لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

صفحة 6 من 16 الأولىالأولى ... 45678 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 101 إلى 120 من 301

الموضوع: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

العرض المتطور

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ومنه يعرض بذكر أضداده بدمشق
    ( ذا الزجل قاسيون على الأعدا ... جد ما فيه سخف )
    ( وعلى أرباب المعرفة من ريش ... النعامات أخف )
    ( للصغير والكبير فقل عني ... واحذر احذر تخف )
    ( كم زيادة على على وإن كان ... يشتهوا يعملوا )
    ( هذا الأبلق والشقرا والميدان ... اركبوا وادخلوا )

    كأني بمتأمل نظر في رسم كتابة هذا الزجل فأنكره لبعده عن رسم الألفاظ المعربة الخالية من اللحن ويعذر في ذلك لأنه ليس له إلمام بمصطلح رسمه ومن رسمه على غير هذا الطريق لم ينفذ له مرسوم فإنه يؤديه إلى خطأ وزنه وإعراب لحنه
    ومصنفه أبو بكر بن يحيى بن قرمان الوزير قال في خطبته وقد جردته من الإعراب تجريد السيف من القراب
    ولم يطلب من الزجل غير عذوبة ألفاظه وغرابة معانية
    انتهى
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ومن التواجيه اللطيفة في الطب ما اتفق أن بعض الملوك خرج لقتال أعدائه فأيده الله بنصره فطلب كاتب إنشائه ليكتب على الفور حكاية الحال فتعذر وجوده في ذلك الوقت فطلب طبيبه وأمر بالكتابة بسرعة وكان الطبيب حاذقا فكتب موجها في صناعته
    أما بعد فإنا كنا مع العدو في حلقة كدائرة البيمارستان حتى لو رميت مبضعا لم يقع إلا على قيفال ولم يكن إلا كجس نبضة أو نبضتين حتى لحق العدو بحران عظيم
    فهلك بسعادتك يا معتدل المزاج
    وكان أبو الحسين الجزار ونصير الدين الحمامي وسراج الدين الوراق لم يخرجوا عن هذا النوع في غالب نظمهم ويأتي الكلام على ذلك في مواضعه من باب التورية وأما توجيه أسماء أنواع البديع فهو نسيج وحده وواسطة عقده
    وما ذاك إلا أنه رسم لي بإنشاء توقيع المقر الأخوي الزيني عبد الرحمن بن الخراط الشافعي أحد أعيان العصر في الأدب بكتابة السر بثغر طرابلس وأنا منشئ ديوان الإنشاء الشريف المؤيدي بالديار المصرية فقصدت التوجيه بالأنواع المذكورة لتحصل الملاءمة ومراعاة النظير بذلك فإن صاحب التوقيع من المتميزين على كلا الحالين بحسن الأدب فمن ذلك قولي في فصل التعدية وبعد فمنهل إنعامنا الشريف قد حلينا لأهل الأدب مورده لتصير عقود إنشائنا بجواهر منثورة منضده وتطلع كل براعة باستهلالها في أشرف المطالع وتسكن النزاهة طباق البديع للمقابلة فيتنزه الناظر والسامع ويقوم الاستخدام بما يجب عليه من واجب الخدمة ويزيل الاقتباس بنوره عن أهلته كل ظلمة وتجول خيول الاستطراد في رد العجز على صدره ويحصل لأهل الأدب في زماننا تمكين فيظهر الافتنان في نظمه ونثره ويصير لفقه المذهب الكلامي في أيامنا الشريفة ترشيح ومماثلة ومناسبة ويبرز في توشيح التسليم من غير اعتراض مناقضة ومواربة ويجنح العصيان إلى الدخول تحت الطاعة ويسمع القول بموجبه من غير مراجعة في كل براعة ويزول التجاهل بالعارف ويصير التسجيع والمواربة عند إيجازه بالمواقف

    وكان المجلس العالي القضائي عبد الرحمن بن الخراط الشافعي ممن حسن بيانه إيضاح وللسر عنده حسن إيداع وللأدب إليه التفات لأنه بجواهر ترصيعه يشنف الأسماع وهو الفاضل الذي إذا نظم أزال بسهولة نظمه الإبهام والتوهيم وإذا نثر عقود الإنشاء فلا فرق بين عبد الرحمن وعبد الرحيم يحسن في المطالعة والأمثلة الشريفة طيه ونشره وهو من الشعراء فيما يبعد من القصص إذا علا في تفسيرها أمره فلذلك رسم بالأمر الشريف لا زالت براعة المطلب منظومه في بديع زمانه بإنعامه ولا برحت أبوابه الشريفة في تصريح وتشريع لوفود أهل الأدب في أيامه أن يستقر لأنه ممن يحسن به التحبير ويحصل به الاكتفاء والتتميم ويجمع من نظمه ونثره بين التحميس والترسل فيحسن الجمع بهذا التقسيم فليباشر ذلك ويجعل الاستعانة بالله ليأمن من التنكيت والتعليل ويصير لشقة الإنشاء بعد النقص تسهيم وتكميل ويظهر لبرد الكلام بحسن تفصيله تفويت وتوشيع
    ولأصول التهذيب والتأديب مبالغة وتفريع والوصايا كثيرة لا تخفى على الأديب الفاضل الاحتراس والفرق بين المستوي والمقلوب وبه يحصل النسق في جمع الفرائد وتظهر براعة التخلص في عنوان كل مطلوب لأنه الفاضل الذي إن سكن ثغرا لم يفته شنب التورية بحسن نظامه أو جاور بحرا فهو أديب والبحور في تصريف أوامره في نقضه وإبرامه والله تعالى يجعل نظم هذا الثغر بحسن أدبه في بلاغة وانسجام وكما أحسن له الابتداء يعضده بديع السموات والأرض بحسن الختام
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وقد طال الشرح في نوع التوجيه ولم يبق للإطالة وجه
    وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في هذا النوع
    ( خلت الفضائل بين الناس ترفعني ... بالابتداء فكانت أحرف القسم )
    الشيخ صفي الدين قصد في توجيه بيته بعض قواعد النحو وهو بيت عامر بالمحاسن
    وقد تقدم ما أوردناه من هذا القسم
    وبيت بديعيتي
    ( وأسود الخال في نعمان وجنته ... لي منذر منه بالتوجيه للعدم )
    التوجيه في هذا البيت من القسم المقدم على التوجيه في قواعد العلوم وقد تقدم فيه أن يوجه المتكلم كلامه إلى أسماء متلائمة اصطلاحا من أسماء الأعلام

    توجيها مطابقا لمعنى اللفظ الثاني من غير اشتراك حقيقة بخلاف التورية وقد تقدم ذلك وتقرر الكلام عليه وعلى التوجيه في قواعد العلوم وبقية الفنون وعلى كل تقدير فالكل راجع إلى طريق واحد والاشتراك هنا في النعمان والمنذر ظاهر ولكن في النكتة اللطيفة في الأسود فإن المتأمل ما يتخيل في أول وهلة غير سواد الخال وجل القصد في المعنى الآخر هو الملك الأسود أخو النعمان بن المنذر وهو أحد ملوك العرب والتورية ههنا في التوجيه الذي هو اسم النوع البديعي لم يفتها من المحاسن وجه وهذا هو الأفق الذي أقمر فيه الشيخ علاء الدين الوداعي والقاضي محيي الدين بن عبد الظاهر وغيرهما ممن أوردنا على هذا النوع نظمه وأوصلنا إلى الغرض لما أطلق فيه سهمه وما أخرت بيت العميان وبيت الشيخ عز الدين ونثرت نظم الترتيب هنا إلا لأنهم نسجوا على غير هذا المنوال وتعوضوا عن مسارح الماء الحلو بالآل
    وبيت العميان
    ( ترى الغني لديهم والفقير وقد ... عادا سواء فلازم باب قصدهم )
    هنا بحث لطيف وهو أن العميان نظموا التوجيه بين التسمية التي تحتمل وجهين من المعنى على مذهب المتقدمين وهو الإبهام وقد تقرر أن المتكلم فيه يبهم المعنيين بحيث لا يترشح أحدهما على الآخر بقرينة واستشهدوا عليه بشاهد الإبهام الذي نزلوه على التوجيه وهو قول الشاعر في الخياط وقد تقدم ليت عينيه سواء
    فالشاعر أبهم المعنيين بحيث يتحير السامع والمتأمل ويعجز عن ترجيح أحدهما
    ولم أر في بيت العميان غير التسوية بين الغني والفقير فإن هؤلاء الممدوحين يعطون الفقير إلى أن يصير مساويا للغني وهذا هو المعنى الواحد وهو أوضح من ضوء الشمس إذا توقدت جمرة المصيف وأما المعنى الآخر فما وجدت في بيتهم له قرينة صالحة تدلني عليه وصاحب البيت أدرى بالذي فيه
    وقد تقدم أن نوع التوجيه قسمه البديعيون قسمين وذهب إلى كل منهما فريق
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وبيت الشيخ عز الدين مذبذب
    ( بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) وهو
    ( نزهت طرفي وسمعي في محاسنه ... وعنك إن تقصد التوجيه في الكلم )

