لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: أل.. ق ق ج

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مجاهد اليامي
    مشــرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    1,268

    Question أل.. ق ق ج



    أل.. ق ق ج

    ( بدعة أم ابداع )

    قراءة في أصول

    القصة القصيرة

    جوانى عــبْدال

    1 – مدخل تمهيدي

    في الآونة الأخيرة التي لا تتجاوز السنوات الخمس على الأكثر ، غزت بدعة على حين غرة حياتنا الأدبية والمشهد الثقافي وبشدة ، وبتنا نسمع بما بات يعرف بالقصة القصيرة جدا ، وما يسمى مجازا بـ ( ق ق ج ) .

    نشطت هذه الحركة الأدبية حتى طغت على ما هو لها ، واجتذبت من هب ودب ليمتشق الطرائف والنكات والمفارقات ، ويدونها على الورق وبين الصفحات .. ويسميها قصص قصيرة جدا ، فمن قائل منهم بأصالة هذا النوع الأدبي ، وان هذا النوع ليس بجديد على الساحة الثقافية ، ويأتي بأمثلة ونماذج من عمق مداها الزمني ليكسبها شرعية مزعومة , ويبرهن عن وجود سوابق أدبية في التراث ، وليحامي ويدافع عن هذا الجنس الأدبي بما يُكتب عنها من ردود سلبية ، أو إقبال غير مشجع ، بالقول عن عراقتها.. أنها وردت في الكتب الدينية وفي قصص الأخبار والسير قديما .. وما إلى ذلك.

    ويستدلون على عراقة جنسهم الأدبي هذا ، إذ أن بعض القاصين السوريين أمثال "عادل أبو شنب " في العام 1961 ، ووليد إخلاصي في العام 1972 - ونبيل جديد في العام 1976.. نشروا قصص قصيرة جدا متفرقة على صفحات الجرائد هنا وهناك .. كما ويتبنون تجربة القاص زكريا تامر وآخرين فعالين في المشهد الثقافي السوري .. سنأتي على ذكر ذلك في وقته .

    وليمرروا مَقولة أل ق ق ج .. يدعي متبنوه ، بان هذا النوع من القص الأدبي الذي اخذ شكله المتطور خلال هذه السنين الأخيرة , وتبلورت مفاهيمه ومقوماته كابن شرعي للقصة القصيرة ، وهو يعتمد - كذلك - في محتواه على عنصر الحكاية والشخصية الأحادية .. والبداية والنهاية ، ويتميز بقفلته المفاجأة والتكييف والإدهاش والمفارقة ، وحيث يكتب بمعدل نصف صفحة ، ولكنه وهذا ما يُطبل له ، بأنه بهذا يلجا إلى الاختزال والانزياح اللغوي بان يكتب في بضعة اسطر .. أو حتى ببضع كلمات معدودة.. ويستغني عن الفائض السردي ، وبعض عناصر أخرى مكملة للقصة القصيرة ، بادعاء انه نتاج طبيعي يوازي تطور إيقاع الحياة ، وعلى الكتاب الاعتماد على ما قل ودل , وعلى الاختصار واحترام وقت القارئ وتطور ثقافته .

    وكثير من دعاة هذا الجنس يتباهون قائلين :" حقيقة تبنى الأدب بوجه عام هذا الجنس الأدبي كتجربة شفافة .. وتكرس حضوره كما نرى في هذا الكم من النصوص ومن المهتمين ، طبعا كثيرون استسهلوا هذا النمط ، ولكن الزمن كفيل بهم ، وسيغربل الصالح من الطالح من كل بد ".

    ويعولون كثيرا - كما يدعون- بما شفع للشعر الحديث ، وتحرره من أسار كلاسيكية الشعر وقيود الخليلي ، وفك أسره من البحور والقوافي وعروض الفراهيدي ، بعدما كان الشعر ديوان العرب ، وفي هذا التمرد .. كثيرون ساهموا في ركوب موجة ( الشعر الحر أو النثر .. وشعر التفعيلة ) ، والذي بفضل المثابرة والزمن وثبات موقفه ، استمر -الشعر الحديث- وبقي يطاول أفاقه ومرارة معاناته .

    إن دعاة ق ق ج يعتقدون ان النقد لهذه البدعة تأتى لمصلحة تكريس فن القصة القصيرة جدا أصلا ، ونحن لا ندحض ذلك ولا نجحده كجنس أدبي يفرض حضوره الطارئ على المشهد الأدبي – الثقافي ، ليتمتع باستقلاليته وخصوصيته .

