، من أكل وشرب، وعن شهواتك من جماع وغيره، في نهار كامل، في شهر كامل، فأنت على الصبر عن معاصي الله وعلى طاعته باقي عمرك أقدر وأصبر.
ومتى ما تعلمنا من شهرنا الصبر على طاعة الله، والصبر عما حرم الله، فقد حققنا التقوى التي أرادها ربنا سبحانه وتعالى بفرضية الصيام علينا
قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
[البقرة: 183]
فالقضية ليست تعطيشاً وتجويعاً، وإنما هي تربية على المبادرة للطاعات، والاستجابة للأوامر، وفي الأمر بتعديل الفطور وتأخير السحور، وتفضيل ذلك، ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، روى الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطر).
أسأل الله أن يجعلني وإياك ممن صام رمضان، وقامه إيماناً واحتساباً، وأن يجعلنا من عتقائه في هذا الشهر الكريم من النار.
إعداد الدكتور/ محمد الركبان
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 25 -08- 2009 الساعة 01:11 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زاد المسلم في رمضان
دعـاء رؤيـة الهـلال
كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال: «اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله » [رواه الترمذي وقال حديث حسن].
وقال يحيى بن أبي كثير كان المسلمون يدعون: ( اللهم سلمني إلى رمضان, وسلم لي رمضان, وتسلمه مني متقبلاً).
فـريضـة النيـة
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: « من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له». [ أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم].
ووقتها الليل كله إلى طلوع الفجر, ومحلها القلب.
المفطـرات
1- الجماع.
2-إنزال المني بالاختيار.
3- الأكل أو الشرب.
4- ما كان بمعنى الأكل أو الشرب.
5- التقيؤ عمداً.
6-إخراج الدم بالحجامة.
7- خروج دم الحيض والنفاس.
المستحـب للصـائـم
1- السحور وتأخيره: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة» [متفق عليه].
2- تعجيل الفطر: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» [متفق عليه].
3- الفطر على رطب, فإن لم يجد فعلى تمر, فإن لم يجد فعلى ماء.
4- الإكثار من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن وتفطير الصائمين.
الـواجب علـى الصـائـم
أن يقوم بما أوجب الله عليه من العبادات ومن أهمها الصلاة المفروضة فيؤديها في وقتها, مع الجماعة في المسجد, وأن يتجنب جميع ما حرم الله عليه ورسوله من الأقوال والأفعال؛ فيتجنب الكذب والغش والغيبة والنميمة والشتم واللعن ومشاهدة وسماع المحرم وشهادة الزور......
ما يقـال عنـد الإفطــار
كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله» [رواه أبو داود والنسائي وهو حديث صحيح].
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت » [رواه أبو داود مرسلاً ولكن له شواهد يقوى بها].
وكان عبد الله بن عمرو رضي الله عنه إذا أفطر يقول: ( اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي).
الدعـاء إذا لأفطـر عنـد قــوم
كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أفطر عند قوم دعا لهم فقال: «أفطر عندكم الصائمون, وأكل طعامكم الأبرار, وصلت عليكم الملائكة» [رواه أبو داود وغيره وهو حديث صحيح بطرقه].
الدعـاء مستـجاب فـي رمضـان
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لكل مسلمٍ دعوة مستجابة يدعو بها في رمضان» [رواه الإمام أحمد وسنده جيد].
وقد ورد في أحاديث عديدة أن هذه الدعوة عند الإفطار, فاحرص عند الإفطار التضرع إلى الله بجوامع الدعاء.
فضـل مـن فطـر صائمـاً
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من اجر الصائم شيء» [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح].
فضـل العمـرة فـي رمضـان
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «عمرة في رمضان تقضي حجة - أو حجة معي- » [متفق عليه].
رمضـان شـهــر القــرآن
قال الله تعالى :
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [سورة البقرة: 185].
كان الإمام مالك - رحمه الله- إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث وأقبل على قراءة القرآن من المصحف. ونقل عن السلف أنهم كانوا يختمون القرآن في كل ثلاث ليال مرة, فإذا كان رمضان ختموه في كل ليلتين مرة, فإذا دخلت العشر الأواخر ختموه في كل ليلة.