    أصحاب الطريق الذي مشى عليها الشيخ عز الدين في نظم هذا النوع قالوا التوجيه الاصطلاحي أن يحتمل الكلام وجهين من المعنى وهذا هو الفرق بين التورية والتوجيه فإن التورية باللفظة الواحدة والتوجيه لا يصح إلا بعدة ألفاظ والشيخ عز الدين أتى بكلمة مفردة تحتمل معنيين فما نظم غير التورية والتوجيه بخلاف ذلك والكلمة التي اقتضت اشتراك المعنيين قوله نزهت فإنه قال إنه نزه طرفه في محاسن محبوبه وكأنه التفت إلى العذول وقال له وعنك وهو وبيت العميان سافلان خاليان ليس فيهما من المحاسن ساكن والله أعلم
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر عتاب المرء نفسه

    ( يا نفس ذوقي عتابي قد دنا أجلي ... مني ولم تقطعي آمال وصلهم )
    هذا النوع أعني عتاب المرء نفسه لم أجد العتب مرتبا إلا على من أدخله في البديع وعده من أنواعه وليس بينهما نسبة والذوق السليم أعدل شاهد على ذلك ولولا أن الشروع في المعارضة ملزم ما نظمت حصاه مع جواهر هذه العقود ونهاية أمره أنه صفة لحال واقعة ليس تحتها كبير أمر وهو من أفراد ابن المعتز ولم يورد فيه غير بيتين ذكر أن الأسدي أنشدهما عن الجاحظ وهما
    ( عصاني قومي في الرشاد الذي به ... أمرت ومن يعص المجرب يندم )
    ( فصبرا بني بكر على الموت إنني ... أرى عارضا ينهل بالموت والدم )
    قال زكي الدين بن أبي الأصبع وقوله صحيح لم أر في هذين البيتين ما يدل على عتاب المرء نفسه إلا أن هذا الشاعر لما أمر بالرشاد وبذل النصح ولم يطع ندم على بذل النصيحة لغير أهلها ويلزم من ذلك عتابه لنفسه فتكون دلالة البيتين على عتابه لنفسه دلالة إلتزامية لا دلالة المطابقة ولا يصلح أن يكون شاهدا على هذا النوع إلا قول شاعر الحماسة
    ( أقول لنفسي في الخلاء ألومها ... لك الويل ما هذا التجلد والصبر )
    انتهى كلام ابن أبي الأصبع فانظر ما أحلى ما صرح هذا الشاعر بذكر النفس واللوم لها وخاطبها بكاف الخطاب ليتمكن عتبه وتقريعه المؤلم لها

    وبيت الشيخ صفي الدين الحلي فيه
    ( أنا المفرط أطلعت العدو على ... سري وأودعت نفسي كف مجترم )
    الشيخ صفي الدين حكى أنه فرط في اطلاع عدوه على سره وإيداع نفسه كف مجترم لا غير وأين هو من قول شاعر الحماسة وقد قال لنفسه على سبيل العتب والتوبيخ لك الويل ما هذا التجلد والصبر
    والعميان لم ينظموا هذا النوع في بديعيتهم
    وبيت الشيخ عز الدين الموصلي
    ( عتبت نفسي إذ أتعبتها بهوى ... مجهول سبل بلادها دولا علم )
    الشيخ عز الدين حكى أيضا أنه عاتب نفسه وذكر أنه هو الذي أتعبها وكلفها حمل الهوى فالعتاب هنا من كل وجه لم يترتب على غيره وما مقدار هذا النوع حتى إن الشاعر لم يأت به على صيغته لا سيما ونظام البديعيات قد التزموا أن يأتوا به شاهدا على نوعه
    وبيت بديعيتي
    ( يا نفس ذوقي عتابي قد دنا أجلي ... مني ولم تقطعي آمال وصلهم )
    أقول إن هذا البيت ينظر إلى بيت شاعر الحماسة في علو طباقه وإن كان من الفحول التي لها فضيلة السبق فقد زاحمه في حلبة سباقه مع أن عروس التسمية يضوع عطرها من أطواق الطروس ويقول مزكوم الذوق وقد عاد له الشم لا عطر بعد عروس وأين هذا النشر الواضح والرقة التي ود النسيم لو انتظم معها وانسجم من عقادة بيت الشيخ عز الدين وقد أمسى بها مجهولا بلا هاد ولا علم
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر القسم

    ( برئت من أدبي والعز من شيمي ... إن لم أبر بنأي عنهم قسمي )
    القسم أيضا حكاية حال واقعة وليس تحته كبير أمر ولكن تقرر أن الشروع في المعارضة ملزم وهو أن يقصد الشاعر الحلف على شيء فيحلف بما يكون له مدحا وما يكسبه فخرا وما يكون هجاء لغيره فمثال الأول قول مالك بن الأشتر النخعي في معاوية ابن هند
    ( بقيت وفري وانحرفت عن العلا ... ولقيت أضيافي بوجه عبوس )
    ( إن لم أشن على ابن هند غارة ... لم تخل يوما من ذهاب نفوس )
    فقول ابن الأشتر تضمن المدح لنفسه والفخر الزائد والوعيد للغير ومثله قول أبي علي البصير يعرض بعلي بن الجهم
    ( أكذبت أحسن ما يظن مؤملي ... وهدمت ما شادته لي أسلافي )
    ( وعدمت عاداتي التي عودتها ... قدما من الأسلاف والأخلاف )
    ( وغضضت من ناري ليخفى ضوؤها ... وقريت عذرا كاذبا أضيافي )
    ( إن لم أشن على علي خلة ... تمسي قذى في أعين الأشراف )
    وقد يقسم الشاعر بما يريده الممدوح ويختاره كقول الشاعر
    ( إن كان لي أمل سواك أعده ... فكفرت نعمتك التي لا تكفر )


    وأحسن ما سمع في القسم على المدح قول الشاعر
    ( خفت بمن سوى السماء وشادها ... ومن مرج البحرين يلتقيان )
    ( ومن قام في المعقول من غير رؤية ... فأثبت في إدراك كل عيان )
    ( لما خلقت كفاك إلا لأربع ... عقائل لم تعقل لهن ثواني )
    ( لتقبيل أفواه وإعطاء نائل ... وتقليب هندي وحبس عنان )
    والمقدم في هذا الباب وهو الذي انتهت إليه نهاية البلاغة قوله تعالى ( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ) فإنه قسم يوجب الفخر لتضمنه التمدح بأعظم قدرة وأكمل عظمة حاصلة من ربوبية السماء والأرض وتحقيق الوعد بالرزق وحيث أخبر سبحانه وتعالى أن الرزق في السماء وأنه رب السماء يلزم من ذلك قدرته على الرزق الموعود به دون غيره
    انتهى الكلام على القسم الذي يراد به الفخر والمدح والتعظيم
    وأما ما جاء من القسم في النسيب فكقول الشاعر
    ( جنى وتجنى والفؤاد يطيعه ... فلا ذاق من يجني عليه كما يجني )
    ( فإن لم يكن عندي كعيني ومسمعي ... فلا نظرت عيني ولا سمعت أذني )
    ومما جاء من القسم في الغزل قول ابن المعتز
    ( لا والذي سل من جفنيه سيف ردى ... قدت له من عذاريه حمائله )
    ( ما صارمت مقلتي دمعا ولا وصلت ... غمضا ولا سالمت قلبي بلابله )
    الذي وقع عليه الاتفاق أن هذا أحسن ما وقع من القسم في الغزل إذ القسم والمقسم عليه كل منهما داخل في باب الغزل ولكن قال الشيخ زكي الدين بن أبي الأصبع إن الذي وقع لجميل بن معمر العذري في هذا الباب ما تحسن العبارة تفصح عن لفظه ووصفه وهو قوله على لسان محبوبته
    ( قالت وعيش أبي وأكبر إخوتي ... لأنبهن الحي إن لم تخرج )
    ( فخرجت خيفة أهلها فتبسمت ... فعلمت أن يمينها لم تلجج )

