الحق:
الحق أحقّ أن يتُبّع، ومعرفة الناس تقاس بمدى موافقتهم للحق، ولا يقاس الحق بالناس، لأنه مكتمل بذاته، وبه عوامل قوته...
إن المتتبع لحالة الجدل والمسمى "اختلافا فكريا" يشهد حالة من التعالي على الحق، واختصاره في رؤية أحادية، فكرية، مقيتة، وفي ذلك إساءةُ للحقِّ بالغة...
إن من يعتقد أن فكره هو الحقُّ المطلق، وفهمه هو المنتهى في الحياة، لهو يمارس أبشعَ صور الغلو في تقييم الحقّ واحتكارِه، ويضغط بعنف باذخِ الأسى على صورة الحق الذي يمكن أن يُرى من عدة زوايا، ويُدرَك بعدة أفهام...
وما يميز الحق أنه متعدد الأوجه، وواحد القلب، مختلف الزوايا، وله مركز واحد، أنّى زاوية تسلكها "قد" توصلك للحق، أو "بعضـِ"ـه، لذا لا يجوز أن تعتقد أن هذه الزاوية هي الحقّ بأكمله، وماعداها من الزوايا شرٌّ مستطير...
ولا يكون الحق حقاٍّ إلا إذا علا فوق الجميع، أمّا الحق الذين يكون فوق البعض وتحت البعض، فهو مشكوك في أحقيته بمسمّى الحق، وبحاجة ليراجع حساباته حتى يرقى إلى تلك الرتبة...
فـ"لا" للتعالي فوق تعددية الآراء، والأفكار، فأكبر مظلمة للحق هي اختزاله في رأي/فكر/نظرة/زاوية واحد/ة....
الحرية:
من لا يؤمن بالحرية لا يؤمن بالحق...
الحرية هي أسمى قيمة في حياة الكائن الحيّ "السويّ"، وأغلى رأس مال الآدميين، ومن يعتقد أن ثمة تعارض بين الحرية والحياة السوية فهو أحوج ما يكون إلى ولادةٍ أخرى، وروحٍ جديدة، فبهذا الإعتقاد هو يتقاعد مبكّرا من الحياة..
وما يمارسه بعض الشاذين فكريا، والمهووسين نفسيا، من الإصرارِ على الربط بين الحرية والتفلت من القيم، لهو داء لا يمكن التنبؤ بعلاجه، وما أحوج من يحاول أن ينفي أن الدين جاء بالحرية الكاملة إلى فهمٍ جليّ للدين وحقيقته، بعيدا عن الرؤى الضيقة، والأفكار المنغلقة...
إن الدين هو الحق المطلق الذي لن ندرك كماله وجماله إلا بكمال الحرية الفكرية/الثقافية/الاجتماعية....
الحب :
يا حب يا ضوء القلوب البيض في ليل الحياة...
إن ماتعيشه بعض المجتمعات من حساسيةٍ مفرطة تجاه بعضها، وقسوةٍ وجفاءٍ في التعامل، حتى غاضت الابتسامة، ورحلت الرحمة والمودة، وحل مكانهما الغلظة والمكيدة، لهو دليلٌ على غياب الحقِّ عن نفوسهم، والحريةِ عن تصرفاتهم،
فكم من مجتمع تنتشر به صور الكذب والخداع، وتسكن به روح المواربة والريبة والشك، وتحتله هواجس البغض، وتفرقه أدواء العصبيات، ونيران الكره، وما تلك إلا إفرازاتٌ لغياب الحبّ، ورحيل السلام النفسي، والإطمئنان الداخلي، حتى أصبحت النفوس جافّة، والمشاعر يابسة، والأنانية حاضرة الوجود..
وكم يقاسي الحب من ظلمٍ أنزله به ثلةٌ من المعلولين، حين قرنوه بالإباحية، وقيدوه بأغلال الشهوة، ووصفوه خطوةً نحو الإنحلال، واختزلوه في رسالة غرامية عابرة، أو مطارحة عشق تافهة..
ألا ليت شعري من ينتصف للحبِّ من جلاديه، ومن يقف بوجه النزوع إلى تجريم الحب وتحريمه، ليستقيم ما اعوجّ، ويُعطى كلّ ذي حق حقَّه، ويحل الحب من جديد، ليمنح الحياة رونقها...
فحيث ثمة حق وحرية، فلزاما ثمة حب...
وحين تجتمع هذه الحاءات الثلاث، يعرف الناس معنى الحياة الحقة ....
أنـــــا متبعثرا