الهديل في لغتنا المعاصرة هو صوت الحمام ، وهذا هو الإستعمال الدارج للكلمة ؛ جاء في اللسان :

1) - الهَدِيل صوتُ الحمام ، وخصَّ بعضهم به وحْشِيَّتها كالدَّباسِيِّ والقَمارِيِّ ونحوها ، هَدَل القُمْرِيُّ ،

وفي المحكم : هَدَل يَهْدِل هَدِيلاً قال ذو الرمة :

إِذا ناقَتي عند المُحَصَّب شاقَها = رَواحُ اليَماني ، والهَدِيلُ المُرَجَّعُ
وأَنشد ابن بري :

ما هاجَ شَوْقَك من هَدِيلِ حمامةٍ = تَدْعُو على فَنَنِ الغُصُون حَماما
وقال : بشار بن بُرد

وقد زادني شوقاً هديلُ حمامةٍ = على إلفِهـا تبكي لهُ وتُطَرِّبُ


2) - وقيل : الهَدِيل ذكَرُ الحمام ، وقيل : هو فَرْخها ؛ قال جِرانُ العَوْد :

كأَنّ الهَدِيل الظَّالِعَ الرِّجْل وَسْطَها = من البَغْي ، شِرِّيبٌ يُغَرِّد مُنْزَفُ

وقال بعضهم : تزعم الأَعراب في الهَدِيل أَنه فرْخ كانَ على عهد نوح عليه السلام ،

فمات ضَيْعةً وعطَشاً فيقولون إِنه ليس من حمامة إِلاَّ وهي تبكي عليه ؛ قال نُصيب وقيل هو لأَبي وجزة :

فقلت : أَتبكي ذاتُ طَوْقٍ تذكَّرتْ = هَدِيلاً ، وقد أَوْدى وما كان تُبَّعُ ؟
ويقال صادَ الهَدِيلَ جارِحٌ من جَوارِح الطير ؛ وأَنشد الكميت الأَسدي :

وما مَنْ تَهْتِفِينَ بـهِ لِنَصْـرٍ = بأَسْرَعَ ، جابةً لكِ ، من هَدِيلِ
ويقول جرير :

أما الفؤادُ فليسَ ينسى ذِكْرَكُم = ما دامَ يهتِفُ في الأراكِ هديلُ
وأنشد طرفة بن العبد :

فلا أَعْرِفَنّي إن نشدتُكَ ذِمّتي = كداعي هديلٍ لا يُجابُ ولا يَمَل
أما عمر بن أبي ربيعة فيقول :

إنَّ في النفسِ حاجَةً ما تقضّى = ما دعا في الغصونِ داعي هديل
ويقول البحتري :

وهيّجَ شوقي ساقُ حُرٍّ أجابَهُ = هديلٌ على غُصنٍ من البانِ أفرعا
ويقول عبيد بن الأبرص :

فدعا هديلاً ساقُ حرٍّ ضحوةً = فدنا الهديلُ له يَصُبُّ ويَصعَدُ
والساقُ حرّ هو الذَّكَر من القمرية .

ونلاحظ هنا أن الهديل هو صوت الوحشيّ من الحمام أي البريّ منها وهو ما يسمى باليمام ،

وهي المطوقّة ، والقمرية أيضاً ، ونلاحظ أيضاً أن الشعر الذي يتطرق إلى القمريّ أو الهديل

ينطوي على الحزن والأسى فها هو أبو فراس الحمداني يقول : أقول وقد (ناحت) بقربي حمامةٌ .

وشوقي يقول :

بي مثل ما بك يا قمرية الوادي ( وهو يقصد الحزن والأسى ) .

وفي الحكايات الشعبية : إن اليمامة وهي تهدل على الشجرة فهي تبكي أخاها الذي قتل صغيراً ،

وكانت غائبة وعندما عادت وجدته مقتولاً فرمت نفسها عليه وتمرغت في دمه المسفوك فأصبحت ساقاها حمراوين

وكان أخوها يدعى " قيساً " فهي ما تزال تناديه وتنوح عليه وتندبه

بقولها : يا قيس قُم ، يا قيس قُم ، صلّي وقُمْ صَلّي وقُمْ .




بقلم : صالح زيادنة