    ثم قال أعني ابن أبي الأصبع رحم الله جميلا لقد تظرف في هذين البيتين ما شاء لأنه أتى بهما من باب الهزل الذي يراد به الجد وأغرب في القسم فيهما وأدمج في القسم حسن ائتلاف اللفظ مع المعنى وأتى بما لا يوفيه واصف حقه
    انتهى كلام ابن أبي الأصبع
    قلت وإذا وصلنا في القسم إلى باب الهزل الذي يراد به الجد فهذب الدين أحمد بن منير الطرابلسي قائد هذا العنان وفارس هذا الميدان وما ذاك إلا أنه هاجر إلى مدينة السلام بغداد والشريف الموسوي نقيب الأشراف بها وبابه حرم الوافدين وينابيع الفضل التي هي مناهل الواردين
    وكان يقال إن الشريف المشار إليه من كبار الشيعة ببغداد وعلى هذا أجمع غالب الناس فجهز إليه ابن منير عند قدومه بغداد هدية مع مملوكه تتر بل معشوقه الذي اشتهر به في الخافقين غرامه وأبدع في أوصافه الجميلة نظامه فقبل الشريف هديته واستحسن المملوك فأدخله في الهدية وقصد أن يعوضه عن ذلك بأضعافه فلما شعر ابن منير بذلك التهبت أحشاؤه على مملوكه بل معشوقه تتر وكتب إلى الشريف على الفور قصيدة أولها
    ( عذبت قلبي يا تتر ... وأطرت نومي بالفكر )
    ومنها
    ( بالمشعرين وبالصفا ... والبيت أقسم والحجر )
    ( وبمن سعى فيه وطاف ... به ولبي واعتمر )
    ( إن الشريف الموسوي ... بن الشريف أبي مضر )
    ( أبدى الجحود ولم يرد ... إلي مملوكي تتر )
    ( واليت آل أمية ... الطهر الميامين الغرر )
    ( وجحدت بيعة حيدر ... ورجعت عنه إلى عمر )
    ( وإذا جرى ذكر الصحابة ... بين جمع واشتهر )
    ( قلت المقدم شيخ ... تيم ثم صاحبه عمر )
    ( ما سل قط ظبا على ... آل النبي ولا شهر )

    ( كلا ولا صد البتول ... عن التراث ولا زجر )
    ( وأثابها الحسنى وما ... شق الكتاب ولا بقر )
    ( وبكيت عثمان الشهيد ... بكاء نسوان الحضر )
    ( وشرحت حسن صلاته ... جنح الظلام المعتكر )
    ( وقرأت من أوراق مصحفه ... براءة والزمر )
    ( ورثيت طلحة والزبير ... بكل شعر مبتكر )
    ( وأزور قبرهما وأزجر ... من لحاني أو زجر )
    ( وأقول أم المؤمنين ... عقوقها إحدى الكبر )
    ( ركبت على جمل لتصبح ... من بنيها في زمر )
    ( وأتت لتصلح بين جيش المسلمين على غرر )
    ( فأتى أبو حسن وسل ... حسامه وسطا وكر )
    ( وأذاق إخوته الردى ... وبعير أمهم عقر )
    ( ما ضره لو كان كف ... وعف عنهم إذ قدر )
    ( وأقول إن إمامكم ... ولى بصفين وفر )
    ( وأقول إن أخطا معاوية ... فما أخطا القدر )
    ( هذا ولم يغدر معاوية ... ولا عمرو مكر )
    ( بطل بسوأته يقاتل ... لا بصارمه الذكر )
    ( وجنيت من ثمر النواصب ... ما تتمر واختمر )
    ( وأقول ذنب الخارجين ... على علي يغتفر )
    ( لا ثائر لقتالهم ... في النهروان ولا أشر )
    ( والأشعري بما يؤول ... إليه أمرهما شعر )
    ( قال انصبوا لي منبرا ... فأنا البريء من الخطر )

    ( فعلا وقال خلعت صاحبكم ... وأوجز واختصر )
    ( وأقول إن يزيد ما ... شرب الخمور ولا فجر )
    ( ولجيشه بالكف عن ... أبناء فاطمة أمر )
    ( وحلقت في عشر المحرم ... ما استطال من الشعر )
    ( ونويت صوم نهاره ... وصيام أيام أخر )
    ( ولبست فيه أجل ثوب ... للملابس يدخر )
    ( وسهرت في طبخ الحبوب ... من العشاء إلى السحر )
    ( وغدوت مكتحلا أصافح ... من لقيت من البشر )
    ( ووقفت في وسط الطريق ... أقص شارب من عبر )
    ( وغسلت رجلي ضلة ... ومسحت خفي في السفر )
    ( وأمين أجهر في الصلاة ... كمن بها قبلي جهر )
    ( وأسن تسنيم القبور ... لكل قبر محتفر )
    ( وإذا جرى ذكر الغدير ... أقول ما صح الخبر )
    ( ولبست فيه من الملابس ... ما اضمحل وما دثر )
    ( وسكنت جلق واقتديت بهم ... وإن كانوا بقر )
    ( وأقول مثل مقالهم ... بالفاشر يا قد فشر )
    ( مصطيحتي مكسورة ... وفطيرتي فيها قصر )
    ( نفر يرى برئيسهم ... طيش الظليم إذا نفر )
    ( وخفيفهم مستثقل ... وصواب قولهم هدر )
    ( وطباعهم كجبالهم ... طبعت وقدت من حجر )
    ( ما يدرك التشبيب تغريد ... البلابل في السحر )

    ( وأقول في يوم تحار ... له البصيرة والبصر )
    ( والصحف ينشر طيها ... والنار ترمي بالشرر )
    ( هذا الشريف أصنلني ... بعد الهداية والنظر )
    ( فيقال خذ بيد الشريف ... فمستقر كما سقر )
    ( لواحة تصطو فما ... تبقي عليه ولا تذر )
    ( والله يغفر للمسيء ... إذا تنصل واعتذر )
    ( فاخش الإله بسوء فعلك ... واحتذر كل الحذر )
    ( وإليكها بدوية ... رقت لرقتها الحضر )
    ( شامية لو شامها ... قس الفصاحة لافتخر )
    ( ودرى وأيقن أنني ... بحر وألفاظي درر )
    ( وبديعتي كبديعة ... عذراء ترفل في الحبر )
    ( خبرتها فغدت كزهر ... الروض باكره المطر )
    ( وإلى الشريف بعثتها ... لما قراها فانبهر )
    ( رد الغلام وما استمر ... على الجحود ولا أصر )
    ( وأثابني وجزيته ... شكرا وقال لقد صبر )
    أقول إنه يغتفر لي طول الشرح لغرابة أسلوب هذه القصيدة فإني لم أخرج بها عن القصد لأنها مبنية على القسم وجوابه من البراعة إلى الختام وأما هزلها الذي يراد به الجد فإنه غاية لا تدرك وطريق ما رأينا لغيره فيها مسلك وبيت الشيخ صفي الدين في بديعيته على هذا النوع أعني القسم نسجه على المنوال الأول الذي هو مبني على المدح والفخر والتعاظم وعلو الهمة وهو قوله
    ( لا لقبتني المعالي بابن بجدتها ... يوم الفخار ولا بر التقى قسمي )
    هذا البيت منسوج على المنوال المذكور لكن فيه نقص لأنه غير صالح للتجريد ولم يأت ناظمه بجواب القسم إلا في بيت الاستعارة الذي ترتب بعده وهو
    ( إن لم أحث مطايا العزم مثقلة ... من القوافي تؤم المجد عن أمم )
    وأصحاب البديعيات شرطوا أن يكون كل بيت شاهدا على نوعه بمجرده وإذا كان البيت له تعلق بما بعده أو بما قبله لا يصلح أن يكون شاهدا على ذلك النوع
    ولقد عجبت للشيخ صفي الدين كيف فتر عزمه وقصرت همته عن هذا القدر الذي يتطاول إلى إدراكه كل قاصر وأين هو من قول القائل في طريقته الغرامية التي حركت السواكن حيث قال
    ( حرمت الرضا إن كنت خنتك في الهوى ... وعوقبت بالهجران إن كنت كاذبا )
    انظر ما أحلى ما أتى بالقسمين وجوابيهما في بيت واحد مع عدم التعسف والرقة التي كادت أن تسيل
    والعميان لم ينظموا هذا النوع في بديعيتهم
    وبيت الشيخ عز الدين الموصلي
    ( برئت من سلفي والشم من هممي ... إن لم أدن بتقى مبرورة القسم )
    بيت الشيخ عز الدين مبني على الفخر والتعاظم وعلو الهمم وهو صالح للتجريد بخلاف بيت الشيخ صفي الدين هذا مع التزام الشيخ عز الدين بتسمية النوع
    وبيت بديعيتي
    ( برئت من أدبي والعز من شيمي ... إن لم أبر بنأي عنهم قسمي )
    وهذا البيت مبني على الفخر والتعاظم وعلو الهمة
    وفي قولي والعز من شيمي غاية الفخر ولكن اللطف الزائد قول الأديب في القسم برئت من أدبي مع التورية التي ترفل في حلل الحشمة وتسمية النوع والتقفية به لا تخفى على أهل الذوق من أهل الأدب والله أعلم
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر حسن التخلص

