وقفت أمام قبرك باكيا

زار الشاعر نزار قباني المسجد النبوي الشريف فجاءت الأبيات:
عز الورود .. وطال فيك أوام = وأرقت وحدي والأنام نيام
ورد الجميع ومن سناك تزودوا= وطردت عن نبع السنا وأقاموا
ومنعت حتى أن أحوم ولم أكد= وتقطعت نفسي عليك وحاموا
قصدوك وامتدحوا ودوني أغلقت= أبواب مدحك فالحروف عقام
أدنو فأذكر ما جنيت فأنثني = خجلا تضيق بحملي الأقدام
أمن الحضيض أريد لمسا للذرى = جل المقام فلا يطال مقام
وزري يكبلني ويخرسني الأسى = فيموت في طرف اللسان كلام
يممت نحوك يا حبيب الله في = شوق تقض مضاجعي الآثام
أرجو الوصول فليل عمري غابة= أشواكها الأوزار ولآلام
يا من ولدت فأشرقت بربوعنا = نفحات نورك وانجلى الإظلام
أأعود ظمآنا وغيري يرتوي= أيرد عن حوض النبي هيام
كيف الدخول إلى رحاب المصطفى= والنفس حيرى والذنوب جسام
أو كلما حاولت إلماما به= أزف البلاء فيصعب الإلمام
ما ذا أقول وألف ألف قصيدة= عصماء قبلي سطرت أقلام
مدحوك ما بلغوا برغم ولائهم = أسوار مجدك فالدنو لمام
حتى وقفت أمام قبرك باكيا= فتدفق الإحساس والإلهام
وتوالت الصور المضيئة كالرؤى = وطوى الفؤاد سكينة وسلام
يا ملء روحي وهج حبك في دمي= قبس يضيء سريرتي وزمام
أنت الحبيب وأنت من أروى لنا= حتى أضاء قلوبنا الإسلام
حوربت لم تخضع ولم تخش العدى = من يحمه الرحمن كيف يضام
وملأت هذا الكون نورا فاختفت= صور الظلام وقوضت أصنام
الحزن يملأ يا حبيب جوارحي= فالمسلمون عن الطريق تعاموا
والذل خيم في النفوس كئيبة= وعلى الكبار تطاول الأقزام
الحزن أصبح خبزنا فسماؤنا= شجن وطعم صباحنا أسقام
واليأس ألقى ظله بنفوسنا= فكأن وجه النيرين ظلام
أنى اتجهت ففي العيون غشاوة= وعلى القلوب من الظلام ركام
الكرب أرقنا وسهد ليلنا= من مهده الأشواك كيف ينام
يا طيبة الخيرات ذل المسلمو=ن ولا مجير وضيعت أحلام
يغضون إن سلب الغريب ديارهم= وعلى القريب شذا التراب حرام
باتوا أسارى حيرة وتمزق= فكأنهم بين الورى أغنام
ناموا فنام الذل فوق جفونهم = لا غرو ضاع الحزم والإقدام
ودنوت مذهولا أسيرا لا أرى = حيران يلجم شعري الإحجام
وتمزقت نفسي كطفل حائر = قد عاقه عمن يحب زحام