سيدتي
التي تمرُّ كالدهشةِ في أرض ِ البشر ْ
حاملة ً في يدها قصيدة ً
وفي اليدِ الأخرى قمر ْ !
يا امرأة ً أحبها
تفجّر الشعر إذا داستْ على أيّ حجر ْ
يا امرأة ً تحملُ في شحوبها
جميعَ أحزان ِ الشجَـر ْ
ما أجملَ المنفى إذا كنا معا ً
يا امرأة ً توجز ُ تاريخي
وتاريخ َ المطر ْ !
لماذا أ ُضيعُ
أمامَ يديكِ اتــّـزاني ؟
إذا ما لعـبتِ بزرّ قميصي
تحوّلـتُ فورا ً
إلى غيمَـة ٍ مِـنْ دُخــان ِ
الحِـكــْـمَــة ُ
أسـْـوَأ ُ طـبَــق ٍ نــُـقــَـدّمـُـهُ
لامـْــرأة ٍ نــُـحِــبـّـهــا !
إلى ثلاثينية
دخلتِ الثلاثينَ مُـنذ شهور ٍ ..
ومَازلتُ أشعـرُ رغم الحوار ِ المُثـقـف ِ
أنكِ بعـدُ .. تخافين مني !
ألا بُـدّ أنْ يتدخلَ شيخ ُ القبيلة ِ
بيني وبينكِ .. كيْ تطمئني ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قول نزار قباني بأن بلاده قد قتلت الله عز وجل فيقول:
(بلادي ترفض الـحُبّا
بلادي تقتل الرب الذي أهدى لها الخصبا
وحوّل صخرها ذهبا
وغطى أرضها عشبا..
بلادي لم يزرها الرب منذ اغتالت الربا..) (يوميات امرأة لا مبالية) صفحة 620]
وهنا يعترف نزار قباني بأنه قد رأى الله في عمّان مذبوحاً على أيدي رجال البادية فيقول في مجموعة (لا) في (دفاتر فلسطينية) صفحة 119:
(حين رأيت الله.. في عمّان مذبوحاً..
على أيدي رجال البادية
غطيت وجهي بيدي..
وصحت : يا تاريخ !
هذي كربلاء الثانية..)
أما هنا فيذكر نزار قباني بأن الله تعالى قد مات مشنوقاً على باب المدينة، وأن الصلوات لا قيمة لها، بل الإيمان والكفر لا قيمة لهما فيقول في مجموعة (لا) أيضاً في (خطاب شخصي إلى شهر حزيران) صفحة 124:
(أطلق على الماضي الرصاص..
كن المسدس والجريمة..
من بعد موت الله، مشنوقاً، على باب المدينة.
لم تبق للصلوات قيمة..
لم يبق للإيمان أو للكفر قيمة..)
أما عن استهزائه بالدين ومدحه للكفر والإلحاد فيقول:
(يا طعم الثلج وطعم النار
ونكهة كفري ويقين) [الأعمال الشعرية الكاملة (2/39)]
كما أن نزار قباني قد سئِمَ وملَّ من رقابة الله عز وجل حين يقول :
(أريد البحث عن وطن..
جديد غير مسكون
ورب لا يطاردني
وأرض لا تعاديني) [(يوميات امرأة لا مبالية) صفحة 597]
ويعترف نزار قباني بأنه من ربع قرن وهو يمارس الركوع والسجود والقيام والقعود وأن الصلوات الخمس لا يقطعها !! وخطبة الجمعة لا تفوته، إلا أنه اكتشف بعد ذلك أنه كان يعيش في حظيرة من الأغنام، يُعلف وينام ويبول كالأغنام، فيقول في ديوانه (الممثلون) صفحة 36-39:
الصلوات الخمس لا أقطعها
يا سادتي الكرام
وخطبة الجمعة لا تفوتني
يا سادتي الكرام
وغير ثدي زوجتي لا أعرف الحرام
أمارس الركوع والسجود
أمارس القيام والقعود
أمارس التشخيص خلف حضرة الإمام
وهكذا يا سادتي الكرام
قضيت عشرين سنة..
أعيش في حظيرة الأغنام
أُعلَفُ كالأغنام
أنام كالأغنام
أبولُ كالأغنام
وكما يصف نزار قباني (الشعب) بصفات لا تليق إلا بالله تعالى فيقول في ديوانه (لا غالب إلا الحب) صفحة 18:
أقول : لا غالب إلا الشعب
للمرة المليون
لا غالب إلا الشعب
فهو الذي يقدر الأقدار
وهو العليم، الواحد، القهار...
كما أن للشيطان نزار قصيدة بعنوان (التنصُّت على الله) ينسب فيها الولد لله ويرميه بالجهل، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً فيقول في صفحة 170 :
ذهب الشاعر يوماً إلى الله..
ليشكو له ما يعانيه من أجهزة القمع..
نظر الله تحت كرسيه السماوي
وقال له: يا ولدي
هل أقفلت الباب جيداً ؟؟.
ومن صور استهزائه بالله وبحكمته في خلق مخلوقاته على ما يريده سبحانه قوله في ديوانه (أشهد أن لا امرأة إلا أنتِ) !!( ) تحت قصيدة بعنوان (وماذا سيخسر ربي؟)!! صفحة 82 :
وماذا سيخسر ربي؟
وقد رسم الشمس تفاحة
وأجرى المياه وأرسى الجبالا..
إذا هو غير تكويننا
فأصبح عشقي أشد اعتدالا..
وأصبحت أنتِ أقلَّ جمالا..