    ( ومن غدا قسمه التشبيب في غزل ... حسن التخلص بالمختار من قسمي )
    حسن التخلص هو أن يستطرد الشاعر المتمكن من معنى إلى معنى آخر يتعلق بممدوحه بتخلص سهل يختلسه اختلاسا رشيقا دقيق المعنى بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من المعنى الأول إلا وقد وقع في الثاني لشدة الممازجة والالتئام والانسجام بينهما حتى كأنهما أفرغا في قالب واحد
    ولا يشترط أن يتعين المتخلص منه بل يجري ذلك في أي معنى كان فإن الشاعر قد يتخلص من نسيب أو غزل أو فخر أو وصف روض أو وصف طلل بال أو ربع خال أو معنى من المعاني يؤدي إلى مدح أو هجو أو وصف في حرب أو غير ذلك ولكن الأحسن أن يتخلص الشاعر من الغزل إلى المدح
    والفرق بين التخلص والاستطراد أن الاستطراد يشترط فيه الرجوع إلى الكلام الأول أو قطع الكلام فيكون المستطرد به آخر كلامه والأمران معدومان في التخلص فإنه لا يرجع إلى الأول ولا يقطع الكلام بل يستمر على ما يتخلص إليه
    وهذا النوع أعني حسن التخلص اعتنى به المتأخرون دون العرب ومن جرى مجراهم من المخضرمين ولكنه لم يفتهم فإنهم أوردوا لزهير في هذا الباب قوله
    ( إن البخيل ملوم حيث كان ولكن ... الكريم على علاته هرم )
    أنظر إلى هذا العربي القديم كيف أحسن التخلص من غير اعتناء في بيت


    واحد وهذا هو الغاية القصوى عند المتأخرين الذين اعتنوا به
    وعلى كل تقدير فمن كلام العرب استنبط كل فن فإنهم ولاة هذا الشأن لكنهم كانوا يؤثرون عدم التكلف ولا يرتكبون من فنون البديع إلا ما خلا من التعسف
    فمن ذلك قول الفرزدق وأجاد إلى الغاية
    ( وركب كأن الريح تطلب عندهم ... لها ترة من جذبها بالعصائب )
    ( سروا يخبطون الليل وهي تلفهم ... إلى شعب الأكوار من كل جانب )
    ( إذا آنسوا نارا يقولون ليتها ... وقد حضرت أيديهم نار غالب )
    ومثله قول أبي نواس
    ( تقول التي من بيتها خف محملي ... يعز علينا أن نراك تسير )
    ( أما دون مصر للغنى متطلب ... بلى إن أسباب الغنى لكثير )
    ( فقلت لها واستعجلتها بوادر ... جرت فجرى في إثرهن عبير )
    ( دعيني أكثر حاسديك برحلة ... إلى بلد فيه الخصيب أمير )
    ومثله في الحسن قوله
    ( وإذا جلست إلى المدام وشربها ... فاجعل حديثك كله في الكاس )
    ( وإذا نزعت عن الغواية فليكن ... لله ذاك النزع لا للناس )
    ( وإذا أردت مديح قوم لم تمن ... في مدحهم فامدح بني العباس )
    أقول إن هذه الطريق التي مشى عليها أبو نواس ومن تقدمه من المتقدمين ممن أوردت نظمه في هذا الباب وهي حسن التخلص ببيت واحد باستطراد رشيق ينتقل الشاعر به من الشطر الأول إلى الشطر الثاني فاتت فحولا من الشعراء كالبحتري وأبي تمام في غالب القصائد على أنهما المقدمان في هذا الشأن
    وقد تقرر أن حسن التخلص ما كان في بيت واحد يثب الشاعر من شطره الأول إلى الثاني وثبة تدل على رشاقته وقوته وتمكنه في هذا الفن
    وإذا لم يكن التخلص

    كذلك سمي اقتضابا وهو أن ينتقل الشاعر من معنى إلى معنى آخر من غير تعلق بينهما كأنه استهل كلاما آخر
    وعلى هذه الطريقة مشى غالب العرب وغالب المخضرمين وكثير من شعراء المولدين فمن ذلك قول البحتري في قصيد وقد جرى في ميادين غزلها إلى أن قال من غير ارتباط
    ( وردنا إلى الفتح بن خاقان إنه ... أعم ندى فيكم وأيسر مطلبا )
    وهذه النبذة التي أبرزتها هنا من نظم المتقدمين في حسن التخلص عزيزة الوجود فإنها ما تيسرت إلا بعد بذل الجهد في جمعها
    وهذا النوع البديع ما اعتنى به غير حذاق المتأخرين وما نسجوه جميعه إلا على المنوال المذكور
    ولعمري إنها طريقة بديعة ونوع من السحر يدل على رسوخ القدم في البلاغة وتمكن الذهن من البراعة وإن لم يكن كذلك لم يعد من أنواع البديع
    والقرائح تختلف فيه وتتفاوت وقد عن لي أن أنبه على قبح المخالص التي لا تعد من أنواع البديع لينفتح ذهن المبتدئ في هذا الفن فمن ذلك قول أبي الطيب المتنبي وإن كانت له المخالص الفائقة
    ( غدا بك كل خلو مستهاما ... وأصبح كل مستور خليعا )
    ( أحبك أو يقولوا جر نمل ... ثبيرا وابن إبراهيم ريعا )
    أنظر ما أبرد هذا المخلص وأشد تعسفه ومعناه أنه علق انقضاء حبها على غير ممكن وهو أن يجر النمل الجبل المسمى ثبيرا وأن يخاف ممدوحه فجعل خوف الممدوح نظير جر النمل لثبير ليقرر أن كلا منهما من المستحيلات ومن تخاليصه القبيحة أيضا قوله
    ( على الأمير يرى ذلي فيشفع لي ... إلى التي تركتني في الهوى مثلا )
    وسبب قبح هذا المخلص كونه جعل ممدوحه ساعيا بينه وبين محبوبته في الوصال ولا خفاء في دنو هذه المرتبة وقد سبقه أبو نواس إلى ذلك ولكنه أقل شناعة مع أن الكل قبيح حيث قال
    ( سأشكو إلى الفضل بن يحيى بن خالد ... هواك لعل الفضل يجمع بيننا )
    وقد سبقهما إلى ذلك قيس بن ذريح حين طلق لبنى وتزوجت غيره فندم على ذلك وشبب بها في كل معنى فرحمه ابن أبي عتيق فسعى في طلاقها من زوجها وأعادها إلى قيس فقال يمدحه
    ( جزى الرحمن أفضل ما يجازي ... على الإحسان خيرا من صديق )
    ( فقد جربت إخواني جميعا ... فما ألفيت كابن أبي عتيق )
    ( سعى في جمع شملي بعد صدع ... ورأي حدت فيه عن الطريق )
    ( وأطفأ لوعة كانت بقلبي ... أغصتني حرارتها بريقي )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #8
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    فلما سمعها ابن أبي عتيق قال لقيس يا حبيبي أمسك عن هذا المدح فما يسمعه أحد إلا ظنني قواد
    ومن المخالص التي استحسنوها للبحتري قوله
    ( رباع تردت بالرياض مجودة ... بكل جديد الماء عذب الموارد )
    ( إذا راوحتها مزنة بكرت لها ... شآبيب مجتاز عليها وقاصد )
    ( كأن يد الفتح بن خاقان أقبلت ... عليها بتلك البارقات الرواعد )
    ومن المخالص المستحسنة لأبي تمام قوله من قصيدة
    ( ما زلت عن سنن الوداد ولا غدت ... نفسي على إلف سواك تحوم )
    ( لا والذي هو عالم أن النوى ... مر وأن أبا الحسين كريم )
    هذا المخلص مقدم على مخالص البحتري من وجوه أحدها التخلص من النسيب إلى المدح والثاني حسن الانسجام والثالث وهو جل القصد الوثبة في بيت التخلص من الشطر الأول إلى الشطر الثاني بأسرع اختلاس
    وهذا الذي عقد المتأخرون الخناصر عليه وصار لهم فيه اليد الطولى ومثله قوله من قصيدة
    ( فالأرض معروف السماء قرى لها ... وبنو الرجاء لهم بنو العباس )
    ومن مخالص أبي الطيب الفائقة قوله من قصيدة يمدح بها أبا أيوب أحمد بن عمران بن ماهويه مطلعها
    ( سرب محاسنه حرمت ذواتها ... داني الصفات بعيد موصوفاتها )
    معنى هذا المطلع في غاية الحسن والغرابة فإنه يقول هذا سرب حيل بيني وبين كل حسناء منه وهذه الحسناء صفاتها دانية عند ذكرها بالقول ولكن ذاتها الموصوفة بعيدة ولم يزل في غرابة هذا الأسلوب إلى أن قال متحمسا


