هز ظهرك وارتفع
يبدا كريم الشاذلى بتلك القصة
ذات يوم والفلاح عائد إلى بيته ، بعد يوم حافل بالعمل ، وحصانه يمشي بجواره وعلى ظهره شيئاً من ثمر أرضه ، وإذا بالحصان يفزع فجأة ويركض نحو بئر عميقة ويسقط فيها ،
أسرع الفلاح ليطالع فرسه الذي يئن في البئر والهلع يملاء جنانه ، فكر الفلاح في حيلة
يخرج بها حصانه ، فأعيته الحيلة ، فقرر بعد مهلة من التردد أن يترك الحصان في البئر
بل لقد اهتدى إلى ما هو أبعد من ذلك ، فالبئر جافة ، وقد يؤذى منها فلاح آخر ويسقط
فيها إحدى حيواناته ، فلما لا ينادي جيرانه من الفلاحين ويردم البئر ، ويكون بذلك
دفن الحصان بدلاً من أن تفوح رائحته النتنة بعد موته ، وفي نفس الوقت تخلص من تلك
البئر التي لا فائدة منها .
وهكذا نادى المزارع جيرانه, وطلب منهم المساعدة في ردم البئر ، وأخبرهم بمراده من
ردمه والفائدة المرجوة من ذلك فوافقوه .. وبدأو العمل . وما هو إلا وقت قليلا إلا وبدأ
التراب ينهال على ظهر الحصان القابع في البئر بلا حيله .
لم يمر وقت طويل حتى أدرك الحصان حقيقة ما يجري ,وأيقن أنه هالك لا محالة فارتفع
صهيله في فزع وخوف ، لكنه تأكد أن القوم قد أبرموا أمرهم ولن يعودوا فيه ، حينها
قرر أن يدبر أمراً هو الآخر وبينما القوم مستمرون في إلقاء الأتربة في البئر بلا توقف
وإذا بصوت الحصن ينقطع تماماً ، فلا عويل ولا صراخ ، ولا صهيل ألم وخوف
فقرر المزارعون بعد فترة أن يتوقفوا ليلقوا نظرة على الحصان الذي اختفى صهيله
تماما ، وحينها رأى القوم مشهدا عجيبا !! .
فحينما كان المزارع ورفاقه منهمكون بإلقاء التراب على الحصان ، كان الحصان مشغولا
بهز ظهره كلما سقطت عليه الأتربة ، فيلقيها أرضا ويرتفع بمقدار سنتيمترات إلى
الأعلى . واستمر الحال على هذا المنوال ، هذا يرمي بالأتربة والأوساخ ، وذاك يلقيها
من فوق ظهره ويرتفع فوقها ، ورويدا رويدا وجد الجميع الحصان وقد أصبح قريبا من
النور ، وبدلا من أن تغرقه القاذورات وتدفنه ، اتخذها مسوغا ليرتفع فوقها وينهض
من خلالها ، إلى أن صار حراً ، والفضل يعود إلى ما كان يظنه شراً خالصا ! .
ولك يا صديقي أتوجه بخاطرة ، فكم نحن بحاجة إلى أن نهز ظهورنا لنُسقط مشاكل الأيام
ونريح الظهر من عبء حمل يوجعه . الأيام ما تفتر تلقي على ظهورنا بمشكلات وأوجاع
لا عد لها ولا حصر ويكون الحل الوحيد حيال تلك المصائب التي تنهال على ظهورنا
هو هز الظهر والارتفاع فوقها .
ليس الأمر مثاليا أو صعب التحقيق ، الحياة يا صديقي تختبرك ، فإما أن تحني رأسك
وظهرك وتنتظر أن تدفنك ، وإما أن تكافح وترتفع سنتيمترات قد تكون قليلة
لكنها ثابته وواثقة ، والنور سيأتي حتما حينما تتغلب على القدر الكافي من
المشكلات التي ترتفع بك عاليا .
إشـــراقة :
معظم الأشياء الجديرة بالتنفيذ في هذا العالم تم إعلان أنها مستحيلة من قبل تنفيذها…
لويس برانديس