قصيدة يعارض فيها معلقة عمرو بن كلثوم
أبـيت الـلعن عـذراً إنَّ هذي = قـصيدتيَ الـتي كـانت جنينا
قـصيدتيَ الـتي سـتظلُّ تبكي = دمــاً حـراً أمـام الـسامعينا
قـصيدتيَ الـتي سـتعيش يوماً = قـصيراً فـيه تـختزل القرونا
تـضيف إلـيك شـيئاً لـم تقله = وتـمحو كـل مـا قد قلتَ فينا
وتُـبْدِلُ كـلَّ بـيتٍ قـيل فخراً = بـبـيتٍ يـلعق الـذلَّ الـمبينا
" أبيت اللعن " كلُّ خطوط عاري = عـلى وجهي غدت وشماً حزينا
قـصيدتُك الـتي عاشت قروناً = أراهـا فـي مـوازيني طـنينا
سـأبصق فـي مـحيا كل بيتٍ = وأشـطب وجـهه كي لا يكونا
وأنـخر فـي مـفاصله المعاني = وفـي أعـصابه حـتى يـلينا
"أبـيت اللعن" فخرك عاد قشراً = وأصـبح سـلعة ركـدت سنينا
فـهذا الـعصر لا يـسبيه شعرٌ = تُـرنِّـحه شـفـاهُ الـمـنشدينا
إذا وقـفـت مـدافـعه لـتلقي = قـصائدها سـمعت لـها رنينا
وقـافية الـقذائف حـين تشدو = تـرنح فـي مـعانيها الحصونا
ورجـع القصف أحلى بيت شعرٍ = تــراه يـهزُّ سـمع iiالـعالمينا
"أبـيت اللعن" هاقد عدتُ أهذي = بـقول ٍعـاش في صدري دفينا
أصـارعه فيصرعني ويمضي = يـفتت فـي دمـي حـقداً لعينا
فـلا تـعتب عـليَّ فـلستُ إلا = بـقية مـجدك الـمحشو طـينا
"أبـيت الـلعن" ما كان ابن هندٍ = سـوى خـيطٍ نفختَ به المنونا
تـقدَّم ، دع بـعيرك في الفيافي = ودعـه يـجسُّ في الرمل الأنينا
وقـلِّب نـاظريك تـرَ المآسي = ودع قـدميك تـنتعل الـشجونا
غـثاء السيل نحن ، وكم خلقنا = لـكـل هـزيمةٍ سـبباً مـتينا
مـللنا مـن مـآسينا وصـرنا = ( نـعيب زمـاننا والعيب فينا )
فـكـل هـزائم الـدنيا لـدينا = تُـسمى " نـكسةً " سـترد حينا
وكـل كـتيبةٍ نـقضي عـليها = تـسـمى عـندنا فـتحاً مـبينا
ونـجبن إنْ دعـانا الـثأر يوماً = ونـركض لـلسلام إذا دعـينا
ولا نـبكي لأعـراض الصبايا = وتـبـكينا دمــوع الـعاشقينا
فـإنـا الـطـائعون إذا أُمـرنا = وإنَّــا الـصابرون إذا ابـتلينا
وإنًَّ الـخـاسرون إذا ربـحـنا = وإنَّــا الـرابـحون إذا نـسينا
ونـسقي بـعضنا كـدراً وطيناً = لـنـسقي غـيرنا مـاءً مـعينا
ونـمسي فـي لسان الغرب كافاً = ونصبح في حروف الشرق نونا
وعـند صـغار "شـاتيلا" وقفنا = عـلـى أشـلائـهم مـتفرجينا
و"صـبرا" تـستغيث ولا مجيبٌ = كـأنَّ صـراخها أمـسى لحونا
وكــم بـالثأر هـددنا وقـلنا = سـنـفتك بـالطغاة الـمعتدينا
سـنسحق كـل طـاغية حقيرٍ = ونـشرب مـن دمـاء الظالمينا
ونـبني مـن جماجمهم صروحاً = ونـملأ مـن سـباياهم سجونا
ونُـطعم من لحومهم الضواري = ونـرمـي لـلـكلاب الـميتينا
فـتركع تـحت أرجـلنا وتبكي = وتـطـلب ودنـا رفـقاً ولـينا
وحـين نـدقُّ أجـراس المنايا = تـرى الأوبـاش أسـفل سافينا
عـلى أشـلائهم سـنقيم عرساً = ونـرقص فـي مـآتمهم سنينا
وأنَّ الـقدس سـوف تعود يوماً = ونـحن بـذاك أقـسمنا يـمينا
سـنمسح دمـع "صبرا" بانتقامٍ = وبـالأبطال سـوف نـردُّ سينا
ونـهدي جـرح "شاتيلا" شفاءً = وفـي "الـجولان" نغدو حاكمينا
فـقد طـال الحداد على الصبايا = وراح الـيـتم يـنتظرالـجنينا
"أبـيت الـلعن" هـذا حال قومٍ = مـهازلهم غـدت شعراً رصينا
كـم اقـترضوا من الحداد سيفاً = ومـا اقـترضوا لـه يوماً يمينا
تـضاريس الـبداوة فيك راحت = تـحيل حـضارتي وحلاً وطينا
وأعـناق الـبطولة فـيك عادت = تـذكرني بـجبني كـي أهـونا
فـما كـفكفتُ إلا دمـع جـرحٍ = عـروقي فيه قد صارت عيونا
قـصيدتك الـتي مـرَّت كرمحٍ = عـلى جرحي غدت لحناً حزينا
"أبـيت اللعن" قل ما شئت عني = وظُـنَّ بـثورتي الغضبى جنونا
لـو انـك ذقـت نار الذلِّ يوماً = لأغـلـيت الـمفاخر أجـمعينا
فـلا تغضب إذا صححت قولاً = أراه لا يـطـيـق الـقـائـلينا
أبـيت الـلعن مـا أدركتَ ديني = ولــو أدركـته لـرأيت ديـنا
فـكم يُـعزى إلى الإسلام ذنبٌ = وكـلُّ الـذنب ذنـب المسلمينا