    ( ومطالب فيها الهلاك أتيتها ... ثبت الجنان كأنني لم آتها )
    ( أقبلنها غرر الجياد كأنما ... أيدي بني عمران في جبهاتها )
    أقول سبحان المانح هذا هو السحر الحلال والشرب الذي أمست المشارب لصافية عنده كالآل
    ومثله في الغرابة التي هي من معجزات المتنبي قوله من قصيدة مدح بها علي بن عامر ويعرض بذكر أبيه عامر ومدحه بعد وفاته مطلعها
    ( أطاعن خيلا من فوارسها الدهر ... وحيدا وما قولي كذا ومعي الصبر )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( وأعجب من ذا كل يوم سلامتي ... وما ثبتت إلا وفي نفسها أمر )
    ولم يزل ينفث بصدق عزائمه في هذا السحر الذي سحر به العقول وخلب القلوب إلى أن قال
    ( ويوم وصلناه بليل كأنما ... على أفقه من برقه حلل حمر )
    ( وليل وصلناه بيوم كأنما ... على متنه من دجنة حلل خضر )
    ( وغيث ظننا تحته أن عامرا ... علا لم يمت أو في السحاب له قبر )
    ومثله قوله من قصيدة دالية يمدح بها سيف الدولة بن حمدان مطلعها
    ( عواذل ذات الخال في حواسد ... وإن ضجيع الخود مني لماجد )
    وما ألطف ما قال بعده
    ( يرد يدا عن ثوبها وهو قادر ... ويعصي الهوى في طيفها وهو راقد )
    ولما انتظم له هذا الدر في هذه الأسلاك البديعية قال
    ( خليلي إني لا أرى غير شاعر ... فكم منهم الدعوى ومني القصائد )
    ( فلا تعجبا أن السيوف كثيرة ... ولكن سيف الدولة اليوم واحد )
    ومن مخالص أبي العلاء أحمد بن سليمان على طريق المديح فإنه لم يكن من طلاب الرفد قوله من قصيد
    ( ولو أن المطي لها عقول ... وحقك لم نشد لها عقالا )

    ( مواصلة بها رحلي كأني ... من الدنيا أريد بها انتقالا )
    ( سألن فقلن مقصدنا سعيد ... فكان اسم الأمير لهن فالا )
    هذا المخلص أيضا من العجائب فإن الشيخ أبا العلاء سبكه في قالب التورية والاتفاق البديع وكان اسم الأمير في فالهم سعيدا والعرب ما برحوا يتفاءلون بالاسم الحسن ويتطيرون من ضده ومما استحسن لابن حجاج من المخالص قوله
    ( ألا يا ماء دجلة لست تدري ... بأني حاسد لك طول عمري )
    ( ولو أني استطعت سكرت سكرا ... عليك فلم تكن يا ماء تجري )
    ( فقال الماء قل لي كل هذا ... بم استوجبته يا ليت شعري )
    ( فقلت له لأنك كل يوم ... تمر على أبي الفضل بن بشر )
    ( تراه ولا أراه وذاك شيء ... يضيق عن احتمالك فيه صبري )
    قال صاحب المثل السائر حين أورد هذه الأبيات ما علمت معنى في هذا المقصد أبدع ولا أعذب ولا أرق ولا أحلى من معنى هذا اللفظ ويكفي ابن حجاج من الفضيلة أن يكون له مثل هذه الأبيات
    قلت ولعمري إن المخلص والأبيات بكمالها دون إطناب ابن الأثير في الوصف
    ولكن قال زكي الدين بن أبي الأصبع في كتابه المسمى بتحرير التحبير لما انتهى إلى هذا النوع أعني حسن التخلص إذا وصلت إلى ابن حجاج في هذا الباب فإنك تصل إلى ما لا تدركه الألباب فمن ذلك قوله على طريقته المعهودة منه
    وقد بادلتها فمبالها لي ... بمشورة استها ولها قذالي )
    ( كما لابن العميد جميع مدحي ... ودنيا ابن العميد جميعها لي )
    ومن المخالص الفائقة قول الأستاذ أبي الحسن مهيار بن مرزويه الكاتب من قصيدة بائية يمدح بها الأمير سيف الدولة ابن مزيد مطلعها
    ( هب من زمانك بعض الجد للعب ... واهجر إلى راحة شيئا من التعب )
    ولم يزل ماشيا على هذا السنن إلى أن قال
    ( تسعى السقاة علينا بين منتظر ... بلوغ كأس ووثاب بمستلب )
    ( كأنما قولنا للبابلي أدر ... سلافة قولنا للمزيدي هب )

    ومثله قوله من قصيدة حائية يمدح بها الأستاذ أبا طالب بن أيوب
    ( يا من ثناياه التي ... غولطت عنها بالأقاحي )
    ( غلط المقايس بابن أيوب ... السحابة في السماح )
    ويعجبني من مخالصة قوله من قصيدة رائية يمدح بها فخر الملك ولم يزل يرفل في حلل غزلها ونسيبها إلى أن قال
    ( أرى كبدي وقد بردت قليلا ... أمات الهم أم عاش السرور )
    ( أم الأيام خافتني لأني ... بفخر الملك منها أستجير )
    ومما يعجبني أيضا إلى الغاية قوله من قصيدة عينية يمدح بها الوزير عميد الدولة مطلعها
    ( لو كان يرفق ظاعن بمشيع ... ردوا فؤادي يوم كاظمة معي )
    ولم يزل يطلق العنان في هذه الحلبة إلى أن سبق إلى غاية قال فيها
    ( إن شاء بعدهم الحيا فلينسكب ... أو شاء ظل غمامه فليقلع )
    ( فمقيل جسمي في ذيول ربوعهم ... كاف وشربي من فواضل أدمعي )
    ( كرمت جفوني في الديار فأخصبت ... فغنيت أن أرد المياه وارتعي )
    ( فكأن دمعي مد من أيدي بني ... عبد الرحيم ومائها المستنبع )
    وما أحلى ما قال بعده وهو مخلص آخر
    ( وكأن ليلي من تفاوت طوله ... أسيافهم موصولة بالأدرع )
    ولم أكثر من محاسن مهيار هنا إلا لعلمي بغرابة شعره وعزة وجود ديوانه
    ومن المخالص التي تصلح أن تكون واسطة في هذا العقد قول أفقه الشعراء وأشعر الفقهاء كما قال وهو القاضي أبو بكر أحمد الأرجاني من قصيدة يمدح بها ولي الدين الكاتب مطلعها
    ( وعدت باستراقة للقاء ... وبإهداء زورة في خفاء )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( ثم غارت من أن يماشيها الظل ... فسارت في ليلة ظلماء )