    ولهذا فنحن لسنا ضدها بالمطلق على هذا الطرح وعلى هذه الرؤيا .. ولكن ..!!

    2 – ال ق ق ج

    إن هذا الأسلوب (البدعة الجديدة) في القول كطرفة أو نادرة أو كنكتة تقال وتروى ببضع اسطر أو كلمات .. ( وليتها كانت نكتة لان صياغة النكتة يلزمها الكثير من قوة الملاحظة وروح المفارقة والخفة ..الخ) .. بالتأكيد لا تشبع نهم القارئ المهتم والمثقف مهما ادعوا وتحابوا، بتوفير الوقت واحترام هدره ، لان القارئ مهما تعددت الأزمان والمِحل يبقى التواق إلى المعرفة والموعظة والحكمة والتسلية من مطالعة القصص وقراءة الأدبيات، تواق إلى المشاعر والأحاسيس، تواق إلى الأفكار والشطحات ، تواق إلى الحواس والملكات وتفاعلاتها مع الشخصيات ومع الأحداث ، تواق إلى البيئات الاجتماعية والأعراف والعادات.. والسلوك فيهما.. تواق إلى المواقف والمفارقات والصراعات النفسية والسيكولوجية في داخلية الذات البشرية.. تواق وتواق للقراءة والمطالعة الحقة..!! ، وإلا فان أحدا لا يضرب على يد أحد ان لم يقرا ولم يتثقف ، فللقارئ كامل الوقت المفتوح ،.. فلو كانت العملية الثقافية جبرا وإكراها لكان الحق مع متبني هذا النمط ، فان العملية القرائية لها متعتها الخاصة ولها طقسها ، وبالتالي لها آفاقها المتمثلة باكتساب المعرفة والمعلومة، ان الثقافة في محصلتها فعل ذاتي محملة على ذات المتلقي.. وليس مرتهنة بالوقت واختزاله.

    وإذا كان صحيحا ما يقولونه عن الإيجاز وعدم هدر وقت القارئ ويستشهدون بعبارة النفري ": كلما اتسعت الرؤيا ضاق الكلام ! " إذن فلماذا هذه الهدر بإصدار المجموعات بكامل صفحاتها ( أي بـ 100-120 صفحة اقل أو أكثر . وإصدار المجموعة تلو المجموعة ).... وقد اشتكى د.ا. جاسم الحسين والذي يحسب عن جدارة بأنه من روادها الحقيقيين وقد ألف عشرات المجموعات ق ق ج وله بحث فيها حيث يقول: " وراح كتاب كثر.. قاصون وغير قاصين – يقبلون على كتابتها .. وواكب ذلك اهتمام صحفي ساعد عليه (أي كتابتها) قصر حجمها وحلاوة روحها وخفة دمها " .. ويقول عبدالكريم عبدالصمد وهو/ يحسب نفسه من الرواد أيضا بما معناه : كيف انبهر بهذا النمط من القص وهو الذي لديه الكثير من المجموعات القصصية غير المكملة , والكثير من الروايات غير المكتملة .. وانه حين تناول ق ق ج وجد نفسه من روادها ، هكذا إذن –حسب قوله- استرخصها واستسهلها ليكون من روادها.. – المعذرة – هل ليداري فشله في الكتابات الأخرى غير المكتملة ؟.

    والقول بأننا في عصر السرعة وهو عصر التقدم التقني مثل السينما والتلفاز والكومبيوتر والإنترنت .. وعن كيفية الحفاظ على التواصل بين القارئ والمنتج الأدبي في ظل هذه الأجهزة .. كان لابد من الاختصار والتكثيف .. والجواب سيكون هل استعان الأدب والفن بمجملهما بــ ق ق ج .. إذن لماذا الرواية والدراسات والأبحاث بصفحاتها الطويلة التي تملأ المكتبات والتي تصدر تباعا , وتكتسب يوما بعد أخر كتابا وقراءَ جدد على السواء .. الخ . والسؤال هنا هل استغنت الـ ق ق ج عن بعض صفحاتها أم هي تطبع بكامل صفحاتها كما هو لكتاب آخر ؟..

    وفي الإحصاء إفادة كأمثولة نقول: إن للقراءة وقت مفتوح ولكن لو افترضناه ساعة زمنية لأمرء يريد أن يطالع لبعض الوقت ، وافترضنا إن القارئ يستطيع أن يقرا فيها – في المعدل – حوالي 40 صفحة من القطع المتوسط اقل أو أكثر ، فانه سيقرأ ما بين 7 – 10 – أو 12 قصة على الأكثر ، أي حوالي من 8 إلى 10 ألاف كلمة أو من 40 الى50 ألاف حرف ، تـُعلق نصفها بذاكرته مفعمة بالشخصية والمنولوج والسيرة ، وتذهب الأخريات في مهب ريح النسيان ، في المقابل لو قرأ في تلك الساعة المحددة سلفا الـ ق ق ج ، سيقرأ بكل تأكيد ما يعادل 50 – 60 ق ق ج ، طرف ونوادر ونكات جافة السرد وبغياب الشخصية المميزة والأفكار اللماعة واللغة الشاعرية .. بالله ماذا ستختزن الذاكرة البهية ، وما هذا الزبد من كل هذه القراءة السريعة الجافة وما هي الزبدة المرجو منها ، كمن يتناول صندويشات ماكدونالية على قارعة الطريق .. وأين من تناول وجبة دسمة كاملة.

    وقالوا قصة قصيرة جدا ( ق ق ج ) ، أي قصة هذه وهي تتجاهل مقومات القصة القصيرة المعروفة وأنماطها وأشكالها المعهودة ، وهم ينتهجون ابسط الطرق السهلة للكتابة ، ويسمونها هكذا ق ق ج ، ودون الخوض في التفاصيل كثيرا ، وبعيدا عن القصة وشخوصها، والسرد ومنولوجه ، والحبكة والبعد الدرامي لها .. والفنية بمفاصلها وتقاطيعها .. فعلى القصة أن تحتوي على الموعظة الحسنة وعلى الحدوتة المركبة المعبرة ، والتي تؤول كعبرة وحكمة معادة ، وتحتوي في مفاصلها على الحالات النفسية من مشاعر وأحاسيس التي تسير بها إلى بعد آخر, والتجوال في مسارب الروح وغياهب النفس وخفايا القلب وما يروم ، وتحتوي وهذا المهم على الأفعال ورداتها ، كذات إنسانية حية متفاعلة مع الأحداث والوقائع ، وذا نفس , ووضعية مؤثرة ومتأثرة في المجتمع خاصة.. بما تتضمنه من فلسفة وجودية وروحانية خفية دفينة من الحياة والوجود ومشكلاتها .. ولتظهر السر الكامن بين الشك واليقين ، من العدالة الإنسانية ببعدها الإلهي ، وتأثيرها على الطبائع البشرية ببعديه الأخلاقي والروحي ..

    نعم .. هذا جنس أدبي خالص ولا شك ، ولكن ليس قصة قصيرة ، أليس هناك الخبر والسمر والخرافة ، أليس هناك مقامة ومقالة ، فلتسم بما يلائمها ، أو اقرب إلى هذه التجربة المستحدثة – الرائدة ، بل القائمون عليها أولى منا بتلك التسمية المقترحة . أمثولة وأحدوثة ..

    إن كل هذه الأسماء مرشحة للتداول بدلا عن ق ق ج كتسمية أكثر ملائمة ، وهي كالتالي : الحديث والخبر والحكي والروي والمشاهدة ، أو الطرفة و النكتة والمقامة والسمر والنادرة والدعابة ، أو المكتوبة أو المعلومة أو المدونة أو الرقيم أو القصاصة – أو مشهدة وموقفة و.. أو خاطرة الحديث و قول السيرة .. أو ما جرى الخ ، نعم كل هذه وأخريات .. فهناك مسميات كثيرة مرشحة لغنى اللغة العربية ، إلا القصة القصيرة جدا = ق ق ج ، لماذا ، بكل بساطة لأنها تفتقد مقومات القصة بما فيها من ما أعددناه أعلاه .. فما دامت هي جنس أدبي مغاير ونوع آخر ، فلماذا تتكئ على اسم جنس آخر معرّف وله خصوصيته ، ولا تستقل كما هي مستقلة بأوارها .. بين الطابع الذهني والإحساس الواقعي في تشخيص وتحليل عالمها الداخلي العام ..



    3 – القصة القصيرة

    ودون أستذة .. أنا هنا لست بصدد تعريف كامل وشامل للقصة .. أو القصة القصيرة كما اتفق عليها ردح من الزمن ، ونظرّت لها مفاصل وشكل متكامل ، تتحرك فيها وبها بحرية .. نعم ليس هناك تعريف شامل وجامع عن الشكل الأمثل ، حول الطول وعدد الصفحات وعن الحدث والشخصية - , فقط يمكننا استحضار ما نظره بعضهم ، كحدوتة وكشخصيات .. عن الفكرة والمعنى ، وتفجير لحظة المفارقة والمفاجأة ، والسرد بما فيه من حوار ووصف ومنولوج داخلي .