فضـل قيـام رمضـان
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه].
ومعنى قوله (إيماناً) أي: إيماناً بالله وبما أعده من الثواب للقائمين, ومعنى قوله (احتساباً) أي: طلباً لثواب الله لم يحمله على ذلك رياءً ولا سمعة ولا طلب مال ولا جاه.
وقيام رمضان شامل للصلاة في أول الليل و آخره.
أذكــار الركــوع
{ «سبحان ربي العظيم» > ثلاث مرات < «اللهم لك ركعت, وبك آمنت, ولك أسلمت, خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي» «سبوح قدوس رب الملائكة والروح» } [رواه مسلم].
«سبحانك اللهم ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي» [متفق عليه].
«سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة» [حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي والترمذي].
أذكــار السجـود
{ «سبحان ربي الأعلى» (ثلاث مرات) «سبوح قدوس رب الملائكة والروح» «اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت, سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين » « سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت» «اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك» «اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانية وسره» } [رواه مسلم].
«سبحانك اللهم ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي» [متفق عليه].
«سبحان ذو الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة » [حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي ورواه الترمذي بأسانيد صحيحة].
دعـاء سجـود التــلاوة
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في سجود التلاوة: «سجد وجهي للذي شق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين» [رواه أبو داود والترمذي والنسائي والحاكم].
دعـاء القنـوت
عن الحسن رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر «اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت, فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت, تباركت ربنا وتعاليت» [روه الأربعة والبيهقي].
الذكـر بعـد السـلام من الوتـر
كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا سلم من وتره قال: «سبحان الملك القدوس» (ثلاث مرات) والثالثة يجهر بها ويمد بها صوته ويقول «رب الملائكة والروح» [رواه النسائي والدار قطني وغيرهما].
العشــر الأواخـر
«كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله » [متفق عليه].
و «كان رسول صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها» [رواه مسلم].
ليلــة القـدر
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه » [متفق عليه].
ويستحب تحريها في العشر الأواخر في الأوتار, أي ليالي: إحدى وعشرين, وثلاث وعشرين, وخمس وعشرين, وسبع وعشرين, وتسع وعشرين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «التمسوها في العشر الأواخر. في الوتر» [متفق عليه].
وأرجاها ليلة سبع وعشرون وهو مذهب أكثر الصحابة وجمهور العلماء حتى إن أبي بن كعب رضي الله عنه (كان يحلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين ) [رواه مسلم].
وقال في فتح الباري: ( أرجح الأقوال أنها في وتر من العشر الأخير وأنها تتنقل).
إذا تقرر هذا وعلمت ما ورد من الحث عليها فاعلم أنه ينبغي لكل مسلم أن يبذل جهده في إحياء ليالي العشر الأخير وقيامها لعله يصادف تلك الليلة الجليلة.
دعـاء ليلـة القـدر
عليك بالدعاء في ليلتها أكثر منه وقدم بين يديه التسبيح والتحميد والتهليل واختمه بالصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها قال: قولي: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني » [رواه الترمذي وابن ماجه وسنده صحيح].
سنــن مهجــورة
1- الاعتكاف: « كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله » [رواه البخاري].
2-التكبير: من غروب شمس آخر يوم في رمضان إلى صلاة العيد وصفته: (الله أكبر الله أكبر, لا إله إلا الله, والله أكبر الله أكبر ولله الحمد )
{راجع زاد المسلم في الاعتكاف وزكاة الفطر والعيد}.
صيـام الدهــر
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: « من صام رمضان, ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر » [رواه مسلم].
بشـــرى
من فعل شيئاً من مبطلات الصيام ناسياً أو مكرهاً أو جاهلاً بالحكم أو بالوقت فلا شيء عليه.
السـواك للصـائم
يرخص للصائم السواك قبل الزوال وبعده, وهو مستحب في المواضع التي يستحب فيها في سائر الأحوال.
