بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدرس التاسع:
ثوابت رمضانية
أيها الأحبة في الله:
أسأل الله تعالى أن يجعل رمضان هذا العام رمضان عتق رقابنا من النيران، رمضان مغفرة الذنوب والآثام، رمضان المعرفة بالرحمن، رمضان الفردوس الأعلى في الجنان، رمضان خير وبركة علينا جميعًا إن شاء الله.
وفي رمضان هذا العام مخاوف شديدة وبشارات عديدة
سواء كان الخوف من الغفلة أو الاستدراج أو عدم تغير الحال كما هو المعتاد كل رمضان، مخاوف من الفتن الكثيرة، وعدم تعظيم قدر رمضان.
وبشارات عديدة - بفضل الله تعالى - أراها أمام عيني، من تسابق على الخيرات، وتنافس في الطاعات، وجد واجتهاد من الإخوة والأخوات، وأرى من الآن من يهاتفني على أنه سيختم كل يوم ونصف، وأنه عاهد الله تعالى على أنه يريه أقصى ما عنده من الطاقة، وآخرون يتحدون الصعوبات، ويعاهدون الله على التوبة النصوح، وتصديقها بأعمال فذة كبيرة في القيام والتهجد، وفي الصدقات، وفي قراءة القرآن.
ومع الليلة الأولى واليوم الأول:
نبدأ الرحلة المباركة، والبداية المحرقة، تؤدي للنهاية المشرقة.
فاليوم أشعل عزيمتك، وألهب حماسك فإنها ليلة العتق، ليلة تصفيد الشياطين، ليلة تفتيح الأبواب، فاقدم فقد فتح باب الوصال بالله تعالى، هيا تقدم وسارع واستبق ونافس، فيا باغي الخيرات أقبل فقد آن أوان الجد.
عندنا ثوابت رمضانية معلومة نريد أن تكون فروضًا إيمانية علينا جميعا لا يتخلف عنها أحد، ويحاسب نفسه إن قصر فيها وكأنه ارتكب إثما كبيرا إن لم يأت بها جميعًا:
الثوابت هي:
(1) الصلاة في أول الوقت، وللرجال الصلاة في المسجد يدرك تكبيرة الإحرام، لا محال للتفريط أبدا، ومع كل صلاة ادع الله أن يبلغك الصلاة التالية تدرك التكبيرة، حتى تنجح في اختبار 150 صلاة هذا العام بجدارة.
(2) 12 ركعة نوافل (ليبني لك بيت في الجنة).
(3) قراءة جزئين من القرآن.
(4) تدبر ولو آية، لتفتح أقفال قلبك:
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [سورة محمد: 24].
(5) المحافظة الشديدة على أذكار الصباح والمساء.
(6) الاستغفار، والصلاة على النبي المختار، والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير (الباقيات الصالحات) وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (بحد أدنى 100 مرة).
(7) الدعاء لا سيما قبل الفطر، ووقت السحر، وفي أوقات الإجابة المختلفة (ولو عشر دقائق في كل وقت).
(8) حفظ اللسان، بقلة الكلام "فمن صمت نجا" وهذا صيام اللسان، وحفظ العين عن الالتفات وهذا صيام العين، وحفظ القلب من التشتت والابتعاد عن سماع اللغو والرفث وهذا صيام الأذن والقلب، وهذا باب مجاهدة عظيم، فحاسب نفسك على الكلمة وعلى النظرة، وعلى الخاطرة، ليستقيم لك دينك.
(9) صدقة يومية ولو بربع جنيه، لابد من ذلك لأن الصدقة برهان الإيمان.
(10) تفطير صائم، ولو بتمرة كل يوم.
(11) اشتر مصحفًا وأعطه لمن تتوسم فيه الخير ليقرأ فيه في رمضان ويختم فيه ختمة لتزيد رصيدك.
(12) لا تكتفِ بصلاة القيام في المسجد، لابد من التهجد، فصلِّ وحدك أحيانا أو مع أهلك، أو في مسجد يتهجد فيه، واجتهد في ذلك.
(13) لابد من عمل دعوي تقوم به، من شراء شريط أو مطوية أو كتيب ونشره وتوزيعه، أو نشر مقال أو محاضرة على المنتديات، اسع في إيصال الخير للناس في وقت النداء (يا باغي الخير أقبل)
إخوتاه... هذه ثوابت للجميع.
أمَّا المجتهدون فلهم عندي أعمال فذة كثيرة:
من ينافس:
صاحب العشرين ختمة في رمضان هذا العام.
من ينافس:
من ورده في صلاة القيام لا يقل عن 10 أجزاء.
من ينافس:
من يأتي كل يوم بورد أبي هريرة في الاستغفار (12 ألف مرة).
من ينافس:
في إعانة الفقراء والمساكين وتفريج كرب المبتلين، بجمع الصدقات والزكوات وإدخال السرور على المحتاجين، وهذا لعمر الله من أضخم الأعمال لو أننا نفهم فقه ودرجات الأعمال.
من ينافس:
الذي سينفق أثمن ما عنده لينال البر وهو أعظم الطاعات
{لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}
[سورة آل عمران: 92].
أروا الله أنكم تحبونه، على استعداد البذل بكل ما تستطيعون حتى يرضى،
{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ}
[سورة الضحى: 5].
أستحلفكم بالله أحسنوا استقبال رمضان، والله المستعان.
الشيخ هاني حلمي
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 30 -08- 2009 الساعة 08:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدرس العاشر:
للشباب فقط في رمضان
أخي الشاب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... وبعد:
فقبيل أيام استقبلنا وإياك شهر رمضان المبارك, هذا الشهر أخي الفاضل يعني لدينا ولديك الكثير, وأنت شأنك شأن سائر المسلمين قد استبشرت بهذا الشهر الكريم ولا شك.
ويسرني أخي الفاضل في هذا الشهر الكريم أن أتوجه لك بأغلى ما أملك وأعز ما أقدم سالكًا سبيل المصارحة والحديث تحت ضوء الشمس.
إن المصارحة أخي الفاضل قد تكون مُرة الطعم لكن نتائجها محمودة, وقد ذقنا جميعاً مرارة التستر على العيوب, ولمسنا شؤم دفن الأخطاء باسم المجاملة.
فآمل أن يتسع صدرك لسماع ما أقول.
ورع ولكن:
أخي الشاب:
موقف نشاهده جميعاً في شهر الصيام : أن تجد شاباً معرضاً, غارقاً في وحل الشهوات, يتجرأ على الكبائر والمعاصي, ويتهاون في الطاعات الظاهرة, تجد هذا الشاب يتساءل عن قضايا دقيقة في الصيام. كأن يتوضأ فتنزل من أنفه قطرات من الدم دون قصد: فهل يؤثر هذا على الصيام أم لا؟، مر في الشارع فدخل جوفه غبار فما الحكم؟، وهو يسأل جادًا ولديه استعداد تام لتحمل تبعة السؤال من قضاء أو حتى كفارة.
إن السؤال أخي الكريم عما يُشكل على المرء في عبادته مبدأ لا حق لأحد أن يرفضه, وإن وقوع المرء في معصية ليس مبررًا لعدم عنايته بالطاعة والسؤال عنها.
ولكن:
ألا توافقني أن مثل هذا الشاب يعيش تناقضًا يصعب أن تجد تفسيراً له؟!
فلماذا يتورع هنا ويسأل ويحتاط عن أمر اشتبه عليه، بينما يرتكب عن عمد وسبق إصرار ما يعلم أنه حرام بل كبيرة من الكبائر؟!
الانضباط العجيب:
يحتج البعض من الشباب حين تنهاه عن معصية، أو تأمره بطاعة أنه مقتنع تمام الاقتناع لكن شهوته تغلبه وهو لا يستطيع ضبط نفسه، وقد يبدو العذر منطقيًا لدى البعض لأول وهلة... ولكن حين ترى حال مثل هذا الشاب مع الصيام ترى منطقاً آخر.
فما أن يحين أذان الفجر حتى يمسك مباشرة عن الطعام ولو كان ما بيده هي أول لقمة لأنه استيقظ متأخراً...
ويبقى عنده مائدة الإفطار ولا يتجرأ على مد يده قبل أن يسمع الأذان، وهو أثناء النهار مهما بلغ به العطش والجهد لا يفكر في خرق سياج الصوم واستباحة حماه ألا ترى أن هذا السلوك وهو سلوك محمود ولا شك يدل على أنه يملك القدرة على ضبط نفسه والانتصار على شهوته؟... إن الصيام أخي الشاب يعطينا درساً أننا قادرون بمشيئة الله على ضبط أنفسنا والانتصار على شهواتنا.
هل رأيت هؤلاء؟
هل تفضلت أخي الشاب أن تأتي إلى مسجد من المساجد مما رزق الله إمامه الصوت الحسن المؤثر فرأيت ذاك الجمع من الشباب الأخيار وقد عقدوا العزم على الوقوف بين يدي الله في تلك الصلاة ولو امتدت إلى السحر، في حين ترك غيرهم صلاة الجماعة أصلاً؟!... ولو أتيت في العشر الأواخر لم تجد إلا القليل؛ فقد توجهوا صوب البيت العتيق يبتغون مضاعفة الأجر، وحط الوزر... في حين ترى غيرهم يقضي ليالي رمضان فيما لا يخفى عليك. ماذا لو وجه ذاك الشاب الذي يجوب الأسواق هذا السؤال إلى نفسه:
ألا أستطيع أن أكون واحداً من هؤلاء؟
كيف نجحوا وهم يعيشون في المجتمع نفسه ولهم شهوات وأمامهم عوائق كما أن لي شهوات وأمامي عوائق؟...
ألا تطيق ما أطاقوا؟
أخي الكريم:
كثير هم الشباب الذين كانوا على جادة الانحراف، وفي طريق الغفلة يمارسون من الشهوات ما يمارسه غيرهم ثم مَنَّ الله عليهم بالهداية فتبدلت أحوالهم وتغيرت وساروا في ركاب الصالحين ومع الطائعين المخبتين. وربما كان بعضهم زميلاً لك،
فكيف ينجح هؤلاء في اجتياز هذه العقبة ويفشل غيرهم؟
ولماذا استطاعوا التوبة ولم يستطع غيرهم؟!
إن العوائق عند الكثير من الشباب عن التوية والالتزام ليس عدم الاقتناع، بل هو الشعور بعدم القدرة على التغيير....
أفلا يعتبر هذا النموذج مثلاً صالحاً له، ودليلاً على أن عدم القدرة لا يعدو أن يكون وهماً يصطنعه.
قبل أن تذبل الزهرة:
لقد أبصرت عيناك أخي الكريم ذاك الذي احدودب ظهره، وصارت العصا رجلًا ثالثة له وتركت السنون الطويلة آثارها على وجهه... أتراه ولد كذلك؟!... أم أنه كان يوماً من الأيام يمتلئ قوة ونشاطاً؟... ألا تعلم أني وإياك سنصير مثله إن لم تتخطفنا المنية – وهذا أشد- وتزول هذه النضارة، وتخبو الحيوية... فماذا أخي الكريم لو حرصنا على استثمار وقت الشباب في الطاعة قبل أن تفقده فنتمناه وهيهات.
وعن شبابه فيم أبلاه:
أخي الكريم:
لا شك أنك تحفظ جيداً قوله صلى الله عليه وسلم:
«لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيم أفناه؟، وعن شبابه فيم أبلاه؟، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟، وعن علمه ماذا عمل فيه»
[قال الألباني صحيح لغيره].
أخي الكريم:
لنفكر ملياً واقعنا الآن فهل سنجد الإجابة المقنعة، المنجية أمام من لا تخفى عليه خافية عن هذه الفقرة (شبابه فيما أبلاه) وهل حالنا الآن مع عمر الشباب تؤهل لاجتياز هذا الامتحان... ألا ترى أن أمامنا فرصة في اغتنام الشباب والإعداد للامتحان؟
سابع السبعة:
أخبر صلى الله عليه وسلم أنه في يوم القيامة:
«تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق، حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق»
[صححه الألباني]
أنه في هذا اليوم هناك من ينعم بظل الله وتكريمه، ومنهم
«وشاب نشأ في عبادة الله»
[رواه البخاري]...
فماذا يمنع أن تكون أنت واحداً من هؤلاء ؟
وما الذي يحول بينك وبين ذلك. فأعد الحسابات، وصحح الطريق، واجعل من الشهر الكريم فرصة للوصول إلى هذه المنزلة.
ما أعظم ما تقدمه في هذا الشهر الكريم:
أخي الشاب:
لا شك أنك رأيت الناس وقد تبدلت أحوالهم في هذا الشهر؛ فالمساجد قد امتلأت بالمصلين والتالين لكتاب الله، والأماكن المقدسة ازدحمت بالطائفين والعاكفين، والأموال تتدفق في مجالات الخير، فهذا يصلي، وهذا يتلو، والآخر ينفق، والرابع يدعو.
فأين موقعك بين هؤلاء جميعاً؟!
ألم تبحث لك عن موقع داخل هذه الخارطة؟!
أليس أفضل عمل تقدمه وخير إنجاز تحققه التوبة النصوح وإعلان السير مع قافلة الأخيار قبل أن يفاجئك هادم اللذات فتودع الدنيا إلى غير رجعة؟... فهل جعلت هذا الهدف نصب عينيك في رمضان وأنت قادر على ذلك بمشيئة الله؟
التوبة والموعد الموهوم:
كثير من الشباب يقتنع من خطأ طريقه، ويتمنى التغيير، ولكنه ينتظر المناسبة ألا وهي أن يموت قريب له، أو يصاب هو بحادث فيتعظ، ويهزه الموقف فيدعوه للتوبة، ولكن ماذا لو كان هو الميت فاتعظ به غيره؟، وكان هذا الحادث الذي ينتظره فعلاً لكن صارت فيه نهايته؟... ليس أخي الشاب للإنسان في الدنيا إلا فرصة واحدة فالأمر لا يحتمل المخاطرة.
فهلا قررنا التوبة اللحظة وسلوك طريق الاستقامة الآن؟
إن القرار قد يكون صعباً على النفس وثقيلاً، ويتطلب تبعات وتضحيات لكن العقبى حميدة والثمرة يانعة بمشيئة الله.
محمد بن عبدالله الدويش
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 01 -09- 2009 الساعة 06:52 AM
ماشاء الله موضوع مليء بالفوائد
جزيت خيرا
أنار الله قلبك وتقبل عملك