ويتمادى نزار قباني في سخريته واحتقاره حتى وصل إلى ذلك اليوم الذي قال عنه الجبار تعالى ( ياأَيُها النَاسُ اتَقُوا رَبَكُم إِن زَلزَلَةَ الساعَةِ شَيءٌ عَظِيم* يَومَ تَرَونَها تَذْهَلُ كُلُ مُرضِعَةٍ عَما أَرضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُ ذَاتِ حَملٍ حَمْلَها وَتَرى الناسَ سُكَارى وَمَا هُم بِسُكَارى وَلكِنَ عَذابَ اللهِ شَدِيد ) [الحج:1-2]
إنه يوم القيامة الذي يسخر منه نزار قباني؛ إذ يشبهه بنهدي عشيقته فيقول في ديوانه (الحب) صفحة 47:
كيف ما بين ليلة وضحاها
صار نهداك.. مثل يوم القيامة ؟.
وهنا يصرح الملحد نزار قباني بأنه قد قرأ آيات من القرآن مكتوبة بأحرف كوفية عن الجهاد في سبيل الله، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن الشريعة الحنفية، لكنه لا يبارك في داخل سريرته إلا الجهاد على نحور البغايا، وأثداء العاهرات، وبين المعاصم الطرية، فيقول في ديوانه (لا) صفحة 57:
أقرأُ آياتٍ من القرآن فوق رأسه
مكتوبةً بأحرف كوفية
عن الجهاد في سبيل الله
والرسول
والشريعة الحنيفة
أقول في سريرتي:
تبارك الجهاد في النحور، والأثداء
والمعاصم الطرية..
كما أن نزار قباني لم يسلم من استهزائه حتى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم خير خلق الله أجمعين بعد الأنبياء والمرسلين فها هو يصف الصحابي الجليل أبا سفيان صخر بن حرب رضي الله عنه بأنه من الطغاة بل يجمع بينه وبين فرعون هذه الأمة أبي جهل عليه لعائن الله، فيقول في ديوانه (لا) صفحة 76:
تعال يا غودو..
وخلصنا من الطغاة والطغيان
ومن أبي جهل، ومن ظلم أبي سفيان
ويقول أيضاً :
(ماذا أعطيكِ ؟ أجيبـي، قلقي. إلحادي. غثياني.
ماذا أعطيكِ سوى قدرٌ يرقص في كف الشيطان) [المصدر السابق (1/406)]
ومن أقواله التي صرح فيها بأنه قد كفر بالله العلي العظيم قوله:
(فاعذروني أيها السادة إن كنت كفرت) [المصدر السابق (3/277)]
وهنا يذكر نزار قباني بأن الله جل وعلا يغسل يديه من بعض خلقه تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً فيقول في أعماله السياسية الكاملة صفحة 46 :
ليس في الحيِّ كلِّه قُرشيٌّ
غَسَلَ اللهُ من قريش يديه
وهنا يسأل المرتد المارق نزار قباني نفسه على وجه السخرية والاستهزاء متشككاً في ربه وخالقه وصاحب الفضل عليه سبحانه وتعالى وهل قد أصبح عز وجل زعيماً لمجموعة من اللصوص والسُراق، كما يقول في أعماله السياسية الكاملة صفحة 98:
قلت لنفسي وأنا..
أواجه البنادق الروسية المخرطشة
واعجبى.. واعجبى..
هل أصبح الله زعيم المافيا؟؟
كما يدعي نزار قباني أن الله عز وجل يغني ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فيقول في أعماله السياسية الكاملة صفحة 135:
آهٍ.. يا آه..
هل صار غناءُ الحاكم قُدسيّاً
كغناء الله ؟؟.
وهنا يثبت نزار قباني المنحدر من سلالة الشياطين أن الله عز وجل له رائحة، تعالى الله وتنزه عن ذلك، فيقول في أعماله السياسية الكاملة صفحة 455:
الاقتراب من ناديا تويني صعبٌ..
كالاقتراب من حمامةٍ
مرسومةٍ على سقف كنيسة..
كالاقتراب من ميعاد غرام..
كالاقتراب من حورية البحر..
كالاقتراب من ليلة القدر..
كالاقتراب من رائحة الله..
كما أن نزار قباني يُصرح بلا خجل ولا خوف من الله تعالى بأن هناك مِن الكائنات والمخلوقات مَن قدَّمت استقالتها الجماعية إلى الله !! وذلك بعد موت الشاعرة اللبنانية ناديا تويني فيقول في أعماله السياسية الكاملة صفحة 462:
ولأن ناديا تويني كانت جزءاً من سفر العصافير
وسفر المراكب
ورائحة النعناع
وبكاء الأمطار على قراميد بيروت القديمة
فلقد قدَّمت كل هذه الكائنات
استقالتها الجماعية إلى الله...
لأنها بعد -ناديا تويني- تشعر أنها عاطلة عن العمل.
ومن صور زندقته وجراءته على دين الله تعالى: جعله الزنا عبادة، وتشبيهه إياه بصلاة المؤمن لربه وخالقه كما ينقل ذلك منير العكش في كتابه ( أسئلة الشعر ) في مقابلة أجراها مع نزار قباني صفحة 196حيث يقول :
(كل كلمة شعرية تتحول في النهاية إلى طقس من طقوس العبادة والكشف والتجلي…
كل شيء يتحول إلى ديانة
حتى الجنس يصير ديناً
والسرير يصير مديحاً وغرفة اعتراف
والغريب أنني أنظر دائماً إلى شِعري الجنسي بعينيْ كاهن، وأفترش شَعر حبيبتي كما يفترش المؤمن سجادة صلاة، أشعر كلما سافرت في جسد حبيبتي أني أشف وأتـطهـر وأدخل مملكة الخير والحق والضوء..