    ( ثم خافت لما رأت أنجم الليل ... شبيهات أعين الرقباء )
    ( فاستنابت طيفا يلم ومن يملك ... عينا تهم بالإغفاء )
    ( هكذا نيلها إذا نولتنا ... وعناء تسمح البخلاء )
    ( يهدم الانتهاء باليأس منها ... ما بناه الرجاء بالابتداء )
    ولم يزل راتعا في هذه الحدائق الغضة إلى أن قال
    ( تركتني معنيا لمغان ... وأعادت أعاديا أصدقائي )
    ( رنقت مشربي وقد كان عين الشمس ... والماء دونه في الصفاء )
    ( بعد عهدي بعيشتي وهي خضرا ... تتثنى كالبانة الغناء )
    ( وأموري كأنها ألفات ... خطهن الولي في الاستواء )
    ومن جواهر مخالصه المنتظمة في هذا السلك قوله من قصيدة رائية يمدح بها سديد الدولة محمد بن عبد الكريم الأنباري مترسل الخلافة وكاتب إنشائها مطلعها
    ( سلا رسوما أقامت بعدما ساروا ... أعندها من أهيل الحي أخبار )
    ( وروحا عاتقي من حملها مننا ... للسحب فيها وللأجفان أستار )
    ولم يزل مبدرا في هذا الأفق النير إلى أن قال
    ( أقسمت ما كل هذا الضيم محتمل ... ولا فؤادي على ما شمت صبار )
    ( إلا لأنك منى اليوم نازلة ... في القلب حيث سديد الدولة الجار )
    ومن مخالصه الصافية التي مازجها بسلاف التورية قوله من قصيدة بائية يمدح بها شهاب الدين أحمد بن أسعد الطغرائي مطلعها
    ( إذا لم يخن صب ففيم عتاب ... وإن لم يكن ذنب فمم متاب )
    وما ألطف ما قال بعده
    ( أجل ما لنا إلا هواهم جناية ... فهل عندهم غير الصدود عقاب )

    ولم يزل سائرا في سهولة هذه الجادة إلى أن قال
    ( فلا تكثرن شكوى الزمان فإنما ... لكل ملم جيئة وذهاب )
    ( وقد كان ليل الفضل في الدهر داجيا ... إلى أن بدا للناظرين شهاب )
    والأرجاني أيضا نظمه غريب في هذه البلاد فلذلك أوردت منه هنا هذه النبذة اللطيفة والله أعلم
    وقد آن لي أن أقدم مقدمات النتائج من أشعار المتأخرين في هذا النوع فإنهم رياحين حدائقة وأقمار مشارقه فالمقدم هنا قاضيهم الفاضل الذي ارتفع الخلاف بقضائه ونفذ حكمه بالموجب على ملوك هذه الصناعة وتقدم باستيفاء شرائط التقديم فصلى خلف إمامته الجماعة
    فمن مخالصه الفاضلية قوله من قصيدة يمدح بها خليفة الفاطميين في ذلك العصر مطلعها
    ( ترى لحنيني أو حنين الحمائم ... جرت فحكت دمعي دموع الغمائم )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( وهل من ضلوع أو ربوع ترحلوا ... فكل أراها دارسات المعالم )
    ( دعوا نفس المقروح تحمله الصبا ... وإن كان يهفو بالغصون النواعم )
    تأخرت في حمل السلام عليكم ... لديها لما قد حملت من سمائم )
    ( فلا تسمعوا إلا حديثا لناظري ... يعاد بألفاظ الدموع السواجم )
    ( فإن فؤادي بعدكم قد فطمته ... عن الشعر إلا مدحة لابن فاطم )
    ومثله قول العلامة الشيخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري شيخ شيوخ حماة من قصيدة دالية يمدح بها النبي مطلعها
    ( ويلاه من نومي المشرد ... وآه من شملي المبدد )
    ولم يزل يدير على خصور هذه الألفاظ الرقيقة وشاحات معانيه البديعية إلى أن قال
    ( أكسبني نشوة بطرف ... سكرت من خمره فعربد )

    ( غصن نقا حل عقد صبري ... بلين خصر يكاد يعقد )
    ( فمن رأى ذلك الوشاح الصائم ... ثم صلى على محمد )
    ومثله قوله من قصيدة يمدح بها الملك الناصر صلاح الدين يوسف مطلعها
    ( لنا من ربة الخالين جاره ... تواصل تارة وتصد تاره )
    ( تعاملني بما يحلى سلوى ... ولكن ليس في جوفي مراره )
    ولم تزل أعين هذا الغزل الرقيق تغازله إلى أن قال
    ( وقالوا قد خسرت الروح فيها ... فقلت الربح في تلك الخسارة )
    ( بأيسر نظرة أسرت فؤادي ... كما نشأ اللهيب من الشراره )
    ( ويفتك طرفها فيقول قلبي ... أشن ترى صلاح الدين غاره )
    ومثله قوله من قصيدة يمدح بها الملك الأمجد
    ( ظبية حكم ظبا مقلتها ... عزة الظبي وذل الأسد )
    ( كنت في ترك الهوى مجتهدا ... وهي كانت زلة المجتهد )
    ( كملت حسنا فلولا بخلها ... خلتها بعض خلال الأمجد )
    ومن المخالص التي نقلتها من ناصح بن قلاقس قوله من قصيدة يمدح بها أبا المنصور نور الدين محمودا عين الأمراء بالديار المصرية
    ( ماذا على العيس لو عادت بربتها ... بقدر ما نتقاضاها المواعيدا )
    ( رد الركاب لأمر عن في خلدي ... وسمه في بديع الحب ترديدا )
    ( وقف أبثك ما لان الحديد له ... فإن صدقت فقل هل أبت داوودا )
    ( حلت عرا النوم عن أجفان ساهرة ... رد الهوى هدبها بالنجم معقودا )
    ( تفجرت وعصا الجوزاء تضربها ... فاذكرتني موسى والجلاميدا )
    وما أحلى ما قال بعده كناية عن طول الليل
    ( يا ثعلب الصبح يا سرحان أوله ... كل الثريا فقد صادفت عنقودا )

    ولم يزل ينثر هذه العقود الثمينة مع تفخيم هذا النظم إلى أن قال
    ( ما لي وما للقوافي لا أسيرها ... إلا واقعد محروما ومحسودا )
    ( أسكرتهم بكؤوس الراح مترعة ... ولم أنل منهم إلا العرابيدا )
    ( سمعت بالجود مفقودا فهل أحد ... يقول إني وجدت الجود موجودا )
    ( الحمد لله لا والله ما نظرت ... عيناي بعد أبي المنصور محمودا )
    هذا المخلص حلاه نصر الله بن قلاقس مع زيادة حسنة بشعار التورية
    ومثله قوله من قصيدة يمدح بها الشيخ سديد الدين المعروف بالحصري مطلعها
    ( أروه الجلنار من الخدود ... وأخفوا عنه رمان النهود )
    وقال بعده
    ( وحلوا مقلتيه بدر دمع ... تبسم في المخانق والبرود )
    ( وما غرسوا نخيل العيس إلا ... وهم فيها من الطلع النضيد )
    ( سقى مصرا وساكنها ملث ... طليل البرق صخاب الرعود )
    ( موارد بي لها ظمأ شديد ... ولكن لا سبيل إلى الورود )
    ( هل الرأي السديد البعد عنها ... نعم إن كان للشيخ السديد )
    ويعجبني من مخالص القاضي السعيد هبة الله بن سنا الملك قوله من قصيدة يمدح بها القاضي الفاضل أتى فيها بحسن التخلص ولم يخلص من إشراك عيون الغزل لغرابة أسلوبها
    ( ضنت بطرف ظل بعدي سقمه ... أرأيتم من ضن حتى بالضنى )
    ( يا عاذلين جهلتم فضل الهوى ... وعذلتم فيه ولكني أنا )
    ( إني رأيت الشمس ثم رأيتها ... ماذا علي إذا هويت الأحسنا )
    ( وسألت من أي المعادن ثغرها ... فوجدت من عبد الرحيم المعدنا )
    وما أحلى ما قال بعد المخلص
    ( أبصرت جوهر ثغرها وكلامه ... فعلمت حقا أن هذا من هنا )