الجنابــة والصيــام
من أصبح جنباً من جماع في الليل, فإنه يصوم ولاشيء عليه ويغتسل بعد ذلك.
المضمضــة والاستنشـاق
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: « وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائماً» [رواه أبو داود والترمذي وأحمد والنسائي وغيرهم].
فينبغي ألا يبالغ الصائم فيهما خشية أن يصل شيء من الماء إلى حلقه فيفطر به.
جمع وإعداد
محمد ابن إبراهيم المقيد
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 25 -08- 2009 الساعة 01:15 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدرس السابع:
أحوال السلف في رمضان
للعلامتين الألباني وابن باز رحمهما الله
فقد خص الله عز وجل شهر رمضان بالكثير من الخصائص والفضائل فهو شهر نزول القرآن والكتب السماوية وهو شهر التوبة والمغفرة وتكفير الذنوب والسيئات وفيه العتق من النار وفيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران وتصفد الشياطين وفيه ليلة خير من ألف شهر ، وهو شهر الجود والإحسان وهو شهر الدعاء المستجاب .
لذا فقد عرف السلف الصالح قيمة هذا الموسم المبارك فشمروا فيه عن ساعد الجد واجتهدوا في العمل الصالح طمعاً في مرضاة الله ورجاء في تحصيل ثوابه، فقد ثبت أنّهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم .
وقال عبدالعزيز بن أبي داود :
" أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم الهم : أيقبل منهم أم لا ؟ ".
فتعال أخي الكريم نستعرض بعض أحوال السلف في رمضــان، وكيف كانت همّتهم وعزيمتهم وجدّهم في العبــادة لنلحق بذلك الركــب ونكون من عرف حقّ هذا الشهــر فعمل له وشمّــر.
أولاً: حالهم مع قراءة القرآن
قال ابن رجب:
" وفي حديث فاطمة رضي الله عنها عن أبيها صلى الله عليه وسلم أنّه أخبرها :
«أنّ جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن كل عام مرةً وأنّه عارضه في عام وفاته مرتين»
[متفق عليه]
وفي حديث ابن عباس
«أنّ المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلاً»
[متفق عليه].
فدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلاً فإنّ الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر
كما قال تعالى:
{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً}
[المزمل:6]
وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن كما قال تعالى:
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}
[البقرة:185] ".
(لطائف المعارف ص315).
ولهذا حرص السلف رحمهم الله على الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان بين ذلك في سير أعلام النبلاء فمن ذلك.
كان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليالٍ.
كان مالك بن أنس إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسه أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.
كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن.
كان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين.
كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصحف وجمع إليه أصحابه.
كان الوليد بن عبد الملك يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمه.
قال أبي عوانة :
" شهدت قتادة يدرس القرآن في رمضان ".
كان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاثٍ، فإذا جاء العشر ختم كل ليلةٍ.
وقال الربيع بن سليمان:
" كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة وفي كل شهر ثلاثين ختمة ".
كان وكيع بن الجراح يقرأ في رمضان في الليل ختمةً وثلثاً، ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العصر.
كان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة.
وقال القاسم بن علي يصف أباه ابن عساكر صاحب (تاريخ دمشق):
" وكان مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة أو يختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية ".
فائدة :
قال ابن رجب الحنبلي :
" وإنّما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك فأمّا في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتنام للزمان والمكان وهذا قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأمة وعليه يدل عمل غيرهم ".
(لطائف المعارف).
ثانياً: حالهم في قيام الليل
فإن قيام الليل هو دأب الصالحين وتجارة المؤمنين وعمل الفائزين، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم ويتوجهون إلى خالقهم وبارئهم فيشكون إليه أحوالهم ويسألونه من فضله فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها عاكفة على مناجاة بارئها، تتنسم من تلك النفحات وتقتبس من أنوار تلك القربات وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات.
قال الحسن البصري:
" لم أجد شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل ".
وقال أبو عثمان النهدي:
" تضيّفت أبا هريرة سبعاً فكان هو وامرأته وخادمه يقسمون الليل ثلاثاً يصلي هذا ثم يوقظ هذا ".
وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنّه حبة على مقلى ثم
يقول:
" اللّهم إن جهنم لا تدعني أنام فيقوم إلى مصلاه ".
وكان طاوس يثب من على فراشه ثم يتطهر ويستقبل القبلة حتى الصباح
ويقول :
" طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين ".
عن السائب بن يزيد
قال :
" أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبَي بن كعب وتميما الداري رضي الله عنهما أن يقوما للناس في رمضان، فكان القاريء يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلاَّ في فروع الفجر ".
[أخرجه البيهقي].
وعن مالك عن عبد الله بن أبي بكر
قال:
" سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام فيستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر ".
[أخرجه مالك في الموطأ ].
وعن أبي عثمان النهدي
قال:
" أمر عمر بثلاثة قراء يقرؤون في رمضان، فأمر أسرعهم أن يقرأ بثلاثين آية، وأمر أوسطهم أن يقرأ بخمس وعشرين، وأمر أدناهم أن يقرأ بعشرين ".
[أخرجه عبد الرزاق في المصنف].
وعن داود بن الحصين عن عبد الرحمن بن هُرْمز
قال:
" كان القراء يقومون بسورة البقرة في ثمان ركعات، فإذا قام بها القراء في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف عنهم ". [أخرجه البيهقي].
وقال نافع:
" كان ابن عمر رضي الله عنهما يقوم في بيته في شهر رمضان، فإذا انصرف الناس من المسجد أخذ إداوةً من ماءٍ ثم يخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يخرج منه حتى يصلي فيه الصبح ".
[أخرجه البيهقي].
وعن نافع بن عمر بن عبد الله
قال:
" سمعت ابن أبي ملكية يقول: كنت أقوم بالناس في شهر رمضان فأقرأ في الركعة الحمد لله فاطر ونحوها، وما يبلغني أنّ أحداً يسثقل ذلك ".
[ أخرجه ابن أبي شيبة].
وعن عمران بن حُدير
قال:
" كان أبو مجلز يقوم بالحي في رمضان يختم في كل سبع ". [أخرجه ابن أبي شيبة].
وعن عبد الصمد قال حدثنا أبو الأشهب
قال:
" كان أبو رجاء يختم بنا في قيام رمضان لكل عشرة أيام ".
وعن يزيد بن خصفة عن السائب بن يزيد
قال:
" كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب في شهر رمضان بعشرين ركعة، قال: وكانوا يقرؤون بالمائتين وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان من شدة القيام ".
[أخرجه البيهقي].
طبقات السلف في قيام الليل
قال ابن الجوزي:
" واعلم أن السلف كانوا في قيام الليل على سبع طبقات:
الطبقة الأولى:
كانوا يحيون كل الليل وفيهم من كان يصلي الصبح بوضوء العشاء.
الطبقة الثانية:
كانوا يقومون شطر الليل.
الطبقة الثالثة:
كانوا يقومون ثلث الليل، قال النبي :
«أحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سُدسه»
[متفق عليه].
الطبقة الرابعة:
كانوا يقومون سدس الليل أو خمسه.
الطبقة الخامسة:
كانوا لا يراعون التقدير وإنما كان أحدهم يقوم إلى أن يغلبه النوم فينام فإذا انتبه قام.
الطبقة السادسة:
قوم كانوا يصلون من الليل أربع ركعات أو ركعتين.
الطبقة السابعة:
قوم يُحيون ما بين العشاءين ويُعسِّـلون في السحر فيجمعون بين الطرفين، وفي صحيح مسلم :
أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: «إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا آتاه وذلك كل ليلة» ".
يتبع..
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 25 -08- 2009 الساعة 08:26 PM
الأسباب الميسِّرة لقيام الليل
ذكر أبو حامد الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل.
فأمّا الأسباب الظاهرة فأربعة أمور:
الأول:
ألّا يكثر الأكل فيكثر الشرب فيغلبه النوم ويثقل عليه القيام.
الثاني:
ألّا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
الثالث:
ألّا يترك القيلولة بالنهار فإنّها تعين على القيام.
الرابع:
ألّا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.