وماذا يكون الشعر الصوفي سوى محاولة لإعطاء الله مدلولاً جنسياً ؟ )
ومن صور استهزائه وسخريته بالجبار جل وعلا: وصفه بأن له حُجرةً قمرية يدخل فيها، يقول الملحد:
(يكون الله سعيداً في حجرته القمرية)
[مجموعة الأعمال الشعرية (2/188)]
ويتمادى نزار قباني بوصف ربه وخالقه سبحانه وتعالى بكل صفات النقص والاستهزاء والعيب واصفاً إياه بأنه سبحانه: خالف كتبه السماوية، وأنه انحاز إليه بصورة مكشوفة عياذاً بالله تـعالى، وزعمه أن لله بيتاً يذهب إليه، تقدس ربنا وتنـزه، وأنه صديق لله، فيقول:
(حين وزع الله النساء على الرجال
وأعطاني إياك
شعرت أنه انحاز بصورة مكشوفة إليّ
وخالف كل الكتب السماوية التي ألفها
فأعطاني النبيذ وأعطاهم الحنطة
ألبسـني الحرير وألبسهم القطن
أهدى إليَّ الوردة وأهداهم الغصن
حين عرّفني الله عليك ذهب إلى بيته
فكرت أن أكتب له رسالة.. على ورق أزرق
وأضعها في مغلف أزرق.. وأغسلها بالدمع الأزرق أبدأها بعبارة : يا صديقي، كنت أريد أن أشكره..
لأنه اختاركِ لي..
فالله كما قالوا لي لا يستلم إلا رسائل الحب
ولا يجاوب إلا عليها..
حين استلمت مكافأتي، ورجعت أحملك على راحة يدي، كزهرة مانوليا..
بُستُ يد الله، وبُستُ القمر والكواكب واحداً واحداً) [المصدر السابق (2/402)]
ويغرق نزار قباني في أوحال الردة، ومستنقع الإلحاد، فينسب للواحد القهار الزوجة والعشيقة تعالى ربنا وتقدس، ويزعم أن الملائكة تتحرر في السماء فتمارس الزنا ( الحب ) كما يقول :
(لأنني أحبكِ، يحدث شيءٌ غير عادي، في تقاليد السماء، يصبح الملائكة أحراراً في ممارسة الحب، ويتزوج الله حبيبته) [المصدر السابق (2/442)]
ومن نماذج كفره العفن تشبيهه الخالق بالـمخلوق فيقول :
(إلهٌ في معابدنا نصليه ونبتهل
يغازلنا وحين يجوع يأكلنا …
إلهٌ لا نقاومه يعذبنا ونحتمل
إلهٌ ماله عمر إلهٌ اسمه الرجل) [المصدر نفسه (1/631)]
كما أن نزار قباني بلغ من الكبرياء والاستعلاء ما بلغه فرعون في عصره حتى وصف نفسه بأنه إله الشعر يتصرف كيف يشاء، يقول :
(إنني على الورق أمتلك حرية
وأتصرف كـإله
وهذا الإله نفسه هو الذي يخرج بعد ذلك إلى الناس ليقرأ ما كتب، ويتلذذ باصطدام حروفه بهم
إن الكتـب المقدسة جميعاً ليست سوى تعبير عن هذه الرغبة الإلهية في التواصل
وإلا حكم الله على نفسه بالعزلة) [(أسئلة الشعر) صفحة 178]
وكذلك جعل نزار قباني الله مـحتاجاً إلى خلقه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، قال - عامله الله بما يستحق-:
(الله يفتش في خارطة الجنة عن لبنان) [المصدر السابق (2/323)]
كما يصف الله جل جلاله بالجهل وعدم المعرفة بخلقٍ من مخلوقاته وهو الإنسان وقلبه، فيقول :
(…القلب الإنساني قمقمٌ رماه الله على شاطئ هذه الأرض، وأعتقد أن الله نفسه لا يعرف محتوى هذا القمقم، ولا جنسية العفاريت التي ستنطلق منه، والشعر واحد من هذه العفاريت) [( أسئلة الشعر ) صفحة 195]
وكذلك يعترف نزار قباني للملأ أجمعين أنه قد باع الله من أجل عاهرةٍ فاجرة فيقول :
(على أقدام مومسةٍ هنا دفنت ثاراتك..
ضيعت القدس..
بعت الله..
بعت رماد أمواتك) [" على لسان لعوب " (1/448)]
ويغوص نزار قباني في أعماق الوثنية والكفر فيجعل لله تعالى عمراً، إذ يشبه عمر حزنه على عشيقته بعمر الله، فيقول :
(عمر حزني، مثل عمر الله، أو عمر البحور)
[المصدر السابق (1/757)]
ويمعن نزار قباني في الازدراء والاحتقار والاستهزاء من صاحب العظمة والكبرياء سبحانه وتعالى فيصفه بالبكاء، والعصبية، والإضراب عن الطعام، فيقول:
(فلا تسافري مرةً أخرى
لأن الله منذ رحلتِ دخل في نوبة بكاء عصبية
وأضرب عن الطعام) [المصدر السابق (2/562)]
وهنا يزداد نزار قباني استهزاءً واحتقاراً لله تعالى، فيقول:
(ساعتنا واقفة..
لا الله يأتينا ولا موزع البريد
من سنة العشرين حتى سنة السبعين)
[المصدر السابق (2/648)]
وكما أن نزار قباني لم يهدأ له بال حتى تفنن بإلقاء الشتائم على الرب سبحانه وتعالى؛ فوصفه في هذه الـمرة بالنسيان لكلامه، فقال :
(ولماذا نكتب الشعر وقد نسي الله الكلام العربي) [المصدر نفسه ( 2/648)]
ويقول في الأعمال السياسية (3/105)
(حين يصير الدمع في مدينة..
أكبر من مساحة الأجفان..
يسقط كل شيء..
الشمس والنجوم والجبال والوديان..