    نعم .. والقصة هي بشكلها المعروف والتي تتضمن بداية ونهاية ، وحبكة فنية تتصف بالخاتمة المفاجأة غير المتوقعة ، ولها حدوتة تتمثل بها وتنسج حولها بالسرد والشخصية ، كتجربة إنسانية مكررة تروى مفعمة بالمشاعر والأحاسيس وكذلك بالمنولوج التي تنمو وتتفاعل مع الذات في النفس وتتوالف مع محيطها .. و من سمات القصة القصيرة الإيجاز واللغة السلسة المعبرة بعيدا عن الحشو والتطويل كما قيل أعلاه .

    نعم هذه أهم المقومات التي تعرّف القصة كفن له خصوصية متكاملة ، ان كانت معا أو كانت منفردة .. اواجتمعت في نسيج قصة واحدة ، ولكن إن فقد إحداها لا تخل بسيرها هذا الجنس الأدبي ، ولكن غياب كل عناصرها ومقوماتها إلا من الخبر والقص والكلمات .. فاعتقد ان هذا شئ ثانٍ ، شئ آخر ، وقد قلنا فيه ما فيهما كلمتين .

    وليست هذه الأصول والقوانين قواعد موضوعة وإنما هي تقاليد هذا الفن .. درجت الأجيال على إتباعها حتى أصبحت أسس ثابتة لكتابة القصة القصيرة ، وقد ظلت القصة ردحا طويلا أمينة لخاصيتها .. لا تكاد تنحاد عنها عناصرها المعلومة في صيرورة بنائها الفني والتقني ، أكان من بذرة الحدث (رشيم القصة )- الموضوع – الخبر وهو أول عناصرها المهمة فبدونها لا تربط أجزاؤها لمعنى كلي ، وهي لحظات حياة معاشة عابرة تبدو تافهة للبعض أو في كثير من الأحيان -عادية وغير ذا قيمة ، والسرد الحكائي أو المنولوجي من لغة وهي المادة الأولية في السرد والحكي .. من وصف وحوار وتداع ٍ.. الذي يقود بداية ووسطاًَ ونهاية التي قد تتوهج بالمفارقة ولحظة التكامل والتوحد مع النص ، والشخصيات والأبطال وصراعاتهم مع الفعل-الحدث كفاعل مؤثر للدوافع والأخيلة ومن ثم إلى الهدف والمآل ، بما لتلك الشخصيات من أفعالها وردة فعلها , وهو ينشأ أصلا من العناصر الثلاث السابقة الذكر أعلاه بما لا يتجزأ الحدث+الشخصية+السرد ، وأخيرا الفعل الدرامي يأخذ في صيرورته إلى القفلة الأخيرة والتي يسميها د. رشاد رشدي (لحظة التنوير) لتتجمع شكل ورؤى القصة بإجمالها مجتمعة العناصر ومكتملة النهاية ويبرز من خلالها معنى وهدف القصة القصيرة - كموعظة أو عبرة أو مثلٍ ، مع الموقف أو المشهد السردي-الدرامي.. أكان أخلاقيا أو تربويا أو ..الخ.. وذلك لان القصة القصيرة تعتمد وتركز على ما ذكر أعلاه من مقومات وعناصر مكملة للقصة القصيرة .

    والقصة في التعريف وكما جاء في الموسوعة العربية الميسرة ، قد أطلق العرب هذه اللفظة (القصة) على عدة معان مثل الحديث والخبر والسمر والحكي والروي ، وأقدم قص مدون ، ما أورده القران من أخبار عن الأمم الغابرة والأنبياء السابقين ، تسرية عن النبي (ص) وإنذارا للكفار ، ولما عنى المسلمون بالقصص القرآنية وتفسيرها ، نشأت القصص الدينية التي اختلطت بالقصص الأخرى ، متمثلة بالوعظ والتحريض على العبادة والجهاد وشحذ الهمم .. وكثر القصاصون الجوالون والقوالون الوعاظ .. الخ , الذين كانوا يرون قصصا وحكايا أشتملت على صورا ساخرة من القص والصور الواقعية ، تصويرا من الخارج كفعل وحدث ، وتصويرا من الداخل كطباع وأخلاق .. وهم يسردون ويرون أخبار السابقين وايام الجاهلية منقولة عن الفرس والهند واليونان وغيرهم ..