    ومثله قوله من قصيدة يمدح بها الملك المعظم مطلعها
    ( تقنعت لكن بالحبيب المعمم ... وفارقت لكن كل عيش مذمم )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( وباتت يدي في طاعة الحب والهوى ... وشاحا لخصر أو وسادا لمعصم )
    وما أبدع ما قال منها
    ( سعدت ببدر خده برج عقرب ... فكذب عندي قول كل منجم )
    ( وأقسم ما وجه الصباح إذا بدا ... بأوضح مني حجة عند لومي )
    ( ولا سيما لما مررت بمنزل ... كفضلة صبر في فؤاد متيم )
    ( وما بان لي إلا بعود أراكة ... تعلق في أطرافه ضوء مبسم )
    سبحان المانح والله لقد أحرز القاضي السعيد قصبات السبق برقة هذه الألفاظ وغرابة هذه المعاني ولقد خلب القلوب وجلا ظلمة الأفهام بقوله
    ( وما بان لي إلا بعود أراكة ... تعلق في أطرافه ضوء مبسم )
    وأظنه من المخترعات والله أعلم وما أحلى ما قال بعده
    ( وقفت به أعتاض عن لثم مبسم ... شهي لقلبي لثم آثار منسم )
    ( ولم ير طرفي قط شملا مبددا ... يقابله إلا بدمع منظم )
    ( ولم يسل قلبي أو فمي عن غزالة ... وعن غزل إلا بمدح المعظم )
    ومن المخالص البديعة قول الصاحب بهاء الدين زهير من قصيدة يمدح بها الأمير نصير الدين اللمطي مطلعها
    ( لها خفر يوم اللقاء خفيرها ... فما بالها ضنت بما لا يضيرها )
    وما ألطف ما قال بعده
    ( أعدتها أن لا يعاد مريضها ... وسيرتها أن لا يفك أسيرها )
    ولم يزل هائما في طريقه الغرامية إلى أن قال
    ( وها أنا ذا كالطيف فيها صبابة ... لعلي إذا نامت بليل أزورها )
    هذا المعنى قلبه الصاحب بهاء الدين زهير على من تقدمه فيه وسبكه في أغرب القوالب البديعية وأظنه من مخترعاته
    ثم قال بعده
    ( من الغيد لم توقد مع الليل نارها ... ولكنها بين الضلوع تثيرها )
    ( تقاضي غريم الشوق مني حشاشة ... مروعة لم يبق إلا يسيرها )
    ( وإن الذي أبقته منها يد الهوى ... فداء يشير يوم وافى نصيرها )
    هذا المخلص استعبد الصاحب بهاء الدين زهيرا رقيق ألفاظه بحشمة توريته
    ومثله في الحسن قوله من قصيدة يمدح بها الملك الناصر صلاح الدين بن العزيز مطلعها
    ( عرف الحبيب مكانه فتدللا ... وقنعت منه بموعد فتعللا )
    وما أظرف ما قال بعده
    ( وأرى الرسول ولم أجد في وجهه ... بشرا كما قد كنت أعهد أولا )
    ولم يزل يدير كاسات صباباته الغرامية إلى أن قال
    ( آها لقلب ما خلا من لوعة ... أبدا يحن إلى زمان قد خلا )
    ( ورسوم جسم كاد يحرقه الهوى ... لو لم تبادره الدموع لأشعلا )
    ( ولقد كتمت حديثه وحفظته ... فوجدت دمعي قد رواه مسلسلا )
    ( أهوى التذلل في الغرام وإنما ... يأبى صلاح الدين أن أتذللا )
    وما أحلى ما قال بعد المخلص
    ( مهدت بالغزل الرقيق لمدحه ... وأردت قبل الفرض أن أتنفلا )
    ويعجبني أيضا من مخالص القاضي كمال الدين بن نبيه قوله من قصيدة يمدح بها الخليفة الناصر لدين الله مطلعها
    ( باكر صبوحك أهنى العيش باكره ... فقد ترنم فوق الأيك طائره )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ثم قال بعده
    ( والليل تجري الدراري في مجرته ... كالروض تطفو على نهر أزاهره )
    ( وكوكب الصبح نجاب على يده ... مخلق تملأ الدنيا بشائره )
    ولم يزل يتلاعب بهذه المعاني المخترعة إلى أن قال
    ( خذ من زمانك ما أعطاك مغتنما ... وأنت ناه لهذا الدهر آمره )
    ( فالعمر كالكأس تستحلى أوائله ... لكنه ربما مجت أواخره )
    ( واجسر على فرص اللذات محتقرا ... عظيم ذنبك إن الله غافره )
    ( فليس يخذل في يوم الحساب فتى ... والناصر ابن رسول الله ناصره )
    ويعجبني من مخالصه الموسويات قوله من قصيدة مطلعها
    ( يا نار أشواقي لا تخمدي ... لعل ضيف الطيف أن يهتدي )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #10
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ولم يزل راتعا في رياض غزلها إلى أن قال
    ( غازلنا من نرجس ذابل ... وافتر عن نور أقاح ندى )
    ( وقام يلوي صدغه قائلا ... لا تغترر بي فكذا موعدي )
    ( فقلت يالله مات الوفا ... فقال موسى لم يمت خذ يدي )
    وقوله من المخالص الأشرفيات الموسويات في بيت المخلص الذي يستغني بتمكنه وقوته عن ذكر ما قبله
    ( يا طالب الرزق إن سدت مذاهبه ... قل يا أبا الفتح يا موسى وقد فتحت )
    ومن مخالصه الأشرفيات أيضا قوله من قصيدة
    ( بتنا وقد لف العناق جسومنا ... في بردتين تكرم وتعفف )
    ( حتى بدا فلق الصباح كجحفل ... راياته رنك المليك الأشرف )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  11. #11
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ويعجبني من مخالصه الأشرفيات أيضا قوله من قصيدة
    ( يذود شبا القنا عن وجنتيها ... كمنع الشوك للورد الجني )
    ( إذا ما رمت أقطفه بعيني ... يقول حذار من مرعى وبي )
    ( لسان السيف من أدنى وشاتي ... ومن رقباي طرف السمهري )
    ( كأن لجفنها في كل قلب ... فعال المشرفي الأشرفي )
    ويعجبني من مخالص الشاب الظريف شمس الدين محمد بن العفيف قوله من قصيدة يمدح بها القاضي فتح الدين بن عبد الله الظاهر تحمس في غزلها وتغزل في تحمسها إلى المخلص مطلعها
    ( أرح يمينك مما أنت معتقل ... أمضى الأسنة ما فولاذه الكحل )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  12. #12
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وما أحلى ما قال بعده
    ( يا من يريني المنايا واسمها نظر ... من السيوف المواضي واسمها مقل )
    ( ما بال ألحاظك المرضى تحاربني ... كأنما كل لحظ فارس بطل )
    ( من دونها كثب من دونها حرس ... من دونها قضب من دونها أسل )
    ( ومعشر لم تزل في الحرب تبصرهم ... حمر الخدود وما من شأنها الخجل )
    ( يثني حديث الوغى أعطافهم طربا ... كأن ذكر المنايا بينهم غزل )
    ( من كل ذي طرة سوداء يلبسها ... وشيبها من غبار النقع منتصل )
    ( ضاءت بحسنهم تلك الخيام كما ... ضاءت بوجه ابن عبد الظاهر الدول )
    وطالعت تقطيف الجزار فأعجبني منه مخلص قصيدة يمدح بها الأمير جمال الدين موسى بن يغمور مطلعها
    ( نقلت لقلبي ما بجفنيك من كسر ... وعلمت جسمي بالضنى رقة الخصر )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  13. #13
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ولم يزل الجزار يتقطف ما تشتهيه النفس من هذا النوع إلى أن قال
    ( وهيفاء تحكي الظبي جيدا ومقلة ... رنت وانثنت فارتعت بالبيض والسمر )
    ( جسرت على لثم الشقيق بخدها ... ورشف رضاب لم أزل منه في سكر )
    ( ولست أخاف السحر من لحظاتها ... لأني بموسى قد أمنت من السحر )
    وما أحل ما قال بعد تخلصه بموسى
    ( فتى إن سطا فرعون فقر وجدته ... يغرقه من جود كفيه في بحر )
    ( له باليد البيضاء أعظم آية ... إذا اسودت الأيام من نوب الدهر )
    ومن مخالص الشيخ جمال الدين بن نباتة التي هي أوقع في القلوب من خالص الوداد وتوريتها أنفس من خلاصة العقود في الأجياد قوله من قصيدة يمدح بها قاضي القضاة تاج الدين السبكي مطلعها
    ( واحيرتي بظلام الطرة الداجي ... وشقوتي بنعيم الملمس العاجي )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  14. #14
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ولم يزل يكرر حلاوة هذا النبات إلى أن قال
    ( قد أسرج الحسن خديه فدونك ذا ... سراج خد على الأكباد وهاج )
    ( وألجم العزل فاركض في محبته ... طرف الهوى بعد إلجام وإسراج )
    ( وقسم الشعر فاجعل في محاسنه ... شذر القلائد واهد الدر للتاج )
    ومثله قوله من قصيدة يمدح بها القاضي جمال الدين بن الشهاب محمود مطلعها
    ( بأبي نافر كثير الدلال ... إن هذا النفار شأن الغزال )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  15. #15
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ثم قال بعده
    ( حبذا منه مقلة لست أدري ... أبهدب تصول أم بنبال )
    ( صنفت شجونا بغزال جفن ... فقرأنا مصنف الغزالي )

