المسألة الثانية
كيفية تحــزيب القرآن ومدة الخــتم
قراءة القرآن مثل العلاج لا بد أن يكون بمقدار معين لا يزيد عليه ولا ينقص حتى يحدث أثره ، مثل المضاد الحيوي إن طالت المدة ضعف أثره ، وإن تقارب أكثر من المناسب أضر بالبدن ، فكذلك قراءة القرآن المدة التي أقرها النبي صلى الله عليه وسلملأمته ، لمن رغب في الخير هي سبعة أيام إلى شهر ، ونهى عن أقل من ثلاث ، وجاءت نصوص في النهي عن هجر القرآن أكثر من أربعين يوما.
عن أوس بن حذيفة الثقفي رضي الله عنه قال : قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف فنزلوا الاحلاف على المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بني مالك في قبة له فكان يأتينا كل ليلة بعد العشاء فيحدثنا قائما على رجليه حتى يراوح بين رجليه وأكثر ما يحدثنا ما لقي من قومه من قريش ويقول : ولا سواء كنا مستضعفين مستذلين فلما خرجنا إلى المدينة كانت سجال الحرب بيننا وبينهم ندال عليهم ويدالون علينا فلما كان ذات ليلة أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه فقلت : يار سول الله لقد أبطأت علينا الليلة قال : فإنه طرأ علي حزبي من القرآن فكرهت أن أخرج حتى أتمه قال أوس بن حذيفة سألت أصحاب رسول الله كيف يحزبون القرآن ؟ قالوا : ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل ، وذكر عن عثمان رضي الله عنه أنه كان يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة ويختم ليلة الخميس ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : "إني لأقرأ جزئي أو قالت سبعي وأنا جالسة على فراشي أو على سريري ، وقال عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه :" لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث اقرأوه في سبع ويحافظ الرجل على حزبه، قال النووي ’ - عن الختم في سبع -: "فعل الأكثرين من السلف" ، وقال السيوطي ’: " وهذا أوسط الأمور ، و أحسنها ، وهو فعل الأكثر من الصحابة وغيرهم " . الأولى أن يكون تحزيب القرآن وتقسيمه على السور- قدر الإمكان - بمعنى أن تقرأ السورة في الليلة الواحدة كاملة ، وأن يكون التقسيم والتوزيع متوافقا مع نهايات السور ، وهذا هو السنة ، وعليه عمل الصحابة والتابعين ، أما الأحزاب والأجزاء والأثمان المعروفة اليوم فلم تأت إلا متأخرة ، علاوة على ما فيها من بتر للمعاني وتقطيع للسور ، ومن أراد تفصيل القول في هذه المسألة فليراجع ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الجزء الثالث عشر.