    .. ولم يرضَ المتشددون من رجال الدين عنهم وعن قصصهم , فعارضوهم بحجة عدم تحريهم الصدق في الخبر والروي .. بما تتضمنه من شطحات أدبية غير واقعية ، وكانوا ينظرون إليها على إنها بدعة كاذبة تضلهم عن جادة الصواب والفضيلة وتشغلهم عن أمور دينهم ودنياهم ، بما تؤثر على عقول العامة وقلوبهم .



    4 – موجز تاريخي

    وأنا هنا لست بصدد سرد تاريخي كامل لفن ونوع هذا الجنس الأدبي بقدر ما هو تضمين بأصوله ومقوماته المعروفة المتوارثة ..كما يقول : د. رشاد رشدي وهو خير من تناول بالدرس والتمحيص والاستقراء والتحليل والمقارنة القصة القصيرة ، في معرض تقديمه في كتابه المعنون بذات الاسم : يقول ويسترسل بتعريف القصة القصيرة انها ليست مجرد قصة تقع في صفحات قلائل ، بل هي لون من ألوان الأدب الحديث ظهر أواخر القرن التاسع عشر وله خصائص ومميزات شكلية معينة ..

    والقصة القصيرة وهو الذي بات يشكل أدبا محكيا- قرائياً له أصوله ومقامه ، وهو فن محدث في الأدب العربي ، ولد فيه متأثرا بالأدب الغربي ، ثم اخذ بالتطور حتى أصبح له كيانه الخاص وقوامه المستقل ، وموضوعه الأصيل الذي يستقيه من الواقع الاجتماعي وبؤرته بما فيه من الآم وأمال ، من مفاجآت وتطلعات ، ومن الذات والنفس البشرية بما ينطوي عليها من أحاسيس ومشاعر متحولة وأفعال مرتبطة بالفعل المستجد ، بحكايا وأحاديث وأخبار مسبوكة .

    ويمكن رد جذور القصة العربية أو في العالم الإسلامي إلى الغرب " لان الدين كما قيل أعلاه استنكرها وحاربها لأنها تلهي وتحيد عن الذكر والعبادة .. وهي بالقطع كذب وبهتان وتخيل شيطاني .. الخ ".. وقد تم تداولها في بداية القرن الماضي مقتبسة عن طريق الترجمة والتعريب حينا والمحاكاة والتقليد حينا آخر .



    وقبيل القرن التاسع عشر شهد تاريخ الآداب الغربية عدة محاولات لكتابة القصص القصيرة – ولكنها كانت قصصا قصيرة من ناحية الحجم فقط ، لا من ناحية الشكل – ولقد قامت أولى المحاولات في القرن الرابع عشر في روما داخل حجرة فسيحة من حجرات قصر الفاتيكان ، كانوا يطلقون عليها اسم "مصنع الأكاذيب " اعتاد إن يتردد عليها في المساءات نفر من سكرتيري البابا وأصدقائهم لتزجية الوقت واللهو والتسلية وتجاذب الأخبار ، وفي مصنع الأكاذيب هذا كانت تخترع أو تؤلف أو تقص كثير من النوادر الطريفة عن رجال ونساء روما .. بل عن البابا نفسه ، مما دعا الكثيرين من الأهالي إلى التردد على هذه الندوات والتندر بما جاء فيها .

    وما كان من" يوتشيو" أحد سكريتري البابا مثابرة وذا خيال خصب أن دوّن تلك أو بعض من تلك الأحاديث والقصص والنوادر المتداولة التي تم تداولها في مصنع الأكاذيب ذاك في نصف صفحة أو صفحة كاملة ، نعم في نصف صفحة أو صفحة كاملة .. لتتطور إلى أن تأخذ شكلها المعروف لأنها كانت البداية في تدوينها .. تمتزج فيها الذاتي بالواقعي .. فأعطاها بذلك شكلا أدبيا اسماه " الفاشيتيا " ، إلى إن كثر من بعده تداولها وتناولنها الأجيال واللاحقين من الكتاب والمؤلفين الأدبيين باهتمام زائد .

    لقد كان هذا النمط من القص جديدا ومبتكرا في تناوله ، لتناوله شخوصه من بين الأفراد العاديين وتستهدف التسلية والمفارقة والسخرية ، مختلفة عما سبقها من القصص الغريبة التي اعتادت أن تختار شخوصها من بين الأبطال والآلهة أو الحيوانات ، وتستهدف دائما توعية دينية وقصدا أخلاقيا ، توازيا مع الموروث الديني من القصص في الكتاب المقدس .