وأمّا الأسباب الباطنة فأربعة أمور:
الأول:
سلامة القلب عن الحقد على المسلمين وعن البدع وعن فضول الدنيا.
الثاني:
خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث:
أن يعرف فضل قيام الليل.
الرابع:
وهو أشرف البواعث: الحب لله وقوة الإيمان بأنّه في قيامه لا يتكلم بحرف إلذا وهو مناج ربذه.
ثالثاً: حالهم في الجود والكرم إذا أقبل شهر رمضان
1- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، إنّ جبريل عليه السلام كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ فيعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة»
[متفق عليه].
قال المهلب:
" وفيه بركة أعمال الخير، وأنّ بعضها يفتح بعضاً ويعين على بعض ألا ترى أنّ بركة الصيام ولقاء جبريل وعرضه القرآن عليه زاد في جود النبي صلى الله عليه وسلم وصدقته حتى كان أجود من الريح المرسلة ".
وقال الزين بن المنير:
" أي فيعم خيره وبره من هو بصفة الفقر والحاجة، ومن هو بصفة الغنى والكفاية أكثر مما يعم الغيث الناشئة عن الريح المرسلة صلى الله عليه وسلم ".
وقال ابن رجب:
" قال الشافعي رضي الله عنه: أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحاجة النّاس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصَّوم والصلاة عن مكاسبهم ".
2- كان ابن عمر رضي لله عنهما:
يصوم ولا يفطر إلَّا مع المساكين، فإذا منعهم أهله عنه لم يتعشَّ تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجِفْنَةِ، فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً.
3- يقول يونس بن يزيد:
" كان ابن شهاب إذا دخل رمضان فإنّما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام ".
4- كان حماد بن أبي سليمان :
يفطِّر في شهر رمضان خمس مائة إنسان، وإنّه كان يعطيهم بعد العيد لكل واحد مائة درهم.
رابعاً: التقليل من الطعام
1- قال إبراهيم بن أبي أيوب:
" كان محمد بن عمرو الغزي يأكل في شهر رمضان أكلتين ".
2- وقال أبو العباس هاشم بن القاسم:
" كنت عند المهتدي عشيَّةً في رمضان فقمت لأنصرف فقال: اجلس، فجلست، فصلى بنا، ودعا بالطعام فأحضر طبقَ خِلافٍ عليه أرغفةٌ وآنية فيها ملحٌ وزيتٌ وخلٌّ فدعاني إلى الأكل فأكلت أكل من ينتظر الطبيخ فقال: ألم تكن صائماًً؟ قلت: بلى، قال: فكل واستوفِ فليس هنا غير ما ترى! ".
خامساً: حفظ اللسان وقلة الكلام وتوقي الكذب
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه»
[أخرجه البخاري].
قال المهلب:
" وفيه دليل أن حُكم الصيام الإمساك عن الرفث وقول الزور كما يمسك عن الطعام والشراب وإن لم يمسك عن ذلك فقد تنقَّص صيامه وتعرض لسخط ربه وترك قبوله منه ".
2- قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم :
«إذا أصبح أحدكم يوماً صائماً فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤٌ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائمٌ إنّي صائمٌ»
[أخرجه مسلم].
قال المازري في قوله:
« إنّي صائمٌ » "
يحتمل أن يكون المراد بذلك أن يخاطب نفسه على جهة الزجر لها عن السباب والمشاتمة ".
3- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
" ليس الصيام من الطعام والشراب وحده ولكنه من الكذب والباطل واللغو والحلف ". [أخرجه ابن أبي شيبة].
4-وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال:
" إنّ الصيام ليس من الطعام والشراب ولكن من الكذب والباطل واللغو ".
[أخرجه ابن أبي شيبة].
5- وعن طلق بن قيس
قال:
" قال أبو ذر رضي الله عنه: إذا صمت فتحفظ ما استطعت ".
وكان طلق إذا كان يوم صومه دخل فلم يخرج إلّا لصلاة .
[أخرجه ابن أبي شيبة].
6- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما
قال:
" إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم ودع أذى الخادم وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء ".
[أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الصيام، باب ما يؤمر به الصائم من قلة الكلام وتوقي الكذب 2/422].
7- وعن عطاء
قال:
" سمعت أبا هريرة يقول: إذا كنت صائماً فلا تجهل ولا تساب وإن جُهِل عليك فقل: إنّي صائم ".
[أخرجه عبد الرزاق في المصنف].
8- وعن مجاهد
قال:
" خصلتان من حفظهما سلم له صومه: الغيبة والكذب ".
[أخرجه ابن أبي شيبة].
9- وعن أبي العالية
قال:
[الصائم في عبادة ما لم يغتب ".
[أخرجه ابن أبي شيبة].
أحوال السلف مع الوقت
قال الحسن البصري :
" يا ابن آدم! إنما أنت أيام إذا ذهب يوم ذهب بعضك ".
وقال :
" يا ابن آدم ! نهارك ضيفك فأحسِن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك، وكذلك ليلتك ".
وقال :
" الدنيا ثلاثة أيام : أما الأمس فقد ذهب بما فيه وأما غداً فلعلّك لا تدركه وأما اليوم فلك فاعمل فيه ".
وقال ابن مسعود :
" ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي ".
وقال ابن القيم :
" إضاعة الوقت أشد من الموت لأنّ إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها ".
وقال السري بن المفلس :
" إن اغتممت بما ينقص من مالك فابكِ على ما ينقص من عمرك ".
خاتمة
نسأل الله أن يبلغنا رمضان وأن يتقبل الله أعمالنا وصيامنا وقيامنا ويعتقنا من النّار .. اللهم أمين ..
وآخر دعوان أن الحمدلله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأزواجه وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
من إعداد/ سلسلة العلامتين
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 25 -08- 2009 الساعة 01:39 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدرس الثامن:
أحب الأعمال إلى الله
الحمدُ للهِ وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فمن أحب الأشياء إلى الله تعالى:
1- الحنيفية السمحة: لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة»
[رواه أحمد وحسنه الألباني].
2- الصلاة وبر الوالدين والجهاد: لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الأعمال إلى الله: الصلاة لوقتها، ثم برُ الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله»
[صححه الألباني].
3- الإيمان وصلة الرحم والأمر بالمعروف والنهي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ، ثم صلة الرحم ، ثم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر»
[حسنه الألباني].
4- المداومة على الطاعات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل»
[رواه البخاري].
5- ذكر الله عز وجل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الاعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله»
[حسنه الألباني].
6- المساجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
«أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها»
[رواه مسلم].
7- كلمة حق عند سلطان جائر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الجهاد إلى الله كلمة الحق تقال لإمام جائر»
[حسنه الألباني].
8- صدق الحديث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
«أحب الحديث إلي أصدقه»
[رواه البخاري].
9- صيام داود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الصيام إلى الله صيام داود: كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود: كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه»
[رواه البخاري].
10- تكاثر الأيدي على الطعام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي»
[حسنه الألباني].
11- قول سبحان الله وبحمده؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الكلام إلى الله، سبحان الله وبحمده»
[رواه مسلم].
12- قول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر»
[رواه مسلم].
13- حَسَنُ الخلق لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا»
[حسنه الألباني].
14- التسمية بعبدالله وعبدالرحمن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن»
[صححه الألباني].
15- نفع الناس، وإدخال السرور على المسلمين، وكشف الكربات، وقضاء دين المدين، وإطعام الجائع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا، ومن كف غضبه، ستر الله عورته، ومن كظم غيظا، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل»
[حسنه الألباني].
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 25 -08- 2009 الساعة 08:33 PM
أسأل الله تعالى أن يثيبك على هذه الجهود
وفقك الله لكل خير
4- المداومة على الطاعات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل»
[رواه البخاري].
للأسف المداومة على الطاعات بعد رمضان لا نجدها عند البعض
فما أن ينتهي رمضان حتى نجد البعض يعود لحاله من إفراط وتفريط
وتقصير في الطاعة والقرب من الله ، ولذلك رمضان فرصة للتعود
على فعل الطاعة .