من زاوية فنية بحتة, لا أجد في هذه القصيدة نفَس نزار, ولا شيئا من ملامح شعره, عدا لفظة " الخبز " التي اشتهر بتوظيفها في هذا الجانب, وبشكل مكثف تقريبا.
لاحظ كيف تشتمّ رائحة نزار, كيف تجده هو نفسه في هذا البيت من النص:
الحزن أصبـح خبزنـا فسماؤنـا
..............شجـن وطعـم صباحنـا أسقـام
لكن أين هو فيما عدا هذا البيت؟!
أيضا, وللحق, في هذا النص ما يذكرنا بقصيدة نزارالشهيرة قرطاجة/ تونس الخضراء, وأعني بذلك الموسيقى الشعرية المتشابهة إلى حد بعيد في النصين. إنما لايعني ذلك الجزم بصحة أبوّة نزارلهذا المولود الشعري المشيوه.
إنه ليس في جيناته المعروفة.
أخي يحيى, لو صح أن هذه القصيدة لنزار لما صح أننا نعرف " نزار" جيدا.
العاطفة هنا برغم قوتها ليست بقوة عاطفة شاعرنا الكبير, لاسيما في قصائده المتعانقة مع الكبار الكبار الذين تعامل معهم خلاف ما تعامل معهم سواه من معاصريه وسابقيه عدا عمر أبوريشة حسب استقرائي الخاص..
ليست هذه عاطفته كما هي ـ مع عظم الفارق ـ مع جمال عبدالناصر, ولا حتى مع خالد بن الوليد.
نزار أقوى وأصدق وأعمق مما أراه منحولا عليه في هذا النص.
نزار أيضا أذكى.
لاحظ البيت التالي:
مدحوك ما بلغوا برغـم ولائهـم
............أسـوار مجـدك فالدنـو لـمـام
لاحظ قوله ( برغم ولائهم ) !
ولاء من ؟!
وماذا عنه هو ؟! من غير ولاء !!
هل يقع شاعر كبير كنزار في مأزق معنى كهذا ؟!
لو أردتَ رأيي, فهي زلة وقع فيها من اجترأ عليه.
غير ذلك, وأنت وأنا والكل في كامل المعرفة بقوة لغة نزار. وهنا لاحظ معي ما يبعث الريبة:
الحزن يملأ يا حبيـب جوارحـي
.............فالمسلمون عن الطريـق تعامـوا
الرويّ في كامل أبيات النص مضموم. لكنه هنا ليس كذلك..
قل لي وأنت بقية النحو يايحيى, هل من المعقول أن يعتسف نزار التركيب كما هو في وجهه الصحيح ( تعامَوا ) إلى زلة كهذه لايقع فيها حتى أولئك الذين أعربوا باء بعض/ك حرفَ جر ؟!