والليل والنهار والشطآن..
والله والإنسان..
حين تصير خوذة كالرب في السماء
تصنع بالعباد ما تشاء
تمعسهم تهرسهم تميتهم تبعثهم
تصنع بالعباد ما تشاء)
أما هذه المرَّة فَيَصِلُ نزار قباني إلى مرحلة من الاستعلاء لم يصل إليها أحد من العالمين، فيصف نفسه بالربوبية والرسالة لـعشيقته عياذاً بالله من كل مرتدٍ وكافر، فيقول:
(لا تخجلي مني فهذي فرصتي
لأكون رباً أو أكون رسولاً) [المصدر نفسه (2/761)]
ويقول أيضاً :
(لا أحد يقدر أن يغادر المكان يشتري جريدة أو كعكة أو قطعة صغرى من اللبان لربه
لا أحد يقدر أن يقول: يارباه لا أحد) [المصدر السابق (3/292)]
كما يسعى نزار قباني إلى تدنيس أسماء الله تعالى وصفاته ويلصقها بأشياء حقيرةٍ؛ وذلك ليهوّن من شأنها وقدرها في قلوب عباده، فيقول:
(ونهدك هذا المليء المضيء، الجريء، العزيز القدير) [المصدر السابق (2/820)]
وفي ديوانه (قالت لي السمراء) وتحت قصيدة له بعنوان (فم) يسأل الله عز وجل عن كيفية خلق فم حبيبته ومعشوقته بطريقةٍ كلها استهزاء وسخرية، فيقول في صفحة 107:
(من أين يا ربي عصرت الجنى؟..
وكيف فكرت بهذا الفمِ..
وكيف بالغت بتدويره..
وكيف وزعت نقاط الدمِ ؟..
كم سنةً ضيعت في نحته ؟..
قل لي. ألم تتعب..؟ ألم تسأم؟).
وكذلك يشجع نزار قباني كل شيء ليستكبر على الله تعالى، بل ويشجع كل شيء على أن يرفض السجود بين يدي الله عز وجل فيقول في صفحة 45:
(وشجعت نهديك..فاستكبرا على الله..حتى فلم يسجدا).
كما أنه يُشبِّه وجه حبيبته بوجه الله تعالى، فيقول في المصدر نفسه صفحة 55:
(في شكل وجهك أقرأ شكل الإله الجميل).
ويعترف نزار قباني في دواوينه السوداء - بعد وصف النهد على صدر عشيقته - بأنه يعبد الأصنام مع علمه بإثم ذلك، فيقول في صفحة 124:
(على القميص الـمُنْعَمِ صنمانِ عاجيانِ..
قد ماجا ببحرٍ مضرمٍ صنمانِ..
إني أعبد الأصنام رغم تأثمي..).
وفي كتابه (قصتي مع الشعر) يقول نزار قباني في ملحق الصور:
(قرري أنتِ إلى أين ؟
فإن الحب في بـيروت
مثل الله في كل مكان !..).
قلت: تعالى ربنا وتقدس عن قول هذا الأفاك الجاهل الأثيم، فالله تعالى في كل مكان بعلمه وإحاطته لا بذاته.
وهو يُعلن أيضاً أنه يـحترف عبادة النساء، فيقول في المصدر السابق صفحة 153:
(أنا لا أحترف قتل الجميلات
وإنما أحترف عبادتـهن).
ويصرح نزار قباني بسخف الأحكام الشرعية؛ بغمزه ولمزه لها بقوله في قصيدته (الخرافة)!! في ديوان (قصائد متوحشة) صفحة 29 :
(حين كنا في الكتاتيب صغاراً..
حقنونا بسخيف القول ليلاً ونهاراً..
درّسونا..
ركبة المرأة عورة
ضحكة المرأة عورة).
ويقول في (أشعار مجنونة) صفحة 190:
(ما الذي يفعله ضوء القمر ببلادي..
ببلاد الأنبياء..
وبلاد البسطاء..
فالملايين التي تركض من دون نعال..
والتي تؤمن في أربع زوجات.. وفي يوم القيامة).
ويخاطب نزار قباني عشيقته متمرداً على جميع الشرائع بقوله:
(أحاول سيدتي أن أحبك..
خارج كل الطقوس..
وخارج كل النصوص..
وخارج كل الشرائع والأنظمة) [قصيدته (خمسون عاماً في مديح النساء) صفحة 211]
كما يرفض الشيطان نزار أن يتلقى الأوامر من ربه ومولاه جلَّ في علاه بقوله:
(لا تستبدي برأيك فوق فراش الهوى..
لأني من الله.. لا أتلقى الأوامر) [قصيدته (سيبقى الحب سيدتي) صفحة 140]
وهنا يبدأ الشيطان نزار مرة أخرى بالاستهزاء من الله تعالى وأنبيائه الكرام، فيقول:
(وطن بدون نوافذ..
هربت شوارعه.. مآذنه.. كنائسه..
وفر الله مذعوراً..
وفر جميع الأنبياء) [قصيدته (هل تسمعين صهيل أحزاني) صفحة 188]
كما يتخذ نزار قباني إلـهه هواه فيقول:
(هو الهوى.. هو الهوى..
الملك القدوس
والآخر القادر) [قصيدته السابقة صفحة 63]
الغدير
يوم ولدت في 21 آذار(مارس) 1923 في بيت من بيوت دمشق
القديمة, كانت الأرض هي الأخرى في حالة ولادة..
و كان الربيع يستعد لفتح حقائبه الخضراء .
الأرض و أمي حملتنا في وقت واحد .. و وضعتنا في
وقت واحد . هل كانت مصادفة يا ترى أن تكون ولادتي
هي الفصل الذي تثور فيه الأرض على نفسها, و ترمي
فيه الأشجار كل أثوابها القديمة ؟ أم كان مكتوباً علي أن
أكون كشهر آذار, شهر التغيير والتحولات ؟ .
كل الذي أعرفه أنني يوم ولدت, كانت الطبيعة تنفذ إنقلابها
على الشتاء .. وتطلب من الحقول والحشائش والأزهار
والعصافير أن تؤيدها في إنقلابها .. على روتين الأرض .
هذا ما كان يجري في داخل التراب, أما في خارجه فقد كانت
حركة المقاومة ضد الإنتداب الفرنسي تمتد من الأرياف السورية
إلى المدن و الأحياء الشعبية. و كان حي (الشاغور), حيث
كنا نسكن, معقلاً من معاقل المقاومة, وكان زعماء هذه
الأحياء الدمشقية من تجار و مهنيين, و أصحاب حوانيت, يمولون
الحركة الوطنية, و يقودونها من حوانيتهم و منازلهم.
أبي , توفيق القباني , كان واحداً من هؤلاء الرجال, و بيتنا
واحداً من تلك البيوت .
و يا طالما جلست في باحة الدار الشرقية الفسيحة , أستمع
بشغف طفولي غامر , إلى الزعماء السياسيين السوريين
يقفون في إيوان منزلنا , و يخطبون في ألوف
الناس , مطالبين بمقاومة الإحتلال الفرنسي , و محرضين
الشعب على الثورة من أجل الحرية .
و في بيتنا في حي (مئذنة الشحم) كانت تعقد الإجتماعات
السياسية ضمن أبواب مغلقة , و توضع خطط الإضرابات
والمظاهرات ووسائل المقاومة. وكنا من وراء الأبواب نسترق
الهمسات ولا نكاد نفهم منها شيئا ً ..
و لم تكن مخيلتي الصغيرة في تلك الأعوام من الثلاثينيات
قادرة على وعي الأشياء بوضوح . ولكنني حين رأيت
عساكر السنغال يدخلون في ساعات الفجر الأولى منزلنا
بالبنادق والحراب ويأخذون أبي معهم في سيارة مصفحة
إلى معتقل (تدمر) الصحراوي ..عرفت أن أبي كان
يمتهن عملا ً آخر غير صناعة الحلويات ..
كان يمتهن صناعة الحرية . كان أبي إذن يصنع الحلوى
ويصنع الثورة . و كنت أعجب بهذه الإزدواجية فيه ,
وأدهش كيف يستطيع أن يجمع بين الحلاوة و بين الضراوة ..
1970
الحافية
صامتة ٌ أنت ..
فهل تدرين بأن يديك الصامتتين ..
كتابا شعر ؟
حافية ٌ أنت ..
فهل تدرين بأن امرأة ً حافية القدمين
تغير إيقاع التاريخ ،
وتقلب خارطة الدنيا ،
وتطيل العمر ؟
التعاريف
أنا ضد كل التعاريف في الحب ..
فهي جميعا ً قوالب ..
وضد جميع الوصايا القديمة ،
ضد جميع النصوص ،
وضد جميع المذاهب ..
فلا يصنع الحب إلا ّ التجارب ..
ولا يصنع البحر إلا ّ الرياح وإلا ّ المراكب
ولا يستطيع الحديث عن الحرب إلا ّ المحارب
أنا أفعـل الحب .. لكنْ إذا سألوني عنه ُ
فإني أفضلُ أنْ لا أجَـاوب
الإفتتاحية
إلى امرأة لا تعاد
تسمى . . مدينة حزني
إلى من تسافر مثل السفينة في ماء عيني
وتدخل وقت الكتابة
ما بين صوتي وبيني
أقدم موتي إليك .. على شكل شعـر
فكيف تـظـنين أني أغني ؟
يا قدس
بكيت .. حتى انتهت الدموع
صليت .. حتى ذابت الشموع
ركعت .. حتى ملّني الركوع
سألت عن محمد ، فيكِ وعن يسوع
يا قُدسُ ، يا مدينة تفوح أنبياء
يا أقصر الدروبِ بين الأرضِ والسماء
يا قدسُ ، يا منارةَ الشرائع
يا طفلةً جميلةً محروقةَ الأصابع
حزينةٌ عيناكِ ، يا مدينةَ البتول
يا واحةً ظليلةً مرَّ بها الرسول
حزينةٌ حجارةُ الشوارع
حزينةٌ مآذنُ الجوامع
يا قُدس ، يا جميلةً تلتفُّ بالسواد
من يقرعُ الأجراسَ في كنيسةِ القيامة ؟
صبيحةَ الآحاد ..
من يحملُ الألعابَ للأولاد ؟
في ليلةِ الميلاد ..
يا قدسُ ، يا مدينةَ الأحزان
يا دمعةً كبيرةً تجولُ في الأجفان
من يوقفُ العدوان ؟
عليكِ ، يا لؤلؤةَ الأديان
من يغسل الدماءَ عن حجارةِ الجدران ؟
من ينقذُ الإنجيل ؟
من ينقذُ القرآن ؟
من ينقذُ المسيحَ ممن قتلوا المسيح ؟
من ينقذُ الإنسان ؟
يا قدسُ .. يا مدينتي
يا قدسُ .. يا حبيبتي
غداً .. غداً .. سيزهر الليمون
وتفرحُ السنابلُ الخضراءُ والزيتون
وتضحكُ العيون ..
وترجعُ الحمائمُ المهاجرة ..
إلى السقوفِ الطاهرة
ويرجعُ الأطفالُ يلعبون
ويلتقي الآباءُ والبنون
على رباك الزاهرة ..
يا بلدي ..
يا بلد السلام والزيتون
لصغار العرب
أكتب للصغار ..
للعرب الصغار حيث يوجدون …
لهم على اختلاف اللون والأعمار والعيون ..
أكتب للذين سوف يولدون ..
لهم أنا أكتب ، للصغار ..
لأعين يركض في أحداقها النهار ..
أكتب باختصار ..
قصة إرهابية مجندة ..
يدعونها راشيل ..
قضت سنين الحرب في زنزانة منفردة ..
كالجرذ .. في زنزانة منفردة ..
شيدها الألمان في براغ ..
كان أبوها قذراً من أقذر اليهود ..
يزوّر النقود ..
وهي تدير منزلاً للفحش في براغ ..
يقصده الجنود ..
وآلت الحرب إلى ختام ..
وأ ُعلن السلام ..
ووقع الكبار ..
أربعة يلقبون نفسهم كبار ..
صك وجود الأمم المتحدة ..
وأبحرت من شرق أوروبا مع الصباح ..
سفينة تلعنها الرياح ..
وجهتها الجنوب ..
تغص بالجرذان .. والطاعون .. واليهود ..
كانوا خليطاً من سقاطة الشعوب ..
من غرب بولندا ..
من النمسا .. من استنبول .. من براغ ..
من آخر الأرض .. من السعير ..
جاءوا إلى موطننا الصغير ..
موطننا المسالم الصغير ..
فلطخوا ترابنا ..
وأعدموا نساءنا ..
ويتموا أطفالنا ..
ولاتزال الأمم المتحدة ..
ولم يزل ميثاقها الخطير ..
يبحث في حرية الشعوب ..
وحق تقرير المصير ..
والمثل المجردة ..
فليذكر الصغار ..
العرب الصغار .. حيث يوجدون ..
من ولدوا منهم ومن سيولدون ..
قصة إرهابية مجندة ..
يدعونها راشيل ..
حلت محل أمي الممددة ..
في أرض بيارتنا الخضراء في الخليل ..
أمي أنا الذبيحة المستشهدة ..
وليذكر الصغار ..
حكاية الأرض التي ضيعها الكبار ..
والأمم المتحدة ..
أكتب للصغار ..
قصة بئر السبع .. والخليل ..
وأختي القتيل ..
هناك في بيارة الليمون ..
أختي القتيل ..
هل يذكر الليمون في الرملة ..
في اللد ..
وفي الخليل ..
أختي التي علقها اليهود في الأصيل ..
من شعرها الطويل ..
أختي أنا نوار ..
أختي أنا الهتيكة الإزار ..
على ربى الرملة والجليل ..
أختي التي مازال جرحها الطليل ..
مازال بانتظار ..
نهار ثأر واحد .. نهار ثار ..
على يد الصغار ..
جيل فدائي من الصغار ..
يعرف عن نوار ..
وشعرها الطويل ..
وقبرها الضائع في القفار ..
أكثر مما يعرف الكبار ..
أكتب للصغار ..
أكتب عن يافا .. وعن مرفأها القديم ..
عن بقعة غالية الحجار ..
يضيء برتقالها…
كخيمة النجوم…
تضم قبر والدي .. وإخوتي الصغار ..
هل تعرفون والدي ..
وإخوتي الصغار ؟ ..
إذ ْ كان في يافا لنا ..
حديقة ودار ..
يلفها النعيم ..
وكان والدي الرحيم ..
مزارعاً وشيخاً .. يحب الشمس .. والتراب ..
والله .. والزيتون .. والكروم ..
كان يحب زوجه وبيته ..
والشجر المثقل بالنجوم ..
وجاء أغراب مع الغياب ..
من شرق أوروبا .. ومن غياهب السجون ..
جاءوا كفوج جائع من الذئاب …
فأتلفوا الثمار ..
وكسروا الغصون ..
وأشعلوا النيران في بيادر النجوم ..
والخمسة الأطفال في وجوم ..
واشتعلت في والدي كرامة التراب ..
فصاح فيهم : اذهبوا الى الجحيم ..
لن تسلبوا أرضي ياسلالة الكلاب ..!
ومات والدي الرحيم ..
بطلقة سددها كلب من الكلاب عليه ..
مات والدي العظيم ..
في الموطن العظيم ..
وكفه مشدودة شداً الى التراب ..
فليذكر الصغار ..
العرب الصغار حيث يوجدون ..
من ولدوا منهم .. ومن سيولدون ..
ماقيمة التراب ..
لأن في انتظارهم ..
معركة التراب ..
مختارات هدباء قباني ( إبنة نزار قباني رحمه الله )
كانت جدتي تدلـله باسم " نزوري " حين كان طفلا
ضائعا بين أحواض الورد والخبيزة وبين عريشة الياسمين
وأشجار الليمون والسفرجل ونافورة المياه الزرقاء في بيت
أبويه بدمشق القديمة، وهائما مع أسراب الحمام والسنونو
وقطط البيت. وعندما بلغ سن العاشرة ، لم يترك " نزار "
صنعة فن لم يجربها : من الرسم إلى الخط العربي ، إلى الموسيقى
إلى أن رسا قاربه - وهو في السادسة عشرة - على
شاطئ الشعر
قبل أن يكون أبي كان صديقي، ومنه تعلمت أن أحكي
بينما هو يستمع ، رغم ندرة استماع الرجل إلى المرأة في
مجتمعنا. زان أبي مراهقتي وشبابي بشعره، لكنه - في المقابل
وبصفاء نية - أفسد حياتي بشعره وبتعامله معي؛ فقد جعلني أقارن
بينه وبين الرجال الذين ألقاهم ، وأتت المقارنة دائما لصالح أبي
ورأيت أغلب الرجال طغاة .
كان جاري في لندن ، لكنه لم يزرني قط دون موعد مسبق
وفي نادرة ، دق بابي دون موعد ، وعندما وجد لدي صديقات
اعتذر واستدار عائدا مؤجلا زيارته لمرة أخرى ، ولم يسبقه
سوى صراخ الصديقات بأن يبقى .
قد يكون أهم ما أذكره عن أبي ، هو ذلك التشابه المذهل
بينه وبين شعره ؛ فهو لا يلعب دورا على ورق الكتابة
ودورا آخر على مسرح الحياة. ولا يضع ملابس العاشق
حين يكتب قصائده، ثم يخلعها عند عودته إلى البيت .
أنقل عن " أدونيس " فقرة مما قاله عن نزار قباني :
" كان منذ بداياته الأكثر براعة بين معاصريه من الشعراء العرب
في الإمساك باللحظة - التي تمسك بهموم الناس وشواغلهم
الضاغطة : من أكثرها بساطة، وبخاصة تلك المكبوتة والمهمشة
إلى أكثرها إيغالا في الحلم وفي الحق بحياة أفضل . في هذا
تأسست نواة الإعجاب به ، ذلك الإعجاب التلقائي الذي تجمع
عليه الأطراف كلها .
ابتكر نزار قباني تقنية لغوية وكتابية خاصة ، تحتضن مفردات
الحياة اليومية بتنوعها، ونضارتها ، وتشيع فيها النسم
الشعري، صانعا منها قاموسا يتصالح فيه الفصيح والدارج
القديم والحديث، الشفوي والكتابي "
وبعد ، كم أشعر بالفخر لأن أبي هو نزار قباني، الشاعر الذي
نقل الحب من الأقبية السرية إلى الهواء الطلق .
ساعة الصفـر
أنت ِ لا تــُـحتملينْ !
كلُّ أطوارك ِ فوضى
كلُّ أفكارك ِ طينْ !
صوتك ِ المبحوحُ وحشيٌّ ، غريزيُّ الرنينْ
خنجرٌ يأكلُ مِـنْ لحمي ، فلا تسكتينْ
يا صُداعا ً عاشَ في رأسي
سنينا ً .. وسنينْ !
يا صُداعي ..
كيفَ لمْ أقتلك ِ مِـنْ خمس ِ سنينْ ؟
*
إننا .. في ساعة ِ الصفـر ِ ..
فما تقترحين ْ ؟
أصبحتْ أعصابنا فحما ً
فما تقترحينْ ؟
علبُ التبغ ِ رميناها
وأحرقنا السفينْ !
وقتلنا الحبّ في أعماقنا
وهو جَـنينْ ..
سبع ساعاتٍ
تكلمت ِ عن الحب الذي لا تعرفينْ
وأنا أمضغُ أحزاني
كعصفور ٍ حزينْ !
سبع ساعات ٍ
كسنجاب ٍ لئيم ٍ .. تكذبينْ
وأنا أ ُصغي إلى الصوت ِ الذي أدمنته
خمسَ سنينْ !
ألعنُ الصوتَ الذي أدمنته
خمسَ سنينْ !
*
معطفي هاتيه ِ
ما تنتظرينْ ؟
فمعَ الأمطار ِ والفجر ِ الحزينْ
أنتهي منك ِ ، ومني تنتهين !
إنني أتركك ِ الآنَ لزيف ِ الزائفينْ
ونفاق ِ المُعجبينْ ..
فاجعلي من بيتك ِ الحالم ِ مأوى التافهينْ ..
واخطري جارية ً بينَ كؤوس ِ الشاربينْ
كيف أبقى ..
عابرا ً بينَ ألوف ِ العابرين ؟
كيف أرضى ؟
أن تكوني في ذراعي ..
وذراع ِ الآخرين !
كيفَ يا مُـلكي وملكَ الآخرين
كيف لمْ أقتلك ِ
مِـنْ خمس ِ سنينْ ؟
*
أبعدي الوجهَ الذي أكرههُ
أنت ِ عِـندي
في عِـداد ِ المَـيتينْ !
هـــاملـــت شـــاعـــراً
نزار قباني - قصائد متوحشة
.. أن تكوني امرأة.. أو لا تكوني
.. تلك .. تلك المسألة
.. أن تكوني امرأتي المفضلة
.. قطتي التركية المدللة
.. أن تكوني الشمس ، يا شمس عيوني
.. ويدا طيبة فوق جبيني
أن تكوني في حياتي المقبلة
.. نجمة .. أو وردة .. أو سنبلة
.. تلك .. تلك المشكلة
.. أن تكوني كل شي
.. أو تضيعي كل شي
، إن طبعي، عندما أهوى
.. كطبع البربري
.. أن تكوني
كل ما يحمله نوار من عشب ندي
.. أن تكوني .. دفتري الأزرق
.. أوراقي .. مدادي الذهبي
.. أن تكوني
كلمة تبحث عن عنوانها في شفتي
طفلة تكبر ما بين يدي
آه.. يا حورية أرسلها البحر إلي
، آه.. يا رمحا بأعماقي
.. ويا جرحي الطري
.. آه.. يا ناري
.. وأمطاري
.. ويا قرع الطبول الهمجي
.. إفهميني
أتمنى مخلصا، أن تفهميني
.. ربما .. أخطأت في شرح ظنوني
ربما .. لم أحسن التعبير عما يعتريني
ربما.. سرت إلى حبك معصوب العيون
.. ونسفت الجسر ما بين اتزاني وجنوني
.. أنا لا يمكن أن أعشق إلا بجنوني
.. فاقبليني هكذا .. أو فارفضيني
.. أنصتي لي
. أتمنى مخلصا أن تنصتي لي
.. ما هناك امرأة دون بديل
فاتن وجهك .. لكن في الهوى
.. ليس تكفي فتنة الوجه الجميل
.. إفعلي ما شئت .. لكن حاذري
.. حاذري أن تقتلي في فضولي
تعبت كفاي ، يا سيدتي
.. وأنا أطرق باب المستحيل
.. فاعشقي كالناس .. أو لا تعشقي
.. إنني أرفض أنصاف الحلول
خمس رسائل إلى أميصباحُ الخيرِ يا حلوه..
صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه
مضى عامانِ يا أمّي
على الولدِ الذي أبحر
برحلتهِ الخرافيّه
وخبّأَ في حقائبهِ
صباحَ بلادهِ الأخضر
وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر
وخبّأ في ملابسهِ
طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
وليلكةً دمشقية..
أنا وحدي..
دخانُ سجائري يضجر
ومنّي مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ..
تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر
عرفتُ نساءَ أوروبا..
عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ
عرفتُ حضارةَ التعبِ..
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر
وتحملُ في حقيبتها..
إليَّ عرائسَ السكّر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشُلني إذا أعثَر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيشُ عروسةُ السكّر
فكيفَ.. فكيفَ يا أمي
غدوتُ أباً..
ولم أكبر؟
صباحُ الخيرِ من مدريدَ
ما أخبارها الفلّة؟
بها أوصيكِ يا أمّاهُ..
تلكَ الطفلةُ الطفله
فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي..
يدلّلها كطفلتهِ
ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ
ويسقيها..
ويطعمها..
ويغمرها برحمتهِ..
.. وماتَ أبي
ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ
وتبحثُ عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ
وتسألُ عن عباءتهِ..
وتسألُ عن جريدتهِ..
وتسألُ –حينَ يأتي الصيفُ-
عن فيروزِ عينيه..
لتنثرَ فوقَ كفّيهِ..
دنانيراً منَ الذهبِ..
سلاماتٌ..
سلاماتٌ..
إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة
إلى أزهاركِ البيضاءِ.. فرحةِ "ساحةِ النجمة"
إلى تختي..
إلى كتبي..
إلى أطفالِ حارتنا..
وحيطانٍ ملأناها..
بفوضى من كتابتنا..
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنامُ على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامانِ.. يا أمي
ووجهُ دمشقَ،
عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا
يعضُّ على ستائرنا..
وينقرنا..
برفقٍ من أصابعنا..
مضى عامانِ يا أمي
وليلُ دمشقَ
فلُّ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكنُ في خواطرنا
مآذنها.. تضيءُ على مراكبنا
كأنَّ مآذنَ الأمويِّ..
قد زُرعت بداخلنا..
كأنَّ مشاتلَ التفاحِ..
تعبقُ في ضمائرنا
كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ
جاءت كلّها معنا..
أتى أيلولُ يا أماهُ..
وجاء الحزنُ يحملُ لي هداياهُ
ويتركُ عندَ نافذتي
مدامعهُ وشكواهُ
أتى أيلولُ.. أينَ دمشقُ؟
أينَ أبي وعيناهُ
وأينَ حريرُ نظرتهِ؟
وأينَ عبيرُ قهوتهِ؟
سقى الرحمنُ مثواهُ..
وأينَ رحابُ منزلنا الكبيرِ..
وأين نُعماه؟
وأينَ مدارجُ الشمشيرِ..
تضحكُ في زواياهُ
وأينَ طفولتي فيهِ؟
أجرجرُ ذيلَ قطّتهِ
وآكلُ من عريشتهِ
وأقطفُ من بنفشاهُ
دمشقُ، دمشقُ..
يا شعراً
على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ
ويا طفلاً جميلاً..
من ضفائره صلبناهُ
جثونا عند ركبتهِ..
وذبنا في محبّتهِ
إلى أن في محبتنا قتلناهُ...
يوميات امرأة لا مباليةثُوري ! . أحبّكِ أن تثُوري ..
ثُوري على شرق السبايا . والتكايا .. والبخُورِ
ثُوري على التاريخ ، وانتصري على الوهم الكبيرِ
لا ترهبي أحداً . فإن الشمس مقبرةُ النسورِ
ثُوري على شرقٍ يراكِ وليمةً فوقَ السريرِ ..
نزار
مَسْرَح
المرأةُ بطبيعتها
تُحِبُّ الرجُلَ الذي يتكلمُ دونَ توقُّفْ..
ويكذبُ دونَ توقُّفْ
لذلكَ، يخسرُ جميعُ الرجالْ
الذينَ لا يُجيدُونَ فنَّ الدراما،
والإلقاءِ المسْرَحيّْ....
أطفال الحجارة
بهروا الدنيا..
وما في يدهم إلا الحجاره..
وأضاؤوا كالقناديلِ، وجاؤوا كالبشاره
قاوموا.. وانفجروا.. واستشهدوا..
وبقينا دبباً قطبيةً
صُفِّحت أجسادُها ضدَّ الحراره..
قاتَلوا عنّا إلى أن قُتلوا..
وجلسنا في مقاهينا.. كبصَّاق المحارة
واحدٌ يبحثُ منّا عن تجارة..
واحدٌ.. يطلبُ ملياراً جديداً..
وزواجاً رابعاً..
ونهوداً صقلتهنَّ الحضارة..
واحدٌ.. يبحثُ في لندنَ عن قصرٍ منيفٍ
واحدٌ.. يعملُ سمسارَ سلاح..
واحدٌ.. يطلبُ في الباراتِ ثاره..
واحدٌ.. بيحثُ عن عرشٍ وجيشٍ وإمارة..
آهِ.. يا جيلَ الخياناتِ..
ويا جيلَ العمولات..
ويا جيلَ النفاياتِ
ويا جيلَ الدعارة..
سوفَ يجتاحُكَ –مهما أبطأَ التاريخُ-
أطفالُ الحجاره..