عندما نتحدث عن العدل فلا يعني ذلك فقط مشاعر الرحمة والحب والتآخي بل هو مجموعة مشاعر
أعظم من ذلك بكثير تتمثل في طريقة التعامل مع الآخرين وقول كلمة الحق بعيدا عن تلك التشنجات
والنفسيات المشحونة والهجوم على كل من نكره أو خالف آراءنا .
قال تعالى ( ولا يجرمنكم شنآن قوم
على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى )
بكل أسف هناك نفوس ضعيفة وقلوب مريضة لها اهداف دنيئة وآمال وضيعة تعمل لمصالحها وما يتناسب
مع أرائها ويتلائم مع تطلعاتها وأهدافها والويل كل الويل لكل من خالفهم أو عارضهم فحينها تكال التهم
والكلمات البذيئة التي تحمل في طياتها الهمز والغمز واللمز والاستهزاء والسخرية وكل المعاني القبيحة
فيسخر القلم لتصفية الحسابات والفكر للنيل من الآخرين باشخاصهم وليس نقدا لأعمالهم فنخلط بين الجرح
والقدح تحت مظلة النقد البناء الكاذب .
ألا يخجل أولئك من انفسهم عندما ينحطون للمهازل بأنفسهم ويدسون رؤوسهم تحت التراب ويرضون بالدنو
لأسفل المنازل وهم يتوقعون إنهم يرتقون وينتقدون بينما هم يجرحون في الآخرين بغير وجه حق .
هل نسى اولئك إن كل كلمة تلفظ عليها رقيب وعتيد وإن كل كلمة تخرج سيسأل عنها في يوم لا يظلم
فيه ربك أحدا ، هل تناسى اولئك إن هناك المئات بل الآلاف ممن يقرأون ويطلعون بتمعن فيصابون
بخيبة الأمل من فكر أولئك وانحطاطهم وقلة حيلتهم وسوء نيتهم .
وتأتي المصيبة اكبر والخسارة أكثر عندما تجد من يطبل لهم ويأيدهم على الباطل قيلقي بهم لمهالك الردى
ويعينهم على غيهم فيزدادون سوءا على سوء وجهلا على جهل .
جميل أن نكتب ونتكلم ونشارك ، ولكن الأجمل جعل الكلمة أداة بناء ، وعامل إصلاح تدفع الناس للخير والاستقامة .
وجميل ذلك النقد البناء وإشعار الآخرين بأخطائهم من حولنا بالحكمة والموعظة الحسنة ، ولكن الأجمل تقويم ذواتنا أولاً ومحاسبة أنفسنا ، فتعديل الشخص لهفواته وزلاته ونهره لنفسه خير له .
وجميل أن نطلب من الآخرين الأدب في التعامل معنا وفق المبادئ الصحيحة ، ولكن الأجمل أن نتعامل نحن بأدب ولطف ، ونطبق القيم والأصول على أنفسنا قبل الآخرين ، والأجمل من ذلك كله أن يسمو الإنسان بنفسه فوق كل الصغائر والترهات ، فيعلو بنفسه وعزته وكرامته إلى أعلى المستويات بالأخلاق المثلى والبعد عن الدنائس والدسائس .
إذا هي دعوة صادقة للبعد كل البعد عن الانحطاط الفكري وعدم تسخير الفكر والقلم للنيل من الناس باشخاصهم
وتصفية الحسابات عبر تلك المقالات والكتابات ولنتذكر قوله تعالى (وإذا قلتم فاعدلوا)
تحياتي وتقديري