مساء طنجه ..
غابت شمس السبت وأنا ونفسي في حديث جانبي
ورغبتي تسابقنا ذات اليمين وذات الشمال لعناق ماتراه العين
في شوارع طنجه ونحن الثلاثه في الطريق الى فندق يكفلني لليله واحده
مقابل مايريد من مال وأوراق
.
.
حطت بي الأقدار أمام فندق الرمبراند rembrandt hotel
عملاً بنصيحة الصاحب أبو خمسين ... سائق الطاكسي
وقبل أن اطلب منه الانتظار للتاكد من خلو غرفه تكفيني
سبقني عامل الحقائب التابع للفندق وهو يبتسم في وجهي ووجهه
ابتسامة من لايضمر شرا ..أو يخون
.
.
كلفني المبيت بين النجوم الخمس التي هي رتبة الفندق
حوالي 400 ريال لاغير ..وهومبلغ ضئيل أمام نظافة
المكان وحسن الاستقبال والخدمات التي لم استفد من اكثرها
.
.
فندق مريح جدا جدا وأنصح به
ولكن ..لليله واحده فقط
.
.
حقيقه ..
لم أشأ أن أفوت فرصة الليل للإستمتاع بجو طنجه
رغم الخوف الذي تسلل إلى نفسي بسبب ماسمعت
وقرأت في الصحف الثلاث عن مشاكل ليل طنجه
ومخاطر التجول فيها بعد الشمس
وكما أخبرني أيضاً .سائق الطاكسي
الصاحب ابو خمسين
.
.
قررت الخروج بعد إلحاح داخلي
فخرجت ..
وللأمانه
لم أبتعد كثيرا ...
فـ أنا ضد المخاطره والمقامره بـ الرقبه والأحشاء
نظير متعه قد لايدعك أحد المتسكعين تهنأ بها
..
ايضاً ..لست من أنصار المتفائلين متى ماكان الرهان
على جمجمة الرأس وسكين حاد قد يكلف الكثير
.
.
يقول المثل الجبان
السلامه سلامه ياصاحبي ..
والفندق أمان ...والصباح رباح
.
وصوت مذيعات الجزيره ...أرحم من أصوات
المتجمهرين حولي وأنا أتخبط في جوف الليل
نتيجة هجوم بـ عصا غليظه أو سكين ..
هكذا قلت في نفسي وأنا أغمد كفوفي في جيوب معطفي
ووجهتي تجاه الفندق من جديد
.عدت أدراجي مكرها لابطل
وقضيت الليل من اوله متنقلا بين غرفتي
وبهو الفندق مستمد المتعه من نظرات القادمين
من خارج الفندق على طريقة
(الطعنه اللي ماتصيب نعمه)
ليلتها
لم أشاهد خليجي واحد وإن كنت أشك في وجودهم
وليلتها ..
ومن على سريري تذكرت .... مقولة الصحابي
الفارس الشجاع خالد ابن الوليد حين قال ماقال وأكمل
(فلانامت أعين الجبناء)
.
.
قلتها كما قالها رضي الله عنه
غير ان نصف المقوله الأول يختلف كثيرا
.
هو قال ..ليس في جسدي موضع شبر
الا وفيه طعنة رمح أو ضربة سيف
..
وأنا قلت .لولا أنني اخاف طعنة السكين
وضربة الكوع ماكنت في السرير مبكرا في طنجه
وأخيرا ..نامت أعين الجبناء
وسكت محدثكم عن الكلام المباح
صباح الاحد .
.
لم أكن أعلم أن الشمس محفز مهم وعقار فعال
لعلاج الجبن والحذر إلا ذلك الصباح
.
فقد أحسست أنني
شجاع بمايكفي لمقابلة أي شي بجساره والفضل لله ثم للبيضاء الدافئه
التي تسللت الى سريري وإيقضتني بـ أشعتها الذهبيه
وأيقضت في نفسي أصناف اللوم والعتاب على ماكان مني ليل البارحه
في حق نفسي وأنا أتنازل عن متعه ليليه في أجواء طنجه
تناولت مالذ وطاب من مائدة جيبي العامر
وأكلت من نقودي الخبز والزيتون والبيض والبرتقال
.
وشربت من عرقي قهوه وشاي وماء ودخان
.
.
وحملت معطفي الجلدي الغالي ويممت وجهي
شطر الشارع القريب بحثا عن صاحب مؤقت
غير المرجف الذي قيدني في سريري بنصائحه
الأمنيه الليله الماضيه
.
.
أووه ياطنجه ....
أخيراً
سـ أمارس معك الحب بكل أصنافه هذا الصباح
..
لن آخذ منك الكثير
وأيضاً ..لن أدع الكثير يفوتني
.
قررت أن ..أحزم أمتعتي مغادرا وأنا في أوج الشوق للبقاء
..
ليس خوفا ...أو بخلاً ..ياطنجه
ولكن .. لأجبر نفسي على تكرار الزياره وتخصيص جل وقتها لك
في القادم القريب
..
لك وحدك دون المغرب ....بل...... والعالم أجمع
.
.
سـ أحرص ياطنجه على عدم العبث بخصلات شعرك هذا الصباح
حتى اشتاق للعبث بها من جديد
.
.
سـ أعاقب قلمي الذي كتب اسمك دون إكتراث
يوما في لعبة الحروف .... مع اقرانه
طنجه ..مدينه تبدا بحرف الطاء ... ما اسهل ان نتذكرها
ونحن لانعلم اين تكون
.
طنجه ..
لازلت اتذكر سرعة إجابة اغبى أطفال الحي
و الذي كان يعاني من قصور في القدرات العقليه
كان اول من يصرخ باسمك حين يسألنا
مدير اللعبه عن مدينه تبدا بحرف الطاء
.طنجه ..
ياسيدة المدن العربيه
.
كنا نحكيك في الورق
..
كنا نكتبك في اللعبه
.
.
اعذريني ...
لم أكن اعلم أنك بهذا الجمال
.
ولم يتطرق إلى خيالي بأنني يوماً سـ ألقاك
..
لازلت أتذكر رعونتي
وأنا أركل الطفل المنافس لي بشقاوه عندما يسبقني لإسمك
في لعبتنا الشهيره
.
.
ماكنت لــ أحلم
أنني سـ اشرب الطاء
واعانق النون
واحتضن الجيم
واتلحف بالهاء
.
يتبع ....
.
.
لا أريد أن أغادر طنجه
.
.
حتى لو بالحديث
.
.
يتبع