    ( وهوينا حلو القوام فنادت ... لا عجيب حلاوة العسال )
    ( من معيني على هوى زاد حتى ... أهملته نصائح العذال )
    ( لو رأى عاذلي حقيقة أمري ... لرثاني ولا أقول رثى لي )
    ( في جمال الحبيب مت شجونا ... وبروحي أفدي تراب الجمال )
    ومثله قول الشيخ برهان الدين القيراطي من قصيدة يمدح بها الأمير سيف الدين الكريمي مطلعها
    ( غرامي فيك يا قمري غريمي ... وذكرك في دجى ليلي نديمي )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  16. #16
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وقال بعده
    ( وملني الحميم وصدعني ... ومالي غير دمعي من حميم )
    ( وكم سأل العواذل عن حديثي ... فقلت لهم على العهد القديم )
    ( وعم تسألون ولي دموع ... تخبرهم عن النبأ العظيم )
    ولم يزل القيراطي يحرر إبريز هذه المعاني إلى أن قال
    ( فموعده وناظره وجسمي ... سقيم من سقيم في سقيم )
    ( كريم مال بخلا عن ودادي ... فملت لنحو مخدوم كريم )
    المخالص بالتورية على هذا النمط طريقها مخوف وباب مسلكها مقفل لا سيما على من كفه من هذا الفن صفر ورجله حافية وليس له محمل
    ومن مخالصي التي ما برحت التورية في أبواب بيوتها خادمه وكم سلكت هذا الطريق المخوف وعادت إلى بيوتها سالمه قولي من قصيدة امتدح بها شرف الدين صدقة ابن الشماع الشهير في دمشق بابن مسعود وكان من أعز الأصحاب وممن رشف معنا في ذلك العصر سلافة الآداب مطلعها
    ( سهام جفنيك في الحشا رشقة ... رفقا فما مهجة الشيحي درقه )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  17. #17
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وبكر هذه القافية أنا أبو عذرتها وأول من حصل له الفتح في تحريك نكتتها وقلت بعد المطلع منها
    ( أنفقت عمري وصحتي شغفا ... عليك والصبر آخر النفقه )
    ( غصن خلاف يميس من خفر ... قلوبنا في هواه متفقه )
    ( قوامه في اعتداله إلف ... سبحان من مده ومن مشقه )
    ( عيناي بالثغر مع ذوائبه ... في أول الاصطباح مغتبقه )
    ( أمير حسن بقرطه ظهرت ... له جنود لكن من الحلقه )
    ( عامر بيت الوصال خربه ... وقال ما أنت هذه الطبقه )
    ( بدر منير قسا برؤيته ... لكن نرى عند خده شفقه )
    ( قالوا لبدر التمام منه ضيا ... قلت وعيش الهوى لقد محقه )
    ( وحمل الصبح من محاسنه ... أثقال نور لكنه فلقه )
    ( وماس في الروض كل غصن نقا ... غدا إلى الله رافعا ورقه )
    ( وانظر إلى الظبي كيف يرمقه ... ويأخذ الغنج منه بالسرقه )
    ( فقيل والظبي ما يقابله ... فقلت والله ما له حدقه )
    ( قلت له إن جفن مقلته ... يشبه سهما بعجبه رشقه )
    ( خفت من القتل رحت أملقه ... سابقني مدمعي جرى ملقه )
    ولم أزل ناشرا علم التورية إلى أن وصلت إلى المخلص بها فقلت
    ( طرقت باب الحبيب والرقبا ... علي من خيفة اللقا حنقه )
    ( قالوا فما تبتغي فقلت لهم ... حتى تخلصت أبتغي صدقه )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  18. #18
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    قولي حتى تخلصت لا يخفى ما فيه من زيادة الحسن على أهل النظر من أهل الأدب ومثله قولي من قصيدة مصغرة مدحت بها قاضي القضاة شمس الدين النويري مطلعها
    ( طريفي من لييلات الهجير ... مقيريح الجفين من السهير )
    وقلت بعد المطلع
    ( بعيد غزيلي وجوير قلبي ... دميعي في وجيناتي جويري )
    ( يديوي تريكي المحيا ... غويب عن عويشقه الحضير )
    ( عبيسي اللحيظ له وجيه ... ضوي نويره لبني بديري )
    ( حياء مقيلتيه سبا عقيلي ... ولكن الحديد غدا جميري )
    ( رويض وجينتيه له عنيدي ... نسيب في النظيم إلى زهير )
    ( مسيبل الشعير على كفيل ... يذكرنا مويجات البحير )
    ( بدير في الظهير له نوير ... مثيل شكيله ما في العصير )
    ( حويجبه القويس له سهيم ... مويض في القليب بلا وتير )
    ( شفيفته قفيل من عقيق ... مقيفيل على در الثغير )
    ( عذيره النويزل دار حتى ... تشوق للنزيل وللدوير )
    ( لثمت خديده فجرى دميعي ... فما أحلى الزهير على النهير )
    ( دنينير الوجيه له بقلبي ... نقيد ليس يصرف عن صديري )
    ( أتاه سويئلا يوما دميعي ... فقال أنا جعيدي الشعير )
    ( شهير وصيله عندي يويم ... ويوم هجيره مثل الشهير )
    ( تبسم لي سحيرا عن رويض ... فقلت ولي دميع كالمطير )
    ( نثرت دميعتي بنظيم ثغر ... فما أحلى النظيم مع النثير )
    ( لفيظك والمقيلة مع نظيمي ... سحير في سحير في سحير )
    ( شعيرك مذ أضل عويشقيه ... هدينا في الظليمة بالنوير )
    ولم أستطرد إلى غالب أبيات هذه القصيدة إلا لغرابة أسلوبها فإنني لم أزل أجذب القلوب إلى تحبيب تصغيرها ومغازلة عيون أغزالها إلى أن أبدر بدر مخلصها في أفق توريته
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  19. #19
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ومثله قولي من قصيدة كتبت بها من حماة المحروسة إلى المقر المرحومي الأميني صاحب ديوان الإنشاء الشريف بدمشق المحروسة
    ( يا نزلا لا حمى الفراديس بالشام ... وأعلاهم على قاسيونا )

    ( بالنسيم العليل منكم إذا ... هب على الغور والربا عللونا )
    ( وارحموا سائل الدموع وبالله ... عليكم لا تنهروا السائلينا )
    ( وإذا ما نهرتم الدمع نهرا ... لا تخوضوع فيه مع الخائضينا )
    ( حبكم فرضنا وسيف جفاكم ... قد غدا في بعادنا مسنونا )
    ( والحشا لم تخن عهود وفاكم ... وسلوا من غدا عليها أمينا )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  20. #20
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ومثله قولي من قصيدة كتبت بها من طرابلس المحروسة إلى سيدنا قاضي القضاة تقي الدين ابن الخيثمي الحنفي بحماة المحروسة نور الله ضريحه وجعل من الرحيق المختوم غبوقه وصبوحه
    ( فيا ساكني مغنى حماة نعمتم ... صباحا ولو ألغيتم في الورى ذكري )
    ( فودي ودي مثل ما تعهدونه ... ولكن صبري عنكم عاد كالصبر )
    ( وقد كنت أخشى هجركم قبل بعدكم ... فلما بعدتم قلت آها على الهجر )
    ( وإن جلت في ميدان نظمي تشوقا ... تسابقني حمر المدامع بالنثر )
    ( وشيعي همي كلما رام بعدكم ... يحاربني ناديت يا لأبي بكر )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 6 من 16 الأولىالأولى ... 45678 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •