كان متكئا فجلس، وخفض صوته وبدأ يتمتم في جواله وهو يكرر:

"خلاص خلاص اكلمكم بعدين ارسلوا لي رسالة"

كانت هذه الكلمات كفيلة بأن يتيقن كل الموجودين ان المتصل كان " امرأة" والأرجح انها زوجته.

سرحت بخيالي حينها وأنا افكر في وضع المرأة في مجتمعنا والأطراف التي تتقاذفها والأفكار التي تتجاذبها

فوصلت الى أنها واقعة بين ثلاثة أفخاخ جميع اصحابها يدعون الخير للمرأة وهم في الواقع:

اما مغرضون وإما ناقصوا الفهم أو انهم ينسجون خيوط الوهم الرفيعة.

الفخ الأول: فخ الدعاة الى التحرر والذين يعنون خروج المرأة من الحشمة والحياء والخلق الرفيع

الى التبرج السافر والتعري الفاضح والتخلي عن قيمها ومبادئها ومهامها الرئيسة .

وهذا الفريق لعل عواره واضح وخصوصا في مجتمعاتنا

لأننا مجتمع متدين بالفطرة ومثل هذه الدعوات وإن لقيت لها بعض الأتباع الا أنها محاربة من كل سوي.


الفخ الثاني: فخ الذين نصبوا أنفسهم حراسا للفضيلة ومدافعين عن المرأة

يتذرعون بمسمى الدين ويعوزهم كثيرا الفهم السوي والمنطق الشامل

ويقتصرون على إدراك سطحي للقضايا وتشنج صارخ

حتى ليخيل لك وانت تسمع أحدهم يدافع عن قضية كـ"النقاب"

وكأن الدنيا ستقف عند هذا القضية،

ولعل اوضح مثال على هذا الفريق هو المعارضة الشديدة التي مني بها تعليم البنات في تأسيسه

ولولا الحكمة الحاكمة لظلت المرأة السعودية جاهلة الى الآن باسم الدين.

الفخ الثالث: هو التمترس بأن العادة محكمة وأن العادات القبلية لها حضورها ويجب احترامها

وانا لا امانع ان تحترم العادات ولكنني ضد العادات البئيسة التي لكي نحترمها

لا بد ان نسحق كرامة ومقام المرأة ،

ألم تبصر أحد اصدقائك حين تلقاه بمعية زوجته وهو في السوق مثلا يحمر وجهه خجلا

وكأنه يجر خلفه نشازا أو عارا

ألم نسمع عن جهلاء يكرر عبارة " اعزك الله" بعد ذكر زوجته او اخته.

هل مثل العادات تحترم؟؟

إن العادات التي ينبغي ان تحترم هي المتماشية مع الدين والفطرة ومراعاة الكرامة البشرية

ليست تلك التي تعيدنا الى متاهات بعيدة

إن المرأة في مجتمعنا سلبت أغلى ما تملك في نظري

وهي الثقة بنفسها

حتى اقتنعت هي بأنها لا تستطيع عمل شئ

وأنها عالة على من يعولها

ولعل بعض المجتمع الظالم اصبح يرشق من تقف بالبقالة لشراء غرض مهم بتهم لا تليق،



دعونا نعود الى الزمن النبوي والراشدي لنرى كيف أن المرأة شقيقة الرجل

تعمل وتكدح وتجاهد وتداوي وتبيع وتشتري وتؤدي مهامها وتصلي بالمسجد خلف الرجال

وتقود الجيوش كما فعلت أمنا " عائشة رضي الله عنها"

سيقول البعض ان المجتمع تغير كثيرا وأنا اقول فلننظر الى المجتمع من حولنا ،

اليمن مثلا، ستبصر نساء تلفعن بالحشمة والستر يمارسن أعمالهن اليومية بكل ثقة ومكافحة وكرامة ،

إنني ادعو الى تحرير المرأة بالاسلام والى الاسلام

لتصبح "إنسانا" يقدم لمجتمعه الكثير ويدوس على المقولة التي تتكرر "المرأة لاتخرج الا مرتين الى بيت زوجها وقبرها"،

وأنا اعلم ان الزمن سبق هذه المقولات وأن المرأة اذا لم نمنحها الثقة ونزرع فيها الإيمان فإنها ستخرج بالطريقة الخاطئة التي نرى بوادرها جلية في كل مكان.

ختاما فلنحرر المرأة من الأفخاخ الثلاثة ، فإن لم نستطع فلنحرر ضميرها عند الاتصال لنقول: السلام عليكِـ