ليس أصعب من إرهاق الروح .. أو إهراق الروح في أرضٍ مجدبة
لاتنبت سوى الخيبة .. أخبرتني عرافة الشام العتيقة
إنني ملعون بالحب فأبتسمت ... تذكرت حارتنا العتيقة ..
دلة والدي رحمه الله .. شيلة أمي المضمخة برائحة الصحراء ...
وطفلة لازلت أتذكر كيف كانت الشمس تصبغ لون شعرها الأسود
بلونٍ أخر لم أجده في كل علب الألوان التي أبتعتها مُذ غادرت ..
وظلٌ يدمع قلبي كلما شعرت به ..
من الدور الـــ 22 أرى كل الإتجاهات / الناس / البيوت / الحارات / الصحراء
التي تمتد لما بعد الضلع الثاني عشر في صدر المدينة ..
الجاثمة على حزن المنتمين لها بكل صخب أرواحهم لستُ منهم ..
لماذا أشعر بغربتي تنساب من خلف تلك التلال البعيده ..
دون توقف كي تملاء كل الشوارع التي أمرها هناك أو هناك
في كُل مدينة غريبة أمرها لابد أن أتجوّل حيث تكمن البيوت الغافية بصمتها ..
لايفهم لغة الصمت إلا من يعشقها بكل تفاصيل إضطرابها ويستشعره بداخله
كزلازل متصلة لاتتوقف إلا عندما تشعر برغبة الحديث .
ليس لي صديق هنا سوى عيناي وتفكير يأخذ بزخم كل ماسبق من أمس وماقبله
حتى لحظة ميلادي أجلس في مقهى بسيط كي أتنفس الناس .. تجاعيدهم ..
فرحهم المخبوء كلحظة صفاء أنقطعت منذ إكتشافهم إنهم يعيشون هنا في هذه
المدينة الأصعب من يوم القيامة .. هنا لاعدالة إلا بداخل سور المقبرة الذي
ألمحه هناك بعيداً حيث أنظر من هنا من الدور الــ 22
بالأمس ألصقت صدري العاري على شباك الزجاج
طمعاً في الإحساس بالبرد / الموت
وأكتشفت إن صدري يفهم لغة الريح
التي تضرب هذا الزجاج بصوتٍ أستشعره
كحكاياتٍ عتيقة في شفة أمٍ
يغلبها النعاس وتخشى منه ..
قبل يومين كَذب الصباح ولم أعره إهتماماً ..
أغلقت بعيناي على ضوئه الذي أنتشر
ومضيت وحيداً كما خلقني الله ..
عارياً إلا مني ..
ومما تمضغه الروح بصبرٍ أخاذ .. ومتصلْ
تفاصيلي ليست هي الأولى .. حزني أصبح أشد أكثر كثافة ..
الظِل نوعٌ من الأنثى التي لاتخشى أن تعيش تحت الضوء ..
في النهار والمدينة .. ربما كانت أنا دون أن أنتبه
كل مرة أريد أن أقول لكم :
لاتفر دمعة الحزين إلا مكرهةُ..
كي تفسح مكاناً لدمعة تكونت
وتريد ان تقف على شرفة جفنٍ عال ..
كي تفهم لماذا خلقها الله هكذا !!
ولاترى الخارج إلا بعد ..
موت من سبقتها
الرغبة في الحديث مهمة .. حتى الإحتجاج لمجرد الإحتجاج ..
مهم أيضاً كي تكون شيئاً .. يفهم ماهو المهم لدي ..ومالذي يليه ..
وهكذا .. حتى تصل لباطن قدمي ..
أخبرتني ( سنوات الطيش ) إن كل من يريد شيئاً يتجه إليه ..
الأن أصبحت أخشى على نفسي من الفهم المركب والمعقد لدي ..
الأشياء الأخرى .. لم أتغير كثيراً ولكن فضلت الصبر حتى ..
الإبتسام المر الذي يعلق كل الأشياء على طرف شفته اليسرى
بما فيهن .. فرحي .. فضلت الصمت القاتل على أن أكون ..
موجوداً فقط .. كشيء
توطئة لمزامير البعث الأولى :
رغبة النصف الأول من الشيء لاتلغي النصف الأخر ..
أزرار الرغبة تشي عن صدر الصدر يسكنه مارد ..
المارد لازال يتوسل الخروج ..
الخروج سعة الأفق الممتد لما بعد ..
النهار .. النهار
ثوب ممزق يخرج مفاتن الليل القادم
دون خجل من كل مخلوقات الأرض سواه
قال لي الظل المسكون بي أكتب :
مارسوا ماتريدون وأكتبوا ماتريدون ..
وأعطوا أنفسكم حق أنسنة ..
طالما لاتشبهون أنفسكم من الخارج ..
وتمارسون غيركم بالداخل
ماسبق للظل .. لست مسؤولاً عنه
بدر صفوق