مقدمة بسيطة :
في البداية فلتعرف ، يا عزيزي بأن تهذيب الشعر وتنقيحه شيء لابد منه ، وبأن كتابة القصيدة ليس بالأمر السهل ، فعند كتابتها لابد أن تراعي عدة مقومات ، من أهمها الوزن والقافية ، وكذلك الحرص على تلافي الأخطاء اللغوية والإملائية والنحوية ، فقد روي أن زهير بن أبي سلمى كان ينظم القصيدة في أربعة أشهر ، ويقوم بتنقيحها وتهذيبها في أربعة أشهر ، ثم يعرضها على علماء قبيلته في أربعة أشهر ، لذا فإن له قصائد تسمى بالحوليات ، وقد قال أحد الشعراء في هذا الشأن :
لا تعرضــنَّ على الرواةِ قـــصيدةً ........... مالم تبالغْ قـــبلُ في تهــذيبها
فإذا عرضتَ الشعرَ غير مهــــذبٍ ............ عدًّوهُ منك وساوسًا تهذي بها
إن قصيدتك هذه هي أقرب إلى بحر الكامل ، ومفتاحه :كمل الجمال من البحور الكامل ......... متفاعلن . متفاعلن . متفاعلن
والفكرة العامة للقصيدة هي عبارة عن محادثة جرت بين الشاعر وبين طفلة صغيرة كما يسميها هو بذلك ، وقد اشتملت على بعض الصور الفنية الجميلة ، وبعض الأفكار التي لاغموض فيها أو لبس على القارئ ، ولكن بالرغم من هذا كله ومن باب الصراحة والصدق ، ولأنه لا خير في نقد خلا من المصداقية ، فهذه القصيدة لم تخلُ حقيقة من الأخطاء سواء أكانت نحوية أم لغوية أم إملائية ،وكذلك هناك اختلال واضح في الموسيقى الشعرية للقصيدة في أغلب الأبيات ، سواء بنقص التفعيلات لبعض حركاتها ، أو بزيادتها ، وسوف أشير إلى بعضها كالآتي :
أولا : الأخطاء الإملائية : قد تكررت هذه الأخطاء بشكل غير طبيعي وهي كالآتي :
فلاقية والصواب ( فلاقيت )..التطفلــــــي والصواب ( التطفل)...غمضة والصواب ( غمضت)...المتكحلي والصواب ( المتكحل)...تسللي والصواب ( تسلل)...اوقعة والصواب ( أوقعت)....صغيرتاً والصواب ( صغيرةً)....انتي والصواب ( أنتِ)....ألى والصواب ( إلى )....امك والصواب ( أمك )...اين والصواب ( أين )...اني والصواب ( إني )...ارى والصواب ( أرى)...لاذوب والصواب ( لأذوب)...اذا والصواب ( إذا )...لمسة والصواب ( لمست )... لان والصواب ( لأن )........
ثانيا: الأخطاء اللغوية: هذه بعضها :
( لاقيت ) مأخوذة من اللقاء ، وهو في أغلب الأحيان لا يكون إلا بعد موعد لا من باب الصدفة .(سن التطفل ) التطفُّلُ هو: تدخل الشخص فيما لا يعنيه ، والأصح قولك سن الطفولة .( علة ) يكون جمعها ( علل ) وليست ( أعْلُلِ ) ....( كم تبلغي ) الأصل فيها ( كم تبلغين ) لأنها من فعل من الأفعال الخمسة ولم تسبق بأداة جزم أو نصب ، لذا ويجب ثبوت النون للرفع ...( خل ) كلمة مستخدمة في غير معنها لأن الشاعر لا يعرف هذه الطفلة ، والخل أو الخليل إنما هو الشخص المقرب من الإنسان .........
ثالثا: الأخطاء النحوية : هناك أخطاء نحوية بسيطة كقولك مثلاً ( فقالت عشراً وستاً ) والصحيح ( فقالت : عشرٌ وستٌ ) .... وصغيرةً والصحيح ( صغيرةٌ ) .............
أسيرُ في دربي فألمحُ طفلــةً
صغــــــيرةَ السنِ وذاتَ تــدلُّـلِ
فأصابني بعضُ الذهولِ لفعلها
غمضتْ إليَّ بطرفها المتكحلِ
فسألتُها هلْ في عـــيونك علـــةٌ
أمْ طرفُكِ الفتــــانُ قــلبي يبْتلي
وقلت: هلْ تدرين ما معنى الهـوى؟
قالت: هــــــــواك بداخلي مـتسللِ
حين عبرت الدربَ هذا شامخاً
القلبُ ذابَ وصارَ بينَ الأرجـــلِ
فسألتها كم تبلغين؟ فــــجاوبتْ:
في الستِّ بعدَ العشْرِ عمري يدخلِ
فقلت: أنـــتِ صـــــغيرةٌ ونصيحتي
عودي إلى أحضانِ أمك وارحلي
قــالت :فأين الدرب إني لا أرى
دربٌا سواكَ ؟وقدْ أضعتُ تعقلي
قلت: الزمي دربَ اليمينِ وغادري
قالت : ألستَ إليهِ أنتَ موصِّـلي
لأذوبَ في كفيك إنْ لامستني
والقلبُ يُكوى بالغرامِ بداخلي
في الأخير أعتذر عن إطالتي في الكلام ، ولتعرف يا عزيزي بأني لم أنقد قصيدتك إلا من باب الإرتقاء بهذا المنتدى إلى الأحسن ، ولتعرف أيضا أن الخطأ لا عيب فيه ، ولكن العيب هو التمادي بالخطأ أوعدم الاعتراف به ، وأنا لا أدري لماذا بقية الشعراء لا يبدون رأيهم على الكثير من القصائد ، بالرغم من وجود شعراء كبار في هذا المنتدى ..... وأتمنى لك كل التوفيق في مجال الشعر، وإذا أرت أي خدمة مني فهذا بريدي في الأسفل .