    أما المحاولة الثانية التي أشهرت هذا الفن .. فقد ظهرت أيضا في القرن الرابع عشر في إيطاليا ، وقام بها "جيوفاني بوكاشيو" في مؤلفه الشهير "قصص الديكاميرون" أو "المائة قصة" وهي بالذات كانت النقلة النوعية لمفصل القصة القصيرة المعروفة ..الخ.

    والقصة القصيرة شكل من أشكال الكتابة الإبداعية لا يزيد طولها في العادة على عشرة آلاف كلمة ، ويمكننا إن نجد هذا النوع من القصص في الكتاب المقدس ، وفي كتابات العصور الوسطى المعروفة باسم " جستا رومانورم " ، وفي قصص " ديكاميرون " لبوكاشيو 1313-1375م، وكذلك في "حكايات كانتربري" لتشوسر 1340-1400م .

    بيد إن القصة القصيرة الحديثة التي عرفت بدقة أحكامها واتجاهها نحو نهاية محددة ورائعة, وقد ظهرت في القرن التاسع عشر قصص محكمة كتبت بألفة وفنية رائعة على يد ادجار الن بو 1809-1849م في أمريكا ، وجي دي موبسان 1850-1893م في فرنسا ، وانطون تشيخوف 1860-1900م في روسيا , واو هنري 1862-1914م في أمريكا أيضا ، ولاقى هذا الجنس من الكتابات والتأليف رواجا كبيرا في الصحف والمجلات بصفة خاصة ، ومن اشهر مؤلفيها : رديلرد كبلنج – برت هارت – جواني بارفي – وكاترين مانسفليد ، وقد شاع هذا النوع القصصي كذلك على أيدي بعض مؤلفي القصص الطويلة نسبيا - المشهورين أمثال : بلزاك – وتورجنيف - تولستوي – هنري جيمس .. و ارنست همنجواي ..الخ .

    ويمكن حصر الأوائل أو الرواد من الأعلام الغربيين كما في كل شئ حين يمنحون الأسبقية !!، نجد من أوائل الذين كتبوا قصصا قصيرة جدا : التشيكي فرانز كافكا 1883- 1924 في مجموعته القصصية (وصف الصراع وقصص أخرى) ، وكذلك من أوائل من أطلق هذه التسمية وهذا المصطلح القصة القصيرة جدا الكاتب الأمريكي ارنست همنجواي (1898-1961) على إحدى قصص مجموعته (حدث في زماننا) الصادرة في نيويورك 1958.

    وأول من استعمل هذا المصطلح عربيا كان فتحي العُِشري على ترجمته لرواية الكاتبة الفرنسية ناتالي ساروت (انفعالات) في العام 1971 وأطلق عليها اسم – قصص قصيرة جدا –وليس قصصا ولا رواية .. كما لا تخلو البدايات القصصية المنسوبة إلى الرائد الأول محمد تيمور وذلك بتلك –الخواطر- الملحقة بمجموعته القصصية المسماة (ما تراه العيون ) في العام1922.



    المصادر

    - فن القصة: د.رشاد رشدي

    - القصة القصيرة: د.محىالدين مينو

    - فن القصة القصيرة جدا: د.احمد جاسم الحسين

    - الموسوعة العربية الميسرة



    ملطووووووووووووووووش للفائدة


    تحياتي الجحفانية


  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مجاهد اليامي
    مشــرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    1,268

    رد : أل.. ق ق ج

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي






    هل اللطشة دسمة لهذا الحد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    تحياتي الجحفانية



  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية هلال الفجر
    رحمه الله رحمة الأبرار
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    الدولة
    ^*^الأماكن كلها^*^
    المشاركات
    2,724

    رد : أل.. ق ق ج

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    عزيزي وصنوي جحفان
    هذا الجنس الأدبي الرقيق والسلس
    روعة من روائع فن الأدب

    فالنعتاد على قصص هي صغيرة ولكن معناها رائع وجميل وظريف
    لك حبي وتحياتي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    (اخوك \ هــــــــلال الفجـــــــر )

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مجاهد اليامي
    مشــرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    1,268

    رد : أل.. ق ق ج




    الله يجبر بخاطرك
    وشكراً أخي لحضورك

    تحياتي الجحفانية



ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •